العدد 754 - الثلثاء 28 سبتمبر 2004م الموافق 13 شعبان 1425هـ

خطط كيري في العراق تقلق يهود أميركا

ينظر الكثير من زعماء المنظمات اليهودية الأميركية ديمقراطيين وجمهوريين، بقلق إلى خطط المرشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية جون كيري التي تدعو في حال فوزه إلى إشراك الدول الأوروبية ودول أخرى مهمة في العراق، إذ يعتقد زعماء اليهود الأميركيين أن ثمن ذلك من شأنه أن يكون ممارسة ضغط أميركي على «إسرائيل» لتنفيذ خطط دولية لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي.

ويرى مراقبون أن القلق تجاه خطط كيري جاءت في الوقت الذي لم توجه أي من المنظمات اليهودية الأميركية انتقادات إلى الرئيس جورج بوش على خطابه الذي ألقاه أمام الجمعية العامة في 21 من الشهر الجاري وتضمن انتقادا لـ «إسرائيل» بسبب معاملتها للفلسطينيين. وقال بوش في خطابه إنه «ينبغي على إسرائيل أن تفرض تجميدا للاستيطان وتفكيك المواقع الاستيطانية الأمامية غير المصرح ببنائها وإنهاء الإذلال اليومي للشعب الفلسطيني وتجنب أية أعمال تعرض للخطر المفاوضات النهائية». في إشارة إلى جدار الفصل الذي تبنيه سلطات الاحتلال على أراضي الضفة الغربية المحتلة.

وكان كيري قال في خطاب أمام جامعة نيويورك الأسبوع الماضي «يجب علينا أن نجعل العراق مسئولية العالم لأن للعالم نصيباً في النتيجة وعلى الآخرين أن يتحملوا العبء، وإنني مقتنع أنه بالقيادة الصحيحة نستطيع أن نوجد بداية جديدة مبديا قائمة من الاقتراحات بالسبل التي يستطيع بها الأوروبيون مساعدة أميركا مثل تقديم مدربين لقوات الأمن العراقية».

وقال مدير الشئون الدولية في المؤتمر اليهودي الأميركي ديفيد تويرسكي إن تورط الدول الأوروبية المتزايد سيأتي على حساب تنازلات بشأن السياسة الأميركية تجاه «إسرائيل»، وأضاف أنه في الشئون الدولية عليك أن تقدم شيئا مقابل حصولك على شيء، فما الذي يعرضه جون كيري؟» وأجاب تويرسكي على ذلك بالقول إن «المكان الوحيد الذي يوجد فيه لدى الأميركيين شيء ما يقدمونه هو فلسطين، ولا أعتقد أن كيري مناهض لإسرائيل ولكن حزبه يتخذ موقفا فاترا تجاه «إسرائيل» وسيكون هناك صراع في إدارة كيري في حال فوزه عن السياسة الخارجية عموما وعن «إسرائيل» بشكل خاص».

وقال المدير التنفيذي للجنة الأميركية اليهودية ديفيد هارس إنه في الوقت الذي ربما يكون فيه بعض الأوروبيين راغبين في قبول خطة كيري بشأن العراق لكي يثبتوا بأنهم إنما كانوا ضد بوش فقط، إلا أن آخرين سيرفضون الخطة بشكل مباشر مقسمين أنهم «لن يقتربوا من العراق حتى في نطاق 100 ياردة». وأضاف هاريس «إنني أعتقد أنه إذا فاز كيري فإن الأوروبيين سيقدمون مبادرات جوهرية لفريق كيري الجديد. وسيبحث الأوروبيون أيضا عما هو جديد وما هو غير ذلك. وإن أحد المجالات التي سيستقصونها هو الصراع العربي-الإسرائيلي».

وجاءت مشاعر القلق اليهودية في الوقت الذي تتودد فيه حملتا بوش وكيري الانتخابية إلى اليهود الأميركيين للحصول على أصواتهم في الانتخابات الرئاسية التي ستجري في 2 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. وعلى رغم أن اليهود يشكلون أربعة بالمئة من الناخبين الأميركيين، فإنهم في العادة يذهبون إلى صناديق الاقتراع بأعداد كبيرة. وما هو أكثر من ذلك هو أن اليهود متركزون في ولايات رئيسية تعتبر ميدان معركة، والأكثر أهمية فلوريدا، أوهايو وبنسلفانيا. ويقول رئيس تحالف الامتداد اليهودي لبوش - تشيني في فلوريدا آدم هاسنر «إننا نستطيع أن نوجد تغيرا مهما في الانتخابات. وها نحن نجعل من الحزب الديمقراطي يدافع عن الأصوات التي كان يأخذها تاريخيا كأمر مفروغ منه».

ومن جانبها سارعت حملة كيري إلى رفض أي تكهن بأنها ستضحي بـ «إسرائيل» على مذبح العراق وقال ميل ليفين، الذي يترأس لجنة العمل الخاصة بالشرق الأوسط في حملة كيري «إن هذا أمر سخيف، فقد أوضح كيري ذلك تماما في حياته وحملته، إنه لا يريد الضغط على «إسرائيل» من أجل تقديم أية تنازلات تعرضها للخطر» وأضاف أنه أمر غريب القول إن العمل مع المجتمع الدولي بطريقة تعزز أمن «إسرائيل» سيكون أمرا سيئا» وأعطى مثالا على ذلك الحاجة إلى وقف تطوير إيران برنامجها النووي، وهو هدف قال إن الولايات المتحدة لا تستطيع تحقيقه بمفردها.

وفي السياق ذاته يسارع الديمقراطيون في حملتهم للوصول إلى اليهود الأميركيين إلى إرسال رسائل أسبوعية بالبريد الإلكتروني إلى 10 آلاف مؤيد يهودي. وتعقد مؤتمرات منتظمة بالهاتف مع زعماء الطائفة. وكتب كيري مقالات افتتاحية بتوقيعه في وسائل الإعلام اليهودية مثل صحيفة «فوروورد». والوكلاء بمن فيهم السناتور جو ليبرمان وشقيق كيري، كاميرون الذي اعتنق اليهودية يجوبون البلاد للتحدث في معابد اليهود ومراكز الاستجمام. إذ يقومون بإعطاء ضمانات شخصية لسجل كيري في تأييد «إسرائيل» والتي يتفق المتحمسون في الجانبين بأنه قوي - ويؤكد مواقفه بشأن قضايا ربطت اليهود تقليديا مع الحزب الديمقراطي: تأييد حقوق الإجهاض، والعدل الاجتماعي والفصل بين الدين والدولة، من بين قضايا أخرى.

وتخوض حملتا بوش وكيري معارك بشأن جزء صغير من الناخبين يمكن أن يثبتوا أنهم حاسمون في ولايات يكون فيها التنافس متقاربا جدا. ويقول جاك روزين، رئيس المؤتمر اليهودي الأميركي «أعتقد أن الرئيس بوش يتمتع بقدر من التأييد من الطائفة اليهودية أكبر بكثير مما أشارت إليه عمليات استطلاع الرأي الأخيرة هذه». وكثير من اليهود «يثقون بهذا الرئيس بشأن سياساته تجاه الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني». ثم هناك ما يدعوه ستيفن ويندميولر من كلية الاتحاد العبري في لوس أنجلوس «جيوب التغيير» في الطائفة اليهودية الأميركية: زيادة في الأسر الشابة الأرثوذوكسية والتي تعتبر أكثر انفتاحا على الحزب الجمهوري، وتدفق المهاجرين اليهود المحافظين ومجموعة كبيرة الحجم نوعا ما من المستقلين الذين قد يتنقلون في مواقفهم استنادا إلى الاهتمامات الأمنية.

ويرى مراقبون أنه طالما أن المرشح الديمقراطي سينجح في الاختبار الحاسم المتعلق بتأييد «إسرائيل»، فإن الناخبين اليهود يستطيعون عندها التمحور عن مجموعة من القضايا الأخرى التي تهمهم، مثل مرشحي المحكمة العليا وأبحاث الخلايا الجسدية. وبشأن هذه الأمور فإن رئيس الاتحاد اليهودي لميامي الكبرى في ولاية فلوريدا مايكل آدلر، يقول إنه «لدى الديمقراطيين بكل تأكيد قدرا هائلا من التأييد في الطائفة اليهودية، إنها واحدة من الطوائف التي لاتزال لا تنفر من وصفها بأنها ليبرالية». وعلى الرغم من دعم بوش لـ «إسرائيل» - كما يقول كينيث والد من جامعة فلوريدا، فإن الكثير من اليهود يخفون مشاعر عدم الارتياح بشأن السياسة الخارجية للحكومة: فك ارتباطها من عملية التسوية في المنطقة، وزيادتها للتوترات الإقليمية بشن حرب ضد العراق. ويجادل والد بأنه علاوة على ذلك فإن الكثير من اليهود غير مرتاحين لمعانقة بوش لليمين المسيحي الذي يعتبر تضامنه مع قضية «إسرائيل» يبدو وكأنه مناورة تنطوي على الشك والمصلحة الذاتية

العدد 754 - الثلثاء 28 سبتمبر 2004م الموافق 13 شعبان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً