قال نائب رئيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامية حسن مشيمع «إن مجلس الإدارة لم يتخذ قراراً بالمشاركة في الانتخابات البلدية بعد»، إلا أنه أكد صحة موقف جمعيته من المشاركة في الانتخابات البلدية السابقة مبيناً الفرق بينها وبين مقاطعة الانتخابات النيابية، ومؤكداً «إذا شاركنا فستكون مشاركتنا مختلفة ووفقا لآليات جديدة».
جاء ذلك في الندوة الحوارية التي عقدتها «الوفاق» ليل أمس الأول بمقرها واستعرض فيها مشيمع بحضور 11 عضواً بلدياً من «كتلة الوفاق» تجربة الجمعية في العمل البلدي، فيما غاب رؤساء المجالس البلدية الثلاثة (من الكتلة) عن اللقاء على رغم دعوتهم إليه.
وأقر مشيمع في أكثر من مقطع من الحوار بوجود أخطاء واكبت عملية دخول «الوفاق» الانتخابات، وأنه ستتم الاستفادة من التجربة لتفاديها فيما لو قررت الجمعية المشاركة في الانتخابات القادمة، منها عدم التدقيق في جمع المعلومات عن بعض المرشحين، موضحاً أن «اختيار الأعضاء شمل معايير مختلفة منها الحضور الاجتماعي للعضو وقدرته على خدمة الناس».
مضيفاً «كلفنا لجنة الدراسات والبحوث إعداد دراسة بشأن إيجابيات وسلبيات التجربة حتى نقدم عملاً نوعياً إذا قررنا المشاركة في الانتخابات المقبلة».
لماذا المشاركة؟
وفي إطار تبريره لأسباب دخول «الوفاق» في البلديات قال «إنه شأن خدماتي وليس تشريعياً»، وان «المشاركة في البرلمان تعود على الناس بالضرر فيما لو أصدر القوانين والتشريعات التي لا تتناسب والإصلاح، أما في البلديات - ومع ملاحظاتنا على صلاحياتها وعدم استقلاليتها - إلا أنها ليست جهة تشريعية بل هي جهة تختص بالخدمات ويمكننا خدمة الناس من خلالها».
مردفاً بقوله: «شاركنا لنقول إننا مع الإصلاح الجاد والمشاركة التي تعود بالنفع على المواطنين، أما البرلمان فهو فاقد لعنصر الرقابة الحقيقية، وإذا تبيّن لنا أن البرلمان قادر على خدمة الناس سندخل فيه».
وانتقد مشيمع الخطاب الطائفي «الذي يتحدث عن شيعي قاطع أو سني شارك»، مضيفاً «بل هناك قطاع من المواطنين شاركوا وقطاع آخر قاطعوا، فنحن نرفض هذه العناوين الطائفية، وهو ما كرسه قانون الدوائر الانتخابية».
كما تحدث عن اختصاصات اللجنة العليا للبلديات (التي تضم رئيس الجمعية ونائبه وأعضاء كتلة الوفاق البلديين)، منها التنسيق بين المجالس البلدية والإدارة، ورفع كفاءة الأعضاء، ومتابعة أدائهم، إلا أنه أقر بوجود تقصير في التواصل بين الإدارة والأعضاء في هذا الشأن.
إلى ذلك، دعا مشيمع إلى ألا تكون العلاقة بين العضو البلدي والناس «كعلاقة المجالس المفتوحة التي ينتهجها بعض الوزراء وتقوم على الاستجداء والمكرمات، بل إن المطلوب صيغة يتواصل من خلالها الناس مع العضو بحيث يطرحوا مطالبهم وتأخذ طريقها إلى التنفيذ، وهذا ما يحدث في المجالس البلدية في بعض البلدان المتقدمة إذ تكون عبارة عن مجالس محلية تنفذ متطلبات الناس».
وفيما أجمع الأعضاء البلديون الحاضرون على عائق الموازنة القليلة في تنفيذ المشروعات، قال مشيمع: «نطالب بموازنة خاصة بالبلديات، فالموازنة الحالية تضع الحكومة يدها عليها»، مشيراً إلى ضرورة العدالة في توزيع الموازنة «فلا يمكن أن تعطي البلدية الجنوبية بقدر ما تعطي البلدية الشمالية فحاجيات المنطقة والسكان وحجمها مختلفة».
فيما انتقد تدخل الجهاز التنفيذي في إقرار موازنة المشروعات قائلاً: «هناك مشروعات لا نرى ضرورة إقرار موازنتها من قبل الحكومة، منها ما يمكن إشراك التجار فيه، كإقامة المشروعات الاستثمارية التي تعود بالنفع على الناس والفائدة على التجار، وهذا ما شهدته بنفسي في زيارتي للندن».
رفض مقترح «الوفاق»
كما انتقد مشيمع رفض طبع رؤية الوفاق في تعديل قانون البلديات، واصفاً إياه بـ «الأمر الغريب»، قائلاً: «نشعر بوجود تحسس من الرؤى التي تقدمها الوفاق... إنها محاولة لتسويق المجلس الحالي (البرلمان) بأي شكل من الأشكال».
مضيفاً «للأسف دائماً هناك رفض لما تقدمه الوفاق من رؤى، سواء رؤيتها بشأن التربية والتعليم أو الاقتصاد أو البلديات، ويتم الرد علينا بـحجة الدخول في البرلمان... ألا يعبّر هذا عن إفلاس التجربة النيابية؟».
وجدد دعوته إلى الحكومة القبول بمقترح تعديل قانون البلديات، فيما دعا إلى تعديل قانون الانتخابات من حيث التمثيل وتوزيع الدوائر الانتخابية، «وذلك لتجاوز عنوان الشيعي والسني إلى عنوان دولة القانون والمؤسسات».
وفي وقت نبه فيه إلى وجود إنجازات في مناطق أعضاء كتلة «الوفاق»، أكد أن هذه الانجازات «دون الطموح»، وذلك بسبب القانون وقلة الصلاحيات وتدخلات وزارة البلديات، واختلاف قدرات بلديي «الوفاق» من عضو إلى آخر على حد قوله. معتبراً أداء الكتلة «مازال متميزاً، والمتتبع للصحافة يدرك من حيث التصريحات والتنسيق وحجم التفاهم والتنظيم أن أداء كتلة الوفاق أفضل من الكتل الأخرى»، مستدركاً «أنا لا أقول إنه عمل نوعي لكنه نوعي حين تقارنه بالكتل الأخرى». ودعا مشيمع جمهور الجمعية إلى نقد أداء أعضاء الكتلة والتواصل معهم والابتعاد عن أي دور سلبي يكتفي بالانتقاد فحسب، فيما خاطب الأعضاء البلديين في «الوفاق» قائلاً: «إن ممثل المجلس البلدي ليس موظفاً في الدولة، أنت ممثل للشعب، ويجب أن يكون دورك بهذا العنوان وأن تكون واضحاً في علاقتك مع الناس والدولة».
مؤهلات الأعضاء والإنجازات
من جانبه رأى أمين سر المجلس البلدي بالبلدية الشمالية خليل إبراهيم «أنه يمكن اختيار شخصية اجتماعية ومناسبة للكثير من المجالات إلا أنها لا تصلح لأداء اختصاصات المجلس البلدي»، مقترحاً عدة شروط لتطرحها الوفاق في المتقدمين منها تحديد العمر من 35 إلى سن متقدم، وأن تكون له مساهماته في خدمة منطقته، وأن يكون مطلعاً على قانون البلديات واختصاصاتها، وأن يكون مؤهلاً أكاديمياً ليواكب اختصاصات البلدية، وأن تكون له نشاطات في الجمعية ويكون ملتزما بخطها».
ورد مشيمع على ذلك بقوله: «إن المعايير المذكورة أكثرها اعتمدها الوفاق في الانتخابات السابقة، إلا أنني لا أعتبر المؤهل الأكاديمي (العالي) معياراً أساسياً».
أما أمين سر المجلس البلدي ببلدية العاصمة جاسم رضا فقد نبه إلى جهود أعضاء المجالس البلدية وإنجازاتهم التي لا يتلمسها الناس، قائلاً «لكي نعرف الإنجازات فمن المهم جداً أن نعرف اختصاصات المجالس البلدية وصلاحياتها... هناك أمور مرتبطة بالموازنة إذا لم تتوافر الموازنة لا يمكن مطالبة الأعضاء بها، كما أن لجان المجالس البلدية تصدر الأنظمة، والأعضاء منهمكون يومياً في عملهم، والمجالس البلدية تحتاج إلى وقت كبير لإصدار الموازنة إلا أن المواطن العادي لا يدرك ذلك ويقتصر في تقييمه على الأمور التي يراها كالمرتفعات والنظافة وغيرها».
واعتبر رضا مراقبة الأعضاء البلديين إلى أداء البلديات قلل كثيراً من مستوى الفساد في البلديات على حد قوله، قائلاً: «بلديو الوفاق في محل التحدي بأن يوجد فساد واضح الآن كما كان في السابق». من جانبه اقترح الناشط يوسف ربيع أن تفرض الوفاق على العضو البلدي المنتمي إليها دفع رسم شهري قدره 50 ديناراً، موضحاً أن الاقتراح قدمه إلى الهيئة الاستشارية في «الوفاق» وسترفعه إلى الإدارة لدراسته، فيما علق مشيمع بقوله «هذا كلام صحيح، وإذا ما دخلنا الانتخابات المقبلة ستكون المعايير مختلفة».
وأضاف مشيمع «ان الوفاق ستقيم الأعضاء من خلال آراء الناس ونقدهم الصادق في كل منطقة وذلك لأنهم الأقرب إلى الأعضاء وليمارسوا دورهم الصحيح»، داعياً الناس إلى الأخذ بالاعتبار معوقات العمل البلدي في حال تقييمهم لتجربة الأعضاء.
خطة إعداد الدراسات
رئيس لجنة المجالس المنتخبة ونائب رئيس المجلس البلدي في البلدية الشمالية جواد فيروز أوضح أن ثلاثة أطراف في الوفاق تعمل الآن على إعداد دراسات بشأن التجربة البلدية ومدى إمكان المشاركة في الانتخابات المقبلة، وهي: دائرة الدراسات والبحوث ومهمتها تقديم دراسة في تقييم أداء التجربة، دائرة المجالس البلدية ومهمتها تقييم أداء أعضاء المجالس البلدية في عملهم ومدى رغبة الناس في استمرارهم، واللجنة العليا للبلديات ومهمتها الاستشارات الفنية وعقد الورش والفعاليات المختلفة.
وأشاد فيروز بما قدمه أعضاء المجالس البلدية في تنظيم العمل البلدي، بعد أن «ورثنا العمل البلدي في فساد إداري دام نحو 30 عاماً» على حد قوله، منتقداً «ضعف الموازنة».
أما عضو مجلس بلدي الشمالية محمد جابر الفردان فانتقد عدم وجود وزارة للتخطيط في الدولة، «فيما تتخبط إدارة التخطيط في مشروعاتها»، مضيفاً «كما لا بد أن نعترف بتقصيرنا في عدم وضع خطة لعمل المجلس البلدي تعتمد على الاحتياجات الأولية وأولويات التنفيذ، فنحن لدينا عشوائية في ذلك كما هو موجود في الدولة».
البرامج والمشروعات والتواصل
من جانبه انتقد عضو مجلس بلدي العاصمة صادق رحمة أداء جمعيته في عدة جوانب، فرد أولاً على قول مشيمع بشأن «التشريع» معتبراً «المجالس البلدية تشرع أيضاً التشريعات التي تهم المواطنين»، فيما علق مشيمع قائلاً: «المشكلة في عدم التفريق بين التشريع الذي تقوم به المجالس البلدية في بعض قوانين الخدمات وبين الجانب التشريعي للبرلمان»، مشيراً بذلك إلى «عدم وجود رقابة حقيقية في البرلمان وعدم قدرته على إصدار هذه التشريعات، فيما أن البلديات تعنى بالشأن الخدماتي في المقام الأول».
قائلاً: «كنت أتمنى أن نقدم المشروعات باسم الوفاق لا أن يقدمها كل واحد منا بمفرده، إننا نحمل اسم الوفاق فقط، لكننا لم نحمله كما تحمله الأحزاب وفق برنامج محدد للحزب، فالعضو يبادر بعقد لقاءات مع الناس في حين أن المفترض على الوفاق أن تنظم ذلك، كما لا أعتقد أن من المناسب أن يضع كل عضو برنامجه الانتخابي المستقل بل نريد برنامج انتخابيا واحداً تقدمه الوفاق باسم مترشحيها ويلتزم به كل الأعضاء الفائزين».
البرلمان وسرقة المشروعات
أما العضو عباس محفوظ (الوسطى) فقال: «سرقة» البرلمانيين مشروعات جاهزة قدمتها المجالس البلدية من قبل، قائلاً: «لقد بدأ الصراع الفعلي مع أعضاء البرلمان، فهم يقدمون مشروعات خدماتية سبق أن قدمناها مثل مشروع مركز صحي في النويدرات وآخر في مدينة عيسى، وقد حصلنا على موافقات مسبقة على هذه المشروعات، وقد كان لكتلة الوفاق الدور الأبرز في ذلك»
العدد 774 - الإثنين 18 أكتوبر 2004م الموافق 04 رمضان 1425هـ