يجري العمل على قدم وساق للانتهاء من مشروع «طريق اللؤلؤ» الذي سيأخذ زواره إلى عالم اللؤلؤ الجميل، لمرافقة الغواصين رحلاتهم البحرية لاستخراج المحار في قاع البحر من هيرات (شتية) و(بوعمامة) و(بولثامة)، واستشعار فرحة المهرجانات الشعبية الخاصة ببداية مواسم الغوص، حيث بيوت الغواصة والطب الشعبي والتجار والطواويش والعمارات والمساجد، إذ سيكون هذا المشروع وجهة مميزة تدعم التوجهات نحو الترويج للبحرين كموقع للسياحة الثقافية.
من هنا جاءت فكرة مهرجان التراث لهذا العام بشعاره: «بريق اللؤلؤ»، الذي تنظمه وزارة الثقافة كشاهد على اقتصاد العصر، فهو يتضمن كل ما يتعلق بحياة الآباء والأجداد القديمة، وتاريخ اللؤلؤ العريق وأهم المهن والحرف المرتبطة به في ذلك الوقت، حيث شهد المهرجان إقبالاً ملحوظا من قبل المواطنين والمقيمين الذين يحرصون سنويّاً على الحضور للمهرجان واكتشاف ما يميزه لهذا العام من فعاليات تراثية ارتبطت بتاريخ وحضارة مملكة البحرين.
وفي مدخل موقع المهرجان بقلعة عراد يبرز المشروع الوطني المقدم للإدراج في قائمة التراث الإنساني العالمي «طريق اللؤلؤ» كشاهد على اقتصاد البحرين، فلتراث اللؤلؤ مكانة مميزة عند الناس، يتجاوز كونه موقعاً أثرياً، بل هو مفهوم وذكريات محفوظة في عقول وقلوب ووجدان الناس، وهو ذاكرة جماعية تحتفظ بعناصر مختلفة وتقاليد ثقافية مرتبطة بزمان خروج صيادي اللؤلؤ إلى البحر كل صيف.
لذلك لم يقدم مشروع تراث اللؤلؤ على أنه موقع بل كطريق للؤلؤ يمكن لأي مواطن أو مقيم أو زائر أن يسلكه ويكتشف القصص والحكايات التي تروي كل جزئية منها شيئاً عن اللؤلؤ، فمن المحار في قاع البحر حيث يحصل الغواصون على اللؤلؤ إلى شاطئ البحر والمهرجان الشعبي في بداية موسم الغوص إلى موقع بناء السفن إلى الأسواق التاريخية ومساكن الذين ساهموا في دعم وتطور النظام الاقتصادي تتشكل حكاية اللؤلؤ.
يبلغ طول الطريق الذي يروي تاريخ اللؤلؤ حوالي ثلاثة كيلومترات حيث يقع في جنوب المحرق ويأخذ الزوار من الساحل البحري إلى منزل تاجر كبير ويوضح ذلك بالصوت والصورة التاريخ المشوق للبحرين وشعبها، فالمشروع يساهم في الحفاظ على مجموعة من البيوت التراثية، وتشييد مرافق زوار حديثة وإنشاء عدد من المساحات العامة لعرض تراث وتاريخ اللؤلؤ البحريني، كما أن طريقه يمتد من ساحل قلعة بوماهر حتى مجلس سيادي الذي سيكون المتحف الرئيسي للؤلؤ بدعم من دار كارتييه للمجوهرات.
وسيمر الطريق ببيت الغواص وهو الجندي المجهول في هذه المهنة، ثم بيت الجلاهمة وبيت غلوم للطب الشعبي، ثم بيت يوسف العلوي وبيت فخرو الذي كان منهم تجار الخشب الخاص بصناعة السفن، وبيت ومجلس مراد وهي عائلة طواويش، وبعض المحلات والعمارات في سوق القيصرية، كعمارة يوسف عبدالرحمن فخرو، وراشد فخرو، ثم بيت النوخذة ومجلس سيادي. أما الجزء البحري فيتكون من ثلاث هيرات أو مراقد للمحار، وهي المواقع أو البيئات الطبيعية التي عرفها الغواصون منذ مئات السنين ويتواجد فيها محار اللؤلؤ بكميات كبيرة وتتكون فيها أجمل اللآلئ الطبيعية والهيرات الثلاث التي تم إدراجها وهي هير شتيه وهير بوعمامة وهير بولثامة.
ويأتي تشريف عاهل البلاد ورعايته لمهرجان التراث ليعكس بجلاء الدعم السامي والرعاية التي توليها مملكة البحرين والقيادة بالفكر والثقافة وحرصها الشديد على المحافظة على التراث ورعايته، الأمر الذي من شأنه إبراز حضارة ومكانة البحرين، حيث يستعرض المهرجان تراث وفلكلور البحرين وما تزخر به بلادنا الغالية من تنوع ثقافي وتراثي غني يعبر عن الهوية البحرينية ويرمز إلى أصالة وتاريخ ووحدة هذا الوطن. واستطاع المهرجان وعلى مدى 19 عاماً تعزيز مكانة التراث البحريني حتى احتل مكانة مميزة على الساحة الثقافية في البلاد، وساهم في توصيل المفاهيم والقيم التراثية الذي رسخها الأجداد إلى الأبناء والجيل الجديد وعمل على مد جسور التواصل بين القديم والحديث، حيث يأتي ضمن أولوياته الجانب التراثي؛ إبراز أوجه التراث الشعبي المختلفة متمثلة في المراحل التي يمر بها اللؤلؤ بهدف ربطها بواقع حاضرنا المعاصر والمحافظة عليها كهدف من أهداف المهرجان الأساسية وإبرازها لما تمثله من إبداع إنساني تراثي عريق لأبناء هذا الوطن على مدار أجيال سابقة إضافة إلى أنها تعتبر عنصر جذب جماهيري للزائرين المتعطشين للتعرف على الجوانب التراثية المختلفة في مملكة البحرين. ومن المتوقع أن يشهد المهرجان في دورته التاسعة عشرة نجاحاً كبيراً نظراً إلى تنوع فعالياته لهذا العام التي من شأنها أن تثريه، حيث يقام مهرجان «بريق اللؤلؤ» بين أحضان قلعة عراد التاريخية التي تعتبر من أجمل المواقع السياحية في البحرين، وخاصة أنها تطل على ساحل بحري وتشكل امتداداً جماليّاً لباقي المواقع التاريخية والتراثية المشهورة في مملكة البحرين. يذكر ان فرقة محمد بن فارس قدمت باقة من الأغاني الوطنية في أولى أيام المهرجان (الخميس) حيث استقبلت عدداً كبيراً من الجمهور الذي عبر عن سعادته وابتهاجه بالمهرجان وفعالياته
العدد 3157 - الجمعة 29 أبريل 2011م الموافق 26 جمادى الأولى 1432هـ