العدد 1092 - الخميس 01 سبتمبر 2005م الموافق 27 رجب 1426هـ

لماذا هؤلاء يكفروننا ويبيحون دماءنا؟!

لا ندري من أي منطلق ومن أي مصدر ومن أية شريعة أو ديانة، تستمد ثلة من الهوام المسعورة، والوحوش الضارية المتوحشة وشرذمة من شذاذ الآفاق تشريعاتها الشاذة والعبثية. .. هؤلاء الذين جاءوا إلينا زاحفين من القرون الغابرة والعصور المظلمة، وهم ينتمون إلى عصابات المغول والتتار وقراصنة البحار، وتسللوا في ليلة ظلماء إلى هذا العصر الذي لا يناسب ما يعتقدون به وما يفكرون فيه، ويرفض رفضا قاطعا ما يمارسونه من أعمال وحشية وممارسات إجرامية وإرهابية، تنبذها كل الملل والديانات والأعراف الإنسانية، وتجرمها كل الشرائع والأديان السماوية والقوانين الوضعية، وتستنكرها استنكارا صارخا وتشجبها شجبا مدويا، وتستهجنها استهجانا مزريا.

جاءت تلك الفئات الظلامية الضالة المضلة، لتفتي بحسب أهوائها وتشرع وتحلل وتحرم، وتبيح لنفسها ارتكاب أبشع الأعمال وأفظع الجرائم، وتتمادى في غيها وجهلها، وتعطي لنفسها حق التدخل في شئون الناس - في كل دولة تحل بها كالصاعقة - وكأنها وصية عليهم وولية لأمرهم، وتصدر أوامرها وقوانينها، وتفرض أحكامها وتعاليمها، وكأنها تتلقى الأوامر من السماء مباشرة، متجاهلة وجود ذوي العقول الراجحة، وأصحاب الوجاهة والمكانة الرفيعة، من أهل الدين والفكر والسياسة والثقافة، وأهل النفوذ والسلطة والسلطان.

وتشرذمت تلك الجماعات وانطوت على نفسها، وآلت على نفسها إلا أن تتخذ من العنف والقتل والذبح والبطش منهجا وطريقا لها، ومن ترويع البشر وإراقة الدماء نهجا ونبراسا لها، فهامت في الفيافي والصحارى، واختفت في البوادي والوديان، وتوارت في السفوح وفي الجبال، وأصبحت تزرع الموت والفناء بين البشر، وتحصد الخراب والدمار في بقاع الأرض، وتجني من وراء ذلك الخيبة والخسران، وغضب الرب عليها وكراهية الناس لها في كل مكان، وسيكون مصيرها جهنم وبئس القرار.

ووجدت تلك الوحوش الضالة في العراق الذي تسللت إليه في ليلة ظلماء، وفي فترات انفلات الأمن، فوجد البعض منهم فيه ضالتهم المنشودة، فاتخذوا منه وكرا لهم يختبئون فيه ويتوارون عن الأنظار، ويمارسون إرهابهم الذي أقاموه على أسس من الكراهية والبغضاء والأحقاد الدفينة السوداء، وتكفير الآخرين وإباحة قتلهم وذبحهم والتمثيل بجثثهم، وانتهاك عرضهم ونهب مالهم وثروتهم، وقسموا الناس إلى طوائف وفرق، وركزوا عملياتهم الإرهابية على طائفة من المسلمين، تدين بدين الإسلام ومعتقداته، وتشهد بوحدانية الله وربوبـيته، وتؤمن بكتب الله المنزلة وأنبيائه المرسلة، وتتبع الرسالة المحمدية وأهل بيته الأطهار، وتتهمهم تلك الجماعات الضالة المضلة والظلامية التكفيرية بأنهم - والعياذ بالله - كفرة وتسميهم بالرافضة، وهم كعادتهم يكفرون كل من يخالفهم الفكر والرأي والعقيدة، ويعطون أنفسهم الحق في إصدار أحكامهم الإرهابية فيهم، وارتكاب إثمهم وعدوانهم على الأبرياء تحت تهديد السلاح وتحت طائلة البطش والعنف والقوة.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تعدوا على شرع الله - سبحانه وتعالى - وتجاوزوا كل الحرمات، فلم يراعوا في الله حرمة، ولم يحترموا بيوت الله التي جعلها دور أمن وأمان، ولم يراعوا مشاعر المسلمين وأحاسيسهم، ففجروا سياراتهم المفخخة في دور عباداتهم ومساجدهم وأسواقهم ومدارسهم، ونسفوا أحزمتهم الناسفة في صفوفهم ومزقوا أجسادهم، وقذفوهم بالقاذفات ومدافع الهاون وهم في عقر ديارهم، ولم تسلم الكنائس وجموع المصلين فيها من قنابلهم ومتفجراتهم.

وخطفوا الأبرياء الآمنين الذين جاءوا من مختلف بقاع الأرض، لكسب العيش والرزق ولم يراعوا غربتهم ووحشة وحدتهم، فنكلوا بهم وذبحوهم كما تذبح النعاج من دون خوف من الله أو حياء من الناس، وتعدوا على كل الأعراف الدولية والبروتوكولات المتبعة فاعتدوا على الدبلوماسيين وخطفوا السفراء وأعدموهم بلا وجه حق، وهو اعتداء وتجن سافر، لا يمارسه إلا كل مجرم وكافر، وفجروا أنابيب النفط ومحطات توليد الكهرباء، ومصادر المياه، وهي ثروات وخيرات العراق التي بها تسير عجلة الحياة ويتعيش من ورائها الناس لكونها مصدر قوتهم ورزقهم.

فأي كتاب وأية سنة أو شريعة تبيح لهؤلاء الهمج الرعاع الذين ينعقون مع كل ناعقة، أن يرتكبوا كل تلك الجرائم الفظيعة، والممارسات الوحشية والبربرية بحق البشر الأبرياء، ويتمادون في حقدهم وغيهم وطغيانهم، ويجيزون لأنفسهم أن يريقوا الدماء ويزهقوا الأرواح البريئة، ويتخذون من الدين - والدين منهم براء - ستارا لارتكاب جرائمهم النكراء، التي يشيب لها الجنين في بطن أمه، ويستنكر أعتى وأخطر المجرمون في العالم أفعالهم وأعمالهم التي فاقت في وحشيتها وبربريتها كل تصور وخيال.

ولماذا هؤلاء الهمج الرعاع والوحوش الضارية، وملة الكفر والنفاق والظلام يكفروننا، ونحن ندين بالإسلام - دين المحبة والتسامح والسلام - ونتبع ونسير على خطى أهل بيت رسولنا الأعظم "ص" صاحب الرسالة السماوية، وخاتم الأنبياء والرسل، ولماذا هم يصدرون فتاواهم وأكاذيبهم بحق أتباع أهل البيت "ع" بتكفيرهم وجواز قتلهم وذبحهم وهتك أعراضهم والتمثيل بجثثهم، ولا ندري أين رجال المسلمين مضوا حتى تتحكم تلك الشرذمة الكافرة المارقة، من قطاع الطرق والفارين من وجه العدالة، بمصير البشر وإشاعة الخوف والرعب والدمار والخراب في ديار المسلمين وغيرهم من البشر في ربوع العالم، ولم يجدوا من يوقفهم ويستنكر ويشجب أعمالهم الإجرامية، وممارساتهم الوحشية والإرهابية.

محمد خليل الحوري

العدد 1092 - الخميس 01 سبتمبر 2005م الموافق 27 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً