العدد 778 - الجمعة 22 أكتوبر 2004م الموافق 08 رمضان 1425هـ

رحم الله يوسف أبوإدريس... ورحم الله أحلامه!

لمن لا يعرف يوسف أبوإدريس، هو مواطن بحريني كادح وصل به الكدح والهم مثله كمثل كل البحرينيين أو أكثرهم، إن صح التعبير، إلى جملة من الأمراض المزمنة من قلب وسكر وضغط وغيرها الكثير، إلى أن وافاه الأجل المحتوم قبل عدة أيام في الخارج.

في الحقيقة تفاجأت من خبر وفاته الذي وصلني عبر تعزية تلقيتها عبر الإيميل من مجموعة حوار البريدية التي هو دعاني إلى الانضمام إليها بل هو الذي توسط لي عند المعنيين في المجموعة لقبول اشتراكي عندما التقيته لثاني مرة في حياتي بعد المرة الأولى التي رأيته فيها وكان زائراً لمجلس مركز رأس الرمان الثقافي عندما رشح نفسه لعضوية المجلس البلدي ولم يوفق.

طبعاً ثاني مرة التقيته في مبنى صحيفة «الوسط» عندما كان حاضراً لعمل مقابلة صحافية عن تأخر طلبه «الخرافي» في وزارة الإسكان، جلست معه أتبادل القليل من أطراف الحديث وهو جالس مع زوجته ومتكئا على عكازه الذي يحكي قصة رجل بحريني، حلمه ليس بغريب لأسرده عليكم، ولكن سردي لقصته مع وزارة الإسكان هو كونه نموذجاً حياً لأوضاع كثر من البحرينيين مع وزارة تعنى بشئون الإسكان وتعنى بشئون احترام الذات الإنسانية والبشرية وتحترم الكثير من خصوصيته، وأعني هنا الإنسان البحريني خصوصاً الذي كفل حقه الدستور والقانون بل واجتمعت عليه إرادة كل المسئولين بارتفاع درجاتهم ورتبهم بأن من واجب كل مواطن أن يسكن في سكن «صالح للاستخدام الآدمي» ولا يكون بيتا أشبه بقبر يتكدس فيه حشد من العائلة ليكون أسطولا من الأفراد يخال للناظر إليهم وكأنهم في مسابقة أو رحلة جماعية!

يوسف أبوإدريس مواطن، لطالما كنت أراسله عبر بريده الخاص على الانترنت، وكان يتجاوب معي باستمرار وبسرعة فائقة، واستغربت من كثر سؤالي عنه عبر البريد ولا جواب كوني لا أعلم عن مرضه وسفره، ولطالما اختلفت معه في الكثير من أسلوبه في الطرح وخصوصاً عبر الإذاعة البحرينية التي نادراً ما أسمعها، إذ كان أحد أفراد عائلتها، وكونه شخصاً نشطاً في المجتمع فمن الطبيعي أن يختلف بل يخالفه الكثير في الرأي والتوجه، وأنا هنا لست بصدد الدفاع عنه أو عن أفكاره كفرد بقدر ما أحببت أن أذكر محاسنه.

ولكن يذكر أن نموذجاً مثل يوسف لا نحبذه أن يتكرر، بأن يعيش الفرد ويموت ويظل حلمه هو انتظار (حق) من وزارة الإسكان! على عكس أشقائنا في الدوحة أو الكويت الذي هو شيء عادي جداً ومن المسلمات والبديهيات التي لا نقاش فيها ولا كلام.

فهل سيأتي اليوم الذي نرى فيه كل بحريني ساكناً في بيت وليس شقة أو خاناً أو قبراً إن صح التعبير يطلق عليه بيت! هل سيأتي اليوم الذي يأتي فيه البحريني ليفكر في أشياء أخرى غير السكن كونه أصبح شيئاً من المسلمات والبديهيات مثل باقي أشقائنا في دول المجلس، هل سيأتي اليوم الذي نرى فيه البحريني يستطيع أن يدعو أصحابه إلى مجلس بيته وليس إلى مجلس (بيت أبوه) كما هو حاصل الآن، أم هي البحرين خلصت وطارت الطيور بأرزاقها؟

العدد 778 - الجمعة 22 أكتوبر 2004م الموافق 08 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً