في بعض الأحيان لا تجد مبررا واضحا لبعض القضايا التربوية التي نجدها بين الحين والآخر في الواقع التعليمي، ربما نقول إن ما نجده في بعض زوايا التعليم، لم يقصد من ورائه إضعاف مخرجات التعليم لدى التلاميذ والطلبة، قد تكون المسألة حدثت بعفوية ومن دون قصد سلب، كل ذلك لا يختلف عليه أحد من المهتمين بالعمليتين التربوية والتعليمية، ولكن الذي يختلف فيه، إن هذه العفوية غير مطلوبة في مثل هذه الزوايا المهمة، التي أن حدثت ستكون وبالا على التعليم في مختلف مفاصله وحيثياته، شئنا ذلك أم لم نشأ، لأن الهفوات في المجالين التربوي والتعليمي قد تؤدي إلى نواقص في اتجاهات مختلفة في العملية التعليمية، قد أسأل، ما مناسبة هذا الكلام؟
في يوم تحدثت لنا أم لتلميذ مسجل بإحدى مدارس البنين الابتدائية، الواقعة بقرية في المحافظة الوسطى، عن حال ابنها التعليمي، والمقيد ضمن تلاميذ الصف الأول الابتدائي، والذي وصفته بلهجتها العامية بـ (التعبان)، وكأنها تضع اللوم على إدارة التعليم الابتدائي من دون أن تفصح بذلك مباشرة، عندما سألتها عن السبب الذي جعل ابنها بهذه الصورة التي ذكرتها، قالت ومن دون تردد، وزارة التربية والتعليم، قلت لها، وما دخل الوزارة في مستوى ابنك التعليمي؟ ردت مباشرة، كيف لا يكون لها دخل وهي التي عينت معلم غير بحريني لتدريس أولادنا الصغار، ولا ننسى الأسلوب المتبع في نظام الفصل، الذي يحتم على المعلم الذي يعين في هذا المجال، عليه أن يقوم بتدريس مادة اللغة العربية والرياضيات والاجتماعيات والعلوم والتربية الإسلامية، ولا ننسى أنهم أي أولادنا لا يمتلكون خبرة كافية في اللهجات العربية، والأدهى من ذلك وأمر، يتولى معلم آخر من إحدى الدول العربية الشقيقة لتدريس مادة اللغة الإنجليزية، ليكملوا لهم الحلقة التي تجعلهم لا يفقهون من العلم إلا قليلا، وأردفت قائلة، نحن لا ننتقد المعلم ولا نعيب تدريسه ولا نتحدث عن مؤهله الأكاديمي والتربوي، نحن نتحدث عن موقعه التربوي الذي اختارته له وزارة التربية والتعليم، ونقول عنه بكل صراحة، إنه ليس مناسبا بكل المقاييس التربوية، وهذا الأمر جعل الكثير من الأسر ينقلون أولادهم الصغار إلى فصول أخرى، ليبعدوهم عن المعلم الذي قدر له أن يقوم بتدريس تلاميذ لا يحسنون التعامل مع لهجته ولا يفقهون كلامه إلا في مجمله، الأمر الذي يجعلهم لا يتقنون دروسهم المطلوبة عليهم، وقالت الأم: بسبب ما ذكرناه أصبح ذلك الفصل هو الأقل في عدد التلاميذ، لكثرة التلاميذ الذين نقلوا إلى فصول أخرى، ورأيتها متألمة جدا وقلقة على حال ابنها التعليمي، ووجدتها حائرة لا تدري كيف السبيل لحل هذه المعضلة؟ لسنا في محل التعقيب على هذه المسألة، لأننا لا نعلم عن الأسباب التي جعلت الجهات المعنية بوزارة التعليم تلجأ إلى هذه الخطوة التي تؤدي إلى سلبيات واضحة، هل لأنها لم تجد العدد الكافي من أبناء البحرين لملء هذه الزوايا، ولهذا حاولت سد هذا الفراغ بمعلمين من الدول العربية الشقيقة، نقول بكل صراحة، حتى ولو افترضنا أن تلك الأسباب هي التي دعت الوزارة إلى جلب معلمين من خارج الوطن لتلاميذ الحلقة الأولى، لن يكون مقبولا تربويا إذا كانت الجهات المعنية تتوقع أن يكون أثره سلبيا على العملية التعليمية بنسبة كبيرة، فلهذا نقول لا بد أن تراجع مثل هذه الخطوات التربوية من جميع جوانبها، حتى نجعلها السبيل لتراجع التلاميذ تعليميا، وخصوصا أن المناهج الدراسية الحديثة، تريد من المعلم أن يبذل الجهود الكبيرة، من أجل فك ما فيها من تعقيدات ورموز وطلاسم، يعجز الكثير من أولياء الأمور من فكها، كل ما ترجوه أم ذلك التلميذ النظر إلى هذه المسألة بنظرة واقعية، حتى يتمكن التلاميذ الاستفادة من المناهج بالصورة الصحيحة.
سلمان سالم
العدد 2366 - الخميس 26 فبراير 2009م الموافق 01 ربيع الاول 1430هـ