حشدت الصين دعم حلفائها الدبلوماسيين لمقاطعة حفل تسليم جائزة نوبل الذي أقيم يوم الجمعة الماضي حيث دفعت دول أخرى لعدم حضور ذلك الحدث وفي الوقت نفسه سمحت لخبراء بالإعلان عن جائزة كونفيشيوس للسلام. غير أن محللين ذكروا أن الحملة الدبلوماسية التي دعمها الخطاب شديد اللهجة من قبل وسائل الإعلام الرسمية ووزارة الخارجية بدا أنها أضرت بصورة الصين في الدول الغربية.
وحشدت وزارة الخارجية الصينية السفارات في النرويج لمقاطعة الحفل وأصدرت بيانات مكررة تشجب «تسييس» الجائزة و»تدخل لجنة نوبل في الشئون الداخلية الصينية» باختيار ليو شياوبو لمنحه الجائزة. وكان قد حكم على المنشق الصيني شياوبو هذا العام بالسجن 11 عاماً بعد أن تحدى الحزب الشيوعي بالمساعدة في إعداد ميثاق للإصلاح الديمقراطي. وداخل الصين اعتقلت الشرطة عشرات من النشطاء الحقوقيين أو وضعتهم رهن الإقامة الجبرية أو أخضعتهم لمراقبة عن كثب منذ الإعلان عن الجائزة في الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي من بينهم ليو شيا زوجة ليو.
وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، جيانج يو قالت الأسبوع الماضي إن الصين «حظيت بتفهم ودعم أكثر من مئة دولة ومنظمة دولية كبرى» بسبب موقفها من جائزة نوبل لكن 80 على الأقل من أنصارها المزعومين مازالوا غير معروفين. وقال كيري براون وهو محلل بريطاني في الشئون الصينية ودبلوماسي سابق في بكين إن حبس الصين لليو شياوبو ورد فعلها الدبلوماسي على فوزه بجائزة نوبل «كانت لهما نتائج عكسية بشكل كبير» وتضررت صورتها «بشكل سيء». وتابع براون وهو عضو بارز في مؤسسة «شاثام هاوس» البحثية ومؤلف كتاب «أصدقاء وأعداء: ماضي وحاضر ومستقبل الحزب الشيوعي الصيني»، أعتقد أنه يجب علينا أن نقول في نهاية اليوم أنه بصورة أو بأخرى مازالت الصين من اللاعبين الدبلوماسيين غير الناضجين بشكل كبير، غير الناضجين بشكل كبير حقاً». وقال الأخصائي في السياسة الصينية في جامعة «ويسكونسن»، إدوارد فريدمان إن «التكتيكات المتنمرة» للصين يبدو أنها تجسد «الأوامر التي تفرضها السياسة المحلية في الصين». وتابع فريدمان «لا يمكن لأي زعيم أن يتحمل أن يبدو ضعيفاً»، مضيفاً أن حاجتهم الواضحة لعدم التوصل إلى حل وسط «تصبح مصدر قلق بالغ لهؤلاء الذين يأملون في التوصل إلى حلول قائمة على التفاوض للتوترات في البؤر الساخنة في العالم». وقال رئيس الفلبين، بنينو أكينو الثالث لصحيفة «إنكوايرير» الفلبينية إن الفلبين تجنبت حضور حفل تسليم جائزة نوبل لتفادي تعريض جهود إنقاذ خمسة فلبينيين ينتظرون عقوبة الإعدام في الصين لمخاطر. وذكرت وسائل إعلام هندية أن الصين أصدرت أربعة إشعارات دبلوماسية على الأقل تحث فيها نيودلهي على عدم حضور الحفل. غير أن الهند تجاهلت الطلبات على الرغم من المخاطرة بإمكانية أن يفسد ذلك الزيارة التي يقوم بها رئيس وزراء الصين، وين جياوبو إلى الهند هذا الأسبوع. وكانت الصين قد أعلنت رسمياً عن زيارة وين إلى الهند أمس الأول ما يجسد دبلوماسيتها البراغماتيكية غالباً تحت خطابها الصارم. وبعد إعلان فوز ليو شياوبو بالجائزة حذرت الصين النرويج من أن العلاقات الدبلوماسية ستتضرر. وأوقفت المناقشات بشأن التوصل إلى اتفاقية تجارة حرة مع النرويج لكنها تواصل المحادثات بشأن التعاون في مجالي النفط والغاز. وقال براون «يتعين أن نتذكر أن الصين على الرغم من أصواتها العالية لديها احتياجات ضخمة للموارد ولا يمكن أن تلبيها بنفسها ومازالت تحتاج إلى تحقيق نمو اقتصادي جيد وبالتالي (تحتاج) إلى التعامل مع العالم». وكانت إيران قد أرسلت سفيرها إلى حفل تسليم جائزة نوبل في أوسلو عندما حصلت ناشطة حقوق الإنسان المحامية شيرين عبادي على جائزة نوبل للسلام العام 2003 . وساعد وجود السفير الإيراني على ما يبدو في تفادي الهوجة الدعائية التي فجرها حفل تسليم جائزة نوبل لليو شياوبو نبع من جانب الحكومات الغربية ووسائل الإعلام العالمية. وفي بيان صدر عبر منظمة «مراسلون بلا حدود» ومقرها باريس قالت عبادي إنها تأسف لأن إيران لم ترسل مبعوثاً إلى أوسلو لحضور الحفل. وأضافت «آمل أن تتفهم الحكومة الصينية أنه من الخطأ حبسه وتهديد الدول لإبعادها عن حضور الحفل». وفي انتقاد ساخر ضمني للدول التي وقفت إلى جانب الصين قال رئيس لجنة نوبل، ثوربجورن جاجلاند في كلمته في الحفل الذي أقيم يوم الجمعة الماضي إن الحدث أقيم «بينما يقوم آخرون في هذا الوقت بإحصاء أموالهم ويركزون بشكل خاص على مصالحهم الوطنية قصيرة المدى أو مازالوا غير مبالين بالأمر».
العدد 3021 - الإثنين 13 ديسمبر 2010م الموافق 07 محرم 1432هـ