العدد 861 - الخميس 13 يناير 2005م الموافق 02 ذي الحجة 1425هـ

السفراء وأبناء الجاليات يشاركون في تأبين ضحايا تسونامي

في احتفال تأبيني بمأتم العجم الكبير

أقامت المؤسسات الأهلية في محافظة العاصمة احتفالا تأبينيا لضحايا زلزال تسونامي الذي ضرب جنوب شرق آسيا بحضور سفراء الدول العربية والدول المتضررة من الزلزال ورئيس وأعضاء مجلس بلدي العاصمة في مأتم العجم الكبير مساء أمس الأول.

وبدأ الحفل التأبيني بتلاوة آي من الذكر الحكيم بصوت القارئ يوسف عاشوري، ثم ألقى عريف الحفل رجل الأعمال أحمد التحو كلمة تأبينية باللغتين العربية والإنجليزية، وقال التحو: "في غفلة من الزمن فجع العالم أجمع بكارثة ماحقة لم ير مثلها من قبل مثيل. فلقد بقي الناس منذهلين أمام شاشات التلفاز لا يصدقون هول ما يرون وهم يشاهدون بأم أعينهم الآلاف المؤلفة من البشر تجرفهم مياه المحيط عن شواطئهم".

وأضاف التحو قائلا: "ولم نكد نستيقظ من هول الصدمة حتى فجعنا بالأرقام المخيفة التي طالعتنا بها أجهزة الإعلام، ابتداء بإندونيسيا والتي سقط فيها وحدها أكثر من 100 ألف ضحية والآلاف من المصابين والجرحى والمشردين واعتبرت الأكثر تضررا، فسريلانكا والهند وتايلند وجزر المالديف والقائمة تطول حتى وصلت آثار الكارثة إلى سواحل إفريقيا، علما بأن آخر حسبة للزلزال تقول إن الضحايا قد تجاوزوا الـ 165 ألف ضحية، والجرحى يفوقون نصف المليون والمشردون تجاوزوا الخمسة ملايين وعشرات المليارات من الخسائر المادية. وبحسب تقديرات الأمم المتحدة فإن كارثة تسونامي تعتبر أكبر تحد إنساني واجه المنظمة الدولية منذ تأسيسها في العام .1945

وتطرق التحو في كلمته الى تفاعل دول العالم حيال هذه الكارثة المفجعة إذ قال: "في الحقيقة لم تتوان دول العالم أجمع عن تقديم كل ما أمكن من مساعدات مادية وعينية من أدوية وأغذية وألبسة على مستوى الحكومات والشعوب والمنظمات الأهلية والخيرية، ومازالت لجان الإغاثة تعمل ليل نهار لنجدة ونصرة هذه الدول المنكوبة التي يقع غالبية سكانها تحت خط الفقر، وفي هذا الصدد لم تكن المبادرة الكريمة من الجهات الخيرية المنظمة لهذا الاحتفال التأبيني إلا بغرض المشاركة الإنسانية مع باقي دول العالم للتخفيف من معاناة هذه الدول والشعوب".

ثم ألقى رئيس صندوق المنامة الخيري إبراهيم حسن الحواج كلمة المؤسسات الأهلية الأربع المنظمة وهي "جمعية العاصمة للثقافة الاسلامية، جمعية المرسم الحسيني للفنون الاسلامية، جمعية سيد الشهداء الخيرية وصندوق المنامة الخيري". وقال الحواج في كلمته: "يمثل هذا الزلزال واحدة من الآيات العظيمة، والنوازل الجسيمة التي جاءت لتعصف بالانسان لتكشف ضعفه وعجزه ومحدوديته، وتبرز فيها القدرة الالهية المطلقة على تحريك أو إمساك كل ذرة من ذرات هذه الأرض، وكل حبة أو ورقة أو شجرة أو أي كائن في الارض أو في السماء فكلهم يأتون خاضعين خاشعين نحو حكم وإرادة خالق هذا الوجود".

وأردف الحواج قائلا: "إننا نقف معكم في هذا المقام مدفوعين بدوافع ثلاثة: أولها الدافع الانساني الذي يحتم على الانسان ان يستشعر ما يحل بأخيه الانسان، من نعمة أو بلاء فيشاطره أفراحه أو أحزانه، فيفرح لفرحه أو يحزن لحزنه انطلاقا من الحس الانساني الكامن في النفس والذي يربط بين افراد المجتمع الذي يعيش فوق هذا الكوكب بغض النظر عن الجنس أو العرق او المعتقد او غير ذلك، لأن الرابط الانساني شأنه ان يستبطن القيم السامية ويكبر عن كل تلك العناوين، ويتناسى كل تلك الفوارق".

اما الدافع الثاني لهذه الوقفة هو الرابط العقائدي الذي يربطنا بشريحة كبيرة من المنكوبين والمفقودين والمشردين على امتداد السواحل التي ضربها هذا الزلزال التاريخي بأمواجه المتلاطمة، ويأتي ذلك ضمن الواجب الديني الذي رسمته لنا تعاليمنا الإسلامية النبيلة من ضرورة مواساة المصاب، ومؤازرته وسد حاجته نفسيا وماديا.

وواصل الحواج حديثه عن الدافع الثالث قائلا: "كما ان لوقفتنا هنا هدف سام وهو استلهام الموعظة والاعتبار بهذه الكارثة، وتأكيد القناعة النفسية لدى الانسان بأنه ذلك المخلوق الضعيف والكائن الضعيف الذي لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، وذلك متجسدا في قوله تعالى: "إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا" "الإسراء: 75".

بعدها ألقى الشاعر محمد جعفر العرب قصيدة رثاء بالمناسبة، أكد فيها أن الحزن لف العالم كله بفقد هذا الكم الكبير من الضحايا في وقت زمني قصير.

ليتحدث بعده رئيس الجمعية الهندية ورئيس احدى الجمعيات الخيرية في جنوبي الهند محمد مدم الذي خاطب الحاضرين قائلا: "أتحدث لكم وقلبي أسى لهذه الكارثة المدمرة والتي لا نظير لها في التاريخ الحديث والتي ضربت أجزاء شاسعة من قارتي آسيا وإفريقيا، وهو أمر باعث على الاسى بفقد الضحايا وتشريد اللاجئين من الاطفال والنساء، لكنها ارادة الله التي شاءت ذلك ليعتبر منها بقية البشر".

وتحدث مدم عن الاجواء الحزينة التي شاهدها في عدة ولايات هندية ضربها الزلزال أو طالها الاعصار، وقال إنه رأى بأم عينيه كارثة انسانية بالغة الصعوبة، وأن أجزاء كبيرة من إحدى الولايات الهندية الكبيرة قد دمرت بفعل الزلزال والامواج العاتية التي ضربتها.

وأشار الى أن ما زاد من مأسوية الوضع أن سكان تلك الولايات لم يعرفوا بنبأ الإعصار الا بعد مرور أكثر من ساعتين من حدوثه الامر الذي قلل كثيرا من فرص نجاة عدد كبير من سكان هذه الولايات الذين ينتمي غالب سكانها الى طبقة الفقراء الذين يعتاشون على البحر".

بعدها عرض فيلم مصور عن الزلزال أنتجته فرقة المنامة للانتاج الفني، وأظهر الفيلم جانبا من مخلفات الكارثة متضمنا صورا وشهادات لما حدث من دمار شامل، كما حث منظمو الحفل المواطنين والمقيمين على التبرع للضحايا في حساب جمعية الهلال الأحمر البحريني.

وفي ختام الحفل ألقى أحد الصحافيين الذين التقوا بالبحرينيين الناجين من الزلزال كلمة أكد فيها هول التجربة التي عاشها هؤلاء المواطنون في ربوع تلك الدول في لحظات وقوع الزلزال. وقال في هذا الصدد "ما أروعه من مشهد انساني مليء بالشعور والاحاسيس الفياضة التي تتدفق من قلب يشارك بني الانسان أينما كان أحزانه وآلامه وأتراحه "..." لقد كانت لحظات صعبة ومأسوية عايشناها فجأة ومن دون سابق إنذار لنرى عشرات الآلاف من الاحياء قد تحولوا الى محفل رهيب لا لون فيه الا السواد، الآلاف قد غمروا في البحار وفي الوديان، وملايين شردوا من منازلهم ودار سكناهم بلا عودة".

ومضى قائلا: "كثيرة هي القصص التي نقلها البحرينيون الذين كتبت لهم حياة جديدة بعد نجاتهم من الموت المحقق في أمواج "تسونامي" بعد أن كانوا في قلب الحدث، ومن هذه القصص ما نقلته حكمة جعفر عابدين التي عادت إلى البحرين مع زوجها موسى سلمان فريدون وابنيهما سلمان ومحمد".

واختتم كلمته قائلا: "يوسف وزوجته ربما كانا الأوفر حظا اذ نجيا من هذه الكارثة، لكن عشرات الآلاف قد عانقوا الرمال، وملايين آخرين مشردون لا ملجأ لهم الا الله. لكن أجمل ما في الكارثة أنها أعادت للشعور الانساني وهجه وأحاسيسه الفطرية بعيدا عن ويلات السياسة التي أفقدته هذا الاحساس".

ومن جانبهم رحب السفراء بهذا الاحتفال، ووصفوه بـ "المبادرة النبيلة والكريمة من شعب البحرين الذي آلى المشاركة في مواساة الدول والشعوب المتضررة". كما أقيم معرض مصغر بالخارج لفنانين بحرينيين، وأضيئت الشموع للتعبير عن مواساة الضحايا

العدد 861 - الخميس 13 يناير 2005م الموافق 02 ذي الحجة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً