إن الاحتفال بيوم القدس العالمي المخصص له آخر جمعة من شهر رمضان المبارك ليس احتفالا دينيا وحسب، بل هو قوميا يعزز من العروبة ويشدد على أهمية إثبات الكيان العربي في دوله وأقطاره المتعددة. وقد خصص الاحتفال في آخر جمعة من الشهر الفضيل كونها إحدى ليالي القدر المباركة التي ستمن على العروبة والإسلام بالنصر على المغتصب الصهيوني. وفي هذا اليوم تعج بلدان العالم الإسلامي للاحتفال به وهو دعم معنوي وروحي ومادي للقضية الفلسطينية العادلة. ومن هذه الدول مملكة البحرين التي لم تتوقف عاماً واحداً منذ تخصيص هذا اليوم للاحتفال بيوم القدس العام 1979 عن التضامن مع الفلسطينيين في محنتهم.
وقرية بلاد القديم هي الأبرز في الاحتفال بهذا اليوم، بدأت مع صيحة الانطلاقة ولم تتوقف على رغم الظروف الصعبة التي مرت على مملكتنا الحبيبة إبان حوادث التسعينات المؤلمة. وفي هذا العام تميزت البلاد القديم بسمات تدل على نجاح وتطور المهرجان المخصص لتجيش القلوب والجيوب لمناصرة القضية الفلسطينية. أهم ما اتسمت به البلاد القديم رسمية الاحتفال ودمج علمي المملكة الزاهي بالأحمر والأبيض وعلم فلسطين، ما دل على تلاحم الشعبين ومناصرة البحرين بما تستطيع للفلسطينيين، وهو دمج علاقاتي ينطوي تحت لواء الدين والعروبة.
سمة أخرى هي الدعوة العامة الموجهة إلى العرب للمشاركة في هذا المهرجان التضامني، إذ استجاب عدد غير محدود من المملكة العربية السعودية ولبنان وفلسطين لهذه الدعوة. وهذا دليل على سعي المنظمين لتوسعة دائرة التضامن العربي باسم البحرين. ونحن أبناء البحرين نفتخر بأن نكون سببا في تهييج المشاعر العربية تجاه القضية الفلسطينية وأن نكون بؤرة التجمع القومي لنعلن أمام المستكبرين أننا مهما أبعدتنا الحدود فإن لنا موقفا مناهضا لممارستكم اللاإنسانية وإننا صف لصف مع إخواننا الفلسطينيين حتى يبين الله نصره المبين لأمته المختارة.
ومن جل السمات مشاركة بعض المسئولين وبعض الجهات الرسمية في المهرجان الذي يدل على وقوف البحرين حكومة وشعبا بمؤسساتها المدنية كافة تجاه قضية العزة والإباء التي إذا حل نصرها فإننا جميعا منتصرون. كذلك تطور الأداء الانشادي كان له بصمة واضحة في نجاح المهرجان وهذه سمة فنية رائعة. وقد لحق هذا التطور القصيدة الشعرية المتضامنة مع قضايا الإسلام عموما وفلسطين خصوصا. وفي كلمة رئيس جمعية الوفاق دعوة للتكتل القومي والديني وعدم الانجرار خلف سلوكيات التسقيط والتخوين لبعضنا بعضا ونحن نعيش قضية العزة منذ أكثر من نصف قرن، لأن هذا الانجرار هو عبارة عن تشتيت روحي ومبدئي، وهذا ما لا يخدم القضية العادلة. وهذه أبرز السمات لتزامن وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بيوم المهرجان.
هذه السمات تعكس تطور المهرجان، والتطور هو الدافع لتشجيع العرب للالتفاف حول القضية الأهم. ومثل هذه المهرجانات لابد وأن تتسم بالرسمية والتطور الأدائي والمشاركة الشعبية والرسمية والعربية، وهذا خير بيان من شعب البحرين للتضامن والمساندة للدولة الفلسطينية. وعبر صفحات هذه الصحيفة أقدم أسمى آيات الشكر والتقدير للقائمين على هذا المهرجان، آملا أن يسعوا دائما في السنوات المقبلة لتطوير المهرجان القومي بسمات عربية أصيلة.
أحمد عبدالله الدفاري
العدد 803 - الثلثاء 16 نوفمبر 2004م الموافق 03 شوال 1425هـ