العدد 983 - الأحد 15 مايو 2005م الموافق 06 ربيع الثاني 1426هـ

غاز المعامير ... بعيدا عن التهويل!

ما الصحافة وما مهمتها؟ يصعب تعريفها ولكن يتفق البعض على أنها "إنتاج صناعي وخلق فكري في آن واحد" بينما يعتبرها آخرون "مهنة مكرسة للصالح العام، ولفضح الألاعيب والشرور وعدم الكفاءة في الشئون العامة". أما أنا فلم أدرس الصحافة أو الاعلام ولكني على يقين بأن كل وظيفة لها مقاييس ومعايير معينة، وأن كل وظيفة يجب أن يراعى فيها شرف المهنة. وبحسب معلوماتي المتواضعة عن الصحافة هو أن هذه المهنة تتطلب الكثير من التحري والدقة قبل الاعلان أو نشر أي خبر، لذلك سميت بمهنة المتاعب. أما في حال عدم توافر المعلومات الكافية فيجب عدم النشر أو التأني حتى تتوافر جميع المعلومات، التي تمكن الرأي العام من معرفة ما يجري حوله، إضافة إلى تحليل الوضع بصورة صحيحة. وحينما أتكلم عن الرأي العام أقصد "الكل" حكومة وشعبا.

أرى أن الوضع أصبح مؤرقا بعض الشيء هذه الأيام، حينما تطالعنا الصحافة بأخبار غير مكتملة العناصر، تفاجئنا بأخبار يمكن أن نطلق على البعض منها بأنها "مفرقعات" أو "بلبلة". وخير هذه الأمثلة قضية انتشار الغاز في المعامير! ما حدث شيء غريب فعلا، حين تشير أصابع الاتهام إلى شركة عريقة مثل "بابكو" وتنشر صورا للشركة ومتضررين من غازها وهنا لنا وقفة:

ان مصنع التكرير تم إنشاؤه مع أوائل القرن الماضي وتحديدا العام 1934 ولم نسمع عن أي حادث مماثل قد تسبب بها المصنع... فما الشيء الجديد؟ لن أتكلم عن تصميم المصنع، معداته أو آلاته، لأني لست من ذوي الاختصاص. ولكن عدم حدوث هذا الشيء من قبل يكفيني، ليس لاستبعاد "بابكو" من القائمة ولكن على الأقل للتعامل معها كالمصانع الأخرى في المنطقة! ومن دون التركيز عليها دون غيرها، وخصوصا انها ابدت تعاونا تاما. فالمعامير محاطة بالمصانع، إضافة إلى حظائر الحيوانات! لماذا "بابكو" بالذات؟

رأينا صورا فيها الكثير من المغالطات والفبركة، وأفضل عدم الخوض في التفاصيل لكي لا أرتكب الخطأ نفسه وأشير بأصابع الاتهام إلى أية صحيفة.

قرأنا اخبارا غير مكتملة، تحليلات، وتأويلات، لربما غلبتها العاطفة واستبعدت التحليل العلمي والمنطق، ما قد يؤدي الى التعتيم الإعلامي بدلا من كشف الحقائق!

لست بصدد الدفاع عن "بابكو" فأنا لست محامية، أنا مجرد محاسبة محترفة، ولكن ما حدث يستحق التعليق، ويستحق وقفة.

ولنا وقفة أخرى مع البرلمانيين ومن انتخبوا ليمثلوا الشعب، وليس أنفسهم، حين يرفضون حتى السماع الى رأي "بابكو" فيما حدث! البعض يحدد عشر دقائق والبعض الآخر يقترح ربع ساعة وذلك لسماع وجهة نظر أخرى غير وجهة نظرهم! ألهذه الدرجة أصبح وقتكم أهم من ممثلي "بابكو" التي تقود اقتصاد هذا البلد؟! عجبا لما يحدث! أم وصلتم الى مرحلة اثبات الذات قبل الانتخابات؟ اسمحوا لي أن أقول "اذا فات الفوت ما ينفع الصوت" وهنا يجب التذكير بأن "بابكو" تساهم بما يزيد على 60 في المئة من اقتصاد المملكة، وليس ذلك فحسب، إذ توظف وتوفر فرص العمل لآلاف المقاولين. فقيمتها الفعلية في تحريك الاقتصاد قد تصل الى 80 في المئة. هي العمود الفقري لاقتصاد البحرين. هل تدرك الصحافة وهل يدرك البرلمانيون كم أهدرت "بابكو" من موارد للتحري في هذا الموضوع؟ بينما كان من الممكن توجيه هذه الموارد الى ما هو في صالح الاقتصاد الوطني، وفي صالح البرلمانيين أنفسهم والشعب عموما.

وهنا يجب التنويه إلى أن المعامير جزء من هذا الوطن، ويذكرني هذا بحديث نبي الرحمة "ص" مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. العضو هي المعامير والجسد هو المملكة الحبيبة، ما يضرها يضرنا ولنا فيها أشقاء. هي لا تحتاج إلى فرقعة إعلامية... لا تحتاج إلى خلافاتنا السطحية، من برلمان أو حكومة. المعامير تحتاج الى حل جذري للمشكلة. لا نريد مليون لجنة لتنظر في المشكلة، وننتهي بالصراع بين هذه اللجان. نحن نحتاج الى لجنة واحدة بحيث تشمل جميع الخبرات والتخصصات المطلوبة للتقصي في الموضوع، ووضع الحلول وبالتالي تنفيذها. البرلمان والحكومة يجب أن يعملوا معا يدا بيد لحل المشكلة نهائيا. هذا ما تحتاج إليه المعامير.

وعودة إلى عنوان المقال... صحافة أم تشهير؟ أشار البعض إلى أنه كان لابد من التشهير أو التضخيم وذلك لكي تتخذ الجهات المعنية الحلول اللازمة. وفي ضوء وضعنا الحالي، اتفق معهم على تضخيم الموضوع... ولكن على ان ينشر الموضوع مكتمل العناصر وليس بالتقسيط المميت، والمغالطات أو استخدام صور ملفقة! كما ان هذا الحدث لمس نقطة مهمة وهي تخلفنا الدائم في النظر الى المشكلات وبالتالي إيجاد الحلول لها قبل تفاقم الوضع. ولذلك أوجه نداء إلى الجهات المعنية وهو: متى سنغير من استراتيجياتنا بحيث نضع الحلول قبل وقوع المشكلات ونكون مستعدين لها في جميع الظروف وتحت جميع الحالات أو الاحتمالات؟ دائما نضع حلولا كرد فعل لشيء، أو خوف من وقوع شيء آخر... في هذه الحال مثلا: لإسكات الصحافة! أما عن الصحافة ودور الصحافة أريد التذكير، فقط، بأن رأس مال أية صحيفة هو صدقيتها ودقة محرريها وطريقتهم في التعامل مع الخبر. فمن دون الصدقية تتحول الصحيفة إلى مجرد أوراق صفراء، بينما من الإمكان تحويلها إلى موسوعة أو مرجع تاريخي. فأيهما أفضل؟

وخلاصة القول؛ إن الموضوع متعدد الأبعاد، ويمس عدة اطراف وسياسات. أطراف مثل الشركات، البرلمان، الحكومة، الصحف المحلية، وسياسات مثل سياسة توحيد الجهود، سياسة وضع الاستراتيجيات والخطط قبل وقوع الكوارث، وربما سياسة التنسيق بين الصحف المحلية، وغيرها ولكننا سنبقى متفائلين ونتمنى بأن تعمل هذه الاطراف يدا بيد وبأن السياسات والجهود ستتوحد بإذن الله وسنحلم بجو نظيف وهواء طلق عليل في المعامير... وسائر أنحاء المملكة.

أميرة بوحميد

العدد 983 - الأحد 15 مايو 2005م الموافق 06 ربيع الثاني 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً