تتزايد حالات المرض ويتأخر الشفاء وتمتلئ المراكز الصحية والعيادات التخصصية والمستشفيات العامة والخاصة بالمرضى. فإذا ما ذهبت إلى أي مركز علاجي في طول البلاد وعرضها رأيت طوابير من المرضى طوال ساعات النهار والليل فيتبادر إلى ذهنك سؤال: ما هذه الحال الغريبة في بلادنا؟ وما هي الأسباب الجوهرية وراء كل تلك الطوابير من المرضى؟ وسؤال يأتي بعده ألف سؤال وسؤال: أين الخلل في منظومة العلاج والتداوي في البلاد؟ لاشك في أن الأمر غير طبيعي، فهذا التزايد الرهيب وتأخر الشفاء دفع الناس إلى البحث عن مصادر أخرى للعلاج خارج البلاد. لذلك تجد الكثيرين يشدون الرحال على مضض إلى بلاد بعيدة بحثا عن علاج ناجع يريحهم مما يشكون منه، هناك يقال لهم كلام غريب أوله "هذا الدواء الذي تستعملونه خطأ! أوقفوا هذا الدواء! إنه سبب العلة" ويعود الكثيرون من المرضى محملين بأدوية جديدة لم يتعودا على استعمالها هنا. وقد يجد الكثيرون راحة من العلاج الجديد وتتحسن حالتهم المرضية.
إذا وصلنا إلى "مربط الفرس" كما يقال في المثل. إن مصدر أمراضنا في البداية نوعية الدواء الذي نتعاطاه ويصرف لنا من مراكزنا الصحية، إنه دواء تجاري رخيص الثمن.
أذكر أنني ذهبت إلى طبيب استشاري في عيادته الخاصة وهو يعمل في "الحكومة"، فلما عرضت عليه الدواء الذي استعمله قال لي بالحرق الواحد "ارمه في الزبالة".
وطبيب آخر قال لي مرة عن دواء كنت استعمله ويصرف لي من المركز الصحي "هذا دواء قديم" عجبا حتى الآن يصرف للمرضى!
والسؤال الكبير: هل تجهل وزارة الصحة حقيقة هذه الأدوية التي تصرف للناس وهي بهذه الصورة السيئة المضرة بالصحة.
إن العالم يشهد الآن ثورة عظيمة في صناعة الأدوية. فلماذا تصر وزارة الصحة على استيراد أدوية تزيد بها معاناة المرضى: هذه هي الحقيقة المرة. لقد أصبح الدواء متدني الجودة ورخيص الثمن سببا رئيسيا في تدهور حالات المرضى وتأخر شفائهم من المرض. إن شعوب الأرض المتحضرة اليوم باتت تتداوى بأحدث الأدوية. ونحن نتداوى بأرخص الأدوية. بل بأدوية مقلدة عديمة الفائدة... ولكن إلى متى؟! هذا هو السؤال الكبير؟
حسن صالح السبيعي
العدد 983 - الأحد 15 مايو 2005م الموافق 06 ربيع الثاني 1426هـ