العدد 1198 - الجمعة 16 ديسمبر 2005م الموافق 15 ذي القعدة 1426هـ

تشغيل العاطلين... من الأزمة إلى الأمنيات... إلى «مشروع الملك»

العاطلون يتمنون «عيدهم الوطني» هذا العام مكللاً بالوظائف

لا يخفي «إبراهيم» اعتزازه بكلمة الانتماء إلى الوطن. .. لكن ذلك الشاب العاطل عن العمل منذ أربع سنين، يتمنى أن يفرح في العيد الوطني هذا العام فرحة مضاعفة، وقد تحققت أمنياته بالحصول على وظيفة... لقد سجل اسمه ضمن سجل المشروع الوطني للتوظيف والتدريب الذي أطلقه جلالة الملك، وهو في انتظار البشرى. حال إبراهيم، هي حال الكثير من الشباب العاطلين عن العمل، لكن الفارق بين أولئك أن هناك من يسعى إلى القضاء على بطالته، فيما لا يفكر البعض الآخر في الانضمام إلى وظيفة تناسبه. إنها مشكلة البطالة... ولسنا نثيرها هنا ونحن نحتفل بعيدنا الوطني كمشكلة يعاني منها المجتمع، بل للبدء في تطبيق المشروع الوطني للتوظيف والتدريب والذي سيغطي حال اكتماله بنجاح، جميع الباحثين عن عمل من الجنسين. يعتبر مؤشر البطالة من أهم المؤشرات الاقتصادية التي تحرص جميع الدول وخصوصاً المتقدمة منها على إصدارها بشكل دوري، ويكمن هذا الاهتمام في ارتباط البطالة ارتباطاً قوياً بالنمو الاقتصادي. ولذلك، فإن العلاج الأفضل والأهم لمشكلات البطالة يتمركز في إحداث نمو اقتصادي يدفع القطاعين الخاص والعام إلى التوسع في طل مساعي وتعاون الجهات المعنية، وإيماناً من عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة بكل ما سبق انطلقت مبادرته الكريمة لحلحلة هذه المشكلة الأزلية من خلال «المشروع الوطني للتوظيف» والذي من المتوقع أن يوظف 10 آلاف عاطل، تُوظف الدفعة الأولى منها في نهاية شهر مارس/ آذار المقبل وفق ثلاثة مستويات: حرفي، فني وجامعي لا يقل الراتب في أدنى المستويات عن 200 دينار بحريني. الحديث عن البطالة حديث لطالما احتل نصيب الأسد في جميع المحافل والمؤتمرات ليتصدر أولى الأولويات في جداول التخطيط المستقبلي، وهو حديث مازال يطرح نفسه وبقوة ليمسي حديث الساعة بين الدول ورؤسائها، في المدارس والجامعات، في المجالس والمساجد وبين أحاديث الناس عموماً والشباب خصوصاً. لقد أمست البطالة هاجساً تخشى منه جميع الأنظمة على تباين قوتها، وعقدة تلازم أي طالب مقبل على الحياة العملية. هاجس بات من أصعب التحديات وأقدمها على الإطلاق تجاوز الخطوط الحمراء وفي بعض الدول تجاوز حد السيطرة ولاسيما بعد أن كشفت جامعة الدول العربية في إحصائيتها للعام 2004 أن نسبة عدد العاطلين في الدول العربية تصل من 15 ­20 في المئة وتزيد سنوياً بمعدل 3 في المئة، إذ من المتوقع أن يصل عدد العاطلين العام 2010 إلى 25 مليون عاطل. «الوسط» حاولت تقصي آراء وردة فعل الشارع البحريني فضلاً عن تجاوبه مع هذا المشروع، عاملون عاطلون ومعنيون في محاولة لرسم صورة واضحة وسد الثغرات إن وجدت، ولاسيما أن المشروع في أوجه، ومن المفيد أن نسوقه في هذه الأيام التي نحتفل فيها بذكرى العيد الوطني المجيد، باعتبار المشروع أحد أهم المشروعات التي تصب في اتجاه تحسين معيشة المواطن: أولى لقاءاتنا كانت مع أحد العاطلين من خريجي قسم اللغة العربية بجامعة البحرين، علي محمد المفتاح والذي عض أصابع الندم لسوء اختياره تخصصه الدراسي متخذاً جهله بمتطلبات سوق العمل، من جهة وغياب التوجيه في المدارس والجامعات فضلاً عن وزارة العمل من جهة أخرى، شماعة يلقي عليها عواقب سوء هذا الاختيار.

بطالة نصنعها بأيدينا

ولايزال يروي الحال الذي آل إليه بعد دراسة دامت أكثر من 16 عاماً في المؤسسات التعليمية ليكون مصيره على قوائم الانتظار، مؤكداً بحرقة أن حاله من صنع يديه، فلو اختار الاختيار الصحيح منذ البداية ولم يدرس أي تخصص لمجرد الدراسة وحيازة الشهادة، مراعياً متطلبات سوق العمل لاختلف الوضع من النقيض إلى النقيض، فالمشكلة تقع على كاهل الجميع ابتداءً من الطالب الجامعي مروراً بالإرشاد الوظيفي وانتهاءً بوزارة العمل. وحين سألناه عن مدى تفاؤله بالمشروع، رد متحمساً ومؤكداً أن الشاب البحريني يشجع أي مشروع من شأنه أن يسهم في حل مشكلاته التي تبدأ بالبطالة وتنتهي بالبطالة، فلو لم تحقق الهدف المرجو منها ستسجل في أقل تقدير كبادرة تستحق الثناء من جهة، وتنمي إحساساً بالطمأنينة لدى المواطن فيما يخص اهتمام الدولة ومؤسساتها به من جهة أخرى. ولا تختلف مشكلة خريجة معهد البحرين للتدريب موزة بوحمد عن سالفتها كثيراً، فقد عبّرت عن يأس لحملها لقب عاطلة عن العمل لترى من المشروع بادرة أمل وإن كانت غير واضحة النتائج ­ على حد قولها ­ تخلصها من هذا اللقب الذي لازمها لمدة أربع سنوات.

العمالة الأجنبيةوالبطالة المقنعة

ويطرح الموظف بشركة بابكو جعفر مكي بعداً آخر في هذا الاستطلاع، فوجهة نظره تتمركز في كون المملكة تعاني من بطالة وهو أمر مسلّم به ولا يختلف عليه اثنان حالها حال باقي الدول في العالم العربي، ولكن في الفترة الأخيرة ظهرت لنا بطالة من نوع آخر وهي البطالة المقنعة وفي كلا الحالتين العمالة الأجنبية تلعب دوراً كبيراً في تفاقم هذه المشكلة.

لجان شعبية

وبكل جرأة وصف الوعود «بالمستهلكة»، وطالب بضرورة توفير لجان شعبية تكون حلقة وصل بين العاطلين والوزارة من جهة والعاطلين ومراكز التوظيف من جهة أخرى من خلالها يمكن زيادة تفاعل الشارع البحريني مع المشروع وبالضرورة حل مشكلة البطالة ولو جزئياً، داعياً إلى النظر برؤية مستقبلية للمشروع كإحدى المحاولات التي نطمح أن يكون لها صدى أكبر من سالفتها. ويشاطره الرأي في مسألة العمالة الأجنبية الموظف بوزارة الكهرباء محمد علي حبيب والذي يرى أن هذا المشروع من أهم المشروعات التي ستسهم في إحداث نقلة نوعية في المجال المهني للمواطن البحريني كونه موجهاً من وإلى المواطن ويستبعد فيه الوافد الأجنبي، ما يسهم في زيادة الفرص أمام العامل البحريني في حال تجاوز الوقوع في الأخطاء والمطبات نفسها. ويسترسل حبيب في شرح وجهة نظره فيقول: «تعب المواطن البحريني من الدراسة الجامعية طوال 4 سنوات ليصدم بعد طول انتظار بوزارة العمل بدورة أو تأهيل في أحد المعاهد بالمملكة والتي تكون ضمن البرامج لتوظيفه. آمل أن يكون هذا المشروع مختلفاً ويراعي عند اختيار الوظيفة التخصص الجامعي للعاطل». ومازال الحديث له ليطالب بضرورة أن يعالج المشروع المشكلة بحلول جذرية ولاسيما أن المجتمع البحريني واع وسيتقبل ويدعم المشروع بقوة لو أثبت جدواه أو سيحاول تقبله كحل لا بديل له كمن قال «الغريق يتعلق بقشة». وعلى الصعيد ذاته، يطرح لنا رئيس هيئة العاطلين عن العمل سيد عبدالله العالي ملاحظاته الانطباعية الأولية عن المشروع والذي ما زال يجهل ماهيته بدقة، وكل معرفته به من خلال ما يكتب في الصحافة ليوافق رؤى سابقيه بضرورة توفير لجان شعبية وعدم استبعاد مشاركة مؤسسات المجتمع المدني في المشروع والتي لها بصمات واضحة في تحريك ملف البطالة وتقديم الكثير من الرؤى لفك عقد المشكلة. لذلك، كان من الأجدى الاستفادة من هذه المؤسسات في مجال التخطيط والتنفيذ فضلاً عن المتابعة والتقويم. ويسترسل في بيان وجهة نظرة الانطباعية حين ما سألناه عن مدى تفاؤله بجدوى المشروع فيقول: «الجميل أن القيادة الرشيدة سعت إلى التعامل مع هذا الملف بالقوة نفسها التي سعت إليها الأطراف الأخرى، وأبرز دليل على ذلك انطلاق مشروع التوظيف الوطني بتوصية من جلالة ملك البلاد، فالجميع يعلق آماله على إصدار قرار سياسي من شأنه أن يسهم في إحداث فرق في مجرى مسار مشكلة البطالة من الركود والأحلام إلى النشاط والواقعية، والأيام من شأنها أن تبرز الخيط الأبيض من الأسود».

مشروع وطني

استبشر العالي خيراً من وراء هذا المشروع ولاسيما أن ملف البطالة يعد من أعقد الملفات على الإطلاق بالنسبة إلى المملكة وكلفت بدرا ستة عدة جهات وعلى رأسها اللجان المكلفة دراسة سوق العمل بما فيها مجلس التنمية الاقتصادية بتوصية من ولي العهد صاحب السمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، كما أن هناك الكثير من الجهات الرسمية والأهلية يهمها أن تكون لها بصمات واضحة في تحريك هذا الملف كالمعنيين بتقويم مخرجات التعليم ومواءمتها مع متطلبات سوق العمل والتي تطرح رهانها في تحقيق هذا الهدف، بالإضافة إلى الجمعيات السياسية والتي تسعى بدورها إلى تحسين الوضع المعيشي في المنطقة وتحقيق أهدافها الاجتماعية والسياسية. ولم يغفل العالي مساعي الجمعيات غير السياسية كالصناديق الخيرية والتي من مصلحتها أن يخف عبء مشكلات العاطلين من على أكتافها... كل ذلك يؤكد أن «مشروع التوظيف الوطني» هو فعلاً مشروع يستحق أن يوصف بالوطني لكونه يهم جميع الإطراف وأولها أصحاب المشكلة العاطلين وذويهم، على حد قوله.

نظرة مستقبلية متفائلة

في هذه المساحة يتناول الموظف بالقطاع الحكومي ياسر عبدالله سلمان جانبا مهماً بعد أن أشاد بالمشروع ليسترسل في بيان ردة فعله حياله، فيقول: «إن المشروع من وجهة نظر سطحية سيسهم في تقليل نسبة البطالة ولكن الناظر إلى أبعد من ذلك يرى أن المشروع من شأنه أن يقلل من نسبة الجرائم والهجرة والتسول وامتهان وظائف غير مرخصة».

نقطة تحول

الناشطة السياسية والاجتماعية رئيسة جمعية المستقبل النسائية شعلة شكيب تطرح لنا رؤيتها في هذا المشروع من خلال هذه المساحة لتؤكد أنه سيكون بمثابة نقلة نوعية في قضية البطالة، والناظر إليه بعين متفائلة يراه مبادرة سامية من جلالة ملك البلاد تعبّر عن مدى اهتمامه بقضايا المملكة وسعيه الدؤوب إلى إيجاد الحلول وتحقيق تطلعات المواطنين في توفير حياة أفضل، واصفة إياه بالمشروع الرائد والفريد من نوعه من حيث الفكرة ورصد الموازنة، فضلاً عن الاستعانة بالخبراء واللجان المنفذة برئاسة وزير العمل مجيد العلوي. ومن هذا المنطلق، تطلعت شكيب إلى أن تدرس اللجنة الموضوعة لوضع استراتيجيات التنفيذ ثغرات وأسباب الإخفاق المحتملة في المشروع ومحاولة وضع التصورات والمنافذ لتلافيها كتسرب المواطنين من البرنامج التدريبي، والنقص الفني في التدريب، بالإ

العدد 1198 - الجمعة 16 ديسمبر 2005م الموافق 15 ذي القعدة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً