اتفق عدد من رجال الاعمال على ان توجه القطاع الخاص نحو المشاركة في الشأن السياسي خطوة باتت ضرورية في ظل المستجدات والانفتاح السياسي الذي تشهده البلاد.
كما ابدى بعضهم خلال اللقاء التشاوري الذي عقد في مبنى غرفة تجارة وصناعة البحرين مساء يوم الاربعاء الماضي عدم رضاهم من القرارات السياسية التي لم تأخذ مصلحة القطاع الاقتصادي في الاعتبار مؤكدين ضرورة تشكيل لوبي ضاغط يستطيع ابراز وجهات نظر القطاع التجاري واعطائه مكانة الصحيح في صنع القرار.
رجل الاعمال عادل المسقطي يرى ان توجه القطاع الخاص نحو المشاركة في الشأن السياسي يعود إلى عدة أسباب أهمها ان جهات كثيرة باتت مؤثرة على الشأن الاقتصادي من دون أن تكون معنية فيه بشكل مباشر ما اثر سلبا على مصالح القطاع.
وقال المسقطي: "قد تكون الخطوة جاءت متأخرة بعض الشيء ولكن هذا لا يقلل من أهمية هذا التوجه الآن. هناك الكثير من الحوارات والمناقشات التي تدور في البرلمان البحريني وتتصل بالشأن الاقتصادي بشكل مباشر والشأن الاقتصادي يشكل أهمية كبيرة لكل المواطنين والتجار هم من المواطنين".
وفيما اذا كان يعتقد ان هذا التوجه جاء نتيجة لمخاوف القطاع على مصالحه ام نتيجة الشعور بتخبط بعض القرارات السياسية التي تضر بالشأن الاقتصادي يقول المسقطي: "الأسباب كثيرة لتطلع لهذا التوجه. لقد تأثر الاقتصاد البحريني بشكل كبير لعدم وجود تيار قوي يدفع ويدافع عن مصالح القطاع ما سبب ارباكا في آلية القرارات. فأصبح الذي يتحرك اكثر هو الذي يؤثر على صنع القرارات".
ويضيف: "سكوت القطاع التجاري البحريني عن مصالحه فتح مجال الأطراف لتقرير مصير الشئون الاقتصادية على رغم ان القطاع التجاري هو المعني بها بالدرجة الأولى. وهذا ما دفع بالأمور لتسير بشكل مضاد لما يتطلع اليه القطاع".
وعما يحتاج إليه القطاع للتأثير بالشأن الاقتصادي يقول المسقطي: "هناك حاجة لوجود "لوبي" قادر على التأثير على صنع القرار. واعتقد لا يوجد مشكلة في التعامل مع جميع الأطراف والأطياف السياسية الموجودة على الساحة البحرينية والتعامل معها بشكل ايجابي".
فيما يرى رجل الأعمال حامد الزياني ان القطاع التجاري فقد مركزه القيادي في المجتمع نتيجة لتحرك قطاعات اخرى وتأثيرها على الساحة مباشرة. كما يرى الزياني ان تقدم السياسات الاقتصادية في دول المنطقة افقد البحرين ريادتها في الخليج.
ويقول الزياني: "يجب ان نعترف ان البحرين فقدت ريادتها في المنطقة عموما. هذه الريادة التي كانت تتمتع بها البحرين في فترة كانت منفتحة بشكل كبير وأصبحت مركزا اقتصاديا متميزا في المنطقة. لكن اليوم الكثير من دول المنطقة اتخذت سياسات انفتاحية اكثر واستطاعت ان تستقطب الكثير من الأعمال والأموال".
ويشير الزياني الى ضرورة وجود قوى محركة ومعتدلة تمثل القطاع التجاري وقادرة على التأثير في صنع القرار بشكل اساسي لنستطيع العودة بالبحرين الى مركزها الريادي.
فيما يرى رجل الاعمال خالد الزياني ان الاقتصاد والسياسة شيئان مكملان لبعضهما بعضا ومن دون وجود نمو اقتصادي لن يرتقي الشأن السياسي.
يقول الزياني: "لابد من وجود جمعية سياسية تمثل القطاع التجاري وقادرة على الدفاع عن مصالحه برؤية سياسية معتدلة".
ويضيف: "هذه الجمعية أو الكيان يجب ان يحمل أجندة واضحة يتم إبرازها للمجتمع لكي يطلع على تطلعنا ورؤيتنا المستقبلية وهذا ما يجتذب الناس لدعم هذه الجمعية او التيار".
اما الأكاديمي عبدالله الحواج فيختلف مع الرأي القائل بضرورة تشكيل جمعية أو حزب سياسي لخدمة مصالح القطاع لتخوفه من ان يصبح هذا الكيان يمثل طبقة تجار يتطلب منها مواجهة طبقة اخرى".
يقول الحواج: "تشكيل هذه اللجنة هو اول خطوة صحيحة تم اتخاذها في اتجاه تفعيل دور القطاع الخاص لأن القطاع مارس دورا سلبيا في موقفه في الكثير من القضايا. وهذا يعود الى عدم وجود تجمع يضم التجار ويمثلهم بشكل حقيقي. الغرفة لم تكن يوما تجمعا سياسيا".
ويضيف: "إذا كان المقصود من تشكيل هذه اللجنة تشكيل طبقة تجار لتقابل طبقات أخرى فيجب ان يكون هناك وضوح في المواقف لما يترتب عليه من مخاطر. لذلك أرى انه من الأفضل لهذه اللجنة ان تدعم مرشحين آخرين ربما من خارج الجسم التجاري ولكن قادرين على إيصال أصوات التجار إلى بيت صنع القرار".
ويرى الحواج ان هناك استحقاقات كثيرة على القطاع لتصحيح وتصويب نظرة المجتمع نحو التجار اذ ينظر البعض إلى التجار على انهم جشعون ومفترضون.
فيما اثنى رجل الأعمال البحريني يوسف المشعل على أهمية القطاع التجاري ودوره الريادي في تسيير الشأن الاقتصادي اذ يوجد في الغرفة أكثر من 80 في المئة من ممثلي القطاع الخاص البحريني.
يقول المشعل: "العمل المدني يحدد بصوت مسموع او للانتصار لقضية ما. ففي الولايات المتحدة الأميركية اهم منظمة ضغط هي اتحاد الغرف الأميركية مع انها لا تمثل حزبا او جبهة او تيارا سياسيا بل هي منظمة ضغط".
ويضيف: "لقد تساءل البعض لماذا نقبل الدخول في صراع مع الحكومة. واجد انه من الأفضل لنا التفكير بطريقة حضارية أكثر. فالمشروع الإصلاحي لصاحب الجلالة هو التأثير على الحكومة من دون مواجهتها او الدخول في حال نزاع معها. بل إقناعها بقضية ما وهذه ليست مواجهة مع الحكومة".
فيما ترى سيدة الاعمال منى المؤيد انه آن الأوان ليتحرك القطاع الخاص بعدما تضررت مصالحه بشكل كبير بفعل قرارات وصفتها بالعشوائية والتي لم تأخذ المصلحة الاقتصادية للبلاد في الاعتبار.
تقول المؤيد: "لقد اثر بعض النواب في البرلمان على الشأن الاقتصادي من دون ان يكونوا معنيين بشكل اساسي في نتائج هذه القرارات وهذا ما دفع القطاع الخاص الآن للتطلع الى المشاركة في الشأن السياسي. كما تضررت الحريات العامة وأصبحت هناك آليات ضغط لا تصب في مصلحة مناخ الاصلاحات والحريات التي اتاحه عهد الانفتاح والاصلاح الذي دشنه صاحب الجلالة".
وتضيف: "ان الحضور الكبير الذي تميز به اللقاء التشاوري في الغرفة يعكس اهتمام التجار وتخوفهم من التمادي الذي ينتهجه بعض اعضاء البرلمان من دون ان يتركوا مساحة للاطراف الأخرى واخذ رأيها. نحن كبلد متسامح نرفض التطرف ونسعى دوما ان يكون بلدنا منفتحا ومتقبلا للآخر ويحترم الآخر. التشدد امر مرفوض ولا نقبل به كبحرينيين نحرص على مصلحة بلادنا".
وعن قدرة القطاع على التأثير في الساحة السياسية البحرينية في ظل المعطيات الحالية تقول المؤيد: "لابد للقطاع ان يتحرك بشكل ايجابي ومؤثر. ولابد من الاندماج في القضايا المطروحة على الساحة البحرينية. نحن من ابناء هذا البلد ويجب ان نتفاعل مع قضاياه بشكل ايجابي".
فيما يرى رجل الأعمال البحريني فؤاد كانو ان جميع القطاعات لها الأحقية في المشاركة في الشأن السياسي لما يخدم المصلحة العامة.
ويقول كانو: "هذه خطوة جيدة والقطاع التجاري مرتبط بشكل كبير بالشأن الاقتصادي وهذه المشاركة يجب ان تبنى على اساس التعاون والتفهم لمطلبات جميع الاطراف على الساحة السياسية من دون تقديم مصلحة طرف على آخر والقطاع التجاري هو جزء من العمود الفقري لهذا البلد".
وعما اذا كان كانو يتفق مع الآراء ترى ان هذه الخطوة جاءت لتدارك تحرك بعض الاطراف في صنع القرارات المؤثرة بالشأن الاقتصادي اكثر من المعنيين بالقطاع ذاته يقول كانو: "اعتقد ان الجميع قادر على التحرك وضمن المساحات المتاحة له وانا أؤمن ان جميع القطاعات قادرة على التحرك ضمن رؤيتها ووجهة نظرها التي ترى انها تصب في مصلحتها. السياسة ليس حكرا على أي طرف بل هي مشاركة يمكن ان تحقق المصلحة ويجب ان تكون التركيبة السياسية التي تتحرك على الساحة متناغمة ومتجانسة".
ويزيد: "اعتقد ان القطاع التجاري لديه خبراته ومعرفته بما يخدم الشأن الاقتصادي وقادر على ان يخدم المصلحة الاقتصادية بشكل كبير".
وعما يحتاجه القطاع التجاري للتأثير بالشأن السياسي يقول كانو: "لا ننسى ان التجربة البرلمانية هي حديثة العهد ولم تكن هناك رؤية واضحة بشأن هذه التجربة عندما اجريت الانتخابات الماضية لكن الآن اعتقد ان جميع شرائح المجتمع بدأت تتفهم هذه التجربة وتنسجم مع معطياتها وهذا ما شجع القطاع التجاري للتطلع نحو المشاركة في الشأن السياسي"
العدد 861 - الخميس 13 يناير 2005م الموافق 02 ذي الحجة 1425هـ