العدد 769 - الأربعاء 13 أكتوبر 2004م الموافق 28 شعبان 1425هـ

برلين تعتزم تغيير سياستها تجاه العراق

هل برلين على وشك تغيير سياستها تجاه العراق والعودة عن موقفها بعدم إرسال جنود ألمان إلى العراق وخصوصاً أن المستشار الألماني غيرهارد شرودر فاز بالانتخابات التشريعية العامة في سبتمبر/ أيلول الماضي لأنه أحس بمعارضة الشارع الألماني للحرب وتحدى الرئيس الأميركي جورج بوش ورفض المشاركة في الحرب؟ في الغضون انتهت القطيعة بين بوش وشرودر وأصبح الأخير يتحدث عن واقع جديد. في كلمته في افتتاح معرض فرانكفورت الدولي للكتاب في الخامس من الشهر الجاري الذي حضره الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، قال شرودر «ينبغي علينا الأخذ بالمعطيات التي فرضها الواقع الجديد فلا أحد لديه مصلحة باستمرار أعمال العنف في العراق ويجب تحمل المسئوليات تجاه هذا البلد ومساعدته لاستعادة سيادته وأمنه». وأضاف إن الأمر لم يعد يتعلق على من تقع اللائمة في هذه الحرب وإنما كيف يمكن مساعدة العراق في محنته وعودته إلى الحظيرة الدولية. وأشار شرودر إلى أن ألمانيا مهتمة بمساعدة العراق وأنها تعمل بالتعاون مع الإمارات في تدريب فرق تابعة للشرطة العراقية والقوات المسلحة العراقية على الأرض الإماراتية. كما دعا شرودر الدول العربية إلى استغلال علاقاتها مع العراق والمشاركة في عملية إعادة تعميره. وقبل يوم فقط على صدور هذه التصريحات تردد في برلين أن الحكومة الألمانية وضد انتقادات من داخل معسكر الائتلاف الحاكم، مصممة على تزويد العراق بعشرين مصفحة سريعة الحركة من طراز «فوخس» كما ستضع شاحنات عسكرية استخدمها الجيش الألماني تحت تصرف العسكريين العراقيين داخل قاعدة التدريب في رأس العين في أبوظبي. وكانت المتحدثة السابقة باسم حزب الخضر أنجليكا بير انتقدت قرار تزويد العراق حاليا بدبابات، وقالت إنها تخشى أن يجري استخدامها للقضاء على المعارضين للحكومة العراقية الانتقالية التي يتزعمها إياد علاوي الذي زار برلين أخيرا كما زارها الرئيس العراقي غازي الياور وطلبا مساعدات عسكرية ألمانية. حتى اليوم استطاع المستشار الألماني الحفاظ على الوعد الذي قطعه للناخبين بعدم إرسال جنود ألمان إلى العراق في الوقت الذي أصبح المراقبون في برلين يشيرون إلى أن تغييرا في هذا الموقف يتعلق بعامل الزمن فقط وأن برلين تنتظر نتائج انتخابات الرئاسة الأميركية كي تقوم بمراجعة جديدة لموقفها بينما يزيد الضغط على برلين من قبل حلف شمال الأطلسي الذي يخطط لمهمة في العراق والعمل في تدريب فرق تابعة للقوات المسلحة العراقية في الخارج. من بين المناطق المقترحة في هذا الصدد: قاعدة في النرويج وأخرى في مقاطعة بافاريا الألمانية. غير أن وزير الدفاع الألماني بيتر شتروك كشف في مقابلة صحافية نشرت أمس، عبر فيها عن موقف مغاير تماما للموقف المعروف الذي اتخذته الحكومة بشأن العراق وأوضح ما معناه أن رفض بلاده تقديم مساهمة عسكرية في بغداد لم يعد مسألة غير واردة كما كان الأمر في السابق. فقد أبلغ شتروك صحيفة «فايننشال تايمز دويتشلاند» أنه لم يعد يرفض من ناحية المبدأ مشاركة جنود ألمان في مهمة عسكرية في العراق. وأضاف قائلا «بصورة عامة لا أحد يعرف كيف ستتطور الأمور في العراق حتى نقدم وعودات محددة». ورحب شتروك بالدعوة التي صدرت عن مرشح الحزب الديمقراطي جون كيري لمنافسة بوش على الرئاسة والتي جاء فيها رغبته في عقد لقاء دولي واسع لبحث عملية إعادة تعمير العراق. بالتأكيد في حال فوزه بالرئاسة 2 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. لكن تحليلات الاستراتيجيين في ألمانيا بدأت تأخذ في الاعتبار احتمال فوز كيري. ففي حين نجحت برلين بالتمسك بموقفها الرافض للحرب أمام بوش وربما بوسعها الاستمرار بمعارضتها في حال فوز بوش غير أن برلين التي تحبذ فوز كيري، لن يكون بوسعها الوقوف مكتوفة الأيدي وعدم التجاوب مع دعوة كيري الذي اتهم بوش بالانفراد في حرب العراق وقال إنه في حال فوزه، سينسق سياسة تعمير العراق بالتعاون مع الحلفاء وليس من دونهم. وصف وزير الدفاع الألماني الدعوة التي عبر عنها كيري وترمي إلى وقف الخلاف الذي نشب بين إدارة بوش وبعض الحلفاء الأوروبيين في مقدمتها فرنسا وألمانيا بالإضافة إلى روسيا. قال شتروك إن الوضع في العراق سيكون أفضل من خلال القيام بجهود مشتركة على أن يسبق ذلك جلوس الأطراف كافة على طاولة واحدة لمناقشة مستقبل العراق. رفض الوزير الألماني خلال المقابلة الإشارة إلى أن بلاده تعتزم إرسال جنود إلى العراق في وقت قريب لكنه أشار إلى برنامج تدريب فرق الشرطة العراقية في الإمارات والذي تموله حكومة أبوظبي، وقال «علينا ألا نتجاوز حدود المشاركة العسكرية أكثر من برنامج التدريب». وفقا لبيانات الوزير سيقوم 30 جنديا ألمانيا بدءا من الشهر المقبل تدريب جنود عراقيين في الإمارات على قيادة شاحنات عسكرية كانت تستخدمها القوات المسلحة الألمانية وسيجري في ديسمبر/ كانون الأول برنامج تدريب آخر، وكشف أنه ستجري مفاوضات في القريب بشأن تدريب جنود عراقيين على القتال والتخلص من العبوات الناسفة على أن يجري جزء من هذه التدريبات داخل قواعد في ألمانيا.

وبشأن الوضع في أفغانستان قال وزير الدفاع الألماني إن هناك حاجة ملحة حتى بعد انتخابات الرئاسة في أفغانستان التي من المنتظر أن تعلن نتائجها بتاريخ 30 من الشهر الجاري، وأشار إلى أهمية انتشار قوي لجنود حلف شمال الأطلسي في هذا البلد. وتشكل ألمانيا حاليا أكبر قوة عسكرية في أفغانستان ولها أكثر من 1800 جندي من أصل نحو تسعة آلاف جندي ينتمون إلى قوة حفظ السلام الدولية «إيساف». وتعمل ألمانيا في توسيع نشاط فرق إعادة التعمير إذ كانت الدولة الوحيدة التي نشرت جنوداً تابعين لها في محافظة قندوس بينما الدول الأخرى تركز نشاطها كما في السابق في العاصمة كابول والمناطق المجاورة لها فقط. بينما تعتبر واشنطن مهمة جنودها في أفغانستان في إطار الحرب المناهضة للإرهاب فإن ألمانيا تجد أن انتشار فرق إعادة التعمير هو التصور الوحيد لتحقيق الاستقرار في أفغانستان. وكان شرودر زار أفغانستان في اليوم الذي تلا انتخابات الرئاسة وأشاد بالرئيس الأفغاني حميد قرضاي الأمر الذي عرضه إلى انتقادات من قبل منافسين للرئيس الأفغاني المؤقت الذين قالوا إن زيارة شرودر تكشف عن تحيزه لكرزاي. بينما قال شرودر إن تحقيق انتخابات الرئاسة في أفغانستان علامة واضحة على أن هذا البلد بدأ يعيش في استقرار، قال وزير الدفاع الألماني ما هو مغاير لرأي المستشار حين قال «ننطلق جميعا من أنه ستقع أعمال عنف كبيرة في أفغانستان في مطلع العام المقبل قبل موعد الانتخابات البرلمانية، واننا ننظر بقلق إلى هذا الموعد مشابه للقلق الذي راودنا قبل انتخابات الرئاسة»

العدد 769 - الأربعاء 13 أكتوبر 2004م الموافق 28 شعبان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً