العدد 957 - الثلثاء 19 أبريل 2005م الموافق 10 ربيع الاول 1426هـ

30 جمعية سياسية وحقوقية تتشاور اليوم بشأن "قانون الإرهاب"

الوسط، المنامة، بني جمرة - أماني المسقطي، تمام أبو صافي، حيدر محمد 

19 أبريل 2005

أكد نائب الأمانة العامة للجمعية البحرينية لحقوق الانسان سلمان كمال الدين أن جمعيته بصدد الاجتماع مساء اليوم "الأربعاء" في مقر الجمعية مع ممثلين عن ثلاثين جمعية سياسية وحقوقية، إضافة إلى دعوة نحو عشر شخصيات قانونية وحقوقية، للتشاور بشأن اتفاق مشترك لوضع آلية للتعاطي مع مقترح قانون مكافحة الإرهاب الذي قدمته الحكومة وأعطته صفة الاستعجال لاقراره من قبل مجلس النواب.

ورفضت فعاليات برلمانية وحقوقية وسياسية في ندوات ولقاءات "مشروع قانون مكافحة الإرهاب" ووصفوه برسالة لـ "تسكين روع" الى الدول الغربية ، لكن في الوقت ذاته يفسح المشروع الباب لاحتمال سوء استغلال فيما لو طبق على النشاطات المدنية السلمية التي لا دخل لها بالارهاب من قريب او بعيد. ودعا حقوقيون اعضاء البرلمان الى الاستجابة لدعوات التعديل في جوهر ونصوص القانون قبل تشريعه.

مناقشة مشروع قانون الإرهاب في ندوة جمعية العمل الوطني الديمقراطي

القانون صورة مشددة لقانون العقوبات ويتنافى مع استراتيجية الأمم المتحدة

المنامة - تمام أبوصافي

أجمع قانونيون وحقوقيون على أن مشروع مكافحة الارهاب الذي أحالته الحكومة حديثا الى مجلسي النواب والشورى لمناقشته بصفة مستعجلة يتناقض بشكل كبير مع جميع استراتيجيات الامم المتحدة لمكافحة الارهاب.

واشار المحامي سامي سيادي والناشط الحقوقي عبدالنبي العكري خلال مشاركتهما في ندوة أقامتها جمعية العمل الوطني الديمقراطي مساء يوم الاربعاء الماضي في مقر الجمعية والتي تناولت مشروع قانون مكافحة الارهاب الى ان مشروع القانون شكل استثناء لما جاء في قانون العقوبات إذ ذهب إلى مضاعفة وتغليظ العقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات وأخل بشخصية العقوبة بشكل واضح من خلال المادة "34".

وفي الوقت الذي أبدى فيه المتحدثون ارتياحهم للتصريحات التي وردت حديثا من صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عن مشروع القانون فانهم اعتبروها في السياق النظري مناشدين صاحب الجلالة عدم العودة الى عهد أمن الدولة بقانون شبيه له ومؤكدين ضرورة اتخاذ النهج الديمقراطي في أي مشروع يتصدى لظاهرة الارهاب.

وقال سيادي: "قد نستطيع ان نفهم ان قانون التجمعات الذي كانت طرحته الحكومة في السابق هو تطوير للقانون المعمول به الآن ولكن ما لا نستطيع ان نفهمه هو لماذا يتم طرح قانون مكافحة الارهاب؟ ان جميع مواد التجريم التي جاء بها هذا القانون موجودة في قانون العقوبات المعمول به في المملكة. فلو اخذنا على سبيل المثال تعريف الارهاب بحسب مشروع القانون نجد نصا مماثلا له في قانون العقوبات في الفصل الثاني الخاص بالمساس بأمن الدولة. اذن المسائل ذاتها تعالج من قبل قانون العقوبات".

واضاف "هناك الكثير من المواد التي وردت في مشروع قانون مكافحة الارهاب هي موضع تجريم في قانون العقوبات. ووضع قانون خاص للجرائم نفسها يؤدي الى تقديم الخاص على العام إذ تم تغليظ ومضاعفة العقوبات للجرائم نفسها التي وردت في قانون العقوبات. هناك ايضا الكثير من المواد ذات الطابع الاستثنائي والتي تستثني ما جاء بقانون العقوبات وعلى سبيل المثال المادة "125" التي تستثني بموجبها تخفيض المادتين "71" و"72" من قانون العقوبات والخاصتين بالأعذار المخففة وتوافر ظروف تبعث الرأفة بالمتهم مثل صغر سن الجاني أو الظروف الاجتماعية وهذا الاستثناء يجافي ما استقر عليه الفقة الجنائي".

إطلاق يد النيابة

وعن الصلاحيات التي وفرها قانون مكافحة الارهاب للنيابة العامة، قال سيادي: "لقد اطلق قانون مكافحة الارهاب يد النيابة العامة وأعطاها سلطات قضائية من خلال المادة "29". اذ ان الاستثناء من الاحكام المنصوص عليها في قانون الاجراءات الجنائية يكون للنيابة العامة في تحقيق الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون بالاضافة الى الاختصاصات المقررة لها - سلطات قاضي المحكمة الصغرى المنصوص عليها في قانون الاجراءات الجنائية وسلطة المحكمة الكبرى الجنائية منعقدة في غرفة المشورة المنصوص عليها في المادة "148" منه على ان يصدر امر الحبس من المحامي العام او من يقوم مقامه لمدة او لمدد متعاقبة لا يزيد مجموعها على تسعين يوما ومع عدم الاخلال بحكم الفقرة "ج" من المادة "89" من الدستور واحكام المادة "43" من قانون السلطة القضائية الصادر بالمرسوم بقانون رقم "42" لسنة 2002 لا تتقيد النيابة العامة في مباشرتها التحقيق وتحريك الدعوى في الجرائم المشار اليها في الفقرة السابقة بالقيود المنصوص عليها في المادة "12" من قانون الاجراءات الجنائية. وهنا نجد أن مشروع القانون أعطى النيابة العامة حقوقا وسلطات هي أساسا للقضاء والدولة تقوم على الفصل بين السلطات ويجب الا تتداخل اعمال أي سلطة مع سلطة اخرى وان كانت النيابة العامة تعتبر احدى شعب السلطة القضائية لكن ما جاء في المادة "29" يعد من اختصاصات السلطة القضائية".

واضاف "هناك تناقض واحد مع ما جاء به قانون العقوبات بشأن حق الدفاع، إذ المتهم بريء حتى تثبت ادانته وشخصية العقوبة من خلال مصادرة اموال المتهم اذ لا يوجد أي قانون في العالم يمتد بالتجريم او الفعل الجنائي للغير. إذ لا يمكن محاسبة شخص على فعل ارتكبه شخص آخر. لذلك نجد ان هذا القانون جاء ليصادر اهم اركان تجريم العقوبة إذ امتد لأموال الزوج او الزوجة. وللمزيد من الايضاح بهذا الشأن نأخذ المادة "34" إذ يحق للنائب العام عند الضرورة اذا قامت دلائل على جدية الاتهام في أي من الجرائم المنصوص عليها في القانون ان يأمر بمنع المتهم من السفر أثناء التحقيق او أن يأمر مؤقتا بمنعه من التصرف بأامواله او إدارتها او غير ذلك من الاجراءات التحفظية ويجوز ان يشمل امر المنع من التصرف او الادارة اموال زوج المتهم واولاده القصر اذا ثبت ان هذه الاموال قد آلت اليهم من المتهم ويجب ان يشتمل أمر المنع من الادارة تعيين من يدير الاموال المتحفظ عليها وعلى النائب العام في جميع الاحوال ان يعرض أمر المنع على المحكمة الكبرى الجنائية سبعة ايام على الأكثر من تاريخ صدوره بطلب الحكم بالمنع من التصرف والادارة والا اعتبر الامر كأن لم يكن".

الإرهاب ظاهرة اجتماعية

وعن عقوبة الشروع التي نص عليها قانون مكافحة الارهاب قال سيادي: "لقد عاقب القانون على الشروع بالجريمة من خلال المادتين "18" و"19" بان يعاقب المتهم بالشروع في احدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون بذات العقوبة المقررة للجريمة التامة. والحقيقة انه لم يمر بالفقه الجنائي ان تتساوى عقوبة الشروع مع عقوبة ارتكاب الفعل الجنائي".

واضاف "هناك طمأنة من صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة بأن هذا القانون لن يمس الحريات التي كفلها الميثاق والدستور ولكن هذه الطمأنة تأتي بالسياق النظري ولن يؤخذ بها في التطبيق العملي واذا لم يكن القانون هو الذي يحمي الحقوق ويصون الحريات لن تتحقق الفائدة. يجب ان تكون القوانين ذات أبعاد ديمقراطية وتحافظ على الحقوق واي استراتيجية لمكافحة الارهاب يجب ان تهدف الى تأصيل السلوك الديمقراطي وتقضي على التمييز لأن الارهاب لا ينظر اليه بمنظار سياسي بقدر ما هو أصلا يشكل ظاهرة اجتماعية".

فيما اعتبر العكري ان ما جاء في مشروع قانون مكافحة الارهاب يتعارض بشكل واضح مع جميع استراتيجيات الامم المتحدة لمكافحة الارهاب.

وقال العكري: "هناك استراتيجية للأمم المتحدة ستعرض في سبتمبر/ ايلول المقبل على الامين العام كوفي عنان إذ كان كلف 16 شخصية دولية لوضعها وجزء منها يركز على مشكلة الارهاب إذ يقارب مسألة الارهاب في اطارها السياسي والاجتماعي أي انها ليست قضية سياسية بقدر ما هي نتاج ظروف معيشية وايضا يؤخذ بمعالجة هذه المسألة تضارب الارهاب مع مقاومة الاحتلال وحق الشعوب في تقرير مصيرها".

وعن تعريف الارهاب الذي ورد في مشروع القانون قال العكري: "لقد طرح المشروع تعريفا تجاوز تماما ما يقارب تشخيص الامم المتحدة لهذه الظاهرة وهو ما تسعى اليه وهنا نجد أن المشروع يتوسع في تعريفه للارهاب بل ويفسر نوعا من الأقوال والآراء والتوجهات بمثابة أفعال مادية والارهاب اصلا فعل مادي".

واضاف "هناك مضاعفة للعقوبة لا تتناسب مع الجرم كما ايضا أسيء استخدام الحريات فلو نظرنا الى المادة "10" في مشروع القانونجدها تعاقب بالحبس او الغرامة او باحدى هاتين العقوبتين كل من استغل دور الدين او دور العبادة او الاماكن العامة او المناسبات الدينية في بث دعايات مثيرة او افكار متطرفة او رفع لافتات او ملصقات او صور او رموز من شـأنها اثارة الفتنة او التحقير من الأديان السماوية او رموزها الطوائف المنتمية. وهذا قد يضع الكثير في دائرة الاتهام اذ ان هناك اختلافات عقائدية في داخل الدين الواحد كما هو الحال في المسيحية واليهودية وبالتالي أي ابراز للاختلاف العقائدي قد يتحول الى جرم بفعل هذا القانون".

واشار العكري الى عدم انسجام ما جاء في مشروع القانون مع استراتيجيات الامم المتحدة بالقول: "لقد تناقض هذا المشروع مع كل ما جاء بمواثيق حقوق الانسان إذ ان هذا القانون لا يتوافق مع العهد الدولي لحقوق الانسان ولا يتوافق مع الاستراتيجيات التي طرحتها الامم المتحدة وقد حذر الامين العام للامم المتحدة من اساءة استخدام السلطات على اعتبار ان أولى ضحايا الحرب على الارهاب هي حقوق الانسان".

وفي نهاية حديث العكري، قال: "اتوجه الى صاحب الجلالة الذي كان له موقف شجاع في الغاء قانون أمن الدولة بألا نعود الى ذلك العهد بشيء شبيه له".

في اجتماع يعقد اليوم في مقر الجمعية

"البحرينية لحقوق الإنسان" والجمعيات السياسية تناقش "قانون الإرهاب"

الوسط - أماني المسقطي

ذكر نائب الأمانة العامة للجمعية البحرينية لحقوق الانسان سلمان كمال الدين إن جمعيته وجهت دعوة لنحو 30 جمعية من مؤسسات المجتمع المدني المعنية بالشأن الحقوقي، إضافة إلى توجيه الدعوة لنحو 10 شخصيات قانونية وحقوقية، وذلك من أجل المشاركة في اجتماع تعقده الجمعية في الساعة 7,00 مساء من مساء اليوم في مقر الجمعية، بغرض التشاور بشأن الاتفاق على وضع آلية للتعاطي مع مقترح قانون مكافحة الإرهاب الذي قدمته الحكومة وأعطته صفة الاستعجال لاقراره من قبل مجلس النواب.

يأتي ذلك في الوقت الذي كان عضو مجلس إدارة الوفاق الوطني الإسلامية جلال فيروز قد أكد أن جمعيته بصدد الدعوة إلى التحرك للتصدي للقانون، الذي يكون على شكل اجتماع يضم ممثلين عن الجمعيات السياسية والحقوقية للخروج برؤية في هذا الشأن.

وفيما رفض كمال الدين ايضاح الآلية التي سيتم طرحها خلال الاجتماع من قبل الجمعية، مفضلا عدم الحديث عنها قبل مناقشتها والتعرف على وجهات نظر الجمعيات والجهات الأخرى التي ستجتمع اليوم من أجل ذلك، أكد عدم توجيه دعوة لأي من أعضاء الوطني بغرفتيه الشورى أو النواب لحضور الاجتماع. مؤيدا وجود توجه عام للمطالبة بسحب المقترح دون الاكتفاء بتعديله فقط.

وقال: "لقد أشار جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حين اجتمع مع عدد من ممثلي المجلس الوطني، اشار إلى أنه لا مساس بالحريات الدستورية والمكاسب الديمقراطية، ونأمل أن تكون هذه الاشارة قد اتضحت لدى المعنيين بمن صاغوا هذا القانون وبمن سيناقشه لاحقا".

ووصف كمال الدين هذه المبادرة بأنها تأتي بمثابة استشعار من الجمعية بخطر نتائج هذا القانون على مسار الحراك الديمقراطي وحقوق الانسان في المملكة والذي قطع شوطا مضيئا في بعض جوانبه، مشيرا إلى أن المقترح بقانون فاجأ الجميع في معظم مواد بنوده التي جاءت مخالفة لمواد ميثاق العمل الوطني والذي توافق عليه شعب البحرين بصورة شبه مطلقة، مضيفا إلى أنه لم يخل من مخالفة صريحة في معظم مواده أيضا لدستور المملكة وللمواثيق والمعاهدات المتعلقة بحقوق الانسان التي صدقت عليها وانضمت إليها مملكة البحرين والتي لها صفة الالزام للمملكة.

وأكد أن بعضا من مواد المشروع غطاها قانون العقوبات البحريني المعمول به، مبديا استغراب جمعيته من طرح الموضوع بصفة الاستعجال، لافتا إلى أنه على رغم أن المملكة شهدت صراعا وخلافا حضاريا أخذ طابعه السلمي والحضاري بغض النظر إن كان هناك اتفاق أو اختلاف في وجهات النظر بشأنه، فإنه على رغم ذلك لم تشهد المملكة أية منظومات ارهابية أو أعمال تخريبية تستوجب اصدار مثل هذه القوانين وطرحها بصفة الاستعجال، منوها إلى أنه على رغم افتراض حدوث بعض الأعمال المخلة بالأمن، فإن مرجعها تصرفات فردية يتعاطى معها قانون العقوبات ويستنكرها الجميع.

وكانت الجمعية قد أبدت في بيان صادر عنها قلقها ازاء قانون مكافحة الارهاب وخصوصا في ظل القوانين المستحدثة كقانون الصحافة والطباعة والنشر ومشروع قانون التجمعات وقانون الجمعيات السياسية وقانون الجمعيات الأهلية وكلها قوانين تحد من الحريات العامة.

كما أكدت خلال البيان أن هذا المشروع يهدد أمن وسلامة المواطن ويقدم الغطاء القانوني للدولة لممارسة الارهاب ضد مواطنيها وذلك بتفسير أي نشاط أو مطالبة بحقوق معينة أو حتى التفكير فيها بأنه نشاط إرهابي يعاقب عليه القانون بأقصى العقوبات قد تصل إلى الإعدام، كما ان هذا القانون من شأنه المعاقبة على ما في ضمائر الأشخاص التي لا يمكن لأي بشر أن يعرف كنهها، الأمر الذي يفتح الباب واسعا أمام الأجهزة الأمنية ويطلق يدها لاعتقال المواطنين وتوجيه التهم إليهم لمجرد التفكير أو التفوه بكلام لا ترضى عنه السلطة أو الاعتراض على قرار أو انتقاد أداء الحكومة وغير ذلك.

في ندوة "قانون مكافحة الإرهاب" بمجلس الجمري

الشملاوي: قانون الإرهاب "كارثة"... وعبدالعال يقول إنه رسالة إلى واشنطن

بني جمرة - حيدر محمد

قال عضو الكتلة الاقتصادية بمجلس النواب النائب جاسم عبدالعال إن "مشروع قانون مكافحة الإرهاب تريد الحكومة سنه لبعث رسالة "تسكين روع" الى الدول الغربية التي لها جاليات في المملكة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الاميركية بأن البحرين لديها من القوانين والتشريعات الصارمة التي لا تجعل البعض يتخذها أرضية خصبة لممارسة الإرهاب". جاء ذلك في الأمسية التي أقامها مجلس الشيخ الجمري مساء أمس لمناقشة مشروع قانون مكافحة الإرهاب الذي تضمن ديباجة وخمسا وثلاثين مادة وأرسلته الحكومة إلى مجلس النواب لينظر بصفة الاستعجال.

ونقل عبدالعال عن جلالة الملك الذي التقى السلطة التشريعية، قوله إن مشروع القانون رفع إلى جلالته على عجل، وكان جلالة الملك متخوفا من بعض مواده، ما حدا به إلى دراسته مرة أخرى خلال زيارته لشرم الشيخ، وأوعز الى أعضاء المجلس الوطني ترشيد القانون وفقا لمصلحة الوطن والمواطن.

وأشار عبدالعال إلى أن مشروع القانون "سيعرض على اللجنة التشريعية في المجلس لمعرفة إذا ما كانت بعض بنوده متعارضة مع أحكام الدستور، فضلا عن عرضه على اللجنة المختصة وهي لجنة الشئون الخارجية والدفاع والأمن الوطني لدراسته باستفاضة واستشارة ذوي الاختصاص بشأنه".

وأوضح عبدالعال أن مواد القانون "تحمل الكثير من العبارات المطاطة التي تحمل أكثر من معنى وفقا للتفاسير القانونية المختلفة، من قبيل لفظة الإرهاب التي استخدمها القانون غير مرة، وتكمن الخطورة إلى غياب مصطلح دولي جامع مانع لتعريف هذه المفردة التي يتعسف في استخدامها دون وجه حق، ولنقس على ذلك المفردات الأخرى"، داعيا مؤسسات المجتمع المدني وخصوصا الجمعيات السياسية والناشطين الحقوقيين إلى مؤازرة المجلس النيابي على تعديل هذا القانون لكيلا يكون مصادرا للحريات كما هو واضح في شكله الحالي.

فيما أكد الناشط والمحامي عبدالله الشملاوي أن "البحرين مصدقة على الاتفاق العربي لمكافحة الإرهاب وعلى معاهدة منظمة المؤتمر الإسلامي لمكافحة الإرهاب الدولي، فضلا عن غيرها من المراسيم الداخلية، وبالتالي تكفي تلك المنظومة القانونية الواردة في ديباجة المشروع لنظم أي نشاط إجرامي، دونما حاجة إلى إصدار هذا القانون؛ ولاسيما بعد تصديق البحرين على المعاهدات الإقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب، وصيرورة تلك المعاهدات جزءا من النسيج القانوني لمملكة البحرين"، معتبرا أن إصدار هذا القانون بصورته المعروضة على مجلس النواب، أمرا لا ضرورة له، بل إن من الضروري عدم صدوره لما فيه من تشدد غير محمود في العقوبات وغياب الصناعة التشريعية عنه".

ورأى الشملاوي أن لا عذر للبحرين في سن هذا القانون، لأن الدول الشقيقة التي تتعرض لهجمات إرهابية يومية لم تشرع قانونا مماثلا على رغم حاجتها إليه، "ويمكن التماس العذر لصناع القرار في بعض الدول المجاورة التي وقعت فيها حوادث إرهابية بشكل يومي، أما في البحرين، وهي بمنجاة من الإرهاب، فلا نجاوز الحق إن قلنا إن هذا القانون يخلق إرهابا للناس، من جهة سعة عباراته وغموض مصطلحاته كحديثه عن المساس بالوحدة الوطنية أو إحداث كارثة أو إثارة أفكار متطرفة أو إثارة الفتنة استنادا إلى دلائل، وهي عبارة أكثر غموضا من العبارات الأخرى، ومضاعفة العقوبات من المؤقت إلى المؤبد، وتكرار ورود عقوبة الإعدام في أكثر من موضع بين ثنايا نصوصه، على رغم أن عقوبة الإعدام من المسائل التي تصارعت فيها الفلسفات والعواطف والمعتقدات، إذ كانت هذه العقوبة كالسيف المسلط في يد الدولة ترهب به معارضيها وأعداء أنظمتها القانونية".

وتابع الشملاوي حملته على المشروع، قائلا: "لقد عاقبت المادة الخامسة من مشروع القانون بالسجن المؤبد كل من أحدث عمدا كارثة بأية وسيلة من وسائل النقل. ومن العسير أن نضع حدا لكلمة كارثة أو أن يبين مصاديقها، وبالتالي سيكون بالإمكان إدخال كل من يراد به شرا بأن ينسب إليه بأنه أحدث كارثة، ولاشك أن هذا الأمر كارثة في ذاته "..." كما تميزت نصوص مشروع هذا القانون بأنها قيدت حركة القاضي حين ألزمته بالحكم بالسجن أو الحبس والغرامة، وليس كما هو المعتاد في التشريعات الجنائية المقارنة التي تصدر في ظروف اعتيادية".

وفي تعليقه الرابع قال الشملاوي: "جرمت الفقرة الثانية من المادة 12 من المشروع محل البحث كل من حاز أو أحرز بالذات أو بالواسطة مطبوعا يتضمن الترويج أو التحبيذ إذا كان معدا للتوزيع أو لاطلاع الغير عليه، وكذلك كل من حاز أو أحرز أية وسيلة من وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية أيا كان نوعها، استعملت أو أعدت للاستعمال ولو بصفة وقتية لطبع أو تسجيل أو إذاعة ذلك الترويج أو التحبيذ"، مشيرا إلى أن هذه المادة تكفي وحدها لاعتقال آلاف الناس "لو شاءت السلطة ذلك" بأن يوزع أحد منشورا فيه تعرض للدولة، ثم تكبس الشرطة المكان فتجد عند غالبية المصلين نسخة عن المنشور، فيساقون إلى المعتقل جميعا.

وزاد قائلا: "أسندت المادة 30 من المشروع إلى مأمور الضبط القضائي إذا توافرت دلائل كافية على اتهام شخص بارتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون أو في حال التلبس بها "..." ومعلوم أن مأمور الضبط القضائي هو جهاز الأمن الوطني "أمن الدولة"، كما يظهر ذلك من القرار الوزاري رقم 2 لسنة 2003 الصادر عن وزير العدل بناء على قانون الإجراءات الجنائية رقم 46 لسنة ،2002 إذ يخول أعضاء وأفراد جهاز الأمن الوطني والمنتدبين للعمل به عن صفة مأمورة الضبط القضائي بالنسبة إلى جميع الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات، ومعلوم أن كلمة دلائل من السعة بحيث تطلق يد الضبط القضائي في اعتقال من تشاء، وهي العبارة التي كانت سائدة في نصوص المرسوم بقانون بشأن تدابير أمن الدولة الذي أطاح بالتجربة النيابية في مطلع السبعينات وأدخل البحرين في نفق مظلم زهاء ربع قرن، ونرى العبارة ذاتها تتكرر في مشروع القانون هذا".

وختم حديثه الشملاوي بقوله: "إن مشروع قانون الإرهاب بصفته الحالية تشريع يدين على الدلائل والشبهات، متشدد إلى حد التشنج، فضفاض الصياغة إلى حد الغموض موغل في مضاعفة الحدود القصوى للعقوبات السالبة للحرية وفي تقرير حكم الإعدام في أكثر نصوصه؛ فإن ذلك يجعله متخلفا عن ركب الحضارة والتمدين القانوني، وخصوصا أن عقوبة الإعدام قد ألغاها الفراعنة سنة 703 ق.م، فإذا أضفنا إليها 2005 سنوات، فنكون متأخرين عن مسيرة النظم القانونية العريقة بـ 2700 سنة، وذلك أمر لا يدعو إلى الفخار"

العدد 957 - الثلثاء 19 أبريل 2005م الموافق 10 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً