العدد 1033 - الإثنين 04 يوليو 2005م الموافق 27 جمادى الأولى 1426هـ

آهات طالب معماري من جامعة البحرين

إن التطورات العمرانية الرهيبة التي شهدتها دول مجلس التعاون في هذه الفترة الوجيزة التي لا تتجاوز العقد لهي فاتحة خير على شهود تطور معماري لا مثيل له من قبل لهذه الدول التي مضت قدما في صقل تراثها وحضارتها لتشييد المباني التي تتميز بالأناقة وانسجامها مع تراثها وحضارتها. ولنعلم أن تقدم وتطور البلاد يكون مصحوبا بتطور عماراتها وفنونها، وهذا يعكس مدى مستوى الوعي ومستوى الثقافة لهذا المجتمع وكفى بنا مثالا العصر الفرعوني الذي شيد اعرق حضارة وشيد أعظم مبان في تاريخ البشرية وهي الأهرامات التي كانت الدليل الأوحد على هذه الثقافة لعراقة وقوة الحضارة الفرعونية المصرية.

وبعد هذه المقدمة قد يتبادر إلى أذهاننا مدى مشاركة المعماريين المحليين في هذا المجال فمنذ فترة وجيزة شهدت البحرين تشييد حلبة البحرين الدولية لسباق الفورمولا واحد "F1" التي أبهرت بجمالها ومدى تعلقها بحضارتها وتراثها الكثير من المتابعين للصروح المعمارية، فهي تعكس البساطة والأناقة والفعالية التي تتميز بها العمارة الإسلامية لتحاكي الشرق والغرب روعة هذه العمارة. ومن المحرج أن يكون من شيد هذا الصرح وصمم هذا المعلم معماري أوروبي ما وطئت قدماه تربة البحرين من قبل. فأين هم المعماريون العرب عموما؟ وأين هم أبناء البحرين خصوصا؟

هل مستوى المعماريين البحرينيين لا يتماشى مع طموحنا أم انهم لم يصلوا إلى المستوى الذي تعتمد فيه الدولة على فلذات أكبادها؟ أجيبوني، فأين الخلل؟

جامعة البحرين من الجامعات القليلة التي تدرس تخصص الهندسة المعمارية، فهي قد أدرجت تخصص الهندسة المعمارية في جدولها للتخصصات. وبفضل الله ومشيئته أصبحت طالبا أدرس هذا التخصص وتخطيت عدة مراحل وأنا في السنة الرابعة. وكلي أمل أن اكون معطاء للوطن بهذا التخصص الذي كان سببا في رقي الأمم، لأرقى بوطني إلى صعد الحضارة والتقدم. ولكن هل مستوى جامعة البحرين في هذا التخصص يتماشى مع مستوى التطور العالمي والتكنولوجي للعمارة العالمية لكي تخرج من هو كفء ليرتقي بوطنه إلى مصاف الدول المتحضرة عمرانيا.

وقفات أقفها مع المسئولين في جامعة البحرين وأسأل الله أن يكونوا صادقين من أنفسهم قبل أن يكونوا صادقين مع غيرهم: هل مستوى جامعة البحرين يتماشى مع مستوى الجامعات العالمية؟ بل هل هذا التخصص من التخصصات المعترف بها عند بقية الجامعات والدول أم أن جامعة البحرين لم تصل إلى هذا المستوى؟

إن مستوى الخدمات والمقررات في الجامعة لا يتماشى مع التطور الهائل لهذا المجال. وأذكر عدة نقاط أناشد المسئولين من خلالها أن يقفوا عليها وكلي أمل أن تكون الجامعة صادقة مع توجهاتها.

أولا: إن الكتب والمراجع المعمارية المتوافرة في الجامعة قليلة جدا، فهي لا تتماشى ولا تلبي أبدا احتياجات الطالب المعماري، بل إن معظم الاساتذة يملكون كتبا ومراجع خاصة بهم في منازلهم أكثر بكثير من المتوافرة في الجامعة.

ثانيا: إن التخبط الذي قد يحصل في الجامعة بعدم وجود اساتذة مختصين في المجالات المختلفة وتدريس الاستاذ مجالا غير متخصص فيه، كل ذلك ينعكس على مستوى الطالب المعماري وقد يقدم الاستاذ لطلابه أمثلة تعامل معها في عمارتهم لا تطبق عمليا على عمارتنا وبغض الطرف عن الأمثلة الموجودة في عمارتنا.

ثالثا: إن الزيارات الميدانية التي تربط الطالب المعماري بالواقع شحيحة جدا مقارنة بجامعات أخرى.

رابعا: إن التجارب العملية تكاد تكون معدومة في الهندسة المعمارية بل لا يوجد مختبر واحد في الجامعة يستفيد منه الطلاب في عمل بعض التجارب المهمة، ومثال ذلك: عمل خلطة "pre cast" أو أمثلة عملية لنسبة الحديد في العمود وغير ذلك من التجارب المهمة.

خامسا: لا توجد ورشة واحدة في الجامعة لعمل النماذج التي يحتاج إليها الطالب لكي يترجم مشروعه النظري إلى نموذج واضح يسهل فهمه وإدراكه مع العلم أن هذه المختبرات موجودة في الجامعات الأوروبية.

سادسا: بطء التفاعل مع التطور التكنولوجي والاعتماد على المقررات القديمة وخصوصا مع برامج الكمبيوتر.

سابعا: وجود طابعة واحدة في الجامعة فقط يستخدمها طلاب المعمارية لطباعة مشروعاتهم وليس من الغريب أي يصبر الطالب 8 ساعات ليطبع بضع وريقات ونطالب نحن الجامعة بأن يكون عدد الطابعات لا يقل عن 10 طابعات على الأقل، مع العلم أن سعر الطابعة الواحدة يقارب 1200 دينار فقط وأن حفلا موسيقيا واحدا استضافت فيه الجامعة عدة فنانين كلفهم مئات الآلاف.

هذه بعض النقاط الرئيسية التي يحتاج إليها الطالب المعماري لكي يكون فعالا في هذا المجال ولكي يوازي التطور المعماري، مع العلم أنه تم التغاضي عن بعض النقاط الأخرى، ونصيحتي إلى كل طالب معماري أن يشد عزمه ويوقظ عزيمته لكي يكون معطاء ونبراسا وفأل خير على مجتمعه. وفي الختام، لا أنسى أن أشكر الكادر التعليمي المعماري في جامعة البحرين من البروفيسورات والدكاترة ومساعديهم على جهودهم في خدمة الطلاب بإخلاص، ولن أنسى مواقفهم الرائعة وعملهم الدؤوب لزيادة الوعي المعماري لدى طلاب الجامعة.

أحمد آل محمد

العدد 1033 - الإثنين 04 يوليو 2005م الموافق 27 جمادى الأولى 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً