العدد 1247 - الجمعة 03 فبراير 2006م الموافق 04 محرم 1427هـ

حرب كلامية بين الحضارات

ما يعتبره البعض رسما كاريكاتيريا قد يراه آخرون جريمة، فالخلاف بشأن الرسوم الدنماركية المسيئة للنبي محمد (ص) تحول إلى حرب كلامية بين الحضارات يضع حرية التعبير الغربية في مواجهة المحرمات الإسلامية.

وكلما زادت الاحتجاجات وسحب السفراء ومقاطعة المنتجات الدنماركية كلما أعاد بعض الأوروبيين وخصوصاً الصحافيين إعادة نشر الرسوم ويصرون على حريتهم في السخرية من أية سلطة. وللخلاف بعده الديني وبعده السياسي مثل كثير من الصراعات بشأن الأديان.

وغالبا ما يجرى التهكم على المسيح في وسائل الإعلام والأعمال الفنية الغربية ولم يعد ذلك يسبب أي غضب، وعادة ما ترفض المحاكم دعاوى قضائية ضد الرسوم الساخرة غير أن وسائل الإعلام الغربية أكثر حذرا فيما يتعلق باليهود بسبب المحارق النازية. ولايزال كثير من البلدان الأوروبية يحرم إهانة المقدسات في النصوص لكنها لا تطبقها. وكانت أخر محاكمة في بريطانيا العام 1922 لرجل شبه المسيح بمهرج السيرك. وعلى النقيض فان إهانة النبي محمد (ص) قد تؤدي إلى عقوبة الإعدام في دولة إسلامية. ويعاقب كثير من البلدان العربية من يزدرون الأديان بالسجن.

وكانت وجهتا النظر منفصلتين جغرافيا لكن الهجرة أدت إلى ظهور جالية تقدر بنحو 15 مليون مسلم في أوروبا ليصبح الإسلام ثاني أكبر ديانة في معظم البلدان الأوروبية. ومن ثم أصبح الكثير من القضايا الإسلامية قضايا أوروبية.

كما أعطت العولمة البلدان الإسلامية ثقلا اقتصاديا لم تتمتع به من قبل ما يسمح لها بمقاطعة السلع الدنماركية وغيرها من السلع. كما تثير مسألة ما إذا كان يتعين على الدول الأوروبية أن تتغير إرضاء لأقلياتها الجديدة وكيف ستتغير.

وأدت التوترات المتصاعدة بسبب الدين في أوروبا إلى تغييرات غير متوقعة. فعلى سبيل المثال بدأ المسيحيون المتدينون الذين يشكلون الآن شريحة صغيرة في المجتمعات الأوروبية العلمانية يتصرفون كالأقليات مطالبين بحقوقهم.

وعبر الكاردينال فيليب بارباران أسقف الكنيسة الكاثوليكية في ليون عن هذا عندما رحب باحتجاجات المسلمين وأعرب عن أمله في أنها ستؤدي إلى مزيد من الاحترام لجميع الأديان. كما أيد جوزيف سيتروك الحاخام الأكبر لليهود الفرنسيين المسلمين.

وكتبت صحيفة «دي فيلت» الألمانية عند نشر الرسوم الكاريكاتيرية الدنماركية «كنا سنتعامل مع احتجاجات المسلمين بجدية اكبر إذا لم تكن متسمة بقدر كبير من النفاق» وأضافت «الأئمة لاذوا بالصمت عندما عرض التلفزيون السوري مسلسلا في وقت ذروة المشاهدة يصور الحاخامين اليهود بأنهم من أكلة لحوم البشر».

وكتبت صحيفة «فرانس سوار» تدافع عن حقها في نشر الرسوم الدنمركية تقول إن الثورة الفرنسية العام 1789 فصلت الكنيسة عن الدولة ولا تعطي لأي دين الحق في أن يفرض آراءه.

رويترز

العدد 1247 - الجمعة 03 فبراير 2006م الموافق 04 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً