العدد 2366 - الخميس 26 فبراير 2009م الموافق 01 ربيع الاول 1430هـ

حق القوة وقوة الحق في الحرب على غزة

قضية فلسطين تعود جذورها إلى بدايات القرن الماضي عندما وعد وزير خارجية بريطانيا العظمي المسمى السير (بلفورد) وفدا من اليهود -بقيادة هرتزل رئيس جمعية المصالح اليهودية العالمية- الذين كانوا في زيارة إلى بريطانيا أن تعمل بريطانيا على إنشاء وطن لليهود في فلسطين التي كانت آنذاك تحت الانتداب البريطاني أسوة بباقي البلدان العربية بعد انحسار دور تركيا، ومن تلك اللحظة بدأ العمل الجدي على تحقيق ذلك الهدف عبر عدة طرق منها على سبيل المثال، سماح قوة الانتداب البريطاني على فلسطين لمجيء اليهود من شتى بقاع العالم حيث سمحت سلطات الانتداب علنا للسفن أن ترسوا في ميناء حيفا ويافا، كما سمحت لهم بالعيش والاستيطان في فلسطين وكذلك السماح للعصابات الصهيونية بتشكيل جيوش بعدة مسميات منها (الهاجانا والسفرديم والاشكناز) وعدم محاربتهم أو معاقبتهم على الأعمال الإجرامية والمذابح التي اقترفوها مثل مذبحة دير ياسين وغيرها تمهيدا لطرد السكان العرب من تلك المواقع، ما يؤهلهم لبسط سيطرتهم على تلك الأرض السليبة، كما قامت سلطات الانتداب بمضايقة الشعب الفلسطيني بكل الطرق وحرمته من كل الحقوق ومنعته من تشكيل قوة شرطة وطنية أو جيش، ولم تسمح للفلسطينيين بالبناء في فلسطين وتجديد مبانيهم المتهالكة وتوسعتها، كما قامت بتشجيع بيع الفلسطينيين لمنازلهم، ومزارعهم ومقتنياتهم على اليهود، كما سمحت وشجعت الفلسطينيين على مغادرة فلسطين، بل سمحت للدول التي بها فلسطينيين على تجنيسهم ودمجهم في مجمعات تلك الدول العربية وغير العربية، كما منعت الفلسطينيين من حق العودة مرة أخرى لفلسطين وهذا في خط وسياق ادعاءات الصهاينة على أنهم شعب من دون أرض وفلسطين أرض من دون شعب بخلاف الحقيقة التي يعرفها الجميع، لكن كل الظروف كانت مهيأة لحصول ما حصل، حيث الحرب العالمية الثانية أسفرت عن قتل الملايين من البشر والكثير هاجرو من بلدانهم، كذلك نتج عن تلك الحرب بروز قوى جديد واندثار قوى كانت مسيطرة على زمام الأمور في العالم، بريطانيا بسبب تحالفها من أميركا وفرنسا والاتحاد السوفياتي بعد الحرب شكلوا الأمم المتحدة واعترفوا بدولة اليهود في فلسطين بعد مرور 3 أعوام من قيام الأمم المتحدة في (1945) وقيام الدولة الصهيونية في العام (1948)، لكن الكلام والتساؤل الذي يدور الآن في المجالس والمنتديات المحلية والدولية وأروقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن يحوم حول الجرائم التي اقترفتها دولة «إسرائيل» ضد الشعب الفلسطيني في غزة وضد قيادته المنتخبة الممثلة في حركة حماس فهل هناك إمكانية لجرجرة قادة تلك الدولة المعتدية إلى محاكم القضاء الدولي المتمثلة في (محكمة العدل الدولية الموجودة في لاهاي بهولندا أو إلى محكمة الجرائم الدولية الموجودة في روما بإيطاليا) دعونا نتحدث بالتسلسل عن هذه المشكلة من الناحية الواقعية والقانونية حتى يمكننا إفهام البعض محليا ودوليا عنها وهل هناك فعلا حل أو حلحلتها إلى شيء قريب من الحل الذي يمكن أن يكون مقبولا من قبل الشعب الفلسطيني، والشعب الإسرائيلي والمحيط العربي ولإسلامي والدولي، إليكم رائينا تباعا.

فلسطين من الناحية

الشرعية الدولية والقانونية

أرض فلسطين معروفة للجميع من البشر من مختلف الأديان السماوية مثل اليهودية، والمسيحية والإسلامية وغيرها من الأديان، لذلك هي تعتبر بالنسبة لليهود أرض الميعاد المقدسة، وهي بالنسبة إلى المسيحيين أرض ميلاد السيد المسيح المقدسة حيث يحج إليها سنويا آلاف المسيحيين من مختلف بقاع العالم إلى (كنيسة المهد الموجودة في منطقة رام الله)، كذلك المسلمون تعد فلسطين بالنسبة إليهم هي القبلة الأولى حيث القدس الشريف حيث كان المسلمون يوجهون وجوههم عند الصلاة الخمس إلى فلسطين قبل أن يأمر الله نبيه الكريم بالتوجه إلى الكعبة المشرفة. هذه هي فلسطين أرض مقدسة عند كل الأديان السماوية وأتباع تلك الأديان يشتركون في تقديس تلك الأرض التي بارك الله فيها وما حولها حيث قال الله تعالى: «سبحان الذي أسرى بعبده من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله» هذه المعلومات تظهر مدى الحاجة للوصول إلى حلول ترضي الجميع، لأن ما هو مقدّس لدينا كمسلمين هو أيضا مقدس لدى أتباع الديانات الأخرى مثل اليهودية والمسيحية، لذلك يتوجب الوصول إلى حل يرضي الجميع من دون التسامح مع المغتصبين.

ودعونا نتطرق إلى الناحية القانونية فيما يتعلق بهذا الصراع وهل هناك فعلا إمكانية لجرجرة مقترفي الجرائم الفظيعة التي حدثت في قطاع غزة وشاهدها العالم على شاشات التلفاز إلى المحاكم الدولية القائمة أم عمل محاكم دولية خاصة بهم مثل تلك التي عملت لقادة الحروب في رواندا وبوروندي وسيراليون والبوسنة والهرسك وصربيا، إن مجلس الأمن اليوم هو أداة العالم التي عبرها يعبر العالم عن رغباته في الا عترا ف بالدول أو عدم الاعتراف بتلك الدول ومحاسبتها على أفعالها، فمجلس الأمن كما تعرفون يتكون حاليا من (15) عضوا، (5) دائمون وهم أميركا، روسيا، بريطانيا، فرنسا، الصين و(10) أعضاء غير دائمين ينتخبون لمدة سنتين بحسب الحروف الأبجدية للدول اقذرفوا جرائم فظيعة بحق شعب غزة إلى المحاكم الدولية، اعتقد قادة الكيان الصهيوني الذين اقترفوا جرائم فظيعة بحق شعب غزة إلى المحاكم الدولية، اعتقد بإمكانية ذلك، وخصوصا إذا عرفنا بأن (محكمة الجزاء الدولية - ICC) تختص بالنزاع بين الدول والأفراد من رعاياها أو رعايا غيرها من الدول، لذلك فهذه المحكمة لديها اختصاص في مثل هذه النزاعات التي حصلت في قطاع غزة أخيرا وامتدت لمدة 23 يوما متواصلة فهي أي المحكمة قد أوردت حصرا لاختصاصاتها حيث شملت تلك الاختصاصات على مايلي (جرائم الإبادة الجماعية، جرائم العدوان، جرائم الحرب) الحرب على غزة كما شاهد العالم كلها بجميع صنوفها تدخل في هذا الإطار ولا يستطيع أي عاقل منصف في العالم القول بخلاف ذلك لأن «إسرائيل» دكت القطاع بأكثر من 200 ألف طن من مختلف القنابل وخصوصا الفسفور الأبيض المحرم دوليا، وعليه يمكن جرجرة قادة العدوان على غزة، ويتم هذا عبر تقديم طلب من السلطة الفلسطينية أو أية دولة تتبنى القضية سوى كانت دولة عربية أو إسلامية أو غيرهما تكون موقعة على قانون محكمة الجزاء الدولية إلى مدعي العام محكمة الجزاء الدولية المتواجدة في روما -جمهورية إيطاليا (لويس مورينو أوكامبو) وحتى تستطيع المحكمة ممارسة عملها لابد من تقديم الدولة ومجلس الأمن طلبا إلى مدعي عام المحكمة ليباشر التحقيق في الواقعة المراد التحقيق فيها وعلى المدعي العام تقديم مذكرة شارحة وبشكل مفصل للواقعة إلى هيئة المحكمة لتقوم هيئة المحكمة التي تتشكل حاليا من 18 قاضيا من مختلف الجنسيات بدراستها وتقدير قبول أو رفض القضية المعروضة من قبل المدعي العام وذلك بحسب نص المادة رقم (17 ب 1) قانون إنشاء تلك المحكمة التي تنص على «تقرر المحكمة قبول أو عدم قبول الدعوى المعروضة عليها في حال تأكد لديها بأن التحقيق في الدعوى المعروضة قد تم من قبل دولة صاحبة ولاية» آمل أن يكون هناك توجه فعلي لدى الفلسطينيين والعرب أولا للمطالبة بملاحقة كل من تسبب في هذا القتل والتنكيل والدمار، ثانيا يجب على الدول العربية والإسلامية دولا، ومنظمات مدنية ومهنية وأفراد مقتدرين على مد يد العون المالي والقانوني للفلسطينيين لتحقيق ذلك الهدف في أقرب فرصة ممكنه حتى تقر عيون الثكالى والأرامل والأيتام في فلسطين السليبة، وحتى يتم صون الحدود وأن لا يتجرأ أي معتد على انتهاك حقوق الآخرين من دون مبرر قانوني أو أن يفلت من العقاب.

أحمد سلمان النصوح

محام وباحث في الشئون القانونية المحلية والدولية

العدد 2366 - الخميس 26 فبراير 2009م الموافق 01 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً