يرعى جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عصر اليوم "الأربعاء" الاحتفال باليوبيل الذهبي للتنقيبات الأثرية في قلعة البحرين، وبمناسبة الاستعداد لتسجيلها في قائمة التراث الإنساني لدى "اليونيسكو". إذ يقوم جلالته في الساعة الرابعة والنصف بزيارة للمحافظة الشمالية، التي زينت جدرانها بنحو أكثر من 120 جدارية ممتدة على طول الشارع الموصل لموقع القلعة، من تقاطع شارع النخيل المزدان "بنصب النخيل"، الذي نفذته جمعية الاسكافي لتجميل البحرين تزامنا مع الاحتفالية. وأكد رئيس الجمعية محمد عاشور أن كلف انشاء نصب النخيل تقدر بـ 15 ألف دينار، والهدف من انشائه هو إضافة معلم جديد إلى الواقع السياحي في البلاد.
ودعي نحو مئة شخصية مختصة في الآثار من داخل وخارج البحرين إلى حضور الاحتفال الذي ستعرض فيه مسرحية تقدمها فرقة جلجامش تتناول تسلسل الحضارات التي مرت بالبحرين تحت مسمى "أرض الملوك". وتستمر فعاليات الاحتفال على مدى ثلاثة أيام متتالية للجمهور.
احتفالا باليوبيل الذهبي لقلعة البحرين وزيارة الملك اليوم
300 "جدارية"... معرض "للهياكل الحيوانية"... و"جلجامش" تعرض "أرض الملوك"
الوسط - أماني المسقطي
أكد وكيل وزارة الإعلام محمود المحمود أنه تم التنسيق والمتابعة مع عدد من الفنانين وممثلين عن عدد من الجمعيات الفنية في البحرين لرسم الجداريات التي تمتد على الطريق المؤدي إلى قلعة البحرين، التي تقدر أعدادها بنحو 120 لوحة، موضحا أن الرسوم ستمتد إلى داخل القلعة، ليصل عددها إلى ما لا يقل عن 300 لوحة، لافتا إلى أن الموضوعات التي تم التركيز عليها يغلب عليها الطابع التراثي ولها علاقة وثيقة بحضارة دلمون والتاريخ الذي يعود إلى تلك الفترة بشكل أكثر قربا للثقافة والحضارة البحرينية.
يأتي ذلك تزامنا مع الاستعدادات التي ستقام بمناسبة زيارة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة للمحافظة الشمالية يوم الأربعاء المقبل، وذلك بمناسبة الاحتفال باليوبيل الذهبي على التنقيبات الأثرية في القلعة، الذي كان من المزمع إقامته في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إلا أنه تأجل بسبب ظروف الحداد على وفاة رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ زايد آل نهيان.وأيضا بمناسبة الاستعداد لتسجيلها في قائمة التراث الانساني لدى "اليونيسكو".
واضاف المحمود أن الوفود المشاركة في الاحتفالية ستبدأ بالوصول إلى البحرين ابتداء من اليوم الاثنين، وأن عدد المدعوين من الخارج يبلغ نحو 76 مدعوا، من بينهم المعنيين بالشئون الأثرية من أوروبا ومن متحف موزكارد والمتاحف الفرنسية والبلجيكية والألمانية ومعظم المسئولين عن المتاحف في اوروبا والدول الخليجية وبعض الدول العربية التي تملك آثارا أو تلك التي تعمل في مجال الآثار أيضا.
وأكد أن فعاليات الاحتفال ستستمر مدى 3 أيام، إذ يرعى افتتاحها في اليوم الأول جلالة الملك، وتعرض فيها مسرحية تقدمها فرقة جلجامش تتناول فيها تسلسل الحضارات التي مرت بها البحرين تحت مسمى "أرض الملوك". أما في اليوم التالي فسيتم افتتاح معرض البعثة الدنماركية للآثار في البحرين ومعرض الديناصورات. وذلك في متحف البحرين الوطني، ويضم المقتنيات الأثرية التي وجدت في المواقع المحاذية للقلعة وذلك بالتنسيق مع متحف موزكارد. موضحا المحمود أنه سيعرض في اليوم نفسه أمسية موسيقية لفرقة الثلاثي الدنماركية، كتب كلمات أغانيها أحد أفراد البعثة الدنماركية المشاركة في التنقيب. إضافة إلى افتتاح معرض دلمونيات الخاص بالفنان راشد العريفي.
قاعة "الهياكل"
وأكد المحمود أنه سيتم افتتاح قاعة الهياكل في متحف البحرين أيضا في اليوم الأخير للاحتفالية، التي تنقسم إلى عدة أقسام وتضم نحو 40 من هياكل الحيوانات المختلفة، كالزواحف، الطيور والحيوانات العشبية واللاحمة بأنواعهما. لافتا إلى أنه سيتم استخدام وسائل عرض مختلفة في القاعة، منها الصور والرسومات التوضيحية، إلى جانب العينات والنماذج المكبرة لبعض العينات الصغيرة.
كما ذكر المحمود ان الاحتفالية سيصاحبها عدد من الندوات في اليوم الأخير وستكون مفتوحة للجميع لحضورها، وذلك في جمعية تاريخ وآثار البحرين، ويشارك فيها عدد من الآثاريين، من بينهم الدنماركي فلمنغ هويلند، والفرنسي بيير لمبارد، والبريطاني روبرت كليك، والبحريني عبدالرحمن مسامح من إدارة المتاحف.
وأشار إلى أنه تم إعداد نحو عشرين مطبوعا يتناول أعمال التنقيب الأثري، إضافة إلى انتاج فيلم عن آثار دلمون على قرص مضغوط.
عروض فنية
أما بشأن العروض الفنية المصاحبة للاحتفالات، فستكون بمشاركة فرقة قوة الدفاع الموسيقية ومعرض للصور التاريخية عن قوة دفاع البحرين في أحد أبراج القلعة، والتنسيق مع وزارة الداخلية لتقديم بعض العروض الموسيقية بهذه المناسبة، وعروض أخرى للفرق الشعبية بمصاحبة أطفال المدارس.
ومن المتوقع أيضا أن يتم استخدام "العرشان" المصنوعة من "البرستج" والموجودة في أحد مواقع القلعة، خلال 3 أيام الاحتفال من خلال استضافتها لعدد من الحرفيين التقليديين الذين سيعرضون خلالها حرفهم التقليدية وصناعاتهم التي اشتهرت بها قرى المحافظة الشمالية، كالنسيج و"الفرتة" وأعمال سعف النخيل، إلى جانب ذلك سيتم تجهيز إحدى الغرف لتكون غرفة نموذجية للمكان الذي استخدمته البعثة الدنماركية كمعسكر لآثاريي البعثة في منتصف الخمسينات من القرن الماضي، وذلك بالتعاون مع متحف موزكارد الدنماركي.
وتم اجراء عدد من الترميمات في القلعة استعدادا للاحتفالية ولاستيفاء الشروط التي وضعتها "اليونيسكو" بغرض تسجيلها، من بينها أعمال الترميم والصيانة الداخلية والخارجية للقلعة، بالإضافة إلى ترميم وصيانة سور المدينة الدلمونية الثانية والحصن الإسلامي.
وبناء ممشى يبلغ طوله نحو 80 مترا يطوق القلعة، واستحداث بوابة رئيسية في الجهة الجنوبية من القلعة ذات نمط تاريخي تصميمها مستوحى من الحصون والقلاع القديمة لكي يتماشى مع روح الموقع الأثري.
لوحات ورسومات
إضافة إلى وضع نحو 20 لوحة ارشادية لتوجيه الزائر إلى العناصر الأثرية المختلفة، ووضع لوحات معلوماتية تتحدث بالتفصيل من خلال الصور والرسومات والخرائط عن معلومات تاريخية تتعلق بالعناصر المختلفة في موقع القلعة والفترات التاريخية المختلفة التي مرت بها.
كذلك القيام بأعمال الترميم في جدار المدينة الدلمونية الثانية، إضافة إلى ترميم البئر الرئيسية والغرف والبوابة الرئيسية للقلعة التي كانت بمثابة المدخل الرئيسي للمدينة الدلمونية في القلعة ومدخل الميناء التجاري الذي كان يستقبل السفن التجارية المقبلة من بلاد ما بين النهرين وبلاد السند والمحملة بالبضائع التجارية.
أما فيما يتعلق بالشاطئ الذي تطل عليه القلعة، فقد تم وضع بعض الإضافات على الشاطئ بغرض جذب المزيد من الزوار له، كتثبيت حواجز خشبية في المسلك السياحي، وكراسي تقليدية للاستراحة، وتم أيضا تنظيف الممر المائي من الشوائب وإزالة الترسبات الرملية منه، وهو في الأصل يصل إلى ميناء القلعة.
استمروا في العمل عليه حتى ساعات الفجر الأولى
زرقة السماء تتعانق مع لون التراب في "نصب النخيل"
انتهى عشرة فنانين بحرينيين من العمل على رسومات نصب النخيل الذي نفذته جمعية الاسكافي لتجميل البحرين، الذي يتزامن اتمام العمل فيه مع زيارة جلالة الملك اليوم للمحافظة الشمالية، إذ استمر العمل على الرسومات حتى الساعات الأولى من فجر يوم أمس الثلثاء. وفي هذا الصدد ذكر رئيس اللجنة الفنية في الجمعية عقيل حسين، إن القائمين على الجمعية استشعروا الحاجة لتقديم شيء مميز يتزامن مع المناسبة الوطنية، واثبات وجود الجمعية كجهة أهلية معنية بتجميل البحرين، وكانت ولادة فكرة هذا النصب. وأوضح أن اختيار اللونين الأزرق والبني كواجهتين للنصب يأتيان كرمزين لزرقة السماء ولون التراب الذي تبنى منه القلاع المراد به قلعة البحرين. مشيرا إلى أنه تم اختيار موقع النصب ليكون في مدخل شارع النخيل الذي يعد المدخل الرئيسي للطريق إلى القلعة، وأن عدم اختيار موقعا له قريبا من القلعة يعود إلى أن منظمة "اليونسكو" اشترطت ألا يكون أي بناء بالقرب منها حتى لا يشتت النظر عن القلعة.
وبين أن بدء العمل في النصب كان بالاتفاق مع مجموعة من الفنانين لتكوين "اسكتشات" للنصب تحمل الطابع التاريخي للفترات الزمنية التي مرت على البحرين في الحضارات الأربع "دلمون وتايلوس وأوال والبحرين"، موضحا أنه تم الاتفاق أيضا على كتابة أسماء هذه الحقب التاريخية على الواجهات الأربع للنصب، إضافة إلى التركيز على الرسومات التي تتحدث عن الأختام الدلمونية والزراعة والبحر في تلك الفترة الزمنية وتجسيده من خلال الفن التشكيلي المجرد، وذلك بالاستعانة بالنشرات التعريفية الخاصة بمتحف البحرين الوطني والتي تحوي صورا للأختام الدلمونية الموجودة في المتحف والتي تم العثور عليها من خلال التنقيبات وذلك من أجل ربط مضمون النصب باحتفالية القلعة بأقصى صورة ممكنة، معتبرا أن النصب يأتي كمفتاح دخول للقلعة.
ونوه إلى أن المساحة التي استغلها الفنانون للرسم تبلغ ارتفاع كل واجهة منها نحو تسعة أمتار وعرض مترين ونصف، وأنه تم تقسيم كل واجهة ليعمل فيها نحو ثلاثة فنانين إلى أربعة اتفقت كل مجموعة منهم على عمل اسكتش مشترك لهم.
أما نائب رئيس مجلس ادارة الجمعية عبدالهادي البصري، فأشار إلى أن من ضمن أهداف الجمعية ارساء ثقافة الجمال لدى الشعب البحريني، وابراز الجانب الجمالي الذي من شأنه أن يسهم في شغل فراغ كثير من الفنانين في عمل ايجابي جميل، مؤكدا أن الجمعية في جعبتها الكثير من الخطط التجميلية لمواقع البحرين سيتم الإعلان عنها في الوقت المناسب.
أما الفنان التشكيلي جابر حسن فأوضح أن عمله في النصب تميز برسمه لجدارية تعبر عن خيول تنطلق في الفضاء في إشارة إلى البحث عن الحرية وجو الانفتاح السائد في البلد بأسلوب تجريدي قليلا، ومساحات لونية فيها تضاد لوني، لافتا إلى أنه أدخل بعض الرموز التراثية المرتبطة بتاريخ وتراث البحرين.
وقال: "اعتبر مشاركتي في النصب فرصة جميلة، باعتباره الأول من نوعه في البحرين، ولابد من الاشادة هنا بما بذله المسئولون في المهرجان، إضافة إلى تنظيمهم الجيد وتوفيرهم لجميع المواد المستخدمة في الرسم بسهولة". آملا حسن تكرار مثل هذا النوع من المهرجانات التي من شأنها أن تثري الحركة التشكيلية، وتعطي مساحة أكبر للفنانين.
كما اعتبر أن فن الجدارية دائما هو فن الشارع المرتبط بالناس، والذي يعطي فرصة لتعرف الناس على الفنان أكثر من حكر المعرض على صالات العروض الفنية فقط.
أما العضو المؤسس في المرسم الحسيني وفي جمعية الاسكافي محمد بحرين، فقد تولى مهمة ابراز وجه نصب النخيل، إذ عمل على رسم واجهة النصب من جهة الشرق في وجه الناظر القادم من جهة السيف، موضحا أنه اختار العمل على الرسومات المتعلقة بالفترة الدلمونية وابراز البحريني البسيط في ذلك الوقت، إضافة إلى إبراز بعض انواع الماشية والسمك، وايضاح الفارق بين الغني والفقير، وابراز الانسان الطيب الذي يعطي مجتمعه بكل اخلاص.
واعتبر أن الجدارية من شأنها أن تمثل جمالية للبلد لأنها بحاجة لمثل هذا النوع من الجماليات، مبينا أن هذا هو الغرض الأساسي الذي أسست من أجله الجمعية، في ظل النقص الذي تعيشه شوارع البحرين من الخضرة والتماثيل، والرموز الأخرى التي تمثل المجتمع البحريني.
وقال: "نحن على ايمان تام أن الفن هو الذي يصوغ الواقع من السلبية للايجابية، من دون أن يقتصر دوره بابراز الناحية الجمالية للمناظر فقط، وانما بايصال رسالة للمجتمع وعرض بعض القضايا من خلال الرسومات".
أم الفنان ياسر الاسكافي فعمل في لوحة مشتركة مع عقيل حسين، موضحا أن فكرة الجدارية لم تختلف عن سابقيها وضم أعلى النصب اسم البحرين والأسماء القديمة لها، فيما ذكر الفنان هيثم عبدالله أنه تناول في رسوماته الجانب الدلموني عبر اختياره للوحدات الفنية التي تناسبها، والمفردات الصورية، والصورة الشخصية القديمة لدلمون، إضافة إلى صور الأواني والأسماك أيضا بالطريقة القديمة، وكانت مرجعيته في ذلك الأختام الدلمونية من دون التقيد بها تماما، حتى لا يغلب عليها الشكل الصارم.
وأشار إلى أن هذا النوع من الفنون يختلف كثيرا عن الأشياء المغلقة، إذ إنه يتميز بالفضاء العام، إضافة إلى روح الجماعة في العمل، آملا في تكرار مثل هذه التجربة على رغم ما قد يكون العمل فيه شاقا، خصوصا في مثل هذه الحال إذ تم تكثيف ساعات العمل التي امتدت حتى ساعات الفجر الأولى خصوصا خلال اليومين الأخيرين من العمل بغرض الانتهاء من تنفيذه في الموعد المحدد وقبل زيارة الملك.
وشارك في العمل إضافة إلى الفنانين السابقين كل من الفنانين محمد حيدر وموسى الدمستاني وسيدحسن الساري.لآ
العدد 964 - الثلثاء 26 أبريل 2005م الموافق 17 ربيع الاول 1426هـ