طالبت مجموعة من أعضاء المجالس البلدية الخمسة في المملكة، وزارة شئون البلديات والزراعة، بزيادة عدد الكادر الوظيفي المقر لهم، على أن يتضمن متخصصين في مجالات القانون، والاقتصاد، والهندسة، والاجتماع، مشيرين إلى أنهم بحاجة إلى من يقدم رأياً فنياً عند إقرار مشروعاتهم قبل أن تحال إلى الوزارة للموافقة.
ولفت الأعضاء البلديون، إلى أنهم ليسوا متخصصين في جميع المجالات، كما أن الشروط الموضوعة لمن يرغب في الترشح إلى الانتخابات البلدية لم تشترط التخصص في أي مجال من المجالات، ما يعني أن البلديين بحاجة إلى استشاريين واصحاب خبرة يوفرون لهم دراسات معمقة لاتخاذ قرارات سديدة.
الوسط - أحمد الصفار
تزداد اليوم أكثر من أي وقت مضى الحاجة إلى وجود اختصاصيين وفنيين يعينون الأعضاء البلديين على القيام بواجباتهم تجاه المجتمع، وخصوصاً أن هؤلاء الأعضاء ليسوا جميعهم بالمختصين في مجالات الهندسة والقانون والاقتصاد والاجتماع، ما يعني احتمال تعطل الكثير من المشروعات ريثما تقوم الأجهزة أو الأقسام المعنية بدراستها وتقديم رأي معمق ودقيق تجاهها، وهنا لن ينتظر المستثمر طويلاً حتى يتلقى الرد بالإيجاب أو الرفض من قبل المجالس، بل سينصرف إلى دول أخرى تكون أكثر تجاوباً مع تطلعاته المستقبلية البعيدة.
وفي إطار هذا الموضوع، قامت «الوسط» بطرق أبواب البلديين من مختلف المجالس الخمسة، لمعرفة رأيهم والوقوف على مدى حاجتهم الفعلية للكوادر الفنية والمتخصصة، إذ أوضح عضو مجلس بلدي المنامة «ممثل الدائرة الرابعة» محمد منصور، أن المجلس طلب توظيف خمسة موظفين في مجالات فنية، من بينهم مقرران واختصاصي علاقات عامة وفني معلومات وباحث اجتماعي.
إشكالية المكان
ولفت منصور إلى أنه تم إجراء امتحانات لبعض المتقدمين للوظائف المذكورة، وتقدم 17 فرداً لشغل وظيفة أخصائي علاقات عامة، ولكن التوظيف تم إيقافه بسبب عدم وجود مكاتب وأماكن تستوعب هؤلاء، مشيراً إلى أن إشكالية المكان مازالت قائمة ولم تحسم، ولكن يبدو أن وزارة شئون البلديات والزراعة ستحسمها بصورة نهائية مع بدء الدورة الجديدة للمجالس البلدية.
وأضاف «نحن بحاجة إلى تخصصات معينة تدعم أعضاء المجالس، لأن العضو البلدي عندما تعرض عليه موضوعات في تخصصات متنوعة، فمن الطبيعي أن تحال إلى جهات اختصاص لإبداء وجهة نظرها حيالها، وذلك ليتمكن البلدي من اتخاذ قرار سليم يعتد به».
واستطرد «عندما يحال مخطط من إدارة التخطيط الطبيعي وهي جهة اختصاص، فإني لا افهم المخطط بشكل صحيح، كما انه لا يمكنني العودة إلى تلك الإدارة للتفسير، لذلك نحن بحاجة إلى جهة حرفية محايدة، بإمكانها إعطاءنا رؤية محددة تسمح لنا باتخاذ القرار المناسب».
قرارات معلقة لدى الوزير
واسترسل منصور «نص قانون البلديات ذكر أن المجالس البلدية والجهاز التنفيذي هيئتان مستقلتان بذاتهما، غير أن الأخير تابع لوزارة البلديات، بدليل أن أي قرار يصدره المجلس البلدي لا يؤخذ دوره في التنفيذ، إلا بعد موافقة الوزير، لذلك هناك الكثير من القرارات التي لا تنفذ، لأن الوزير إما يتركها للدراسة أو يتركها معلقة، وبناءً عليه نحن بحاجة إلى إعادة ترتيب العلاقة بين المجلس والجهاز، على ألا تتحقق استقلالية أو اندماج بصورة تامة بين الطرفين».
أما عضو مجلس بلدي الشمالية «ممثل الدائرة السابعة» محمد جابر الفردان، فقد شدد على حاجة المجالس إلى الاختصاصيين، مستشهداً ببلدي الشمالية الذي طلب توفير مهندس واختصاصي لدراسة الجدوى الاستثمارية، نظراً إلى أن أعضاءه ليسوا اختصاصيين، وهناك وظائف شاغرة في المجلس بحاجة إلى من يشغلها، ولكن يجب إقرارها من قبل وزير البلديات.
19 اختصاصاً بلدياً
من جهته أكد عضو مجلس بلدي المنامة ممثل الدائرة التاسعة جميل كاظم أن اختصاصات المجالس البلدية بحسب نص قانون البلديات ولائحته التنفيذية، هي في حدود 19 اختصاصاً تتعلق بالتخطيط، والعمران، والطرق، والصحة العامة، ومواقف السيارات، والمتنزهات، والحدائق، والبيئة، والتعليم، والنظافة، والاستثمار، والرقابة.
ورأى كاظم أن العضو البلدي مهما كان مؤهلاً علمياً وفنياً، فإنه يبقى شخصاً يفتقر إلى اختصاصات عدة يحتاجها، فهو بحاجة إلى مستشارين في الشئون الفنية، والهندسية، والقانونية، والاقتصادية، بشرط ألا يكونوا محسوبين على وزارة البلديات كما هو حاصل الآن.
ونوه عضو بلدي المنامة، إلى أن الاختصاصات المشار إليها هي أدنى حاجات المجالس، معتقداً أنها اختصاصات أساسية لتطوير العمل البلدي، للتعاطي مع المشروعات المعروضة من مختلف الوزارات الخدمية، إذ ان أية مؤسسة في العالم بحاجة إلى أن تُرصد من خلال المستشارين، فالدول قائمة على بيوتات الخبرة، والمجالس المعنية بتطوير المجتمع المحلي هي بأمس الحاجة إلى أن ترصد بواسطة المستشارين.
أجهزة تنفيذية تابعة للوزارة
وعن نفسه أوجز عضو مجلس بلدي الشمالية ممثل الدائرة الثانية جمعة الأسود، رأيه قائلاً: «الإشكال ينبع من تبعية الأجهزة التنفيذية إلى وزارة البلديات، في حين أنها تحتوي على الكثير من الاختصاصات المفترض أن تخدم المجالس البلدية، والنتيجة هي عدم امتثال موظفي هذه الأجهزة لتعليمات المجالس، وإذا ما بقى الحال على ما هو عليه فلابد للمجالس وهو أمر غير محبذ، أن تقوم بتوظيف مختصين في كثير من المجالات، حتى يكون هناك مستشار ومحاسب قانوني، ومهندس، واختصاصي اجتماعي، ومدقق مالي، لكي تقوم بأداء مهماتها بكفاءة».
واقترح الأسود، أما تغيير القانون أو تغيير السياسة الحالية لتحويل تبعية الأجهزة التنفيذية إلى المجالس، وهو الأمر الذي سيساعد على ضبط العمل وإعطاء المجالس السيطرة على تلك الأجهزة ورفع كفاءاتها، وإلا فيجب أن يطور الكادر المخصص لخدمة المجالس، لكي تؤهل المجالس للقيام بعمل الدراسات الخاصة، وتمكينها من إبداء الرأي بشأن أي موضوع يقدم لها بصورة فنية وعلمية.
الرجوع إلى أهل الاختصاص
من جانبه ألمح عضو مجلس بلدي الوسطى ممثل الدائرة الأولى عباس محفوظ إلى أن المجالس البلدية لا يمكن أن تؤدي أعمالها بمهنية تامة، إلا بالرجوع إلى أهل الاختصاص في القرارات والمقترحات التي تقوم بها، وذلك يتمثل في إيجاد كادر في مختلف التخصصات يقع تحت مسئوليتها المباشرة، وتحديداً في الأمور الفنية، والهندسية، والمالية، والقانونية، بحسب ما نص عليه قانون البلديات وأكدته لائحته التنفيذية، الذي لم تقم وزارة البلديات حتى الآن بتنفيذ هذا البند المهم فيه، ما تسبب في افتقار الكثير من قرارات ومشروعات المجالس إلى الدقة.
وتحدث محفوظ عن أن المجالس تفهم مواد قانون البلديات ولائحته التنفيذية، من خلال زاوية خاصة ربما تختلف عن فهم الجهات التنفيذية، وعليه تكمن ضرورة وجود الكادر المساند للمجالس.
كلفة الاستشارة باهظة
كما بين نائب رئيس مجلس بلدي المحرق مبارك الجنيد أن من بين المعوقات التي واجهتها المجالس البلدية في الأدوار السابقة عدم وجود الاختصاصيين ذوي العلاقة، فهي تنقل مشروعاتها إلى الإدارة العامة لشئون البلديات للاستشارة، التي تستغرق وقتاً طويلاً للرد، بينما لو وجد المختصون لاستطاعت المجالس أن تقوم بدور أكبر.
وضرب الجنيد مثالاً على ما يقول، بالإشارة إلى أن أي مشروع يقر من قبل المجلس يرسل إلى الوزير، والذي ربما يجيب بأنه سيضعه قيد الدراسة ويأخذ في ذلك وقتاً طويلاً ثم يرد مرة أخرى بعدم الموافقة أو الاعتراض، مفيداً أن الجهاز التنفيذي لا يستطيع تلبية احتياجات المجالس في مجال الاستشارة، ما يؤدي إلى إهمال المشروعات التي تحال، فقد سبق وأن تقدمت شركة بمشروع سياحي، ينشأ بالقرب من الإدارة العامة لخفر السواحل، وقام «بلدي المحرق» بتحويله إلى إدارة «البلديات» لدراسته، ومازال الأمر معلقاً، على اعتبار أن موظفي الإدارة الأخيرة محدودين وعلى كاهلهم عبء مشروعات خمسة مجالس.
وأشار نائب الرئيس، إلى أن الاستعانة بمكاتب استشارية تكلف المجالس مبالغ باهظة، مفصحاً عن أن المحرق البلدي طلب من وزير البلديات تشكيل لجنة استشارية تضم أفضل الكفاءات في محافظة المحرق، لكي يستعين بها المجلس في مشروعاته، بيد أن الوزير اعترض على التوصية ودعا إلى الاستعانة بالجهاز التنفيذي، لأنها تستلزم توفير موازنات تعين اللجنة المطلوبة على القيام بعملها.
بلديون غير متخصصين
إلى ذلك قال عضو مجلس بلدي المحرق ممثل الدائرة الثالثة عبدالمجيد كريمي: «نحن غير متخصصين في جميع المجالات، وشروط الانتخابات البلدية لا تفرض على المترشح أن يكون مختصاً، ومن المفترض أن يتوافر لجميع المجالس باحثة اجتماعية، ومهندس بيئي وآخر فني، إلى جانب التخصصات ذات الصلة بالعمل البلدي».
وأفاد كريمي بأنه في الوقت الراهن يستعين بالمختصين في الصناديق الخيرية، وفي أحيان يجلبهم على حسابه الخاص، إذ ان هناك مشروعات مثل البيوت الآيلة للسقوط، والخدمة الاجتماعية، بحاجة إلى فنيين للاستئناس برأيهم.
6 موظفين في بلدي الجنوبية
وبالنسبة لعضو مجلس بلدي الجنوبية ممثل الدائرة الخامسة خالد آل بوفلاح فإنه بدأ حديثه بتأكيد مطالبته في وقت سابق، لإيجاد كادر من المختصين في المجلس منذ فترة طويلة، لكون الكادر الحالي يفتقر إلى الفنيين وهو لا يتعدى الستة موظفين، ما يؤدي إلى إضعاف المجلس، في الوقت الذي يعمل فيه الأعضاء بصورة فردية، وإذا ما اعتمدوا على الجهاز التنفيذي فإن الأمر يستغرق فترات طويلة تنتهي بخسارتهم لمشروعاتهم التي تباحثوا فيها.
وتطلع البوفلاح إلى الاهتمام بكادر المجالس، وتوظيف المتخصصين، فعلى رغم أن الجنوبية لا تعاني من كثافة سكانية مرتفعة إلا أنها بحاجة إلى موظفين، فما بال المجالس الأخرى مثل الشمالية والوسطى.
ضعف الهيكل الإداري
من جهة أخرى ذكر رئيس مجلس بلدي المنامة مرتضى بدر أن تجربة الأر
العدد 1254 - الجمعة 10 فبراير 2006م الموافق 11 محرم 1427هـ