أكد مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي خالد علوش، أن الآليات التي تم من خلالها جمع البيانات الخاصة بتقرير التنمية البشرية للعام الجاري - والذي حازت فيه البحرين على الترتيب الأول عربيا والأربعين عالميا - لم تخضع لتعديلات من قبل الحكومة، وان عددا من الخبراء الأجانب - كل بحسب مجال اختصاصه - استعانوا ببنوك المعلومات والإحصاءات للخروج بنتائج التقرير، وان مكتب الأمم المتحدة في البحرين اقتصرت مهمته على التعاقد مع الخبراء وتكليفهم بإعداد التقارير، موضحا أنه تم تحاشي تكليف خبراء محليين بمهمة إعداد التقارير للابتعاد قدر الإمكان عن التأثيرات المحلية لتحقيق مزيد من الصدقية في نتائج التقرير.
وأشار إلى أن المؤشر العام في البحرين في ارتفاع مستمر منذ بدء تطبيقه في العام 1990، ما يشكل عنصرا إيجابيا يسهم في جذب الاستثمارات الاقتصادية والسياحية للبلاد.
المنامة - أماني المسقطي
أكد مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي خالد علوش استقلالية وصدقية المعلومات التي بنيت عليها نتائج تقرير التنمية البشرية للعام 2004 المعد بتكليف من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والذي حازت فيه مملكة البحرين على المركز الأول على مستوى الدول العربية للمرة الثانية عشرة والمركز الأربعين على مستوى 177 بلدا من العالم، نافيا ما أشير إليه من تأثر النتائج التي خرج بها التقرير بسياسات حكومات الدول المدرجة ضمن التقرير.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عقد ظهر أمس في بيت الأمم المتحدة بمناسبة تدشين تقرير التنمية البشرية للعام 2004 الذي تناول شعار «الحرية الثقافية في عالمنا المتنوع»، المعد بتكليف من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بحضور الوكيل المساعد لوزارة الخارجية أحمد الحداد والوكيل المساعد للثقافة والتراث الوطني الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، وعدد من ممثلي الجهات الحقوقية والثقافية.
وقال علوش: «إن التشكيك في صدقية التقارير البشرية قد يكون واردا بالنسبة إلى التقارير الوطنية التي تعد من قبل المكاتب المحلية التي تستمد معلوماتها من قبل مؤسسات الدولة الحكومية، غير أن التقارير الدولية لا تتأثر بسياسات الحكومات، كما أن بياناتها لا تخضع للتعديل من قبل الحكومات»، جاء ذلك ردا على ما طرحه نائب رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان عبدالهادي الخواجة الذي اعتبر أن مكاتب الأمم المتحدة تعوزها الاستقلالية على اعتبار أن مصادر المعلومات التي تبنى عليها التقارير ترتبط بالسلطة في الدولة، مؤكدا ضرورة أن تكون هناك صدقية أكبر في انتقاد مثل هذه التقارير. وأوضح في معرض رده على سؤال لـ «الوسط» عن الآليات التي تم من خلالها جمع المعلومات حول البحرين، أن عددا من الخبراء الأجانب - كل بحسب مجال اختصاصه - استعانوا ببنوك المعلومات والإحصاءات، وان مكتب الأمم المتحدة في البحرين اقتصرت مهمته على التعاقد مع الخبراء وتكليفهم باعداد التقارير، مشيرا إلى أنه تم تحاشي تكليف خبراء محليين بمهمة اعداد التقارير للابتعاد قدر الإمكان عن التأثيرات المحلية ولتحقيق مزيد من صدقية في نتائج التقرير.
وأكد علوش أن التنوع الثقافي في البحرين كان عاملا رئيسيا في تحقيقها لهذا المركز المتقدم في التنمية البشرية، مشيرا إلى أن تراجع البحرين عن ترتيبها السابع والثلاثين عالميا الذي حازت عليه في العام 2002 بنسبة 84,3 في المئة يعود إلى انضمام دولتين أخريين ضمن الدول المدرجة في التقرير حازتا على ترتيب متقدم على اعتبار أنهما دولتان سياحيتان ضئيلتا المساحة وعدد السكان ما أسهم في إدراجهما في مراكز متقدمة. وأشار إلى أن المؤشر العام للتنمية البشرية في البحرين هو في ارتفاع مستمر بدءا من تطبيق دراسته منذ العام 1990، وهذا ما يعتبر نقطة ايجابية تصب في صالح البحرين في ظل تراجع مؤشرات عدد كبير من الدول الأخرى، مرجعا أسباب تبوء البحرين هذا المركز إلى تحقيقها أهداف التقرير التي تنادي بحرية ممارسات الأديان وحرية استعمال اللغة الأم وحرية ممارسات العادات والتقاليد للأقليات وأن يستثمر ما سبق كعنصر قوة إيجابي، والتقدم الملحوظ الذي شهده قطاعا التعليم والصحة.
وقال علوش تعليقا على التساؤل الذي طرح بشأن تبوء دولة «إسرائيل» مركزا متقدما في دليل التنمية البشرية على رغم ما تقوم به من انتهاكات انسانية في حق الفلسطينيين، إن «التقرير أعد من قبل مصادر معرفة بعيدة عن الدعاية السياسية، وهم عبارة عن مجموعة كبيرة من الباحثين الذين يسعون لخدمة البشرية بشكل عام، و«إسرائيل» حازت على هذا الترتيب بعيدا عن اعتبارات تطبيقها لمبادئ الحرية والديمقراطية، وإنما للتقدم الذي حققته في مجالات الصحة والتعليم ومستوى الدخل للفرد».
أما عن أوجه الاستفادة من نتائج التقرير فأوضح أن من شأنها تشجيع الدول على تبني سياسات معينة كالانفتاح على الديمقراطية واحترام حريات الأقليات والتأثير على السياسات العامة للحكومات المختلفة لدفعها للسعي وراء تحقيق سمعة طيبة من شأنها الدفع في استقطاب الاستثمارات الاقتصادية والسياحية، مشيرا إلى أن الدولة المصنفة ضمن مراكز متقدمة تجد فرصا أكبر في مجالات جذب الاستثمار. من جهته أكد الوكيل المساعد لوزارة الخارجية أحمد الحداد استقلالية وصدقية التقرير الذي قام به برنامج الأمم المتحدة، وخصوصا في مجالات الصحة والتعليم ومحاربة التلوث وانتشار الإنترنت ودور المرأة المتنامي في البحرين نتيجة للإصلاحات التي قام بها جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، مستدلا بما ورد في تصريح سابق لرئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة الذي أكد فيه المسئولية التي وقعت على عاتق البحرين بتحقيقها ترتيبا متقدما في التقرير يدفعها لبذل أقصى ما تستطيع للحفاظ عليه، معتبرا ان ما حققته البحرين يعتبر إنجازا كبيرا في ظل مواردها المحدودة مقارنة بدول الخليج العربية الأخرى. وقال في رده على التساؤل الذي طرح بشأن ازدياد حوادث العنف في البحرين لما من شأنه أن يؤثر على الترتيب المتقدم الذي أحرزته البحرين في مجال التنمية البشرية إن «التقرير لا يشمل الحوادث المتفرقة القليلة التي شهدتها البحرين في الآونة الأخيرة التي تعتبر شواذا عن القاعدة لا ترقى لمستوى يؤثر على مضمون التقرير».
ودعت الكاتبة الصحافية سميرة رجب إلى تكاتف مؤسسات المجتمع المدني في مجالات الحرية الديمقراطية والثقافة من أجل صدقية اكبر في إصدار مثل هذه التقارير، مشيرة إلى أن الحكومات عادة ما تسعى لتحسين الواجهة المسئولة عنها ما يؤثر على مدى صحة النتائج التي تخرج بها التقارير.
أكدت الوكيل المساعد لشئون الثقافة والتراث الوطني الشيخة مي بنت محمد آل خليفة ضرورة تشكيل جهة أو مجلس مستقل يمثل نخبة المثقفين البحرينيين، انطلاقا من الشعار الذي نادى به تقرير التنمية البشرية لهذا العام وهو «الحرية الثقافية في عالمنا المتنوع»، معتبرة أن الثقافة ليست مجرد تراكم معرفي وهي أبعد من مجرد معارض للكتب، مشيرة إلى أن المشكلة تكمن في الخلط بين العملين الإعلامي والثقافي.
وقالت: «إن البحرين حققت ترتيبا متقدما في التقرير لكونها جزيرة منفتحة على مختلف الثقافات وطبيعة تعامل أهل الجزر تختلف عن تلك التي في دول الداخل». وأشارت إلى أن شعار هذا العام في تقرير التنمية البشرية الذي يؤكد الحرية الثقافية هو دليل واضح على أن الحريات الثقافية أضحت جزءا حيويا من التنمية البشرية في زمن تزداد فيه المواجهات الدينية والعرقية إلا أن الثقافات تبقى في النهاية هي المنفذ الوحيد في خطاب الحضارات. وأضافت أنه لا يمكن ضمان استمرارية الحوار الثقافي إلا في ظل التركيز على الثقافة وخصوصا في ظل ما يشهده العالم من ولادة مجتمعات حديثة، مشيرة إلى أن التأمل في ماهية الثقافة يكشف عن أنها وسيلة قوية للاتصال بين المجاميع البشرية عن طريق مشاهدة العالم والاطلاع على الآخرين والتعرف على أسلوب حياتهم، مطالبة بضرورة فهم واستيعاب ارثنا الثقافي. وأوضحت أن التنمية تشمل بمفهومها فرعين، أحدهما اقتصادي يعني زيادة الإنتاج وسرعة التطور وتحويله لزيادة معدل الدخل الفردي، والآخر بشري يهدف لأن يعطي الفرد حق الممارسة العقائدية والفكرية، مشددة على أن الحرية الثقافية يجب أن تتضمن حرية المجموع والفرد إذ إنها تعتبر السبيل الوحيد للفرد لاختيار نهج حياته.
من جهته وفي حين اعتبر بعض المثقفين أن الحرية الثقافية في البحرين تخضع لقيود دينية قبل أن تخضع لقيود حكومية، مطالبين بضرورة اتخاذ موقف سياسي من الجهات القيادية العليا، فقد يتطور الأمر إلى أن يطالب البعض بتطبيق قانون الحسبة المطبق في الوقت الجاري في جمهورية مصر العربية، اعتبر نادر كاظم، وهو أحد المثقفين، أن رياح الإصلاحات في البحرين حملت معها تقدما واضحا في مستوى حرية الثقافة والتعبير تجلت بوضوح في زيادة عدد الصحف المحلية والانفتاح على القنوات الفضائية والتسهيلات الممنوحة في شبكة الإنترنت
العدد 678 - الأربعاء 14 يوليو 2004م الموافق 26 جمادى الأولى 1425هـ