الحمد لله حمدا لا نفاد له إذ لم يكن صفعنا إلا بأيدينا
في العصور الماضية كان الوالي أو السلطان يستعين بموظف رسمي مهمته صفع المشاغبين ويكون الصفع في حضرة السلطان ويتقاضى مخصصاً وتسمية رسمية تسمى «الصفعان».
وكما يبدو أن مهمة الصفع انتقلت في الدول العربية إلى الحكام وعلى أيديهم، فقبل سنوات وفي بلد عربي صفع رئيس الجمهورية صحافياً على الملأ وما يهمنا في هذه الحادثة هو الصفع الذي ربطناه بموضوعنا ليكشف لنا الكثير من قضايا الصفع. والسيرة النبوية تحوي الكثير الكثير... ففي واقعة أحد الشهيرة يوم انكسار الجيش الإسلامي وهزيمته لعدم اتباع المسلمين تعليمات الرسول (ص) فكانت الصفعات تتلو الصفعات. إذ استغل اليهود هذه الهزيمة وذلك بدعوة الشباب المسلمين إلى بيوتهم لاحتساء الخمرة وقضاء أفضل الأوقات مع أجمل اليهوديات كما ورد في كتاب إسرائيليات القرآن لمحمد جواد مغنية، وذلك تماماً ما حدث بالأمس على يد اليهود من إغراءات وتحريض المسلمين على النبي (ص) لإضعاف القوة الإسلامية واليوم يقدم أيضاً اليهود الدعاوى والإغراءات للكثير من المسئولين العراقيين في الحكومة المشبوهة في ظروف الغزو والدمار الذي لحق بهذا البلد وكما يبدو أن جسراً بشرياً بين بغداد وتل أبيب لم يتوقف ولكن بعد أن طفح الكيل قال «الألوسي» أحد الوافدين من تل أبيب بعد أن شرب من مياهها العذبة المسروقة من لبنان والأردن واسترخى على سواحلها المغتصبة من فلسطين وسورية ولقائه سفاح «إسرائيل» وكبار مجرمي الحكومة الإسرائيلية بزعم الاطلاع على برامج التدريب ولعل القائمة تطول وتحوي كبار الحكومة العراقية عندما صرح نائب زعيم حزب المؤتمر الوطني العراقي الألوسي قائلاً: (لست الأول ولا الأخير) الذي زار تل أبيب.
إياد علاوي قد سبقنا وهناك آخرون سبقونا. فزيارة السادات إلى تل أبيب في العام 1977 مازالت عالقة في أذهان جميع الفلسطينيين بل حتى الإسرائيليين الذين لم يصدقوا أعينهم حينما رأوا السادات الذي خاض حرب رمضان (6 أكتوبر/ تشرين الأول1973) ودحرهم وهزمهم في بلادهم يفاجئهم بهبوط طائرته في مطارهم يصافحهم واحداً واحداً!... فاتحاً لهم أبواب مصر بشعبها وتاريخها وحضارتها لتبدأ مسيرة التطبيع والمسخ والمؤامرات ضد الدول الإسلامية والتفرد بها واحدة واحدة وهكذا كل يقول (لست أنا الأول... ولا الأخير).
وفي 6 اكتوبر 2004 انتهت عمليات تصفية بغداد بلد الحضارات الإسلامية كضحية من ضحايا الغزو الأميركي الذي خلف السلب والنهب والدمار والقتل والاختطاف اليومي وجعلوا هذا البلد تتصدر أخباره مشاهد المسلخ العراقي اليومي لوسائل الإعلام. ولشدة إعجابهم بهذا البلد كان أول الوافدين في مطار بغداد عند سماعهم سقوطها (شارون) الذي قدم سراً لتقديم التبريكات والتهاني للحاكم العسكري (بريمر) والمبيت ليلته في بغداد لمشاهدة طاغية العراق أسيراً. وهذه نهاية المطاف إذ تحول العراق من بلد تهابه «إسرائيل» إلى بلد تبات فيه كلاب وثعابين «إسرائيل» ولا نعلم ماذا فعلوا بهذا البلد!
وفي هذا اليوم بدأت عمليات الندم كما سماها شارون ودعا الدول الإسلامية إلى إرسال (رسائل التوسل) كي يوقف عمليات الدم في غزة وكافأه بوش فسماه برجل السلام. ونذكره في آخر استطلاع للرأي أجراه المركز العراقي للأبحاث على 1000 عراقي ومن مناطق مختلفة من العراق تبين أن الغالبية العظمى تقول إن «إسرائيل» هي العدو الأول لهم وليس إيران كما زعم وزير الدفاع العراقي، في وقت تتهافت هذه الحكومة العراقية المؤقتة على إقامة علاقات دبلوماسية وهرول أعضاؤها لتقديم التهاني للصهاينة على سقوط بغداد مقابل آلاف الشيكلات الإسرائيلية متبوعة ببعض الوعود المؤجلة! متناسين دور المرجعية العاقلة متمثلة في شخصية السيدالسيستاني في إعادة الأمن والاستقرار كبديل عن الدبابة الأميركية!
ولقد أجاد الرفسنجاني التشبيه حينما شبه عودته من مشفاه إلى النجف الأشرف ودخوله دخول الفاتحين بعودة الإمام الخميني من منفاه إلى طهران مؤسساً الجمهورية الإسلامية وداحراً الشاه وأتباعه. وليعلم الصهاينة أن المرجعية الرشيدة موجودة وليست غائبة وستشهد انتخابات عامة ونزيهة في جميع المدن العراقية وليعلم الصهاينة أيضاً أن العالم العراقي النووي الشهرستاني بمساعدة الشخصيات والكوادر العراقية لن يتركوا العراق بلد الرافدين والحضارات تقطنها حثالات «إسرائيل»... ونهدي رئيس الوزراء العراقي بيتاً من الشعر للشاعر البغدادي خاتمة لموضوعنا:
رزقت مُلْكا فلم أحسن سياسته
وكل من لا يسوس الملك يخلعه.
مهدي خليل
العدد 803 - الثلثاء 16 نوفمبر 2004م الموافق 03 شوال 1425هـ