استؤنفت الاجتماعات بين وزارة العمل والشئون الاجتماعية وبين الجمعيات الأربع المقاطعة (التجمع القومي، العمل الإسلامي، العمل الديمقراطي، الوفاق الإسلامية) في 11 سبتمبر/ أيلول الجاري، واتفق الجانبان على أن يتسلم وزير العمل والشئون الاجتماعية مجيد العلوي، مرئيات التحالف الرباعي في التعديلات الدستورية لرفعها إلى جلالة الملك والحكومة، لتلقي الرد عليها في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، بعد دراستها.
أقر الجانبان في الاجتماع وثيقة العمل المشتركة بينهما والتي تضمنت أسس ومبادئ الحوار.
وعدا عن الجدل بشأن تسمية ما يجري بأنه «جلسات حوار» أو «جلسات استماع»، فإن الجدل يبدو أشد بشأن النتيجة المتوخاة من الاجتماعات الدورية التي انطلقت في يونيو/ حزيران الماضي، في ضوء المواقف المعلنة للطرفين.
فمن ناحية، تتمسك الحكومة بدستور 2002 وتصر على أن أية تعديلات دستورية لابد أن تمر عبر المجلس المنتخب، بينما يطالب المعارضون بصيغة تتيح للناس إبداء رأيهم في الدستور. بيد أن الخلاف الأهم يتركز على مضمون التعديلات، إذ ترفض المعارضة إعطاء مجلس الشورى المعين سلطات تشريعية، وهو أمر يستبعد متابعون أن توافق الحكومة على قبوله.
من جهتها، تبدو الأطراف الشعبية منقسمة، فبينما تصر الجمعيات المقاطعة على أن تجري حوارا منفردا مع وزارة العمل، كونها «تبنت القضية الدستورية»، ترى أطراف معارضة أخرى - من بينها جمعيتا «المنبر التقدمي» و«الوسط العربي» - أن الحوار بشأن الدستور يجب أن يشارك فيه الجميع، وخصوصاً أن هناك منزلة وسطى بين الموافقة المطلقة والمعارضة المطلقة، وهي منزلة «التحفظ» على عدد من مواد الدستور.
وفي 11 سبتمبر الجاري، طرحت «الوسط» استطلاعاً عن طريق الرسائل القصيرة (SMS) عن أي الصيغتين للاجتماعات ترى أنها أكثر نفعاً أجدى، الاجتماع بالجمعيات المقاطعة فقط، أم الاجتماع بكل أطياف المعارضة؟
67,5 في المئة من الذين شاركوا في الاستطلاع قالوا أنه من الأفضل الاقتصار على التحالف الرباعي، بينما اختار 32,45 في المئة من المشاركين الحوار مع كل أطياف المعارضة. ونؤكد مجدداً أن هذا الاستطلاع يغطي فقط آراء من اشتركوا عبر الرسائل القصيرة، وليس شرطاً أنه يمثل الشريحة اللازمة لعمل أي استطلاع علمي من هذا النوع.
اقتصار الحوار
طه حسين علي (مضيف جوي) مع الرأي الداعي إلى اقتصار الحوار الوطني على الجمعيات المقاطعة فقط، ويقول: «هذه الجمعيات هي التي تولت التحرك في هذا الموضوع، فالجمعيات التي شاركت في الانتخابات النيابية من المفترض عدم إشراكها في الحوار الوطني، لأن مشاركتها في الانتخابات تعبر عن قبولها بالدستور، وبالتالي ليس لها أي وجه حق في القول بتعديله».
ويشجع الموظف الحكومي عبدالغني المسباح على أن يكون الحوار الوطني مع الجمعيات المقاطعة فقط، ويقول: «الجمعيات المقاطعة هي وحدها المعنية بالأمر، وهي التي عاشت المعاناة، وهي وحدها التي تعلم بالاحتياجات الحقيقية في المجتمع، فمن الضروري التعرف على رأيها (الجمعيات المقاطعة) من أجل المضي قدماً في تطوير البلد».
ويؤيد المهندس الكهربائي محمد علي الجفيري أن يكون الحوار الوطني مع الجمعيات المقاطعة، معللاً ذلك «لوجود اتفاق في وجهات النظر بين هذه الجمعيات وبين الحكومة».
ويقول حسن علي عمران (موظف في القطاع الخاص): «عند الحديث عن الجهات التي يجب أن تكون أطرافاً في الحوار الوطني، فإن الأمر يجب أن يقتصر على الجمعيات المقاطعة فقط، باعتبارها الأساس لهذا الحوار، كما أن لهذه الجمعيات ثقلها الكبير في المجتمع البحريني».
ويتابع «هناك بعض الجمعيات التي ليس لها ثقل في المجتمع البحريني، فإذا أتيحت لها فرصة المشاركة في الحوار الوطني فإن ذلك يعد ظلماً للجمعيات المقاطعة».
الثقل الأكبر
ويتفق معه الموظف في وزارة الكهرباء والماء يوسف منصور عبدالله، على ضرورة اقتصار الحوار الوطني على الجمعيات المقاطعة «لامتلاكها الثقل الأكبر من الشعب البحريني، كما أن رأي هذه الجمعيات هو الرأي السديد والصائب، وهي التي تتكفل بالدفاع عن حقوق الشعب ومكتسباته».
وتمنى عبدالله أن «تأخذ الجهات المعنية بالحوار الوطني النتائج التي يخرج بها هذا الاستطلاع الذي أجرته «الوسط»».
الموظف الحكومي عباس عبدالنبي عباس، يؤكد وجوب اقتصار الحوار الوطني على الجمعيات المقاطعة، ويعلل ذلك بالقول «هذه الجمعيات أكثر معرفة بالسياسة الحكومية، كما انها الجهة القائمة على الدفاع عن حقوق الشعب، فمن الضروري أن يكون الحوار الوطني مقتصراً عليها».
ويقول موظف الأمن بوزارة التربية والتعليم علي صالح علي خاتم: «المتتبع للوضع العام في البحرين يلحظ وجود عدد من الجمعيات السياسية في الساحة ليس لها أي تحرك أو تفاعل مع الشارع البحريني، ويكون وجودها مجرد بهرجة إعلامية لا فائدة منها، بعكس الجمعيات المقاطعة المتفاعلة مع الشارع».
أما جلال محمد أحمد (موظف في القطاع الخاص) فيقول: «الأزمة الموجودة في البحرين حالياً هي مع الجمعيات المقاطعة، وهي التي تحمل القضية الأساسية المتعلقة بالمسألة الدستورية، الأطراف الأخرى تحمل أفكاراً بعيدة عن القضية الأساسية، فمشاركتها في الحوار الوطني ستجرفه إلى الهوامش».
رأي مشجع
ويشجع أحمد على الحوار مع المقاطعين، ويقول: «أعتقد أن الجمعيات المقاطعة هي المعنية بالحوار الوطني، وأتمنى من الجهات الأخرى أن تشجع على ذلك، فليس من مصلحة أحد أن يفشل الحوار الوطني».
ويؤكد فاضل عباس (موظف في «بتلكو») أن يكون الحوار الوطني مع الجمعيات المقاطعة فقط، ويوضح «الجمعيات المشاركة في الانتخابات النيابية مسلمة بالدستور الحالي، وبالتالي يجب عدم إشراكها في الحوار الوطني».
محمد ميرزا خميس (موظف أمن): «الحوار الوطني يجب أن يكون مع الجمعيات المقاطعة، لأن هذه الجمعيات هي التي تتحرك منذ البداية، كما أنها الأكثر صدقية مع الشعب ومطالبه».
ويقول أحمد يوسف (فني كهرباء): «الجمعيات المقاطعة هي البارزة، وهي المتابعة لأمور الناس، بعكس الجمعيات الأخرى التي ليس لها صوت».
مشاركة الجميع مهمة
وعلى الطرف الآخر يرى عدد من المشاركين في الاستطلاع ضرورة إشراك جميع أطياف المعارضة في الحوار الوطني.
يقول زكريا إبراهيم كاظم (أعمال حرة): «مشاركة جميع أطياف المعارضة في الحوار الوطني تكون أنضج له من خلال وجود الضد أو الرأي الآخر، وبالتالي تكون الأمور أوضح».
ويتابع كاظم قائلاً: «البحرين بلد صغير، وهي بحاجة إلى حوار المعارضة مع المعارضة، وليس حوار المعارضة مع الحكومة فقط، لأن ذلك له فائدة كبيرة للتجربة عموماً».
أما المهندس طارق أحمد جاد فيقول: «من المنطقي أن أي حوار يجب أن يكون نابعاً من جميع الأطياف التي لها علاقة بالموضوع، إذ إن لكل واحد وجهة نظر خاصة به وهو أمر صحي، يثري العملية السياسية».
الكثير من المشكلات
ويقول المعلم في وزارة التربية والتعليم فتاح حسن: «في حال عدم مشاركة جميع الأطياف ستنتج الكثير من المشكلات، فمشاركة آراء جميع الأطياف في الحوار الوطني لن تبقي من معترض على ما تتوصل إليه الأطراف المشاركة في الحوار».
ومن جانبه يقول أبوجاسم: «يجب أن يشارك الجميع في الحوار الوطني، لأنهم جميعاً يحملون الهم الدستوري، وإذا شارك الجميع فإن ذلك يعزز موقف التحالف الرباعي في الحوار ولا يؤثر عليه».
وكذلك يقول حسن علي أحمد (موظف حكومي): «مشاركة جميع أطياف المعارضة في الحوار الوطني، يعطي فرصة لمجموعة أكبر من الشعب لإبداء آرائهم، ما يسهم في إثراء الحوار».
«جميع الأطياف بحاجة إلى الحوار الوطني» هذا ما يؤكده عمار محمد حسن (موظف في شركة خاصة)، ويتابع «المشاركون في الانتخابات النيابية كان لديهم أمل بالتغيير من داخل البرلمان، ولكنهم تفاجأوا بصعوبة التغيير من الداخل، وبالتالي يكون الحوار الوطني مهم لهم للسعي في التعديل».
غياب القضية الأساسية
ويردف حسن «المشاركون في الحوار الوطني يختلفون على أشياء بسيطة، كتحديد موعد الاجتماع مع وزير العمل مجيد العلوي، وتكون القضية الأساسية غائبة».
ويقول عامر عبدالنبي خلف (فني حاسب آلي): «من المفترض أن يشارك الجميع في الحوار الوطني من دون استثناء، إذ إن فصل مجموعة يسبب نقص في الفهم، وقد تخرج إحدى الجهات التي لم تشارك في الحوار الوطني بآراء أخرى، فإذا شارك الجميع يكون ذلك قوة للحوار الوطني ولا يضعفه».
ويقول الموظف في وزارة الكهرباء والماء باسم أحمد علي: «من المهم أن يكون المشارك في الحوار الوطني ملماً بالوضع العام في البلد، وهو ما ينطبق على الجمعيات المقاطعة لأنها واضحة كما أن رؤيتها لمجمل الحوادث وموقفها واضح فيما يخص المسألة الدستورية، كما أن هذه الجمعيات تقف في صف الشعب وتدافع عن حقوقه. الجمعيات الأخرى غير مقتنعة بالإصلاح الدستوري ولكنها شاركت في الانتخابات البرلمانية».
الحراك السياسي
الطالب الجامعي رضا محمد تقي البدر مع الرأي الداعي لإشراك جميع أطياف المعارضة في الحوار الوطني، ويقول: «هناك عدد من الشخصيات السياسية التي لها مكانتها في الحراك السياسي في البلد، لم تنضوِ تحت مظلة الجمعيات، يمكن أن تشارك في الحوار وتساهم في إيجاد حل للمسألة الدستورية، بما يخدم المصلحة العامة للشعب».
ومن جانبه يقول زكريا عبدالحميد المعلم (موظف حكومي): «الحوار الوطني يجب ألا يقتصر على الجمعيات المقاطعة فقط، بل يجب أن يشمل كل أطياف المعارضة من أجل تعدد الآراء وهو ما يثري الحوار الوطني».
ويعلق محمد حسن إبراهيم (سائق في الهيئة العامة لصندوق التقاعد): «الحوار الوطني يجب أن يشمل الجهات كافة، فلا يجب أن يقتصر فقط على الجمعيات المقاطعة، بل يجب أن يتضمن كذلك جميع أطياف المعارضة، لأن ذلك يسهم في تعدد الآراء، ويمنع احتكارها على جهة معينة».
ويقول أبوسلطان: «يجب أن تشارك جميع أطياف المعارضة في الحوار الوطني، فالجمعيات المقاطعة تتبني آراء معينة، كما أن الجمعيات الأخرى لها رؤيتها وأفكارها التي قد تفيد الحوار الوطني، فيجب أن يعم الحوار الوطني بشكل أوسع».
لب الحديث كان يدور حول نقطة ان الجمعيات المقاطعة هي الأقدر على إدارة الحوار، ولكن ذلك ليس بالضرورة رأي جميع أطياف المجتمع البحريني
العدد 756 - الخميس 30 سبتمبر 2004م الموافق 15 شعبان 1425هـ