واصل سوق السعودية للأوراق المالية، الذي يعتبر الأكبر في الوطن العربي من حيث القيمة السوقية، نموه بمعدل استثنائي، إذ أغلق مؤشر التداول السعودي في نهاية العام 2004 مسجلا 8,206,23 نقطة محققا نسبة نمو بلغت 84,9 في المئة في 2004 أي متفوقا على نسبة النمو المحققة في العام السابق والبالغة 76,2 في المئة.
وذكر تقرير أعده بيت الاستثمار العالمي "غلوبل" أن سوق السعودية للأوراق المالية تعتبر إحدى الأسواق المتميزة الأداء بمنطقة الشرق الأوسط. ويعود ذلك لأداء الشركات المتميز والسيولة المتوافرة نتيجة ارتفاع أسعار النفط وأيضا إلى الفكر الايجابي للمستهلك والشركات بالإضافة إلى زيادة استقرار المنطقة.
وأشار التقرير إلى أن زيادة نشاط السوق الأساسي أدى إلى انخفاض سعر الفائدة على الودائع المصرفية وإلى توجه المستثمرين لسوق الأوراق المالية سعيا إلى البحث عن عائد أفضل. كما ساعدت الحكومة والشركات الخاصة على استمرار هذا الاتجاه عن طريق إدراج الشركات بسوق الأوراق المالية وإدراك قيمتها الاستثمارية. وقد شاهدنا إدراج أسهم اكبر شركة تأمين سعودية وهي التعاونية للتأمين "خة" وشركة صحراء للبتروكيماويات واتحاد اتصالات وهناك الكثير من الشركات ينتظر انطلاقها في العام .2005 وجاء اهتمام المستثمرين بالسوق الأولى متمما لاهتمامه بالسوق الثانوية، إذ يبدو جليا أن الأسهم السعودية أثارت اهتماما كبيرا لدى المستثمرين مما هو واضح من كمية وقيمة الأسهم المتداولة بالسوق السعودية للأوراق المالية.
وأوضح التقرير أن مؤشر الصناعة سجل نموا بنسبة 150 في المئة في 2004 مقارنة بالعام الذي سبقه. ويرجع ذلك إلى النتائج المالية الممتازة التي سجلتها الشركات الصناعية. كما كان أداء مؤشر القطاع الزراعي جيدا في العام ،2004 وارتفع بنسبة 111,8 في المئة عن العام .2003 أما بالنسبة إلى مؤشر المصارف الذي يهيمن على السوق فارتفع بنسبة 97,1 في المئة في .2004 وأرجع التقرير هذه الزيادات اللافتة إلى الزيادة في ربحية قطاع المصارف الذي شهد زيادة في العمولات الخاصة "سعر الفائدة" وأيضا الربح من العمولات. كما اتسمت نظرة وكالات التقييم لقطاع المصارف بالايجابية، إذ شهد العام 2004 ارتفاعا في تقييم الكثير من المصارف السعودية.
ولاحظ التقرير أن هذا العام شهد ارتفاع معدلات تغطية الاكتتاب واهتمام المستثمرين بالاكتتاب الأولي للأسهم بسوق السعودية للأوراق المالية. كما شهد العام إدراج ثلاث شركات جديدة في السوق ليرتفع عدد الشركات المدرجة إلى .73 وتلك الشركات هي المجموعة السعودية للاستثمار الصناعي، شركة الصحراء للبتروكيماويات وشركة اتحاد اتصالات. تم تغطية الاكتتاب الأولي لتلك الشركات عدة مرات. فتمت تغطية اكتتاب شركة الصحراء للبتروكيماويات 125 مرة ليتم تحصيل مبلغ قياسي بلغ 37,5 مليار دولار أميركي. أما الاكتتاب الأولي لشركة اتحاد اتصالات، ثاني شركة جوال بالبلاد، فتمت تغطيته بمعدل 51 مرة. فكان من الطبيعي استمرار اهتمام المستثمر بالسوق الثانوية كما كان بالمجموعة السعودية للاستثمار الصناعي وشركة اتحاد اتصالات إذ كانا من أكثر الشركات الرابحة ذلك العام مسجلتين نسبة نمو بلغت 917 في المئة و652 في المئة على التوالي.
وقال التقرير إن القيمة السوقية لمؤشر التداول السعودي ارتفعت بنسبة 94,5 في المئة خلال العام 2004 إذ تخطى حاجز التريليون ريال سعودي. بنهاية العام 2004 بلغت القيمة السوقية 1,147,6 مليار ريال سعودي "305,9 مليارات دولار أميركي". ويعزو ذلك إلى ارتفاع أسعار الأسهم بالإضافة إلى إدراج شركات كبرى مثل اتحاد اتصالات والصحراء للبتروكيماويات. كما جاء إدراج التعاونية للتأمين بمثابة دفعة إضافية للسوق. هذه المرة كان قطاع الصناعة، وليس قطاع المصارف، صاحب أكبر قيمة سوقية "30,94 في المئة من إجمالي القيمة السوقية". وعلى رغم ذلك جاء قطاع المصارف في أعقابه مستحوذا على 30,37 في المئة من إجمالي القيمة السوقية في العام .2004 كما شهد قطاع الاتصالات دفعة قوية بعد إدراج شركة اتحاد اتصالات، وعلى رغم وجود شركتين للاتصالات فقط بالقطاع، فقد بلغت القيمة السوقية للشركتين 19,9 في المئة من إجمالي القيمة السوقية لسوق السعودية للأوراق المالية في العام .2004
وأوضح أن القيمة السوقية، من حيث الشركات، كانت للشركة السعودية للصناعات الأساسية الأكثر ارتفاعا بنهاية العام 2004 إذ بلغت 268,5 مليار ريال سعودي أو ما نسبته 23,4 في المئة من إجمالي القيمة السوقية. تليها شركات البنية التحتية، شركة الاتصالات السعودية ثم الشركة السعودية للكهرباء بقيمة سوقية 190,6 مليار ريال سعودي و111,25 مليار ريال سعودي على التوالي. وبالنسبة إلى قطاع المصارف، كانت شركة الراجحي المصرفية للاستثمار والبنك السعودي للاستثمار في طليعة القطاع بقيمة سوقية 90,2 مليار ريال سعودي بنهاية شهر ديسمبر / كانون الأول من العام .2004
وأشار التقرير إلى أن قيمة الأسهم المتداولة للعام 2004 بلغت ما مقداره 1,773,9 مليار ريال سعودي، بزيادة نسبتها 197,4 في المئة عن العام ،2003 إذ حقق قطاع الصناعة أعلى نسبة من حيث قيمة الأسهم المتداولة "624,6 مليار ريال سعودي" تلاه قطاع الخدمات "547,2 مليار ريال سعودي" ومن ثم قطاع الكهرباء مسجلا 211,1 مليار ريال سعودي. أما قطاع الزراعة فقد سجل أعلى قفزة من حيث قيمة الأسهم المتداولة محققا زيادة بلغت نسبتها 1480,7 في المئة خلال العام ،2004 وجاء قطاع الخدمات في المركز التالي بزيادة نسبتها 273,3 في المئة خلال العام .2004 وبالنسبة إلى أسهم الشركات احتلت أسهم الشركة السعودية للكهرباء مركز الريادة في السوق من حيث قيمة الأسهم المتداولة والتي بلغت 211,1 مليار ريال سعودي تليها شركة الاتصالات السعودية بمقدار 157 مليار ريال سعودي وشركة السعودية للصناعات الأساسية بمقدار 125,28 مليار ريال سعودي.
وذكر التقرير أن كمية الأسهم المتداولة شهدت ارتفاعا سنويا بلغت نسبته 85 في المئة في العام 2004 مقارنة بالنمو السنوي الذي شهده العام 2003 والبالغ 220 في المئة، إذ بلغ إجمالي كمية الأسهم المتداولة في العام 2004 إلى 10,29 مليار سهم مقارنة بعدد 5,56 مليارات سهم تم تداولها بالعام .2003 وحظي قطاع الزراعة بأكبر نسبة ارتفاع من حيث كمية الأسهم المتداولة، ليحقق زيادة نسبتها 396,9 في المئة في العام .2004 كما شهد قطاع الصناعة أيضا ارتفاعا بلغ 132,1 في المئة من حيث كمية الأسهم المتداولة، ما يعكس مدى اهتمام المستثمر بالقطاع. في حين سلك قطاع الاتصالات اتجاها معاكسا، إذ شهد انخفاضا من حيث كمية الأسهم المتداولة بلغت نسبته 9 في المئة في العام 2004 مقارنة بالعام السابق. جاءت الشركة السعودية للكهرباء في مقدمة السوق وشهدت كمية تداول لأسهمها بلغت 1,55 مليار سهم، تليها الشركة السعودية للمواشي، إذ تم تداولت 1,35 مليار سهم من أسهمها في العام .2004
وتوقع التقرير أن تحافظ السوق على استقرارها في الوقت الحاضر مدعومة بنوايا الحكومة الرامية للتنوع الاقتصادي وفتح المجال للقطاعات المختلفة مثل الاتصالات والمصارف والعقارات. فبالإضافة لتوافر السيولة، تم تنفيذ تغييرات جوهرية وتنظيمية للاقتصاد وسوق الأوراق المالية، ما سيدفع بعجلة السوق للأمام. فالسوق الأولى مليئة بالإصدارات الجديدة المتوقعة للعام ،2005 ما يجعلها عاملا مكملا للسوق الثانوية من حيث زيادة عمق السوق وارتفاع كمية التداول.
وقال التقرير إنه يتم حاليا التداول في سوق السعودية للأوراق المالية بمضاعف ربحية 20,4 مرة وسعر/ قيمة دفترية 5,34 مرة. وعلى رغم ارتفاع التقييم، فإنه يتوقع أن يستمر كذلك نظرا إلى عدم وجود أية تغيرات أساسيه للاتجاه العام لاقتصاد البلاد. وتوجد أسباب جوهرية قوية للاعتقاد بأن سلوك الأسواق المالية حيادي تجاه ارتفاع سعر الفائدة. فاستمرار الارتفاع في أسعار النفط الخام سينمي إيرادات النفط ونمو الائتمان، واستثمارات البنية التحتية، وتحرير الاقتصاد، كما ستكون عاملا محفزا لنمو الاقتصاد في جميع القطاعات على مستوى المنطقة. وبالنسبة إلى جهود القطاع الخاص للتمويل والخصخصة، فيتوقع أن يحفز نمو السوق، وعلى رغم أن سعر الفائدة متوقع له أن يرتفع، فلا نتوقع أن يحدث ذلك هزة غير طبيعية لسوق الأوراق المالية.
وأوضح التقرير أن نمو سوق السعودية للأوراق المالية جاء متسقا مع النمو الذي حققه قطاع الشركات السعودية. فإجمالي إيرادات الشركات السعودية بلغ 44,47 مليار ريال سعودي في العام ،2004 بزيادة قدرها 46,7 في المئة مقارنة بالعام السابق.
وأشار التقرير إلى أن إجمالي أرباح القطاع الزراعي بلغت 108,7 ملايين ريال سعودي في العام 2004 مقارنة بأرباح العام 2003 البالغة 42,5 مليون ريال سعودي. وزادت نسبة أرباح القطاع الصناعي 107,7 في المئة عن أرباح العام 2003 ويرجع هذا إلى النمو الهائل لأحد أكبر الشركات الصناعية في المنطقة، وهي شركة السعودية للصناعات الأساسية. إذ حققت الشركة ربحا للعام 2004 بلغت قيمته 14,24 مليار ريال سعودي والذي نسبته 113 في المئة عن العام .2003 ويعتبر هذا أعلى معدل ربح حققته الشركة منذ نشأتها. فقد بلغ ربح الشركة من المبيعات أعلى قيمة له وهي 68,7 مليار ريال سعودي "18,4 مليار دولار أميركي"، ما جعل سابك الشركة الأكبر في الشرق الأوسط من حيث إيراداتها.
وبين التقرير أن زيادة الأنشطة العقارية في البلاد أدت إلى ارتفاع قطاع الاسمنت الذي وصل إجمالي ربح شركاته في العام 2004 إلى 2,93 مليار ريال سعودي بزيادة قدرها 20,7 في المئة عن العام .2003 يعتبر هذا النمو كبيرا مع الأخذ في الاعتبار أن إجمالي صافي الربح المحقق لسنة 2003 بلغ 12 في المئة. وأعلنت شركة اسمنت تبوك عن نتائج قوية، ما وضعها في المقدمة، إذ سجلت نموا سنويا بنسبة 69,1 في المئة في العام .2004 كما سجلت أيضا كل من شركة اسمنت اليمامة السعودية المحدودة وشركة الاسمنت العربية المحدودة ارتفاعا أكثر من 40 في المئة في صافى الأرباح.
وقال التقرير إن قطاعات البنية التحتية، كقطاع الاتصالات والكهرباء أظهرت نموا متواضعا في العام ،2004 إذ بلغ صافي ربح شركة الاتصالات السعودية 9,31 مليارات ريال سعودي بنسبة نمو 9,3 في المئة مقارنة بالعام 2003 الذي سجل نموا بقيمة 8,52 مليارات ريال سعودي. ونتوقع أن يتعرض الهامش لضغوط خلال العام المقبل نظرا إلى خفض الأسعار في ظل المنافسة في قطاع الهواتف النقالة. أما الشركة السعودية للكهرباء، وهي من اكبر الشركات من حيث القيمة السوقية، فسجلت صافي ربح للعام 2004 بلغ 1,42 مليار ريال سعودي بزيادة قدرها 14 مليون ريال سعودي مقارنة بالعام .2003
وأوضح التقرير أن نمو صافي ربح قطاع المصارف زاد بنسبة 41 في المئة في العام ،2004 بفضل زيادة ثقة المستهلكين والشركات. في حين سجل بنك الجزيرة صافي ربح بمبلغ قدره 187,7 مليون ريال سعودي في العام ،2004 محققا نموا هائلا بنسبة 100,8 في المئة عن العام .2003 أما البنك العربي الوطني فسجل أيضا نموا سنويا هائلا بنسبة 52,2 في المئة في العام .2004 بينما سجل البنك الإسلامي الوحيد وهو شركة الراجحي المصرفية للاستثمار صافي ربح بقيمة 2,94 مليار ريال سعودي في العام ،2004 بزيادة قدرها 44,1 في المئة عن العام .2003
وبين التقرير أن نسبة انتشار عمولات المصارف السعودية آلت إلى التحسن في العام 2004 نتيجة انخفاض متوسط كلفة الأموال. وبدأت المصارف السعودية في تقديم خدمات والتوسع في منتجاتها الإسلامية طبقا للشريعة الإسلامية السمحاء لجذب موارد مالية بسعر اقل في شكل ودائع من دون عمولات، ما اثر مباشرة على ربحية تلك المصارف. ومع انخفاض سعر الفائدة بدأت المصارف السعودية في التنويع لزيادة دخلها وذلك عن طريق استهداف قطاع مصارف التجزئة بالتبادل مع قطاع الشركات، إذ إن هذا يجني عائدا اكبر بنسبة مخاطرة أقل
العدد 910 - الخميس 03 مارس 2005م الموافق 22 محرم 1426هـ