أصدر المصرف الاستثماري العالمي «نومورا» الذي يتخذ من اليابان مقرا له، تقريرا خاصا بشأن فرص النمو الاقتصادي لأربع دول خليجية: السعودية، الإمارات، قطر، والكويت. ويشير التقرير، الذي أعدته العضو المنتدب ورئيس أبحاث السوق الناشئة في أوروبا، آن وايمان، إلى أن الاقتصادات الخليجية في طريقها إلى تجاوز الفترة الصعبة التي مرت بها مؤخرا وبدء فصل جديد من النمو الذي بات يتسلح بقوانين تنظيمية قوية، وبمعالجة أفضل للمسئوليات الحكومية المنوطة بهذه الاقتصادات في بعض الحالات، وإن كان لايزال يعتمد على المنتجات النفطية إلى حد كبير.
وقالت وايمان في التقرير: «تعمل السعودية، الاقتصاد الأكبر في منطقة الخليج العربي، على وضع خطة لمواصلة أدائها الاقتصادي القوي، ولاسيما أنها تمكنت من اجتياز العاصفة بفضل إجراءاتها الوقائية السريعة للحفاظ على الثقة في القطاع المصرفي خلال أزمة الائتمان، واستجابتها المالية القوية والحاسمة حيال الأزمة المالية العالمية. وفيما تبقى فرص نموها الاقتصادي على المدى المتوسط مرتبطة بالمنتجات النفطية، إلا أن المملكة تتجه بخطى حثيثة نحو مزيد من التنويع الاقتصادي. كما تبدو جلية عودة الثقة لدى الشركات والمستهلكين، واستئناف عمليات الإقراض المصرفي، وإن كان بوتيرة أبطأ وأكثر حيطة من ذي قبل».
ويتوقع التقرير تحقيق نمو اقتصادي في المملكة بنسبة 3,7 في المئة، يدعمه في ذلك زيادة الإنتاج النفطي، وتحرير السياسة المالية والنقدية، وزيادة معدلات الإقراض المصرفي للقطاع الخاص.
وبشأن القطاع المالي في المملكة، قال التقرير: «يجب أن تبقى سلامة القطاع المصرفي محور تركيز كبير في سياسة المملكة مستقبلا، وخاصة بعد انتهاء أسوأ فصول الأزمة المالية، ومحدودية الانكشاف على مخاطر التخلف عن السداد على الصعيدين المحلي والإقليمي (كان انكشاف القطاع المصرفي السعودي على «دبي العالمية» محدودا على رغم بعض الشكوك التي تتردد حيال مثل هذا الانكشاف في القطاع الخاص غير المصرفي). يضاف إلى ذلك، أن المملكة اتخذت بعض الإجراءات المتعقلة المهمة، بما في ذلك التحرك نحو اعتماد سياسات معاكسة للدورة الاقتصادية على صعيد الاحتياطات النقدية؛ الأمر الذي من شأنه إعادة بناء الثقة والنأي بالقطاع المالي السعودي عن أية عوامل توتر في المستقبل».
وكان بنك «نومورا» قد أعلن مؤخرا إطلاق عملياته في السعودية بعد حصوله على ترخيص «هيئة السوق المالية السعودية» لتوفير خدمات تمويل الشركات، وأسواق رأس المال، وإدارة الثروات للزبائن في المملكة، فضلا عن التعامل بصفة وكيل للأوراق المالية خارجها. وبحكم حضوره القوي في المنطقة منذ العام 1974، كان لـ «نومورا» علاقاته المتينة مع العديد من الجهات الحكومية، والمؤسسات المالية، والشركات، والمستثمرين الأفراد في السعودية؛ وقد تم تعيين تاكويا فارويا رئيسا لمجلس إدارة «نومورا» في المملكة.
وبالانتقال إلى المشهد الخليجي الأوسع، قالت وايمان في تقريرها: «تعد دولة الإمارات العربية المتحدة أحد أهم مراكز القوة الاقتصادية في المنطقة؛ وقد تضافرت مواردها الوفيرة من المنتجات النفطية مع سياستها الناجحة في التنويع لإيجاد اقتصاد يحظى بفرص قوية على المدى المتوسط. إلا أن الأزمة المالية العالمية تركت آثارها السلبية العميقة على البلاد لتكشف عن بعض مكامن الخلل في خطط التوسع السريع لقطاعاتها غير النفطية خلال السنوات الأخيرة. وعلى رغم أن الاقتصاد الإماراتي مر بسنة عصيبة شهد خلالها هبوطا كبيرا في أسعار النفط، وخفضا سريعا للمديونية، وعجزا واضحا عن سداد الالتزامات المالية في قطاع الشركات؛ إلا أنه بدأ ينفض غبار الأزمة عن كاهله ليتخذ مجددا موقعا قويا يتيح له إرساء العناصر الأساسية اللازمة لتحقيق نمو أكثر سلامة واستدامة».
وأبدى التقرير تفاؤلا مماثلا حيال أداء الاقتصاد القطري مشيرا إلى بقائه كأحد أسرع الاقتصادات نموا في العالم بفضل عائداته النفطية الكبيرة ومستوياته العالية في حجم الاستثمارات العامة والخاصة.
وعن الكويت، قال التقرير: «اجتاز الاقتصاد الكويتي تداعيات الأزمة المالية والركود الاقتصادي العالمي على نحو جيد نسبيا بفضل احتياطياته النفطية على رغم الصخب الذي تشهده الساحة السياسية الداخلية، والذي أعاق تبني حوافز مالية كانت لتؤثر إيجابا على الأداء الاقتصادي للبلاد. وكان تمرير قانون زيادة الإنفاق الحكومي على مشاريع البنية التحتية خلال السنوات الأربع المقبلة خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح، ومن شأن تطبيق هذه الخطة أن يلعب دورا كبيرا في تحقيق أثر اقتصادي أوسع نطاقا».
العدد 2783 - الإثنين 19 أبريل 2010م الموافق 04 جمادى الأولى 1431هـ