العدد 917 - الخميس 10 مارس 2005م الموافق 29 محرم 1426هـ

في الذكرى الخمسين لثورة النضال والتضحية

تخليد ذكرى جبهة التحرير الوطني مظهر حضاري من مظاهر الحياة وتواصلها وهو في حد ذاته رمز من رموز التقدير والعرفان لأناس أعطوا على مدار سنوات نضالهم كل ما من شأنه ان يضيف في سجلات الانجازات العظيمة لهذا الشعب الوفي.

ومهما تنوعت كممارسة العمل السياسي أو التضحية في سبيل الوطن لنيل الحرية والكرامة، ومنها الشهادة كل ذلك يصب في قالب واحد وهو العمل والعطاء بشرف وأمانة والذي لم يكن بالامكان تحقيقه لولا الترابط ووحدة الصف هو ذلك العنصر المتفوق القادر على الاستمرارية في العمل النضالي الشريف.

والبحرين وهي واحدة من تلك الدول التي انجبت الكثير من الرجال الأبطال المثقفين والمتحررين فكريا على الأصعدة والمستويات كافة، وكان طبيعيا أن يخرج بين الكثير من العناصر رجال يحملون فكرا وحسا وطنيا عملوا لسنين طويلة وبسرية تامة في خندق واحد فاكتسبوا شهرة واسعة وعمر حبهم قلوب الشعب بأسره.

فعلى مدار الخمسين عاما برزت جبهة التحرير الوطني وعندما نقف اليوم نخلد ونحيي ذكراها فإن ذلك يعني أولا وأخيرا مدى تقديرنا واعتزازنا للكفاح والنضال والتضحيات وللجهود التي بذلها أولئك الأبطال الصامدون، فجبهة التحرير فعلا هي رمز حيوي من رموز النضال والجهاد الطويل والمرير ومثل يحتذى به ويمني الانسان نفسه الوصول الى المرتبة التي وصل اليها قياديو ورموز وابطال وأعضاء هذه الجبهة الخالدة.

وحين نحتفل بذكرى تأسيس الحركة فإن احتفالنا سيكون بصورة مغايرة ومختلفة التقليد وسنخرج عن المألوف بروح وطنية جديدة نعبر فيها عن مشاعرنا وأحاسيسنا الوطنية والقومية فتتحول هذه الاحتفالية من صمت مهيب الى واقع وصرخة رهيبة تدوي في عمق الحدث.

خمسون عاما أبطالها ابناء البحرين الشرفاء الذين تحدوا كل الأهوال والصعاب وكلما وقعوا نهضوا وبقوة وتماسك اكثر متسلحين بفكرهم النضالي وعقيدتهم وايمانهم وولائهم وحبهم العميق لوطنهم.

أبطال حقيقيون لم يهربوا من الميدان ولم ييأسوا بل حملوا على عاتقهم مسئولية الوطن وتحملوا على كاهلهم أصعب الظروف والمحن وناضلوا وبذلوا الغالي والنفيس في سبيل الحرية والكرامة لأبناء هذا الوطن الغالي.

شهداء أبرار خالدون ومناضلون ثوريون سنخلدهم وسنترحم لشهدائنا وسنحيي ونكافئ قيادي ورموز نضالنا أحسن تكريم، والشعب بأسره سيلتهب حماسا وقوة اذ انه أدرك ان المطالب والآمال والمطوحات كانت معلقة بعقل وروح مناضلي جبهة التحرير الوطني فاقتدوا بهم وساروا على دربهم ومنهجهم، فأولئك المناضلون الشرفاء نالوا شرف التقدير بمواقفهم وتضحياتهم وعملهم السري المكتوم لسنين طويلة أهدرته يد البغي والظلم والفساد ووقفت في طريق الجبهة خشية تحقيق أهدافها ورغباتها، فزجوهم في السجون و نفوهم عن وطنهم بغية التخلص منهم ولطمس هويتهم لأن في اعتقادهم كل من نفي أو هاجر عن وطنه سينمحي وجوده لا وألف لا فالحرية والكرامة هي رمز النضال والصمود والتحدي فرجالنا ابطالنا وقفوا في وجه المرتزقة والخونة والجواسيس والعملاء الدخيلين وقفة رجال شرفاء وقفوا في وجوههم شعلة حارقة ألهبت نفوسهم المريضة البغيضة.

واليوم واجب على كل مواطن ان يجعل من هذه الذكرى والتكريم رمزا ونبراسا وعلما يقتدي به وان يتخذ موقفا قويا لا يتزحزح كيانه يعبر من خلاله عن مدى ادراكه للخطورة اذا ما فقدنا هويتنا النضالية أو تناسيناها أو تجاهلنا أولئك الابطال الاحرار الذين قادوا المسيرة بكفاح طويل ومرير وعاهدوا أنفسهم بالوفاء والأمانة والفداء من أجل حرية الوطن ونيل استقلاله.

لقد عانى ابطالنا على مدى عشرات السنين الكثير من التنكيل والتعذيب والتهجير، واليوم علينا ان نعيش عصرنا الذهبي بكل حرية وأمان ونزيح الكابوس الذي لازمنا طويلا، فهناك رموز لها دور فعال في التاريخ النضالي يجب ان تأخذ دورها وتبرز على الساحة بكل قوة فهي الاساس والقدوة.

وفي الذكرى الخمسين لجبهة التحرير نشد يدنا ببعض ونحيي ابطال وقياديي ورموز الهيئة العام 1954 الذين خاضوا النضال من أجل حرية الوطن واستقلاله وعملهم الدؤوب لصد أي فعل يعتمد على التمييز والتفرقة الطائفية.

تحية لابطال انتفاضة العام 1965 في ذكراها الاربعين تلك الانتفاضة الباسلة التي سطرت أروع البطولات في مواقفها التاريخية ومهدت الطريق لنيل شعبنا الأبي حريته والحصول على استقلاله السياسي، فهي شعلة أضاءت طريق الحرية وتركت اعمق الاثر لنضال هذا الشعب العظيم في شتى مواقفه البطولية.

تحية لرجال النضال السياسي القومي الذي شهد تضحيات كبيرة والتذكير بكل المواقف النضالية بتاريخها السياسي وقواه السياسية المهمة والتضحيات التي لا يمكن نسيانها أو نكرانها، تحية فخر واعتزاز لجبهة التحرير الوطني في عيدها الذهبي الخمسين فهو أول تنظيم سياسي انبثق العام 1955 بحكمة واقتدار والى قادة ورموز هذا التنظيم الأوائل الذين عاهدوا أنفسهم على العمل التحريري بكل اخلاص وأمانة، هذا التنظيم الذي عمل وقاوم بشكل سري لانهاء الوجود الاستعماري وتحقيق مطالب الشعب الكادح من عمل ومسكن وتحسين أحوال المعيشة للمواطنين كافة من دون تمييز.

تحية الى أبطالنا وفدائيينا وقادة انتفاضة التسعينات الباسلة الذين سطروا أروع البطولات والتضحيات الفدائية وذلك بفضل ترابطهم وتماسكهم ووحدتهم الوطنية وقدموا سيلا من الشهداء الخالدين من أجل البحرين وعزة وكرامة شعبها ونيل حقوقه المشروعة.

واليوم غير الأمس فكل الشعب وبجميع طوائفه من معارضين ومؤيدين ومستقلين لهم الحرية في ابداء الرأي فواجبهم الوطني يحتم عليهم المشاركة وممارسة نشاطاتهم ودورهم السياسي العلني بكل سهولة من دون خوف أو تردد محتمين بالميثاق الوطني الذي صوتوا له وأنهى حال الاحتقان السياسي ونتج عنه ممارسة العملية على أرض الواقع اتضحت معالمها وآثارها وهي خطوة أولى نحو دولة المؤسسات والقانون.

أما عن الاشكالات الدستورية فيجب التوصل الى حل لها عبر توافق وطني يشترك فيه كل فئات الشعب من دولة ومجلس نواب والتنظيمات الوطنية المستقلة، كما ان المطالبة بالتعديلات الدستورية حق مشروع ومطلب شعبي ومن أهمها فصل السلطات الدستورية، فالخلاف الرباعي المقاطع لبرلمان 2002 والمؤسسات المؤيدة له وما يحمله من بنود في الحقيقة هي تصب في خدمة المجتمع بأسره فالمشاركة الفعلية يجب ان تأخذ دورها بصورة حقيقية واعطائها الدور الايجابي في اتخاذ القرار.

فمن أجل استكمال الاصلاح الدستوري والسياسي والاقتصادي علينا جميعا ان نتكاتف ونعبئ كل الطاقات من أجل دفع العملية الديمقراطية وعلينا ان نقف في وجه كل من يحاول غرس الطائفية والفتنة بين صفوف الشعب ومحاربة كل أشكال الفساد والقائمين عليه.

خمسون عاما قدمت البحرين اعدادا كبيرة من أبنائها المناضلين شهداء سيظل بريقهم ونورهم ساطعا في سماء الحرية وخالدا في الدنيا والآخرة.

علي الوادي

العدد 917 - الخميس 10 مارس 2005م الموافق 29 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً