مررنا قبل عام بفترة عصيبة شحّت فيها لحوم الأغنام في البلاد حتى صرنا نخرج بعد صلاة الفجر متجهين للجزّار آملين أن نجد قليلا من اللحم يرمّ العظم! وصار الجزّار «يقنّن» عملية البيع فلا يعطي الفرد أكثر من كيلوين ومن أراد أكثر عليه العودة يوم آخر، وأحيانا نصطف في الطابور للحصول على شيء من اللحم، وأتذكر مقولة طريفة لأحد كتّاب (الوسط) معلّقا على ذلك بقوله أنه رفض الوقوف في الطابور لأنه – حسب كلامه - من المفترض أن تصطف الخرفان والأغنام من أجلنا لا أن نصطف نحن من أجلها!
خفّت حدّة أزمة اللحوم، فإذا بنا ندخل أزمة جديدة بهروب الدجاج وخلو الأسواق منها حتى ظننا أننا في قرية (الحُصينة) وأن (أبا الحصاني) عاد يسرق الدجاج. أصبحنا نقف عند البرادات نترقّب وصول ثلاجات شركات الدواجن ونتخاطف أي دجاجة تقع أمام أعيننا وصرنا نوصي من نعرف بأن (يتوسّط) لنا للحصول على دجاجة نريها الأطفال قبل أن ينسوا شكلها أو طعمها! وعلى رغم أن اللحوم والدجاج مازالت في صعود وهبوط وفي وفرة ونقص إلا أننا نخزن اللحم الأبيض والأحمر لليوم الأسود.
اليوم تدخل الأسماك دائرة الأزمات و (المحظورات)! وكأنها تقول (اشمعنى أنا)! ليصبح سوق السمك قاعا صفصفا لا كنعدا فيه ولا شحدود... بالنسبة لشخص مثلي علاقته بالأسماك غير حميمية بل غير ودية، فإنني لا أجد صعوبة في التأقلم مع غياب الأسماك بل واللحوم والدجاج والاعتماد على (العدس) حتى لو أصبحت (نباتيّا). لكن المشكلة عند الزوجة التي تنافس القطط في حبها للأسماك حتى أنها (تكسكس)عظامها ... (أقصد عظام السمك)!. وماذا أقول للقطط التي تعرف وقت الغداء فتحوم حول البيت تمؤ وتطلب بعضا من السمك؟
جابر علي
العدد 2366 - الخميس 26 فبراير 2009م الموافق 01 ربيع الاول 1430هـ