العدد 763 - الخميس 07 أكتوبر 2004م الموافق 22 شعبان 1425هـ

تقرير دولفريفند تبريرات غزو العراق

وسط التدهور الأمني والاجتماعي وأجواء الفوضى التي تسيطر في العراق، مازال محل سجال الأميركيين في ظل السباق الرئاسي إلى البيت الأبيض هو ملف الحرب على هذا البلد والذرائع التي بررت الغزو في وقت أكد تقرير لرئيس فريق مفتشي الاسلحة الأميركي في العراق تشارلز دويلفر، ان بغداد لم يكن لديها مخزونات من الأسلحة البيولوجية والكيماوية للاستخدام العسكري قبل الغزو في العام الماضي وان برنامجها النووي أهمل منذ حرب تحرير الكويت في 1991، وان القدرات العسكرية للرئيس العراقي السابق صدام حسين ضعفت كثيراً نتيجة العقوبات الدولية التي فرضت على بلاده عقب حرب الخليج الأولى. الأمر الذي رد عليه الرئيس جورج بوش بتجديد القول ان صدام كان يمثل خطراً لأنه كان بإمكانه تزويد الارهابيين بأسلحة دمار شامل وبمعلومات من أجل تصنيع مثل هذه الأسلحة.

وقد لاحظت افتتاحيات الصحف الأميركية ان التقرير الجديد قوض الحجة الرئيسية التي استند إليها بوش لتبرير الغزو الذي أودى حتى الآن بأكثر من ألف جندي أميركي، في وقت لايزال بوش ونائبه ديك تشيني يبرران قرار الحرب بحجة انه بعد 11 سبتمبر/ أيلول فإن العراق كان المكان الأنسب ليحصل الإرهابيون فيه على أسلحة محظورة. وأكد المعلقون الأميركيون ان التقرير الجديد يعطي دفعاً لحملة المرشح الديمقراطي جون كيري. ولم تجد «واشنطن بوست»، عذراً لإدارة بوش في مسألة الحرب مع الإقرار بأن مختلف الذرائع قد سقطت أو تسقط الواحدة تلو الأخرى، سوى القول انه «لم يكن بالإمكان معرفة قدرات صدام لو ان بوش لم يختر الحرب!»... وعلق توماس فريدمان في «نيويورك تايمز» على تطورات الحرب الأميركية على الارهاب، إذ حاول أن يتجاوز أوضاع العراق بما فيها الفشل الأميركي في هذا البلد، واعتبر ان الأزمة الحقيقية، بالإضافة إلى تجاهل الصراع العربي - الإسرائيلي، تكمن في عدم استغناء أميركا عن مصالحها النفطية وبالتالي فإن سياسة الطاقة لدى إدارة بوش تدعم أسوأ الأنظمة النفطية العربية.

وكتبت «واشنطن بوست» افتتاحية تحت عنوان «الأسلحة التي لم تكن هناك» علقت خلالها على تقرير دويلفر بشأن برامج التسلح العراقية. ولاحظت ان التقرير أكد من دون أدنى شك ما اعتقده عدد كبير من الناس بأن العراق لم يكن يملك أسلحة دمار شامل وان كل برامجه لإنتاج تلك الأسلحة كانت «نائمة» عند شن الولايات المتحدة الحرب عليه. وأضافت ان التقرير دحض كل تقديرات وكالة «سي. آي. إي» وغالبية أجهزة الاستخبارات الغربية بأن صدام كان يملك مخزوناً كبيراً من الأسلحة الخطرة. ورجحت الصحيفة الأميركية أن يؤجج التقرير الجدل الدائر بين بوش ومنافسه كيري. غير انها رأت من جهتها انه لم يكن بالإمكان معرفة قدرات صدام حسين لو ان بوش رفض شن عمل عسكري على العراق واحتلاله. وأوضحت انه استناداً إلى تقرير دويلفر فإن صدام كان يبذل جهوداً من أجل رفع العقوبات الدولية وانه لو نجح في ذلك لكان استأنف إنتاج الأسلحة الكيماوية وربما الأسلحة النووية أيضاً.

وأضافت ان هناك احتمالاً آخر كان يمكن أن يحصل بأن يستعيد العراق مكانته كقوة بارزة في الشرق الأوسط ويتحول إلى حليف حقيقي لقوى التطرف الإسلامي التي تخوض حرباً ضد الولايات المتحدة. وعلقت «نيويورك تايمز» في افتتاحيتها على تقرير كبير مفتشي الأسلحة الأميركيين تشارلز دويلفر بشأن برامج التسلح. وأشارت إلى ان مسئولي الإدارة الأميركية حاولوا جاهدين رد الاتهامات التي تفيد بأنهم اجتاحوا العراق استناداً إلى حجج واهية وتبريرات خاطئة، وحثوا الأميركيين على انتظار تقرير دويلفر ليعرفوا الحقيقة. غير ان «نيويورك تايمز» تلاحظ انه بنشر التقرير المنتظر أصبحت تبريرات الحرب بالية أكثر من أي وقت مضى. واستغربت الصحيفة الأميركية كيف انه في الوقت الذي بدا من المعلوم ان العراق لم يشكل أي تهديد على أي أحد حتى الولايات المتحدة، لايزال الرئيس بوش ونائبه ديك تشيني يبرران قرار الحرب، غير انها ردت على زعم حصول الارهابيين على السلاح من العراق ساخرة بأنه حتى لو كانت لدى صدام الرغبة في تسليح الارهابيين فإنه لم يكن لديه أي شيء ليقدمه لهم.

ورجحت «نيويورك تايمز» أن يستغل مسئولو الإدارة بعض ما جاء في التقرير بأن العراق حصل على المال والخبرات اللازمة لإنتاج أسلحة محظورة وانه كان ينتظر رفع العقوبات ليستأنف برامجه. غير ان الصحيفة الأميركية لاحظت في المقابل انه ما من شيء في تقرير دويلفر يوفر للرئيس بوش تبريراً لخطوته الاستباقية ضد العراق لأن برامج الأسلحة لم تكن موجودة آنذاك. وختمت بالقول انه مع استمرار الحرب على العراق يبدو ان العقوبات الدولية كانت أفضل وأكثر فعالية. ورأى غلن كيسلر في «واشنطن بوست» ان تقرير دويلفر، قد قوض تبريرات الحرب أكثر من أي وقت مضى. ولفت إلى ان التقرير هو جزء من سلسلة الضربات التي تلقتها استراتيجية البيت الأبيض التي تفيد بأن الحرب تكللت بالنجاح...

من جهته، كتب توماس فريدمان في «نيويورك تايمز» مقالة بشأن السياسة الخارجية الأميركية تجاه العالم العربي، لاحظ خلالها ان الولايات المتحدة لا تملك استراتيجية واضحة للتعامل مع العالم العربي مركزاً على دور النفط في هذا المجال. ولفت فريدمان إلى ان الرئيس بوش يؤكد ان الأميركيين يخوضون حرباً شاملة على الإرهاب. غير انه أوضح ان جذور الإرهاب موجودة في العالم العربي - الإسلامي. مستنتجاً انه لا يمكن أن تكون هناك حرب على الإرهاب من دون أن تشمل مساعدة المنطقة على سلوك مسار واعد لشبابها الذي يعاني غالبيته من البطالة لأن أنظمته التي تعتمد على النفط تقاوم التغيير وزعماءه الروحيين محصنون ضد التطور. وأضاف ان بناء عراق ديمقراطي ضروري للمساعدة على التخفيف من ظاهرة التطرف في العالم العربي غير انه رأى ان ذلك ليس كافياً. لافتاً إلى ان الأميركيين يحتاجون إلى مقاربة شاملة وخصوصاً في حال فشلوا في العراق. ولاحظ ان فريق بوش ليست لديه مثل هذه المقاربة. فقد أهمل المسألة العربية الإسرائيلية وأخفق في العثور على وسيلة للتواصل مع العالم العربي. كما تبنى سياسة طاقة تدعم أسوأ الأنظمة النفطية العربية. ونقل في هذا السياق عن أحد المستشارين الأميركيين في مجال الطاقة ان سياسة الولايات المتحدة في هذا المجال تخدم الإرهاب وليس الحرب على الإرهاب. واستنتج فريدمان، انه يجب على الأميركيين أن يخفضوا استهلاكهم للنفط ويعيدوا سعر البرميل إلى أقل من 20 دولاراً. مشدداً على انه ما من شيء آخر قادر على تحفيز الإصلاح في العالم العربي - الإسلامي. وأوضح ان الأنظمة التي لا تملك نفطاً تجد نفسها مجبرة على الإصلاح وخلق فرص عمل لمواطنيها. وختم بأن النفط يقف في وجه التغيير والإصلاح في العالم العربي - الإسلامي مشدداً على ان الحل في يد الولايات المتحدة وحدها عبر خفض اعتمادها على نفط الدول العربية

العدد 763 - الخميس 07 أكتوبر 2004م الموافق 22 شعبان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً