كما خرج عدد من المثقفين المصريين في مظاهرات خلال الأسابيع الماضية مطالبة بتعديل الدستور، رافعة لافتات كتبت عليها كلمة "كفاية"، فإنه من حق المواطن البحريني أن يرفع لافتة شبيهة تطالب نوابهم، نواب الشعب "كفاية" ما يحدث اليوم في المجلس.
"كفاية" المشروعات المعلقة، "كفاية" الانتظار لكي ينعكس شيء من عمل المجلس الوطني ككل، والنيابي خصوصا على حياتهم اليومية، "كفاية" انشغالا لأمورهم الخاصة والبحث عن تقاعد وعن حصانة مدى الحياة، في حين أن الناس ينتظرون أن يتنزل عليهم معشار ما يطالب به النواب، وربما نعود من جديد لنذكر ونتذكر معا، أن المقترح النيابي سيمر سلاما سلاما لمزيد من خلق الهوة بين النائب والناخب، وربما ينتهي الفصل التشريعي، وفصول أخرى ولا يجد الناس من وعود النواب ما تحقق إلا في الحدود الدنيا.
كان أملنا أن يذهب النواب إلى المزيد من إنكار ذواتهم في هذه الظروف الحرجة التي يمر بها المجلس، بعد الانتقال إلى ما بعد انتصاف المدة الرباعية السنوات، من دون أن يتحقق للناس بعضا مما كانوا يأملون، وبعدما دخلوا صراعات بينية، وأفرغ بعض منهم مشروعات غير ذات بال على طاولات اللجان، وتحت قبة البرلمان، وبعد المشاحنات، والفئوية الواضحة التي تسيدت عمل البرلمان في الأدوار الماضية، فما بقي من المدة يعد قليلا جدا في حساب السباق الزمني، وليس هناك وقت "بدل ضائع"، ولن يحتسب "الحكم" "وهو هنا الناخبون" هذا الوقت لمباراة سيئة الأداء، كثرت فيها الأخطاء الفردية والجماعية، وتدخلت فيها قوى كثيرة لتحرفها عن تسجيل "الأهداف"، لتخرج السلطة التشريعية في نهاية المطاف بـ "التعادل السلبي" مع الحكومة، التي تمتلك من النقاط ما يؤهلها للفوز في نهاية "الدوري"، ما دامت تمتلك الملعب، وربما اللاعبين في بعض الأحيان.
إن أمل عدد من النواب اليوم في الحصول على مخصصات مالية، ومميزات "حصانية" في هذا الوقت الحرج بالذات، يزيد من حرج الجمهور الذي شارك في الانتخابات، ويزيد من حجج الجمهور الذي قاطع الانتخابات، وذلك تأسيسا على تعداد الامتيازات المالية خصوصا، بدءا من بدل السيارة إلى بدل المكتب، وهما البدلان اللذان طال بشأنهما النقاش والتجريح في بداية عمل البرلمان، وانتهاء بطلب التقاعد الفخم، والحصانة الدائمة مهما كانت الحجج التي سيقت لتبرير هذا الأمر، وبين هذا وذاك، التمسك بألقاب التفخيم الموروثة من "الدولة العلية العثمانية" كـ "صاحب السعادة" و"صاحب المعالي"، بينما الناس يضرسون.
إننا من هذا الموقع، نتمسك بالتجربة البرلمانية، ونرفض التصرفات الفردية فيها، وندعو النواب مرة أخرى إلى عدم استفزاز مشاعر الناس، حتى لا يقول لهم الناس: "كفاية".
المحرر البرلماني
العدد 871 - الأحد 23 يناير 2005م الموافق 12 ذي الحجة 1425هـ