أوصى المشاركون في الملتقى القرآني الذي عقد مساء الخميس 23 أبريل/ نيسان 2009 ضمن فعاليات مسابقة الذكر الحكيم العاشرة، بضرورة ارتقاء طريقة تعاطي القنوات الفضائية مع القرآن لتأخذ صورا وأشكالا تشرك الدراما القرآنيّة المفقودة في مثل هذه القنوات، وتعنى أكثر بفئة الأطفال من خلال برامج مدروسة وفق مبانٍ تربويّة لإيصال الرسالة بأيسر طريق وأجمل صورة.
وأكد الضيوف المشاركون أنّ هذا الملتقى ليس نهاية بل بداية طيّبة لتقويم ما يعتري العمل الفضائي من تقصير وأخطاء، مرحّبين بالجمعيّة التي أشركتهم في الملتقى وكذلك بتوقيع مذكرة تفاهم معها سعيا لبحث فرص التعاون الممكنة. وأثناء النقاش أكد الجميع أنّ المسئولية مشتركة بين القنوات الفضائيّة والمؤسّسات القرآنيّة والجماهير، وأنّه لابدّ من تفهّم ظروف القنوات قبل الحكم عليها. وتطرّق الشيخ ياسر الصالح في ورقته إلى عناصر الإعلام عموما، مشيرا إلى غياب الإعلام القرآني المتخصص، فيما الموجود لا يرقى إلى المطلوب. واستعرض الصالح تجربة قناة أهل البيت (ع) التي خصّصت قسطا وافرا من الاهتمام بالقرآن في شكلين مباشر وغير مباشر انطلاقا من هدف يسعى لجعل القرآن بمعناه الأوسع محورا. ثم عدّد الصالح البرامج المعروضة، لافتا إلى سعي القناة قريبا لبث برنامج وثائقيّ قرآنيّ بعنوان «هذا القرآن» يتناول كل القضايا المتعلّقة بالقرآن وعلومه.
ولم يخفِ الصالح حقيقة أن بث المحاضرات ذات الطابع السرديّ أسهل وأقل كلفة لكثير من القنوات التي تعاني من قلة الموازنات اللازمة لكثير من البرامج، موضحا أن البرامج الوثائقيّة والدراما التلفزيونية مفقودة، لافتا إلى الحاجة إلى التجديد فيما يعرض من دراما قرآنيّة فلا يمكن عرض مسلسلات أو أفلام كثر عرضها، ولا يعني ذلك إلغاء خيارها بل إنها تستثمر بأشكال جديدة، كاشفا عن مساع تبذلها القناة لشراء أفلام قرآنيّة جديدة على رغم الكلفة العالية.
وتحت محور «نحو إعلام قرآنيّ متميّز» دعا الصالح إلى تحرّك جماعيّ لخلق جيل إعلاميّ قرآنيّ، مع ضرورة التخطيط الاستراتيجيّ بركائز رصينة تعتمد المبادئ الحديثة الآتية: البحوث وجمع المعلومات وهو ما يستلزم وجود مراكز بحثيّة، التخطيط والبرمجة، تنمية القدرات، مقاييس التقويم والتقييم. وختم بالإشارة إلى إمكان الاستفادة من تجربة قناة «الجزيرة» المشهود لها بالريادة على مستوى القنوات العربية.
من جانبه لفت فهمي عبدالصاحب لفت نظر الحاضرين إلى أنّ كثيرا من القنوات الدينية في بداية مشوارها، وهي في لحظة مخاض تاريخيّة، مبشرا بأن المردود سيكون مستقبلا. وأضاف «لن ندّعي الكمال، لدينا مشكلات جمّة وبهذه الملتقيات المعقودة باسم القرآن الكريم وعلومه هناك فرصة للارتقاء والمنافسة الشريفة».
واستعرض برامج قناة «الزهراء»، مشيرا إلى برنامج «ربيع القلوب» الذي يشكّل بادرة تعاون طيّب بين القناة وجمعيّة الذكر الحكيم، واعدا ببرامج تعنى بعلوم القرآن مستقبلا.
أما السيد ناصر العلويّ فافتتح مشاركته في الملتقى القرآنيّ بالدعوة إلى ما أسماه «تحريك القرآن في واقعنا»، موضحا أن قناة «المعارف» وضعت منذ التأسيس مخطّطا أوليّا شكّل منظومة فكريّة تركز على القرآن وعلومه، وتمثّلت في 14 برنامجا مهتمّا بالقرآن وعلومه. وبشّر العلوي ببرامج قرآنيّة بقوالب فنيّة مختلفة تحمل الطابع الدراميّ أو موجّهة للأطفال، داعيا جمعيّة الذكر الحكيم والمؤسّسات المختصّة لاقتراح البرامج والمساهمة في إعداد هذه البرامج لتنتهي في قالب فنّي يتفق عليه الطرفان.
ثم فتح مجال المداخلات التي انصبّت كلّها على الدور المأمول من القنوات تجاه القرآن الكريم، وتأكيد ضرورة حضور القرآن بشكل أكبر وبصور أكثر ولشرائح أكثر تنوّعا وخصوصا الأطفال.
وجاءت أهم توصيات الملتقى القرآنيّ مركزة على ضرورة تضمين استراتيجيات القنوات الفضائيّة هدفا استراتيجيّا بالعمل على خلق جيل قرآنيّ على أن تشرك المراكز البحثيّة في رسم هذه الاستراتيجيّة بشكل علميّ مدروس، والدعوة إلى عدم الفصل بين القرآن الكريم وأهل البيت (ع)، وإقرار القنوات بوجود تقصير، واعتبار هذا التقصير تمهيدا للانطلاق إلى تصحيح الأوضاع والترحيب بالانفتاح على الشخصيّات القرآنيّة بعيدا عن النظرة الضيّقة للصراعات الفئويّة والحزبيّة، وذلك وفق الإمكانات المتاحة والظروف المؤاتية والسعي لتوقيع مذكرة تفاهم بين جمعيّة الذكر الحكيم والقنوات الفضائيّة لتفعيل التعاون بين الطرفين لخلق شراكة حقيقيّة لهندسة البرامج القرآنيّة وطريقة عرضها.
كما أوصى الملتقى بضرورة تفعيل دور الرابطة القرآنيّة في تسهيل التواصل بين المؤسّسات القرآنيّة والقنوات الفضائيّة وضرورة إيجاد برامج قرآنيّة متخصّصة تستهدف الأطفال، على أن يشرك في إعدادها التربويّون المختصّون وعدم الاقتصار على التعاطي مع القرآن بالصورة النمطيّة، بل محاولة التجديد في عرض القرآن بصور مختلفة، ومنها البرامج الوثائقيّة القرآنيّة، والدراما القرآنيّة.
ولفت المشاركون في توصياتهم إلى حاجة الكوادر المتعاونة أو العاملة مع القنوات الفضائيّة لتأهيل إعلاميّ وفنيّ ودعوا إلى العمل لإنشاء شبكة معلوماتيّة قرآنيّة وإنشاء مراكز إعلاميّة لوضع ضوابط للقنوات الإسلاميّة، مهمّتها المراجعة والتقييمة وإقامة مراكز مهتمّة بتقييم الرأي العام ورأيه فيما يعرض على هذه القنوات والعمل على مشروع مشترك بين جمعيّة الحكيم والقنوات الفضائيّة لإنتاج مسلسل مشترك يقدّم موضوعا قرآنيُّا. كما أكدوا أهمية استكمال اللقاءات في هذا الصدد، مع ضرورة الانتهاء إلى آليات واقعيّة للمعالجة
العدد 2424 - السبت 25 أبريل 2009م الموافق 29 ربيع الثاني 1430هـ