واصلت الصحف الأميركية رصد الحال العراقية، وكشفت أن الإدارة الأميركية تضغط على الحكومة العراقية للعمل على تعزيز دور السنة في العملية السياسية كحل لما تسميه أزمة التمرد في العراق. كما تناولت صحف أميركية وأخرى عبرية، الملف النووي الإيراني مع التحذيرات التي أطلقها الأوروبيون بنقل ملف طهران إلى مجلس الأمن، وأجمعت التحليلات على أن إيران لن تتجاوز الخطوط الحمر وأن ما تجريه مجرد مناورة لتختبر "صبر" الأوروبيين.
ولكن تقريرا أميركيا أكد أن الجانبين الأوروبي والإيراني يحاولان خلق أزمة وهمية ستنتهي قريبا... وان ما يجري ليس سوى "عرض عضلات" أوروبية للدلالة على تفوقهم في المفاوضات على الأميركيين، وأن إيران تجد نفسها الآن في وضع مريح جدا فقد أدارت دفة المفاوضات بشكل جعلها لا تخشى بعد اليوم من أي تحالف أوروبي - أميركي ضدها وهي تدرك انه بمجرد رفع المسألة الإيرانية إلى مجلس الأمن ستجد واشنطن نفسها غير قادرة على طرح الخيار العسكري بعد أن قوضت صدقيتها في الأمم المتحدة على خلفية الحرب على العراق.
وكشف ستيفن وايزمن في "نيويورك تايمز" استنادا إلى مسئولين أميركيين أنه نظرا إلى تزايد قلق الإدارة من فشل الحكومة العراقية في ضم ما يكفي من الوزراء السنة، بدأت تكثف ضغوطها من أجل توسيع دور السنة في الحكومة خوفا من دفع المعتدلين منهم للانضمام إلى حركة التمرد. وأشار إلى أن وزيرة الخارجية الأميركية كوندليزا رايس ونائبها روبرت زوليك حثا الزعماء العراقيين على العمل من أجل توسيع المشاركة السنية، وأن رايس تحدثت مع وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري. ونقل وايزمن عن مسئول كبير في الإدارة قوله إن الإدارة أصيبت بخيبة أمل عميقة لأن اللجنة العراقية المكلفة صوغ الدستور الدائم لم تضم سوى عضوين من الطائفة السنية. وكتب أن المسئول الأميركي أكد أنه على رغم أن واشنطن اتخذت قرارا بعدم التدخل في الشئون الداخلية العراقية فإنها تشعر بالقلق لأن الحكومة العراقية بدأت تسقط في إطار عرقي ضيق وان على الإدارة أن تتحرك لمواجهة ذلك.
وكشف وايزمن، عن اتصال أجرته رايس مع نائب رئيس الوزراء العراقي ووزير النفط أحمد الجلبي الذي كانت لديه صلات وثيقة بوزارة الدفاع، لتهنئته بالمنصب ولحثه على جعل الحكومة أكثر شمولية. غير أن المسئول عينه أكد أن الجلبي لم يكن مفيدا، وخصوصا انه كان من أبرز الدعاة إلى منع دخول الأعضاء السابقين في حزب البعث إلى الحكومة.
من جهة أخرى، نشرت دافنا لينتزر في "واشنطن بوست" تقريرا تحت عنوان "إيران تترك الباب مفتوحا للمحادثات الدبلوماسية". واستهلت بالإشارة إلى انه استنادا إلى دبلوماسيين أميركيين وأوروبيين وإيرانيين، فإن إيران التي تواجه ضغطا دوليا مكثفا، أصدرت إشارات على استعدادها لإجراء جولة أخرى من المفاوضات قبل اتخاذ القرار النهائي بشأن استئناف برنامجها. لافتة إلى أن طهران تلقت بشكل إيجابي عرضا أوروبيا لعقد لقاء يهدف إلى التخفيف من التوتر. ونقلت عن دبلوماسيين على جانبي الأطلسي أن الأزمة النووية الإيرانية بلغت مرحلة حساسة وانه ليس أكيدا ما إذا كان ثمة أرضية مشتركة بين الأوروبيين والإيرانيين لعقد مثل هذا اللقاء.
وأضافت ان هناك خطوطا حمراء واضحة لا يمكن للإيرانيين تخطيها، وأن السبيل الوحيد إلى الخروج من الأزمة يكمن في تراجع طهران عن خططها لاستئناف تخصيب اليورانيوم. وكشفت الصحافية الأميركية عن أن المسئولين الأميركيين بدأوا يضعون السيناريوهات لعقد جلسة طارئة للجنة الدولية للطاقة الذرية الأسبوع المقبل. ونقلت عن مسئول أميركي أن الإدارة ترغب في وضع استراتيجية واضحة للتعامل مع الملف قبل وصول وزير الخارجية البريطاني جاك سترو إلى واشنطن الثلثاء المقبل.
ونشر ألوف بن في "هآرتس" مقالا على خلفية التطورات التي طرأت على المسألة النووية الإيرانية خصوصا في ما يتعلق بإعلان إيران تأجيل استئناف التخصيب، فأشار إلى أن التهديد الذي تلقته طهران من وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وبريطانيا بوقف المحادثات الدبلوماسية معها وتحويل قضيتها إلى مجلس الأمن، دفع طهران إلى إعادة النظر في قراراتها.
وأضاف أن الإيرانيين يمارسون "لعبة أعصاب" مع الولايات المتحدة وأوروبا. وأوضح أن طهران تحاول اكتشاف حدود الصبر في أوروبا وواشنطن غير أنها تحرص على عدم تخطي الخطوط الحمراء خشية نقل المسألة إلى مجلس الأمن. وكتب "غلوبل إنتلجنس" من على موقعه مقال على هامش رسالة التحذير التي وجهها وزراء خارجية الترويكا إلى إيران والتي هددوا فيها طهران بوقف المحادثات. وأوضح أن الرسالة جاءت ردا على إعلان إيران نيتها استئناف عمليات تخصيب اليورانيوم. غير أنه اعتبر أن الجانبين الأوروبي والإيراني يحاولان خلق أزمة وهمية بينهما من أجل تحقيق أهداف معينة، مرجحا انتهاء الأزمة في وقت قريب.
وأشار إلى أن الأوروبيين من خلال التهديد بإحالة الملف إلى مجلس الأمن، يرغبون في إثبات أن أسلوبهم في التعامل مع إيران يشكل الاستراتيجية الدولية الرئيسية الأفضل لمقاربة المسألة بدلا من الأسلوب الأميركي الذي يقوم على التهديد. ورجح بناء على ذلك أن يتوصل الجانبان قريبا إلى اتفاق ثنائي بشأن كيفية التخفيف من حدة التوتر.
من جهة أخرى، لاحظ أن الإعلان الإيراني العلني عن احتمال استئناف التخصيب يدل على أن طهران تستبعد أي تدخل عسكري أميركي أو إسرائيلي في أراضيها. فهي تدرك انه بمجرد رفع المسألة الإيرانية إلى مجلس الأمن ستجد واشنطن نفسها غير قادرة على طرح الخيار العسكري بعد أن قوضت صدقيتها في الأمم المتحدة على خلفية الحرب على العراق.
وأضاف أن طهران تستفيد أيضا من تراجع التهديدات الإسرائيلية ضد إيران. لافتا إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون ومدير الاستخبارات العسكرية أهارون زئيفي أكدا انه ليس لدى "إسرائيل" أية خطط لضرب إيران. واعتبر المركز في هذا السياق أن الإسرائيليين بدأوا يقتنعون بأن عليهم أن يتقبلوا حقيقة أن إيران تملك برامج نووية. واستنتج المركز أن إيران تجد نفسها الآن في وضع مريح جدا فقد أدارت دفة المفاوضات بشكل جعلها لا تخشى أي تحالف أوروبي أميركي ضدها
العدد 982 - السبت 14 مايو 2005م الموافق 05 ربيع الثاني 1426هـ