تناولت الصحف الغربية، الملف اللبناني السوري وأدرجت عودة العماد ميشال عون إلى بيروت بعد نحو 15 سنة في المنفى القسري، في خانة تداعيات الخروج السوري من لبنان. وأكدت أن "الجنرال المنفي يعد بحقبة جديدة" لكنها وضعت علامات استفهام بشأن مواقف "الكثيرين" في لبنان من هذه العودة التي تثير خشية النخبة السياسية متسائلة: كيف سينخرط عون في الحقل السياسي "الشديد التعقيد" وأدرجت الانفجار الذي حصل في جونية عشية وصوله في هذه الخانة!. وأبدت بعض التعليقات تخوفا من انعكاس الخروج السوري على النظام في دمشق إذ يبدو أن "الحركات الإسلامية السنية" بدأت تعزز مواقعها الأمر الذي ينذر بخلافات مذهبية مع الأقليات العلوية الحاكمة في سورية.
ورحبت الصحف العبرية بعودة عون الذي وصفته بـ "القائد المسيحي اللامع". ونشر موقع "كريستشان ساينس مونيتور" مقالة بشأن المواقع العسكرية الفلسطينية في لبنان ورغبة عدد كبير من اللبنانيين في تفكيكها، اعتبر خلالها أن أخطر ما في الأمر هو أن معظم هذه المراكز موجود داخل المخيمات الفلسطينية التي تقع خارج نطاق صلاحيات الجيش اللبناني. وفي سياق متصل، نشرت "فايننشل تايمز" مقالة بشأن تداعيات الانسحاب على الوضع الداخلي في سورية. فكتبت أن الانسحاب شجع المجموعات الإسلامية على تعزيز مواقعها في الحياة السياسية في سورية. وتوقفت بشكل خاص عند الدعوة التي أطلقتها "حركة الأخوان المسلمين" في سورية في 4 أبريل/ نيسان الماضي لسن قانون جديد للأحزاب السياسية وإجراء انتخابات نيابية حرة وعادلة وصوغ دستور جديد. وحذرت من أن يؤدي تفاقم الخلافات بين النظام السوري والجماعات الإسلامية إلى حصول مواجهات مذهبية خصوصا أن الجماعات الإسلامية تنتمي إلى الطائفة السنية التي تشكل 70 في المئة من الشعب السوري في حين أن الطبقة الحاكمة تنتمي إلى المذهب العلوي الذي يشكل أقلية. ونشر شبلي الملاط "محام" من موقعه دعوة إلى اللبنانيين في الخارج للتجمع أمام سفارات وقنصليات بلادهم أمس عند الثانية عشرة بتوقيت بيروت لمطالبة الحكومة بتنفيذ مطالبهم بممارسة حقهم الدستوري في الإدلاء بأصواتهم خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة. كما دعا اللبنانيين إلى التظاهر أمام وزارة الخارجية في بيروت لدعم مطالب المغتربين.
وذكر الموقع بالمشروع الذي أطلقه الملاط والمحامية ندى أبي راشد والذي يحمل عنوان "مشروع تنظيم حق الانتخاب للبنانيين في الخارج" والذي يسمح لكل من يحمل جواز سفر لبناني في الخارج بالمشاركة في الانتخابات من خلال وضع صناديق اقتراع في السفارات. ونشر حسن فتاح في "نيويورك تايمز" مقالة تحليلية تحت عنوان "الجنرال المنفي يعود إلى بيروت واعدا بحقبة جديدة". فكتب أن عون الذي كان ملهما لشريحة كبيرة من اللبنانيين المسيحيين وأثار في الوقت نفسه قلقا كبيرا داخل النخبة السياسية في لبنان، وصل إلى بيروت ووعد بإعادة رسم السياسة. ورأى فتاح، أن عودة الجنرال الذي كان من أشد المعارضين للهيمنة السورية على لبنان، تشكل نهاية لتاريخ السيطرة السورية على هذا البلد وتفتح الباب أمام بداية تاريخ جديد يواجه خلاله تحديات مخيفة خلفها الانسحاب. غير أنه أشار إلى أن الكثيرين يخشون من أن يلعب عون دورا أساسيا خصوصا على صعيد المصالحة الوطنية، معتبرا أن الانفجار الذي وقع في مدينة جونية قبل يوم من عودتة كان أبلغ دليل على ذلك.
وأوردت "واشنطن بوست" أن عون الذي قاد حربا ضارية لإخراج الجيش السوري عاد من المنفى إلى مسقط رأسه لبنان. غير أنها لاحظت انه من غير الواضح بعد كيف سينخرط عون في الحقل السياسي اللبناني الذي شددت على انه شديد التعقيد. وأشارت إلى أن عودته كانت محط ترحيب حلفائه ومعارضيه الذين رأوا فيها إحياء للتقاليد اللبنانية الديمقراطية التي قضى عليها "الحكم" السوري. إلا أنها استدركت بالقول انه يبدو أن البعض لم يكن سعيدا بعودته وهو ما دل عليه بشكل واضح الانفجار الذي هز جونية.
من جهة أخرى، كتب الكولونيل شربل بركات والياس بجاني من على موقع "منظمة لبنان الحر" على الإنترنت مقالة بشأن مسألة سلاح حزب الله، اتهما خلالها أمين عام الحزب السيد حسن نصر الله بعدم الجدية في طرحه إجراء حوار داخلي بشأن الموضوع. زاعمين أن الحزب ليس لديه أية نية للتخلي عن سلاحه بشكل سلمي. وأشارا إلى أن بقاء السلاح في يد حزب الله يصب في مصلحة سورية التي ستحاول أن تستفيد من الحزب لممارسة هيمنتها على الأراضي اللبنانية بعد انسحاب قواتها. ولفتا إلى أن الانسحاب بشكل كامل سيؤثر سلبا على نظام الأسد إذ إن لبنان يشكل عاملا أساسيا لاستمرار النظام البعثي السوري.
ورجح شربل وبجاني، ألا يبقى نصرالله في الموقع الذي كان عليه قبل انسحاب الجيش السوري إذ انه يخطط ليكون القوة الشيعية الوحيدة في لبنان من خلال تهميش "حركة أمل" وغيرها من المجموعات الشيعية، وبالتالي بسط سيطرته على كامل المناطق الشيعية. ولفتا إلى أن الحزب لم يتخل يوما عن مشروعه في تحويل لبنان إلى دولة إسلامية على الطراز الإيراني. ورأى الكاتبان أن الحزب كان يعارض أي تغيير في وضع سورية في لبنان، وذلك للمحافظة على موقعه وإبقاء هيمنته على عملية صنع القرارات اللبنانية المتعلقة خصوصا بالسلام والحرب. وحذرا من أن السماح للحزب بمواصلة "مصادرة" عملية صنع القرار في لبنان ومواصلة سيطرته العسكرية على الجنوب اللبناني سيشجع المجموعات اللبنانية الأخرى على القيام بالمثل. وأكدا أن حزب الله يمارس لعبة خطيرة جدا تهدد مستقبل لبنان وربما الشرق الأوسط بأكمله. خصوصا انه شكل نموذجا للحركات الإسلامية في الأراضي الفلسطينية وحركة "الصدر" في العراق وحتى لتنظيم "القاعدة".
ونشرت "هآرتس" خبرا افتتاحيا تحت عنوان "عون القائد المسيحي اللامع يعود إلى لبنان من المنفى". وكتبت أن الجنرال عون عاد إلى بيروت بعد 14 عاما قضاها في المنفى في فرنسا إلى مناصريه. معتبرة أن هذه العودة لم تكن لتتحقق لولا الانسحاب من جهة وإلغاء مذكرة التوقيف بحقه. وأوردت خطابه أمام مناصريه في ساحة الشهداء، لافتة إلى أن قائد الجيش اللبناني السابق الذي كان أيضا رئيس وزراء مؤقت صعد إلى المنصة وهو يرفع إشارة النصر مخاطبا الحشود من وراء زجاج مصفح
العدد 980 - الخميس 12 مايو 2005م الموافق 03 ربيع الثاني 1426هـ