العدد 735 - الخميس 09 سبتمبر 2004م الموافق 24 رجب 1425هـ

خليجيون متفائلون بـ «الديمقراطية البحرينية» وبحرينيون متشائمون

في منتدى «العمل» عن الإصلاح في الخليج أمس

رأى رئيس مركز الخليج الاستراتيجي عبدالخالق عبدالله في دولة الإمارات العربية، أن الوضع البحريني الحالي بمثابة «ربيع المعارضة في البحرين»، على رغم وجود بعض المنغصات، وعلى رغم البطء الشديد في الإصلاح بحسب تعبيره معتبرا أن التجربة الديمقراطية البحرينية تمثل قاطرة الإصلاح «التي تقود بقية القاطرات في دول المنطقة»، وانتقد عدة معارضين بحرينيين شاركوا أمس في منتدى عن الإصلاح في دول مجلس التعاون الخليجي، الذي نظمته أمس جمعية العمل الوطني الديمقراطي رأي عبدالخالق وأسهبوا في شرح الكثير من التحفظات على التجربة البحرينية، من جانبه طالب رئيس جمعية العمل الوطني الديمقراطي عبدالرحمن النعيمي «بتعديل الدوائر الانتخابية، تحقيقا لمبدأ المواطنة المتساوية، وسن قانون لخدمة العلَم، بحيث يكون من واجب جميع المواطنين قضاء فترة محددة في الخدمة العسكرية الإجبارية بعد التخرج من المرحلة الثانوية مثلا، وإغلاق أبواب التذمر من عدم السماح للشيعة بالعمل في وزارة الدفاع أو الداخلية».


المعارضون انتقدوا تفاؤله... في منتدى الإصلاح في الخليج

رئيس مركز الخليج الاستراتيجي: الآن ربيع المعارضة في البحرين على رغم المنغصات

أم الحصم - حسين خلف

رأى رئيس مركز الخليج الاستراتيجي في دولة الإمارات العربية عبدالخالق عبدالله، ان تجربة البحرين الديمقراطية هي الأبرز في المنطقة، قائلا: «أعلم أن هناك منغصات، إلا أنني أعتقد أن الآن هو ربيع المعارضة في البحرين، إن النموذج البحريني يمثل القاطرة التي تقود بقية القاطرات»، ومن جانبه طالب رئيس جمعية العمل الوطني الديمقراطي عبدالرحمن النعيمي في ورقة ملفتة إلى إلغاء التمييز بين المواطنين في البحرين وفي دول الخليج، وبتعديل توزيع الدوائر الانتخابية، جاء ذلك خلال منتدى عقدته أمس جمعية العمل في مقرها الجديد في أم الحصم.

رئيس مركز الخليج الاستراتيجي في دولة الإمارات عبدالخالق عبدالله، ابدى تفاؤلا قي حدوث عملية الإصلاح في دول الخليج، على رغم المنغصات بحسب تعبيره، إذ قال في هذا الصدد «إن حركة الإصلاح في دول الخليج بطيئة جدا، وعلى رغم ان بعض دول المنطقة تجري فيها انتخابات فإن دولا أخرى محرومة من هذا الحق، وإذا كان العالم يسير إلى الديمقراطية بسرعة ستون كيلومترا في الساعة، فنحن نحبو بسرعة ستة كيلومترات في الساعة».

وأضاف عبدالله «على رغم ذلك فإنني أحب أن أبين الوجه الآخر، فصحيح اننا نحبو بالنسبة إلى العالم، إلا اننا نتقدم في واقع الأمر وبدأنا بتجاوز مرحلة الركود، هذه الحركة تعطينا تفاؤلا لنتجاوز الخطاب اليائس السوداوي، الذي يمنعنا من رؤية تحركنا نحو الأمام، وعلينا أن نؤمن بأن الديمقراطية لا تأتي دفعة واحدة، بل تأتي بعد مساومات ومقايضات واخذ وعطاء قبل أن نحصل عليها، وعلى القوى الديمقراطية أن تتعلم أن تحصل على حقوقها شيئا فشيئا وليس دفعة واحدة، والا اعتبرت هذه هبة، علينا أن نرى أن على أرض الواقع هناك حركة».

وتابع «إن افتتاح مقر جمعية العمل الوطني، وما عشناه مساء أمس حينما شاهدنا الفيلم الوثائقي وكيف كان عبدالرحمن النعيمي مهجرا وكان مكتبه في دمشق، والآن نرى هذا الصرح وهذا الموقع لعبدالرحمن النعيمي، كل هذا جعلني أتفاءل، اعلم اننا بطيئون بالمقاييس العالمية ولكن هناك معطيات ايجابية وعلينا أن نرى ذلك، هناك مؤشرات إيجابية موجودة كحق التعبير وحق التجمع ومشاركة المرأة في الانتخابات، عن الخط البياني في تصاعد، والنموذج البحريني هو الأكثر حيوية في المنطقة والحال الصعبة هي السعودية والأصعب هي الإمارات، النموذج البحريني يمثل القاطرة التي تقود بقية القاطرات والجميع في المنطقة حكومات وشعوب تنظر وتراقب التجربة البحرينية، جميعنا نتذكر كيف كانت الأجواء خانقة في البحرين خلال العام 1994م، حتى ان تقرير منظمة بيت الحرية كان يصنف البحرين من الدول غير الحرة، بينما نرى التقرير الجديد للمنظمة المذكورة يصنف البحرين من الدول شبه الحرة، واعتقد أنه إذا استمر الوضع، أو حدثت تعديلات دستورية في البحرين، وإذا انتهت المقاطعة فربما تصبح البحرين أول دولة عربية تدخل قائمة الدول الحرة، ورأينا في التقرير الأخير للتنمية البشرية كيف ان البحرين تقدمت إلى المرتبة الأربعين على مستوى العالم، وكانت هي الأولى خليجيا، طبعا لم يكن السبب معدل دخل الفرد، فشتان بين معدل الدخل في البحرين والمعدل في الإمارات، بل كان ذلك بسبب معدل الحريات، كما اننا في تقرير مركز الخليج الاستراتيجي لـ 2003 - 2004، رصدنا الحركة نحو الديمقراطية في دول المنطقة بما فيها إيران، ووجدنا أن البحرين هي الدولة الأولى خليجيا، وذلك بناء على عدة مؤشرات مثل: تأسيس أكبر عدد من النقابات والجمعيات، وعدد المسيرات، والأحكام القضائية التي صدرت لصالح الجهات الحقوقية، أنا أعلم أن هناك منغصات، إلا انني أعتقد أن الآن هو ربيع المعارضة في البحرين، وارى ان الملك يميل إلى المعارضة أكثر من الحكومة، فهو يلتقي برؤساء جمعيات المجتمع المدني أكثر مما يلتقي بالوزراء، فهنيئا لكم بالملك».

وعرض رئيس جمعية العمل الوطني عبدالرحمن النعيمي ورقة بعنوان: مرتكزات أساسية للإصلاح في دول مجلس التعاون الخليجي - البحرين نموذجا، قال في مقدمتها «الإصلاح أصبحت كلمة مبتذلة من كثرة استخدامها من قبل القوى السياسية، أو من قبل عدد كبير من الشخصيات المسئولة ممن يجب التضحية بهم لتحقيق الإصلاح».

وحدد النعيمي خمسة مرتكزات للإصلاح السياسي أوجزها في: دولة المؤسسات والقانون، المواطنة المتساوية، الموقف من المرأة، حرية التنظيم، حرية التعبير والصحافة، إذ اشار النعيمي في حديثه عن مرتكز دولة المؤسسات والقانون إلى «ضرورة سن دساتير عصرية، من قبل الدول التي ترفض ذلك بحجة أن القرآن هو الدستور الأزلي لها، أو بحجة الخصوصيات، كما ان الانتقال إلى الدولة الحديثة يقتضي إقامة مؤسسات تمثيلية تعبر عن المشاركة الشعبية في صنع القرار، ويتم التخلي عن الأساليب القبلية أو الأبوية القديمة التي تعتبر مجلس الحاكم أو المسئول هو الموقع الذي يتشاور فيه مع المواطنين وهذه كذبة كبيرة».

وعن مرتكز المواطنة المتساوية أضاف النعيمي «لا تزال الغالبية من دول الخليج تعاني من سياسة التمييز بين المواطنين»، مشيرا إلى وجود قطاعين في السكان هما «البدون بمختلف تسمياتهم، والعمالة الأجنبية المنخرطة بالكامل في النسيج الاجتماعي لكنها فاقدة للكثير من الحقوق، وستجد الأنظمة نفسها في السنوات المقبلة أمام ضغوط دولية لتجنيسهم، وإعطائهم الحقوق السياسية والنقابية، بل وسيشكلون عوامل ضغط كبيرة لفرض أية إملاءات أجنبية على هذه الدول، وقد خطت حكومة البحرين بعد الانفراج السياسي خطوات كبيرة لحل هذه المسألة عبر تجنيس الآلاف من البدون، وتجنيس الكثير من الإخوة العرب أو من سكن البحرين لفترة طويلة أو قصيرة، ينطبق عليها قانون الجنسية أو لا ينطبق، إلا أن الخلفية التي استندت عليها الدولة في هذه العملية لم تكن كلها بريئة، إذ جرت عملية تجنيس سياسي كبيرة، وتم استيراد اعداد من العرب الذين تم تشغيلهم في أجهزة الأمن والدفاع والقوات الخاصة، وذلك بهدف التوازن الطائفي، وإمعانا في إتباع سياسة التوازن الطائفي أو الخوف من الطائفة الشيعية، تم السماح بازدواجية الجنسية بشكل اعتباطي،إذ تم تطبيقها على البعض ولم يتم تطبيقها على البعض الآخر، ما فتح المجال أمام توتر لم يكن مرغوبا فيها مع إخوة لنا من الدول المجاورة، دون المعاملة بالمثل».

وأضاف النعيمي «إن المواطنة المتساوية تتجسد في التالي: أولا الصوت الواحد للمواطن الواحد، سواء في البلديات أو في البرلمان، بحيث لا يشعر أي مواطن ان الآلاف يمثلهم مندوب واحد في المؤسسة البرلمانية أو البلديات، بينما يمثل المئات مندوب واحد، وهذا يتطلب تصحيح الدوائر الانتخابية، ثانيا عدم التمييز بين المواطنين في العمل واحتلال المناصب وهذا يتطلب أمرين هما: سن قانون يجرم التمييز الطائفي ويمكن الاستفادة من التجربتين البريطانية والأميركية، وسن قانون لخدمة العلم، بحيث يكون من واجب جميع المواطنين قضاء فترة محددة في الخدمة العسكرية الإجبارية بعد التخرج المرحلة الثانوية مثلا، وإغلاق أبواب التذمر من عدم السماح للشيعة بالعمل في وزارة الدفاع أو الداخلية، أو اقتصار بعض الوزارات على أبناء طائفة دون غيرها، ثالثا المساواة أمام القانون، إذ إن العلاقات القبلية أو المصالح الاقتصادية أو الامتيازات المعنوية تجعل البعض لا يكترث كلية بأي قانون، سواء بتجاوزهم أنظمة السير أو الاستيلاء على الأراضي ومصادرتها من المواطنين، رابعا السماح لجميع المواطنين بممارسة حقوقهم الأساسية والاقتصادية والاجتماعية، إذ إن بعض الدول لا يحق فيها لغير المواطنين الأصليين الدخول في المؤسسة البرلمانية أو البلدية». وعن مرتكز الموقف من المرأة رأى النعيمي ان «التمييز ضد المرأة تصاعد بعد تزايد تأثير الموجة السلفية، التي ترى أن المرأة مكانها البيت، ولا حاجة إلى تعليمها أو مشاركتها في النشاط الاقتصادي، ناهيك عن النشاط السياسي، ومن الملاحظ أن بعض القيادات السياسية الحاكمة تسعى جاهدة إلى تمكين المرأة من احتلال مواقع سياسية، ولعل قطر تقدم نموذجا متقدما في ذلك»، وأكد النعيمي ضرورة إقامة الجمعيات والاتحادات النسائية على أسس حديثة و«ليس كواجهات للقوى السياسية وخصوصاً المتزمتة التي تريد عرقلة نشاط المرأة، بتشكيل هذه المؤسسات للتحكم فيها، إضافة إلى ضرورة العمل من أجل سن قانون موحد للأحوال الشخصية، رافضين في الوقت ذاته الصورة المبتذلة المادية للمرأة التي تعتبرها سلعة إعلامية وبضاعة جنسية يمكن المتاجرة بها».

وعن مرتكز حرية التنظيم في عملية الإصلاح، أثار النعيمي مسألة قانون الجمعيات الذي وافقت عليه الحكومة البحرينية أخيراً، معتبرا أن «القوى المحافظة التي يلجأ إليها الحكم ترفض مناصرة هذا المطلب، ولعل ما نشاهده في المسرح السياسي حاليا، إذ أسرعت الحكومة في الموافقة على تقديم قانون الجمعيات السياسية، تاركة عشرات المقترحات والقوانين التي يجب مناقشتها وإعادة النظر فيها، ولا تزال دول الخليج ترفض السماح للحياة الحزبية والتعددية السياسية، ولا تسمح في غالبيتها بإقامة النقابات أو الاتحادات المهنية والعمالية، أو النسائية».

وفي المرتكز الأخير للإصلاح من وجهة نظره وهو حرية التعبير والصحافة، أوضح النعيمي أن «هناك تفاوتات في الهامش المتاح للصحافة في دول الخليج، والموضوعات المتاحة للنقاش، والدول المسموح بتوجيه الانتقاد إليها، عن دول مجلس التعاون وضعت في الثمانينات من القرن الماضي ميثاق شرف إعلامي بينها، يهدف إلى حمايتها من الانتقادات الموجهة إليها من قبل الصحافة العربية والأجنبية، وأيضا من قبل الصحافة المحلية، إن مثل هذا الميثاق خارج العصر، ويجب إعادة النظر فيه، كما يجب إعادة النظر في موضوع الرقابة على الكتب والمطبوعات».

وطرح الكاتب الكويتي احمد الديين ورقة بعنوان: الإصلاح الديمقراطي في الكويت، أشار فيها إلى عدة عقبات وعوامل تعيق الإصلاح الديمقراطي في الكويت وهي: سطوة الدولة الريعية التي هي رب العمل الأكبر للغالبية العظمى من الموظفين، والمنفق الأعظم على الخدمات والمشروعات، إضافة إلى تخلي قوى نافذة في الدولة عن مشروع بناء الدولة الحديثة، ونفوذ قوى حلف الفساد والتخلف، والتخلف الثقافي وتأثيرات البنى التقليدية الطائفية والقبلية والعائلية، وقيم المجتمع الاستهلاكي، وضعف مؤسسات المجتمع المدني وخضوعها للوصاية الحكومية، إضافة إلى القيود المفروضة عليها». وأوضح الديين أن هناك إمكانات داعمة للإصلاح لخصها في «وجود دستور 1962م، الذي ينص على أن نظام الحكم ديمقراطي، ووجود النقابات العمالية وجمعيات النفع العام والأندية، والتجمعات السياسية المعلنة وإن لم تكن مشهرة قانونا، والهامش الواسع نسبيا للتعبير على مستوى الصحافة الكويتية، والتراث والتقاليد الديمقراطية المتصلة بالمطالبة بالديمقراطية والدفاع عن الدستور».

واقترح الديين «تشكيل منتدى الكويت للإصلاح الديمقراطي، ويكون هذا المنتدى مفتوحا أمام الشخصيات الناشطة في ميدان العمل العام».

وتلا الديين الإصلاحي السعودي سعيد احمد، الذي تحدث عن تأثير الفلسطينيين على نشاط الحركة العمالية في السعودية، مشيرا إلى أن الإصلاحيين بدأوا بالتجمع ترافقا مع الوضع الخارجي الضاغط، منوها إلى عدة عرائض مطالبة بالإصلاح تم رفعها.

ورد كل من الناشط السياسي عبدالوهاب حسين، ونائب رئيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامية حسن مشيمع، ونائب رئيس جمعية العمل الوطني صلاح الخواجة على رأي عبدالخالق عبدالله، بشأن التجربة البحرينية مشيرين إلى عدة سلبيات مثل ملف التجنيس السياسي، واعتقال نشطاء عريضة التحالف الرباعي الدستورية، واعتبر بعضهم أن البطء في عملية الإصلاح هو أمر خطير.


الإصلاح في فلسطين

قال عضو اللجنة المركزية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أبوأحمد فؤاد: «إن هناك فوضى سياسية في الساحة الفلسطينية، إذ ينفرد أشخاص بتوقيع اتفاقات غير معتمدة من الشعب الفلسطيني، وآخرها كانت اتفاق جنيف، التي ألغت حق العودة بالنسبة للاجئين الفلسطينيين». وأشار فؤاد إلى وجود ثلاثة تيارات سياسية في فلسطين هي «فتح، والإسلاميون، والتيار اليساري، وهذه التيارات مختلفة ولم تتمكن من إيجاد برنامج مشترك متفق عليه بينها»، وأوضح فؤاد أن المخرج من الفوضى هو «وجود مؤسسات» مشيرا إلى وجود متنفذين داخل السلطة الفلسطينية يعارضون الإصلاح داخل فلسطين، مؤكدا أن «المجلس التشريعي الفلسطيني أعد ملفا عن الفساد وبالأسماء، ولكن لم تتم محاسبة أحد»، وشدد عضو اللجنة المركزية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، على رفض الإصلاح المطروح أميركيا وإسرائيليا

العدد 735 - الخميس 09 سبتمبر 2004م الموافق 24 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً