عقد رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين قمة استثنائية يوم أمس (الأحد) في بروكسل هدفت بشكل رئيس إلى تجنب تسجيل مزيد من الخلافات بين دولهم في إدارة الأزمة المالية والنقدية أولا، وثانيا مناقشة التدابير الواجب اتخاذها في المرحلة المقبلة وخصوصا بشأن عدد من الإشكاليات الحساسة والمثيرة للجدل بين دولهم.
ويواجه الاتحاد الأوروبي أزمة اقتصادية خانقة نتيجة تداعيات الأزمة النقدية والمصرفية التي اندلعت بشكل حاد في الخريف الماضي ولم يتمكن القادة الأوروبيون وعلى مختلف المستويات حتى الآن من العثور على مخرج عملي وجماعي لها.
ودعت جمهورية التشيك التي تتولى الرئاسة الدورية الأوروبية منذ مطلع العام الجاري لهذه القمة تحت ضغط عدد من الدول والفعاليات الاجتماعية والنقابية ولكن فرص تمكن الاتحاد الأوروبي من صوغ استراتيجية موحدة تبدو ضئيلة وحتى منعدمة.
وتقول جمهورية التشيك «إن على القمة أن تصل إلى توافق بشأن الرد على بعض من جوانب الأزمة وطرح موقف أوروبي لقمة مجموعة العشرين المقررة ليوم الثاني من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل في لندن».
ويأمل زعماء الاتحاد الأوروبي توجيه رسالة طمأنة للرأي العام الأوروبي بشأن قدرتهم الفعلية على مواجهة الأزمة وللمجموعة الدولية بشأن قدرة الاتحاد الأوروبي كتكتل على تنسيق موقفه.
وقال رئيس وزراء جمهورية التشيك في رسالة وجهها لزعماء التكتل الأوروبي عشية انعقاد قمة بروكسل «إنه يقترح تحركا من ثلاث نقاط أساسية خلال القمة تتعلق بالدفع لتمكين المؤسسات المصرفية الأوروبية من السيولة الضرورية لحفز الاقتراض مع تشديد الرقابة على المؤسسات المالية، وتنسيق خطط الإنقاذ الاقتصادي المتخذة على الصعيد الوطني وتحويلها إلى خطط أوروبية، وخصوصا في قطاع السيارات، ووضع خطة عمل محددة لوقف نزيف سوق العمل والتحكم في عمليات تسريح العمال والمستخدمين والتي باتت تهدد بأزمة اجتماعية عارمة».
ولكن الخطة التشيكية التي حظيت بدعم علني من قبل المفوضية الأوروبية في بروكسل تواجه العديد من العوائق، وخصوصا النزعات الحمائية الصادرة من بعض الدول الأوروبية وتحديدا فرنسا الساعية إلى حماية قطاع تصنيع السيارات المثير للجدل.
كما أن ألمانيا تتعرض إلى ضغوط مفتوحة للقبول بتحمل جزء مالي من أعباء تمويل الدول الشرقية التي تواجه حال إفلاس حاليا.
وقد رحبت المفوضية الأوروبية في بروكسل بالخطوة الثلاثية التي أعلنها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والبنك الأوروبي للاستثمار بتقديم دعم طارئ للدول الشرقية ومساعدتها عمليا على تجاوز بعض من جوانب الأزمة الحالية، وخصوصا انهيار عملاتها الوطنية وعزوف المستثمرين عنها.
ويتوقع أن تقترح المجر لوحدها خلال قمة بروكسل نهار اليوم (أمس) خطة إنقاذ لاقتصادها بمبلغ 180 مليار يورو.
والى جانب هذه المعضلات الأوروبية فإن الاتحاد الأوروبي يواجه أيضا متاعب في إدارة التحكم في أسواق المال وفي ظاهرة التهرب الضريبي والسيطرة على الملاذات الضريبية، إلى جانب السيطرة على التوجهات الحمائية بينه وبين عدد من المجالات التجارية الدولية المهمة مثل الولايات المتحدة والصين واليابان.
وأمام مجمل هذه الأوضاع الشائكة على الصعيدين الداخلي والخارجي فإن الهدف الأول للأوروبيين يظل العمل على الحفاظ على وحدة الصف الداخلية وتجنب توجه التكتل الأوروبي إلى التصدع المؤسساتي وإلحاق ضرر مستديم باليورو وانهيار السوق الداخلية وهو أكبر تحدٍ يواجه الاتحاد الأوروبي منذ عدة سنوات.
... وتوبولانيك يدعو إلى الوحدة قبل القمة
دعت جمهورية التشيك التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي حاليا الى تبني نهج مشترك بين الدول الأعضاء في الاتحاد من أجل التعامل مع الأزمة المالية والاقتصادية الراهنة.
وقال رئيس الوزراء التشيكي، ميريك توبولانيك، في بيان له صدر في براغ يوم أمس الأول (السبت): «لا نريد خطوطا جديدة تفصل بيننا ... لا نريد أوروبا منقسمة بين شمال وجنوب أو شرق وغرب».
ويبدو أن العديد من اقتصادات أوروبا الشرقية ستذهب لما هو أسوأ من حال الركود التي أصابت دول أوروبا الغربية مع التراجع السريع في أسعار الصرف والعجز الهائل الذي تشهده الحسابات الجارية.
وحذر توبولانيك من التدابير الأحادية الجانب أوالحمائية التي تنتهجها دول الاتحاد قائلا إن تبني «سياسة أنا ومن بعدي الطوفان، أمر غير مقبول ... إن بقاء السوق الداخلية موحدة أمر حيوي للغاية».
ومن المتوقع أن تركز القمة الخاصة على قطاع تصنيع السيارات في أوروبا والذي أصابته الأزمة المالية بحال من الشلل، وأيضا القطاع المصرفي في أوروبا الشرقية وهو ضحية أخرى من ضحايا الاضطراب الاقتصادي.
وقال توبولانيك: «يتعين على جهود وإجراءات مكافحة الأزمة الاقتصادية داخل الاتحاد الأوروبي أن تحترم مبدأ التضامن كما تتطلب إظهار كل الأطراف للمسئولية».
العدد 2369 - الأحد 01 مارس 2009م الموافق 04 ربيع الاول 1430هـ