أثار رئيس جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان أكثر من شأن محلي في خطبة الجمعة التي ألقاها في جامع الإمام الصادق في القفول، فعن التعديلات الوزارية، قال "التعديل الوزاري أو بالأدق التدوير الوزاري جاء - كالعادة - من دون استشارات لقوى المجتمع وهذه ظاهرة سلبية، مبينا أن التدوير الوزاري صيغ من قبل فئة خاصة ليس منها حتى الوزراء، فضلا عن غيرهم من أفراد المجتمع، وهذا أسلوب يجب تجاوزه عند تشكيل أية حكومة جديدة نريد منها أن تكون قريبة من الناس.
وأعرب سلمان عن تقديره إلى بعض الإيجابيات في التعديل الوزاري الأخير، ومنها غياب بعض الوجوه العتيقة عن التشكيلة الجديدة، كما نقدر تقليص عدد الوزارات بشرط ألا يؤثر ذلك على توفير خدمات الناس.
ودعا سلمان التشكيلة الجديدة السعي إلى تغيير الواقع، والاقتراب من الناس بقدر الإمكانات المتاحة، مؤكدا في هذا المجال أنه يمد يده لأي وزير يتحرك إيجابيا في سبيل ذلك، وإن كنا بحاجة - كما قال - لإصلاح جذري في طريقة تشكيل الحكومة.
وفي حديث متواصل عن الطالب الجامعي، أكد سلمان أن المهمة الأساسية للطالب الجامعي هي التحصيل العلمي، فلا يجب عليه أن يشغل نفسه بمهمات أخرى تؤثر سلبا على هذه المهمة، هذا لا يعني ألا يهتم بأموره الحياتية أو الاجتماعية الأخرى، ولكن يجب أن يخصص الجزء الأكبر من اهتمامه في التحصيل العلمي في هذه المرحلة.
وشدد سلمان على أن التحصيل العلمي في المرحلة الجامعية مقدم على الأنشطة السياسية والدينية، لكنه استدرك قائلا: "صحيح أن الطالب الجامعي يجب أن يمارس دوره السياسي والديني، ولكن لهذه المرحلة مهمتها الأساسية الأولى، وهي التحصيل العلمي".
ونوه سلمان إلى أن أصحاب الدخل المحدود صاروا أكثر قدرة على التعليم الجامعي بعد المشروع الإصلاحي، نتيجة لانخفاض الرسوم الجامعية، وتوافر برامج المنح والإعفاء، معتبرا ذلك من النعم الإلهية التي تستحق الشكر الذي يتمثل في الالتزام بطاعة الله سبحانه وعدم الانحراف والتهاون في الأمور الشرعية حتى لو كان تحت ضغط الاختلاط في الجامعة.
ووجه سلمان دعوته إلى الجامعيين بالمساهمة في تطوير الجامعة بما يتوافر من إمكانات، والسعي للوقوف بوجه بعض المظاهر السلبية والغريبة عن مجتمعنا، والتي بدأت تظهر في الجامعة، إلا أنه اعتبر الأجواء العامة للجامعة أجواء محتشمة، ولكن هناك بعض التصرفات والفعاليات التي تحتاج لمن يتحرك ضدها، ويسعى لتغييرها، وهذه من مسئوليات الطالب الجامعي.
وبين سلمان أن هناك نتائج إيجابية لبعض التحركات الطلابية التي أثبت فيها الطلبة قدرتهم على التغيير، "ولذلك أرجو منهم أن لا يبخسوا قدرتهم على التغيير، ويجب أن يشارك الطالب الجامعي في مختلف البرامج الجامعية كالأندية وغيرها حتى يطور من المهارات التي من المفروض أن يتحلى بها، من القدرة على التعايش مع مختلف الكيانات وغير ذلك، كما أنه من خلال الدخول في هذه البرامج بإمكانه السعي من موقعه للحفاظ على الهوية الإسلامية للجامعة من الانحراف والفساد".
وتحدث خطيب مركز جامع سار الشيخ جمعة توفيق في خطبة الجمعة أمس عن فضائل شهر ذي الحجة بوصفه الشهر الذي يحج فيه الناس، فأكد أنه شهر عظيم جمع فيه الله الفضائل ونوع الطاعات ما لا يخفى إلا على أهل الغفلة والإعراض، مبينا أن العمل في هذه الأيام من قبيل الجهاد في سبيل الله إلا لمن قتل واستشهد، وأن الله شرع فيها أنواعا من العبادات من قبيل الصوم والتكبير بوصفه سنة تبدأ من دخول شهر ذي الحجة إلى آخر اليوم التاسع الذي يسميه العلماء بالتكبير المطلق.
وأوضح توفيق أن فضائل هذا الشهر وأعماله لا يستغني عنها إلا محروم، متسائلا: هل يستغني الإنسان عن مباهاة الله به أهل السماوات بعد أن جاءه حاج أشعث أغبر، مؤكدا أن من حرم نفسه من حج بيت الله هو إنسان محروم بحق.
واختتم توفيق حديثه ببعض المسائل الشرعية في الحج، فأكد بداية أن المسلم يجب أن يكون فقيها في دينه، وألا تمر به مسألة أو نازلة إلا ويجب أن يعلم حكمها، مبينا أنه من المسائل التي سيحتاج لها المسلم في عيد الأضحى المقبل هي اجتماع يوم العيد مع يوم الجمعة في وقت واحد، فأوضح أنه إذا اجتمع اليومان، يجوز لمن صلى العيد ألا يحضر صلاة الجمعة، وأن يصليها في بيته أربع ركعات، لكنه أكد ضرورة حضور الإمام صلاة العيد وصلاة الجمعة ليشهد الناس الصلاة، مشددا على أن من فاتته صلاة العيد وجب عليه حضور وأداء صلاة الجمعة، إذ بسبب تركه صلاة العيد، لا يرخص له ترك صلاة الجمعة.
ونوه توفيق ضمن شرحه للمسائل الفقهية أنه ينبغي بحسب أهل العلم للمسلم من باب الأولى أن يحضر صلاتي العيد والجمعة طلبا للفضيلة وتحصيلا لأجريهما، كما حث أئمة الجمعة على التخفيف من صلاة الجمعة إذا اجتمعت في يوم واحد مع صلاة العيد حتى لا يشق ذلك على الناس.
من جانبه، تكلم الشيخ عيسى أحمد قاسم في خطبة الجمعة في جامع الإمام الصادق في الدراز عن الإسلاميين والديمقراطية، فأكد أن الديمقراطية ليست من مستوى النظرة الأساس، فتحتاج إلى تأصيل، فهناك قضايا فوقية تحتاج إلى بنية تحتية لتقوم عليها، والديمقراطية - بحسب قاسم من القضايا الثانية وليست من القضايا الأولى.
وشدد قاسم على أن الديمقراطية تحتاج إلى تأصيل لا أنها هي التأصيل، معتبرا التأصيل الغربي للديمقراطية غير وارد عند الإسلاميين، أما الإمامة - بحسب قاسم - فقضية من القضايا الفوقية، والشورى قضية من القضايا الفوقية، وليستا من القضايا التحتية التي تتأسس عليها بنية الحياة، فالقضية الأم التي تتأسس عليها بنية الحياة، وتقوم عليها مثل قضية الإمامة والشورى هي قضية التوحيد.
وتساءل قاسم: "هل نجد تأصيلا للديمقراطية في الإسلام أو لا نجد؟ وأجاب: الديمقراطية بمعناها الغربي لم نجد لها تأصيلا في الإسلام، وإنما تأصيلها يتنافى مع التأصيل الإسلامي تماما، لكن هذا لا يعني أن الإسلاميين يعادون الديمقراطية بكل معانيها".
وتابع قوله "الإسلام من ناحية تشريعية يقول لا دين إلا الإسلام، ولا أطروحة إلا الإسلام، ومن أراد أن يطيع الله، فليس أمامه إلا أن يأخذ بالإسلام"، مؤكدا ألا تخيير من ناحية تشريعية، وإنما التخيير من ناحية تكوينية، إذ لفت إلى أنه إذا كان للإسلام طرح سياسي، فهذا الطرح السياسي ليس محل التخيير عند الإنسان، وإنما الإنسان لا يقبل منه الإسلام إلا أن يأخذ بنظامه السياسي إذا أمكنه ذلك.
ووصل قاسم إلى النتيجة نفسها بشأن الفقيه، فقال "إذا قلنا بأن الفقيه خليفة المعصوم في غيابه من ناحية الدور السياسي، ودور الحاكمية، فإنه أيضا إذا طرح الفقيه نفسه حاكما، وجب على المسلمين أن يبايعوه، وهم يستطيعون أن يمتنعوا عن مبايعته، ويستطيعون محاربته من ناحية تكوينية، أما على المستوى التشريعي، فإن الإسلام لا يسمح لهم بالتخلف عن هذه البيعة".
وخلص قاسم إلى أن المسلمين لا يتمتعون بالإرادة التشريعية، وبالصلاحية من ناحية دينية بأن يقبلوا الحكم الإسلامي أو لا يقبلوه، وإنما عليهم أن يقبلوه، وليس لهم أن يتخيروا بين نظام سياسي إسلامي وبين نظام سياسي علماني مثلا، هذا في الأصل. فإنه إذا وجد أكثر من فقيه فإن لهم أن يتخيروا بين هؤلاء الفقهاء، ويبايعوا من يرونه أنه الأصلح، هذه البيعة إما أن تأتي على مستوى أهل المشورة، أو تأتي على مستوى الأمة بكاملها.
وتابع قوله: "السيد السيستاني اليوم يطرح قضية الانتخابات، ويدعو الشعب العراقي إليها، ويوجب على الشعب العراقي أن يخرج إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بصوتهم للحكومة المنتخبة المؤقتة، فمن أين للسيد السيستاني أن يدعو لهذه الدعوة في وقت يعلم فيه أن الحكومة لن تكون إسلامية، وأن الحكم في العراق اليوم لن يكون إسلاميا، أيضا هذا سؤال كبير يفرض نفسه؟".
وأجاب "هناك ظرف عادي، وظرف ثانوي، ونحن في ظروف ثانوية، وليست ظروف عادية، والحكم قد يأخذ صيغة أخرى في ظل الظرف الاستثنائي دون صورته في الظرف العادي، ونحن نقبل في هذا العصر قضايا التصويت على أصل النظام السياسي، وعلى تشخيص السلطة، ومن يكون الحاكم، حتى لو كان الطرح هو التخيير بين الإسلام وغيره، أو كان الطرح بين فقيه وبين غير فقيه ممن لا يصلح في نظرنا للحكم من ناحية شرعية"
العدد 862 - الجمعة 14 يناير 2005م الموافق 03 ذي الحجة 1425هـ