العدد 1023 - الجمعة 24 يونيو 2005م الموافق 17 جمادى الأولى 1426هـ

بعيدا عن الـ "بريستيج"

يوم 26 يونيو/ حزيران من كل عام حددته الأمم المتحدة للاحتفال بمساندة ضحايا التعذيب، ولكن يبدو انه أصبح نوعا من "البريستيج" شبيها بما وصلت إليه قضايا "العنف الأسري" الذي تتبارى عليه الناشطات والمؤسسات حاليا للفوز بالمساعدات المادية وطرح الأسماء في السوق السياسية والاجتماعية.

إنه من المؤسف أن يتحول اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب، وهو من أهم الأيام بالنسبة إلى البحرينيين، إلى مجرد شعارات وهتافات، بينما لا نعلم لحد الآن إن كانت هناك ضحية واحدة استفادت بصورة فعلية من كل هذه الاحتفالات والشعارات.

الأمم المتحدة أعلنت يوما دوليا لمساندة ضحايا التعذيب تذكيرا للدول الأعضاء في الأمم المتحدة بأن التعذيب يعتبر أسوأ وسائل إهانة الإنسان، وأن الكرامة الإنسانية غير قابلة للتفاوض تحت أية ذريعة كانت، سياسية أو غير سياسية، وسواء كانت بسبب العنصرية، أو اختلاف الجنس بين الرجل والمرأة، أو العقيدة، أو الانتماء، أو اللون، أو الأصل، أو أي سبب آخر للتفريق بين الإنسان وأخيه الإنسان.

الأمم المتحدة دعت المؤسسات الأهلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى الاحتفال بيوم عالمي لمناصرة ضحايا التعذيب والوقوف إلى جانب عائلاتهم، واتخاذ التدابير اللازمة لوضع اتفاق مناهضة التعذيب موضع التنفيذ.

وعلى هذا الأساس تدعو الأمم المتحدة إلى توجيه الجهود نحو خلق ثقافة ترفض ظاهرة التعذيب، وتلزم الحكومات بمعالجة آثار التعذيب، سواء كانت قد حصلت في وقت سابق لإصلاحات سياسية، أو انها تستمر في الحدوث.

ونص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 1948 في المادة 5 على منع التعذيب منعا باتا لأن إهانة الإنسان هي سر البلاء وانعدام الأمن في أية بقعة في العالم.

إن الاستمرار بالاحتفال بالمناسبة يتطلب منا جميعا أن نبتعد عن استخدامها وسيلة للبروز - كما هو حال قضايا العنف الأسري - وأن ننزل إلى جذور المشكلة لمعالجة آثار التجارب المرة التي عانى منها آلاف المواطنين في السنوات الماضية.

ولذلك، فإن تأسيس مركز الكرامة لتأهيل ضحايا التعذيب يجب أن يلعب دوره المرجو منه، والابتعاد عن التراشق السياسي مع المنافسين سيكون أحد التحديات الملقاة على عاتق الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان.

المركز يجب أن يقدم خدماته لضحايا التعذيب الذين عانوا في التسعينات ابان حقبة أمن الدولة من القرن الماضي، وهناك الكثير ممن يحبذ الابتعاد عن الأضواء لأنه لا يود أن يمر في معاناة أخرى بسبب ازدحام الساحة بالشعارات والمنافسة على "البريستيج".

عدد من الجمعيات الحقوقية والسياسية واللجان الأهلية نظموا نشاطات بمناسبة اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب خلال الايام الماضية، مستهدفين نشر المعلومات بشأن توصيات اللجنة الدولية لمناهضة التعذيب ومن ثم تأكيد ضرورة تطبيق الحكومة لجميع التوصيات الصادرة في الشهر الماضي، وهذا من الأهداف الحميدة التي ينبغي أن نسعى إليها، ولكن من دون الحاجة إلى تضييعها لاحقا من خلال خلطها بالتحرك السياسي المعارض للحكومة في هذا الجانب أو ذاك.

إننا بحاجة إلى إنصاف الضحايا، كما إننا بحاجة إلى المصالحة الوطنية بشأن الماضي، وتأسيس نهج مختلف للتعاطي الإيجابي مع قضايانا العامة بعيدا عن المزايدات، وبعيدا عن الشعارات المحضة.

المحرر الحقوقي

العدد 1023 - الجمعة 24 يونيو 2005م الموافق 17 جمادى الأولى 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً