العدد 924 - الخميس 17 مارس 2005م الموافق 06 صفر 1426هـ

القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد

الشمر ابن ذي الجوشن - عليه لعنات الله وملائكته والناس أجمعين- الذي حز رأس الإمام الحسين "ع" وقطع أوداجه، يقول له الحسين "ع" وهو جاثم على صدره الكريم في يوم عاشوراء وهو يهم بفصل رأسه عن جسده الشريف: أمط اللثام عن وجهك يا هذا، لقد أخبرني جدي رسول الله "ص"، بقوله لي: يقتلك يا حسين، رجل أبرص له فم كفم الخنازير وشعر كشعر الكلاب، فرد عليه الشمر اللعين غاضبا: هكذا يصفني جدك.

واليوم يمارس هؤلاء الإرهابيون من أحفاد الشمر وزمرته الهمجية، الأسلوب نفسه في جز رؤوس الأبرياء وذبحهم، كما تذبح النعاج والمواشي بلا أدنى رحمة ولا شفقة، ويمارسون إرهابهم في العراق، ويفجرون سياراتهم المفخخة في الأماكن المقدسة والمساجد والمآتم والتجمعات إثما وظلما وعدوانا وحقدا وكراهية، ولقد راح الآلاف من الأبرياء ضحايا للجرائم النكراء التي ارتكبها هؤلاء القتلة الإرهابيون، السفاكون للدماء والزاهقون للأرواح في الأشهر الحرم وفي الأماكن المقدسة ودور العبادة والمساجد والحسينيات عمدا وعن قصد وبلا خوف من الله القوي الجبار، قاصم الجبارين ومبير الظالمين.

وهكذا تتكرر المذابح والمجازر في كل يوم، ويسقط العشرات بل المئات من القتلى والجرحى، وتدمر المعدات والمنشآت والمرافق الحيوية في البلاد، من أجل بث الرعب وإثارة الفزع في صفوف الناس، وهدفهم الأساسي هو زرع بذور الفتنة والتفرقة وإثارة النعرات الطائفية، وإشعال حرب أهلية يروح ضحيتها المئات بل الآلاف من أبناء الشعب العراقي، ولكن وعي ويقظة هذا الشعب بكل فئاته وطوائفه، يحرمهم من ذلك ويفوت عليهم ما يهدفون إليه، ويفشل كل ما يخططون له، ويجعلهم في حال من التخبط والقنوط واليأس، فيتمادون في غيهم ويسرفون في جهلهم وضلالهم.

وقوات الاحتلال التي تنتشر في العراق من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه تقف عاجزة عن منع هؤلاء الإرهابيين القتلة من الاستمرار في ارتكاب جرائمهم النكراء، وممارساتهم اللاإنسانية واللاأخلاقية، والمنافية لكل القيم والمبادئ الإنسانية، لكونها تطول وتهدف إلى النيل من الأبرياء عن عمد وتقصد مع سبق الإصرار والترصد، ولا نجد من يستنكر مثل تلك الجرائم التي ترتكبها عصابات المجرم السفاح المدعو الزرقاوي، القاسية القلوب والمتحجرة العقول والمتخلفة عن ركب المدنية والحضارة.

فبالأمس القريب استهدف هؤلاء المجرمون القتلة طابورا من الشباب العراقي في مدينة الحلة، اصطفوا أمام أحد المراكز الطبية، بهدف إجراء الفحوص الطبية للعمل في سلك الجيش والشرطة، وكانت لهم السيارة المفخخة بالمرصاد، واقتحم منفذ الاعتداء الغاشم جموعهم وفجر نفسه في وسطهم وسقط أكثر من 125 قتيلا، أصبحوا أشلاء تطايرت إلى مسافات كبيرة و130 جريحا امتلأ بهم مستشفى المدينة ما اضطر المشرفين إلى أن يستدعوا أطباء من المدن المجاورة.

فهل يعتقد هؤلاء المجرمون القتلة بأن استهداف المدنيين الأبرياء، والتعمد والإصرار على قتلهم وارتكاب الجرائم الشنيعة بحقهم، سيمكنهم من القضاء على تلك الطائفة الكريمة في العراق والاقتصاص منها، وهل تستطيع تلك الجماعات التكفيرية والظلامية بعملها هذا الذي يستهجنه ويستنكره العالم بأسره، أن يبثوا الفرقة والتفرقة بين صفوف الشعب العراقي الواعي والرافض لهم ولسلوكهم وتصرفهم الأهوج، وهم بأعمالهم الرعناء وبهمجيتهم وعنفوانهم الوحشي، وحبهم لسفك الدماء، يسيئون للعرب والمسلمين ويشوهون صورة الإسلام الناصعة البياض، الإسلام الذي هو دين المحبة والتسامح والسلام، والدين الذي يحرم ويجرم القتل ويعده من الكبائر والآثام التي تغضب الرب - جل جلاله وتنزل سخطه وبلاءه - جلت قدرته، وكل الذين يساعدونهم ويتسترون عليهم هو شركاء معهم في الجرائم الوحشية التي يرتكبونها، ودماء الأبرياء هي مسئولية كبرى في أعناقهم، وسيحشرون معهم في نار جهنم مع القردة والخنازير وسيلعنهم اللاعنون، عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.

فإلى متى سيستمر مسلسل قتل الأبرياء وإشاعة الخوف والفزع والرعب، بين صفوف أبناء الشعب العراقي الذي قاسى الأهوال وتحمل الويلات والعذاب طوال أكثر من ثلاثة عقود ونيف، وحان الوقت لأن تتكاتف جموع الشعب بالتعاون مع رجال الجيش والشرطة للقضاء على تلك الجماعات الإرهابية والإجرامية التي تتحالف مع فلول صدام المنهارة والفئات الأخرى الحاقدة، والتي هدفها القتل وارتكاب الجرائم الوحشية لزعزعة الأمن وإشاعة الفوضى وعدم الاستقرار في العراق، لتتمكن من استغلال الأوضاع لصالحها والاستمرار في قتل وذبح الأبرياء وإراقة الدماء، لتشبع نهمها وتروي تعطشها في سفك المزيد من الدماء وقتل المزيد من الأبرياء، ظنا منها بأنها ستستطيع التغلغل في صفوف بعض المضللين والمغرر بهم، وتتسلق على أكتاف الآخرين إلى كراسي السلطة والحكم في العراق، تحت مسميات وشعارات جوفاء تخدع بها هؤلاء الحمقى والجهلة من الناس.

محمد خليل الحوري

العدد 924 - الخميس 17 مارس 2005م الموافق 06 صفر 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً