تبخرت الآمال الضعيفة في أن يسائل البرلمان الأفغاني الجديد، الرئيس حامد قرضاي بعد انتخابات جديدة شابها تلاعب بالأصوات وأعمال عنف ويرجح أن تتمخض عن مجلس غير فعال كسابقه.
ويقول محللون إن قرضاي سيستطيع مجدداً أن يحكم كما يحلو له من دون أن يحتاج إلى التودد للبرلمان أو يقلق من أنه سيمثل تحدياً له.
ومن غير المرجح أن تفيد رائحة الفساد وشراء الأصوات التي أحاطت بالانتخابات التي جرت في 18 سبتمبر/ أيلول صورة الحكومة الأفغانية سواء بين داعمي قرضاي الغربيين أو ملايين الأفغان الذين سئموا الفساد أو الساسة الذين يعتبرون أنهم غير منشغلين إلا بأنفسهم.
وساعدت انتخابات الرئاسة التي جرت العام 2009 في تعزيز هذا الاعتقاد.
وقال العضو السابق بالبرلمان، مالالاي جويا «لا شك أن بضعة ديمقراطيين خاضوها من رجال ونساء لكنني واثق أن معظمهم لن يفوزوا. بضعة منهم ربما سيفوزون كاستعراض للديمقراطية».
وقال جويا الذي أدت انتقاداته الصريحة لقادة الفصائل السابقين في البرلمان إلى تعرضه لاعتداءات جسدية وفي نهاية المطاف تم تعليق عضويته في البرلمان لمدة ثلاث سنوات في العام 2007 «مثل البرلمان السابق سيكون معظمهم ممن يخرقون القانون أو صانعيه».
ولا يزال الفرز مستمراً بعد الانتخابات لتحديد الفائزين بمقاعد مجلس النواب التي يبلغ عددها 249 مقعداً بعد أن تنافس نحو 2500 مرشح في انتخابات شهدت أعمال عنف نفذتها حركة «طالبان» وشكاوى بارتكاب انتهاكات للانتخابات من كل لون.
ومن غير المنتظر أن تظهر النتائج النهائية قبل 30 أكتوبر/ تشرين الأول على الأقل لكن محللين يتوقعون نمطاً يشبه ما حدث في انتخابات الرئاسة العام الماضي التي فاز بها قرضاي على الرغم من أنه تم إلغاء أكثر من ثلث الأصوات التي حصل عليها باعتبارها مزورة.
وتعتبر واشنطن كبح جماح الفساد في إدارة قرضاي جزء لا يتجزأ من خطط سحب القوات في نهاية المطاف التي يتوقع أن يتم بحث سرعة تنفيذها ونطاقها خلال مراجعة الاستراتيجية التي يجريها الرئيس الأميركي، باراك أوباما في ديسمبر/ كانون الأول.
ويقول محللون إن الفساد يفاقم من الاستياء الجماهيري الذي يأتي في صالح «طالبان» ويضعف من شرعية قرضاي ويؤثر على قدرة الحكومة على بناء المؤسسات التي تحتاجها لحكم البلاد، و خصوصاً قوات الأمن.
وقالت المحللة في مجموعة يوراسيا، ماريا كوسيستو، «هذه الانتخابات البرلمانية كانت مثل عدمها ولن يتغير شيء على الأقل هيكلياً».
والطريقة الطبيعية لعمل البرلمان كجهاز مرتبط بالسياسة الأفغانية التقليدية أكثر مما يشير إليه هيكله القانوني الحديث تعتمد على العرقية والديانة والمحسوبية والأيديولوجية ما يؤدي إلى تكوين تحالفات متخصصة.
وهذا يسمح للمجلس بقدر من استعراض العضلات لكن لا توجد كتلة حقيقية لتمثل جبهة موحدة في مواجهة قرضاي.
وقالت مديرة شبكة محللي الشئون الأفغانية، مارتين فان بيجليرت «البرلمان بطريقته العشوائية كان جهازاً غير خاضع لسيطرة كاملة وفي بعض الأحيان كان هذا يعني أنه يمثل جهة للمراجعة وفي بعض الأحيان عقد الأمور».
وأضافت «أتوقع أن يستمر هذا لأن السياسة الأفغانية معقدة جداً والمفاوضات جارية دائماً».
ووقف مجلس النواب الأفغاني في وجه قرضاي فيما سبق ففي البداية رفض مجموعة من مرشحيه لمجلس الوزراء في ديسمبر/ كانون الأول ويناير/ كانون الثاني ثم في مارس/ آذار صوت ضد قراره الاستغناء عن مراقب أجنبي من لجنة الشكاوى الانتخابية.
لكن الكاتب والمحلل الأفغاني، وحيد مقداح الذي خدم في وزارة الخارجية في عهد «طالبان» قال إن البرلمان المنتهية ولايته كان أقوى من المقبل لأن الانتخابات البرلمانية السابقة لم تكن بهذا القدر من السوء.
وقال «هذه الانتخابات لم تكن جيدة ونزيهة جداً لأن بعض الناس فكروا في الانتخابات السابقة وفكروا في التزوير وأن صناديق الاقتراع ستسرق. في ظل انعدام الأمن هذا يعني أن الأمر لا يستحق المجازفة».
ومن المرجح أن تشهد هذه الانتخابات أقل نسبة إقبال بين الانتخابات الوطنية الأربع التي جرت منذ أسقطت القوات الأفغانية المدعومة من الولايات المتحدة حركة «طالبان» العام 2001 وبلغ إجمالي عدد الأصوات التي تم الإدلاء بها 4.3 ملايين صوت.
وأشار مقداح إلى أنه كان هناك مجال للترويع وشراء الأصوات وسوء التصرف من قبل مسئولي الانتخابات هذه المرة مقابل الانتخابات البرلمانية التي جرت العام 2005 لأن سوء الأوضاع الأمنية يعني وجود مراقبين دوليين أقل.
وأضاف «أعتقد أن البرلمان الأول كان أفضل مما سيكون عليه الثاني. نوعية الأشخاص لن تكون بالجودة نفسها».
العدد 2944 - الإثنين 27 سبتمبر 2010م الموافق 18 شوال 1431هـ