لا أفهم ولا أريد أن أفهم سبب الاحتجاج والحرب الشعواء التي تشن على إصدار قانون للأحوال الشخصية، وينتابني الشعور أن من يحتجون على إصدار هذا القانون لم يقرأوه وليسوا على وعي تام بسبب احتجاجهم، وتلك هي الطامة الكبرى، فبينما تتحدث البلدان الأخرى بلغة التكنولوجيا والتقدم العلمي وبناء الحضارات، مازلنا نحن نتحدث بلغة الاحتجاجات والمظاهرات، وجوهر المشكلة كما اعتقد هو أننا نرفض المشاركة في صوغ القوانين أو نبعد أنفسنا عن صوغها وعندما تصاغ وتصبح جاهزة للإصدار نرفضها، وذلك لمجرد الرفض، فعلاً نحن نستحق لقب «العالم الثالث» بل العاشر إن وجد، ونستحق هذا اللقب بكل بجدارة وسنبقى نحمل لقب الدول النامية مادمنا على هذه الحال من الفوضى والتفكير لأن نمونا بطيء جداً. ما المانع من وجود قانون يحمي الأسرة ويضمن لكل أفرادها الحصول على مستحقاته مثلما يحتم عليه أداء واجباته؟ ما المانع من تنظيم حياة أهم خلية خلقت في هذا الكون لتعمّره؟ هل السبب هو أن هذا القانون يحمي «إلى حد ما» المرأة، مع أنه لا يخص المرأة فقط؟ ولنفترض إصدار قانون خاص لحماية المرأة، وهذا ما نحن بحاجة إليه، أليست هي الرحم الذي حمل الأبناء حتى ولدوا؟ أليست هي الصدر الحنون الذي أرضعهم حتى ترعرعوا؟ أليست هي من سهرت وتعبت وتكبدت المشقات حتى شبّوا وأصبحوا نواة لزرع خلايا أخرى؟ أليست هي الأم والزوجة والأخت...؟ عجيب أمر هذا الزمان، أنا من النساء اللواتي حفرن في الصخر لإثبات أن المرأة تستطيع أن تشق طريقها وبكل طهارة وإخلاص وإن تعرضت لمشكلات التفرقة ضد المرأة. وأعلم تماماً أن الوضع أسوأ عندما تجتمع التفرقة ضد المرأة مع الطائفية والمذهبية. لقد عانيت بسب ذلك الأمرين، كوني امرأة تتعامل مع نفسها كامرأة، والمرأة مثل الجوهرة الثمينة التي لابد أن نحافظ عليها، وكوني انتمي إلى طائفة ما، ولكني أؤمن دائماً أن لكل مجتهد نصيب وأسير على مبدأ لا يصح إلا الصحيح، لست أتفاخر بنفسي ولكن هذا ما يجب أن تكون عليه كل امرأة. المرأة البحرينية بالذات تتعرض لضغوط كثيرة ومن جميع النواحي. من ناحية كونها واعية ومتعلمة مقارنة مع أخواتها في المنطقة... من ناحية طموحها واجتهادها للوصول إلى مراكز قيادية... وأيضاً، من ناحية كونها أما ومسئولة عن حياة أسرة بأكملها، والتي تكون مرتبطة بزوج لا يقدّر المرأة بل، يحطمها نفسياً ويقلل من شأنها. إضافة إلى كل ذلك، المرأة أيضاً مسئولة عن إيجاد التوازن التام بين كل هذه الأدوار، أليست هذه مهمة صعبة؟ مع هكذا وضع وتحد، ألا تستحق المرأة قانوناً خاصاً يحميها في البيت... في الشارع وفي العمل؟، سيظن البعض أني منحازة للمرأة أو يعتقدون بأني امرأة ضد الرجال... وأنا لست هذا ولا ذاك. أنا مع قانون يحمي كل فرد. أنا مع المساواة بين الرجل والمرأة من دون إعطاء المرأة حقوقها على حساب الرجل. ليأخذ كل ذي حق حقه ولنتذكر أن المرأة في مجتمعنا مهضومة جداً لدرجة تفوق الخيال وتبعث الدهشة والاستغراب وتحتاج إلى الحماية. ولنتذكر أن خير البشر شبهها بالقارورة حين قال (ص) «رفقاً بالقوارير». أما إن عدنا إلى عنوان هذا المقال فقد يلاحظ القارئ أني استخدمت لفظ «اللعي» وهذا مصطلح نستخدمه لوصف بكاء الأطفال الذين يبكون بصورة متواصلة ومن دون سبب، فنقول: «الطفل يلعي». هكذا هو حالنا. نتصرف كالأطفال ونبكي بصورة متواصلة ولأي سبب. أما بكاؤنا فهو في صورة احتجاجات ومظاهرات. في نهاية الأمر يرضى الطفل بالوضع ويسكت وينام، وهكذا نحن. لذلك لنتوقف عن «اللعي» ونحل أمورنا بصورة حضارية أكثر لأننا في نهاية المطاف سنسكت وننام حتى نستفيق على سبب آخر للبكاء.
أميرة بوحمي
العدد 1208 - الإثنين 26 ديسمبر 2005م الموافق 25 ذي القعدة 1426هـ