العدد 790 - الأربعاء 03 نوفمبر 2004م الموافق 20 رمضان 1425هـ

«العلمائي» يريدنا للديكور والاستحلاب... ومشروعنا الآخر لم ينضج بعد

المهتدي متحدثاً إلى «الوسط» عن مشروعه لتوحيد أتباع السيد الشيرازي:

قال الشيخ عبدالعظيم المهتدي البحراني - الداعي إلى تأسيس هيئة لترتيب التيار الشيرازي في البحرين - إن «المجلس العلمائي» الذي يرأسه الشيخ عيسى قاسم طغت على تأسيسه روح التهميش «الواقع هو أن روح التهميش مهيمنة على مشروعات الإخوة المؤسسين للمجلس العلمائي ويريدون من يريدونهم لمجرد الديكور والاستحلاب» داعيا إلى «تغيير هذه العقلية الشرقية في احتكار القيادة». وعن مشروع مجلس آخر يدعو إليه قال المهتدي «المسودة الأولى للمشروع معروضة الآن للمناقشة والتشاور لاختيار الصيغة الأفضل» موضحاً أنه لا يوجد - حتى الآن - اتفاق داخل التيار لإقرار المشروع كمجلس علمائي، فالبعض لا يرى ضرورة لذلك بقدر ما هو مسألة تنظيمية في البيت الداخلي للتيار. وهذا نص المقابلة:

لقد دار الكثير من اللبس عن تصريحاتكم الأخيرة والتي وصفت بالمتشددة إزاء الرموز العلمائية الرئيسية في الساحة مثل الشيخ عيسى قاسم، وعن المجلس العلمائي أيضاً، كيف تفسر ذلك؟

- المهتدي: اسمح لي أن أبدأ الحديث معك من قصة تنطوي على زوايا كثيرة من سيكولوجيتنا الاجتماعية. قبل حدود قرنين كان المرجع الشهيد الشيخ حسين العصفور يدرس في مسجد في الدراز وعنده تلميذ ذكي شجاع مناقش في الدرس وهو سيد يأتي يومياً من بني جمرة، فلاحظ الشيخ غيابه عن الدرس يومين، فخرج في اليوم الثاني من الدرس وجلس على عتبة المسجد يتفكر وعينه على بني جمرة وكأنه ينتظر شخصا. فالتفت إليه خادمه هل تنتظر أحدا؟ قال الشيخ يومان لم أر فلانا. ففاجأه الخادم بالقول: إنه عدوك، دائما يشاغبك في الدرس ويعارضك، فأنا أرحتك منه، فلا أحد يقاطع كلامك في الدرس بعد هذا. فقال له الشيخ مستغربا: يعني ماذا فعلت به؟ قال الخادم الأحمق المحب: لقد قتلته بين النخيل.

وما علاقة هذه القصة بالمجلس العلمائي أو المجلس الذي تدعون إليه؟

- إني لا أتصور قد بقي في البحرين من لا يعرف وحدويتي في الفكر والدعوات والمواقف منذ خمسة وعشرين عاما، وإنما ينكرها الذين لم يقرأوا مؤلفاتي ولم يتابعوا خطواتي، فهذا كتابنا «قصص وخواطر من أخلاقيات علماء الدين» مثلا إذ ذكرنا في مقدمته المفصلة توجهنا التوحيدي أتينا بعدها بمئات القصص الإيجابية للمراجع والعلماء من دون حذف وإلغاء لأحد منهم أو لأتباعهم ما جعل الكتاب يسمو عند مختلف التوجهات والتيارات إلى مستوى المصدر الموثق لتأسيس حالة وئامية بين جميع الأطراف ولقد ترك الكتاب تصوراً واضحاً أن المؤلف لا يريد إلا تأليف القلوب واحترام التعدديات عبر تفعيل مبدأ الأخلاق والشورى أو التشاور. فمشروعنا للوحدة واضح وإخلاصنا فيه ثابت وإصرارنا عليه قديم. فأنا إن أنتقد المجلس العلمائي أو أذكر في تقييمي اسما من أسماء القائمين على تأسيسه فهو من باب الحرية وطلب الإصلاح وتوعية الناس بما يرتبط بهم. فإذا كان هناك من المحبين للشخصيات يتصورون النقد والنقاش عداء فهم لا يكونون إلا من سلالة خادم الشيخ حسين العلامة العصفور (رحمه الله).

في المناقشات الجارية الآن بشأن المجلس العلمائي برئاسة الشيخ عيسى أحمد قاسم وموقفكم كما عكسته الصحف ورد الكلام عن مشروع طرحتموه على الرموز أول ما جئتم إلى الوطن، فما هو المشروع؟

- قبل أربع سنوات ذكرت في محاضراتي وندواتي ومقابلات صحافية أن مشكلاتنا الدينية والاجتماعية نحتاج في حلها إلى مرجعية شورائية واحدة بين العلماء من كل التيارات الشيعية، فإذا رتبنا بيتنا الداخلي وآلفانا بين قلوبنا سنتمكن من الوصول إلى حلول أخرى لمشكلاتنا الكبيرة. واقترحت لهذا الحل إطارا هو المجلس العلمائي الأعلى مثلا والاسم يتفق عليه الجميع، فهذه محاولة كانت للتغلب على الانقسامات التي طالما عانت منها جماهير الشيعة في البحرين وفاتتها بسببها فرص كثيرة للنجاح والتقدم كما هو واضح.

وفي مسودة قدمتها لكبار العلماء آنذاك في صفحتين لم أكن مع تعقيدات التأسيس ولا حاجة إلى جمعية عمومية وانتخابات بروتوكولاتية ولم أجد نظاماً داخلياً ذا مواد طويلة وعريضة ولا سمة سياسية معارضة للحكومة، وإنما مجلس يوحد الساحة الشيعية ويقرب وجهات النظر بين الكبار ليؤثروا على أتباعهم فتذوب النزاعات في الشارع وبين العوائل، هذا يقلد فلاناً وهذا لا تزوجوه وهذا لا تدعوه وهذا لا تساعدوه وهذا ليس من جماعتنا وإلى آخر الطفيليات التي تظهر في قضية الهلال والمآتم والمواكب والصراعات المنهكة.

فبعد معالجة هذه الأمور يمكن أن يتقدم الأخوة للإتفاق على قضايا أكبر كالأوقاف والحوزات والأموال الشرعية والتفاوض مع الحكومة فيما تعانيه الطائفة من حرمان أو بطالة أو أزمة سكن وما شابه. فهذه الفكرة قراءة لتوحيد الأطياف كلها. وأنا لم أحضر المجلس على رغم دعوة الإخوة لي جزاهم الله خيرا لأن المشروع لا يلتقي مع فكرة الوحدة الشاملة التي أدعو إليها.

ذهب الشيخ محمد صنقور في مقابلته مع «الوسط» إلى أن فكرة المهتدي لم ترفض على أساس أن أصل المشروع خاطئ، وإنما كان التحفظ عليها للبحث عن صوغ أفضل وهي التي توصلوا إليها وطرحوها. فهل لديكم تعليق على هذا الكلام؟

- حينما كتبت مسودة المشروع آنذاك وقدمتها لتسعة من الرموز لأجل الحضور إلى جلسة مأتم العلوي ومناقشتها، فما استجابوا للجلسة وما ناقشوني في المشروع. مجرد قال بعضهم نحن لسنا مع الفكرة. فما أدري الشيخ صنقور هل مطلع على مسودة مشروعنا، وإذا كان مطلعا وناقشوها بينهم ألا كان ينبغي إخباري بثغراتها أو دعوتي للحضور ومناقشتي ولكي أساهم معهم لوضع صوغ الأفضل الذي يدعي أنهم توصلوا إليه.

ولكن الواقع هو أن روح التهميش مهيمنة على مشروعات الإخوة ويريدون من يريدونهم لمجرد الديكور والاستحلاب. فلابد من تغيير هذه العقلية الشرقية في احتكار القيادة ولابد من النظرية الإسلامية الشورائية التي هي المنهج الأصح لغير المعصومين. يقول الشيخ صنقور إنهم توصلوا إلى صوغ أفضل وهو صوغ يوحد جماعة واحدة ويلغي جماعات أخرى مع الأسف وهذا يكرس التفرقة الموجودة ولا يعالجها. فأنا لما قلت لصحيفة «الأيام» ان المجلس العلمائي هذا قد أدار ظهره للوحدة، أقصد هذا الأمر، أعني قد فوت على نفسه الوحدة مع الآخرين. فهذه حقيقة فلماذا نخشى من قول الحقيقة.

ولقد أبدى علماء كثيرون تحفظهم واستياءهم من هذه الطريقة، فسألوا الذين لم يحضروا ما سبب عدم حضورهم حتى الذين كانوا معهم قد أبدوا تحفظهم كما ورد في خطبة سماحة الشيخ النجاتي. المشكلة أن بعضهم يتحفظ من الإعلان عن السبب الحقيقي، ولكني لا استطيع الكتمان على ما يخدم الحقيقة والمستقبل.

ذكر بعض الأوساط عن مشروع علمائي ثان تقودونه لأتباع الإمام الشيرازي، فما مدى صحة الخبر؟ وإذا كان صحيحاً، أليس يعني ذلك مواجهة المجلس، الأول أو أنكم واقعون في الخطأ نفسه الذي تدينونه؟

- أولاً، الخبر مسرب بشكل مغرض. وهذا تصرف أدينه ولا يلتقي مع أمانة المهنة الصحافية. إلا إذا كانوا متعمدين لخلق التشنج والتصيد في الماء العكر فحسابهم على الله، فالخبر في حقيقته هو جلسات كنت دعوت إليها لترتيب الوضع الداخلي بين تيار الإمام الشيرازي والعمل على التنسيق بين مقلدي المرجع المدرسي والمرجع السيدصادق الشيرازي. وكتبنا مسودة نعتمدها في الجلسات، فهذا ليس مشروعا لقيادة الساحة وفرض الرأي على أتباع المراجع الآخرين كما هو الأمر في مشروع المجلس العلمائي للأخوة.

والمسودة مازالت مسودة، ويعني أنها قابلة للحذف والتعديل، وشارك في كتابتها أشخاص من اللجنة التحضيرية وليست نقاطها كلها لي. وليست القضية للساحة والآخرين من غير هذا التيار. ومن حق كل تيار وجماعة أن يرتب أوضاعه الداخلية. ونحن ما زلنا نعقد جلسات لتنضيج الفكرة ولا ندري كيف يتم الاتفاق النهائي.

مسودة مشروع

المجلس العلمائي الثاني

وحصلت «الوسط» على مسودة المشروع العلمائي الثاني المكونة من أربع صفحات حددت الإطار العام للمجلس العلمائي المعروض للمناقشة. وجاء في المسودة أنه بدعوة من الشيخ المهتدي اجتمع 30 شخصا من العلماء بمقر جمعية أهل البيت (ع) في المحرق لبحث مشروع تأسيس أطار علمائي لتيار الإمام الشيرازي في البحرين يتعاطى مع الوضع الديني والسياسي في البحرين.

وأفضى الاجتماع الثاني الذي عقد قبل شهر رمضان بيوم واحد عن تشكيل لجنة تحضيرية مهمتها تدوين النظام الأساسي لعرضه والاتفاق عليه في جلسة أخرى للأعضاء ليعلن المشروع لاحقا. وتضم اللجنة التحضيرية في عضويتها - إضافة إلى المهتدي - كلاً من الشيخ محمد جعفر الدرازي، الشيخ عبدالمجيد العصفور، الشيخ علي الهملي، الشيخ حبيب الجمري بغياب العضو الشيخ محمد الفردوسي».

وفي الباب الأول قالت المسودة «تشكلت هيئة علمائية بناء على رغبة علماء وطلبة العلوم الدينية - من التيار الرسالي - لتوحيد الصف وترشيد الجهود، لكنها لن تلغي مؤسسات التيار القائمة حاليا». وحددت المسودة أهداف المشروع الجديد في ستة أهداف هي «بيان الموقف الشرعي من كل القضايا، الحفاظ على وحدة المؤمنين، الدفاع عن القيم الدينية وتعزيز الوحدة الوطنية، رعاية الشئون الحوزوية، نشر ثقافة الاعتدال والتعاون مع الجهات الإسلامية الوطنية». وتتحقق تلك الأهداف عن طريق الوسائل والآليات الآتية «التواصل مع الجهات الرسمية والشعبية، تأسيس المراكز الدينية، إصدار البيانات، عقد المؤتمرات والندوات، الاستفادة من وسائل الإعلام، إقامة المخيمات والدورات التثقيفية وعمل الاستشارات العائلية وعقود الزواج».

ويتكون الهيكل التنظيمي للهيئة من ثلاثة مفاصل إدارية رئيسية «مجلس العموم واللجنة المركزية والفرق العاملة». ويتشكل مجلس العموم من العلماء والأعضاء المشاركين في الهيئة. ويناط بمجلس العموم ثماني مسئوليات هي «انتخاب اللجنة المركزية، عقد الاجتماع الشهري التشاوري، مناقشة تقارير اللجنة المركزية، إصدار القرارات بغالبية الأعضاء الحاضرين، التصديق على قبول الأعضاء الجدد والتصديق على تعليق العضوية، إقالة جميع أعضاء اللجنة المركزية إذا لم تمارس مهماتها، التصويت في كل القضايا عبر الاقتراع السري». وأوضحت المسودة شروط العضوية في الهيئة المتمثلة في «أن يكون العضو ضمن السلك الحوزوي، أن يكون ظاهر الصلاح، أن يكون جديرا بمهمات علماء الدين، أن يكون مقتنعا بمبادئ المدرسة الرسالية». كما حددت المسودة حقوق العضو وواجباته.

فيما تتكون اللجنة المركزية من خمسة أعضاء ينتخبهم مجلس العموم ويقومون بالمهمات الآتية «انتخاب مدير اللجنة واختيار فرق العمل، وضع الاستراتيجية العامة للهيئة، اختيار ناطق رسمي يمثل اللجنة، عقد اجتماع اللجنة الأسبوعي، ويعاد انتخاب اللجنة كل سنتين». وتتألف اللجنة المركزية من خمسة فرق عمل هي «فريق العمل الفقهي، فريق العلاقات العامة، فريق العمل المالي والحقوق الشرعية، فريق الشئون الحوزوية وفريق العمل المكتبي». واقترحت المسودة عدة أسماء للهيئة منها «الملتقى التشاوري العلمائي، هيئة شورى العلماء الرساليين أو هيئة العلماء الرسالية».

لقد وصفت تصريحاتكم بأنها داعمة للموقف الرسمي ربما بشكل منسق لغاية في نفس يعقوب، فهل لديكم جواب؟

- الخلفيات التي عشتها مع القائمين على المجلس العلمائي لو عرفها الإخوة لعذروني، ومع ذلك فإني آسف على الطرح القاسي لا لشيء وإنما لأنه ليس من طبعي. وهذا يدل على معاناة أعيشها لم تلتصق بهم ليكتووا منها. وأما الموقف الرسمي فأنا لست معه، والدليل أني صاحب الطرح نفسه منذ أربع سنوات ولم أتنازل، والتزامن بين الموقف الرسمي وتصريحي طبيعي لولا أن الصحيفة التي أجرت معي اللقاء صاغت تصريحي ضمن عنوان موقف المجلس الأعلى الرسمي وهذه مدروسة إعلامياً، إذ عمدت إلى حذف جزء من تصريحي، فلو كان، لكان التصريح أكثر توازناً وما كان الإخوة يظنون بأخيهم سوءاً.

وما السبيل إلى حلّ الأزمة في نظركم؟

- أن يعيد المجلس العلمائي تشكيلته بحضور أصحاب الرأي من كل التيارات. وأعتقد في الإخوة روحاً بناءة لا ترفض مثل هذه المساعي الإصلاحية، والإصلاح العام هدفهم السامي... ولقد مزحت في إحدى ندواتي بأن تخرج الناس إلى مظاهرة يطالبون العلماء بالبرلمان بينهم كما طالبوه من الحكومة

العدد 790 - الأربعاء 03 نوفمبر 2004م الموافق 20 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً