ما حدث حديثا من اشتعال الشارع البحريني ينذر بأن هناك عواقب وخيمة وإرباكا شديدا يعوق الحركة الإصلاحية التي يقودها جلالة الملك... لماذا؟ لأن صيغ الدستور لا يعمل بها! فترى معظم المؤسسات والوزارات الحكومية تتجاهل بنود ومواد الدستور من غير أن يكون هناك رادع أو لفتة رقابية من السلطات العليا في الحكومة أو من المجلسين (الشورى والنواب). وما تفجر الشارع البحريني مرة أخرى إلا نتاج الضغط المعيشي والإسكاني المجحف. فذروها سائبة والكل في تلك المؤسسات والوزارات يبحث ويتقاسم مصالحه مع فصيلته وبني جلدته من بعض أطياف هذا الشعب المبتلي والمحروم من أبسط الحقوق ألا وهو توفير سبل العيش المتمثل في توفير فرص العمل للعاطلين عن العمل، كما يجب توفير المأوى المتمثل في السكن اللائق لكي يأوي المواطن وأهله وعياله ويقيهم الشتات وعذاب الإيجار الشهري تحت وطأة المؤجر.
كل هذا الضياع المعيشي والسكني ومهزلة التفرد بالأعمال ناتجة عن ترك الدستور وبنوده وراء الظهور من غير اكتراث ولامبالاة من أحد، وكما قيل «من أمن العقوبة أساء الأدب» ومن أهم هذه المواد الدستورية والواضحة للعيان والتي تخص السكن (المادة 9 فقرة و) والتي تنص على: تعمل الدولة على توفير السكن لذوي الدخل المحدود من المواطنين. وإلى الآن غالبية الشعب أدمنوا العيش بالإيجار الشهري المذل للحرية الإنسانية وشريحة كبيرة من المواطنين من تزوج وأنجب ومازال يعيش في كنف أبويه.
أما العمل فـ (المادة 13 فقرة ب) تنص على: تكفل الدولة توفير فرص العمل للمواطنين وعدالة شروطه. فأين الوزراء وكبار المعنيين في الحكومة من هذه المواد الصريحة والتي تصب وتعم فوائدها على الشعب كافة من دون استثناء وتمييز يذكر؟
إنني ومن منطلق حرصي الشديد على استتباب وصون الأمن في هذه الجزيرة الصغيرة، أرجو من المسئولين أن يضعوا الأعمال الأخيرة التي حدثت في العاصمة وفي أماكن متفرقة من المملكة نصب أعينهم، وأن يجلسوا ويتناقشوا الأسباب التي دعت شريحة كبيرة من المواطنين لتشعل الشارع غضبا ويلبوا مطالبهم، ويكون الحوار هو سيد الموقف ونبذ لغة التهديد والوعيد واستعمال القبضة الحديد، فهذه التهديدات تجر المملكة إلى ما لا يحمد عقباه.
مصطفى الخوخ
العدد 1203 - الأربعاء 21 ديسمبر 2005م الموافق 20 ذي القعدة 1426هـ