في مساء يوم الجمعة الماضي ذهبت في زيارة أخوية إلى منزل الأخ الكريم ماجد بن صياح النعيمي... سبب الزيارة كان لتقديم التهاني له بمناسبة رجوع ابنه (عبدالله) سالماً من معتقل غوانتنامو (سيئ الذكر) والسبب الآخر كان لتقديم التهنئة لعبدالله نفسه بمناسبة عقد قرانه...
كان من المفترض أن تكون الزيارة في ليلة الخميس وأن يرافقني أبنائي على اعتبار أنهم أصدقاء لأبناء الأخ ماجد النعيمي ولكن عقد قران العائد من غوانتنامو (عبدالله) في ليلة الجمعة هو الذي أجل الزيارة إلى الليلة التي بعدها، ولذلك تعذر على أبنائي الذهاب... فذهبت لوحدي...
الصورة التي رسمتها (وأنا في طريقي إليهم) عن ابنهم العائد من المعتقل هي بعكس ما وجدته وشاهدته تماماً... كنت قد وضعت في تصوري أن العائد بعد غيبة سنوات طويلة قضاها في معتقل كبير وبعيد ومعزول عن جميع القوانين البشرية... هذا العائد لابد وأن يكون نحيل الجسم ومكتئباً ومعقداً... ولكن الذي شاهدته هو شاب وسيم وبصحة ممتازة... البسمة لا تفارق وجهه... ونور الإيمان يشع من عينيه... رجل بمعنى الكلمة ويتحدث بكل ثقة وصراحة...
الموجودون في المجلس معي هم فقط الأخ ماجد وابنه البكر (عبدالرحمن) والعريس العائد (عبدالله)... لذلك كان الحديث والنقاش يجري بيننا بكل وضوح وصراحة... وبطريقة ودية جداً وعائلية...
تكلمنا عن سبب ذهابه إلى هناك... وعن مكان الاعتقال وطريقته... وعن الاستجواب الأولى... وعن طريقة نقله إلى غوانتنامو... وعن ضروف وسيئات الاعتقال في الجزيرة النائية... وعن الاستجواب هناك وطريقته... ثم عن طريقة عودته... تكلمنا كثيراً وحصلت على الكثير من المعلومات... ولكنها غير قابلة للنشر وإنما سأحتفظ بها لنفسي...
المحبة العائلية في أسرة النعيمي كانت واضحة لي من خلال نظرة الحب والفخر والاعتزاز الصادرة من الأب وابنه عبدالرحمن والمتوجهه إلى عبدالله... والكرم الحاتمي كان متجلياً في مجلسهم الذي هو مفتوح دائماً للقريب وللغريب... وهناك الكثير من الأسر الخليجية التي لديها أبناء مازالوا موجودين في معتقل غوانتنامو يأتون إلى هذا المجلس علهم يسمعون أخباراً عن أبنائهم...
العجيب هو أن رقم الهاتف النقال التابع للعائد (عبدالله) أصبح من الأرقام المشهورة لأهالي المعتقلين... وفي الوقت الذي كنت جالساً فيه معه كانت تأتيه الكثير من المكالمات من أسر حزينة تسأله إن كان رأى ابنهم هناك أو سمع عنه شيئاً... وغالبية هذه المكالمات تأتي من الدول الخليجية المحيطة بنا... وهو بطبعه الطيب كان يرد على الجميع بلا استثناء...
المعلومات كثيرة... وتحتاج إلى إصدار كتاب وليس إلى مقال أو عدة مقالات... ولكن لابد وأن لا ننسى بأنه مازال لدينا 3 معتقلين مازالوا موجودين في معسكر الاعتقال في غوانتنامو... ومن المحتمل أن يكون نشر هذه المعلومات فيه الكثير من الضرر عليهم... وإذا كان الكلام في هذه الموضوعات من فضة فالسكوت وكتمانها من ذهب... وهذه أول مرة في حياتي أحاول أن أكتم شيئاً... والله يعين...
العدد 1203 - الأربعاء 21 ديسمبر 2005م الموافق 20 ذي القعدة 1426هـ