في أمسنا البعيد حرمت المرأة من تبوء وظيفة القاضي، ورئاسة الدولة، وتقلد المرجعية الدينية تحت حجج واهية ضعيفة... وانطلت الخدعة علينا نحن معاشر النساء، أما في أيامنا هذه فمازالت الأصوات نفسها تردد السيمفونية البائسة نفسها. لا تصلح المرأة للمجالس البلدية بسبب طبيعة العمل البلدي، ولا تصلح للمجالس التشريعية طالما أن الحياة النيابية تجد صفوفاً رجالية كافية... ويبدو أن التاريخ سيعيد نفسه، وأن الخدعة ستنطلي علينا كما انطلت بالأمس. مجتمعات منحت الرجال الحق في أن يقرروا نيابة عنا، وأصبح لزاماً علينا السمع والطاعة... ولا من مجير! أليس من المفترض أن يكون الأصل عندنا في المعاملات هو الإباحة، والمنع هو الاستثناء، فلماذا حينما يتعلق الأمر بحق من حقوق المرأة تختلط المعادلات ويصبح الاستثناء أصلاً والأصل استثناءً؟
انهضي أيتها المرأة من ضريحك، ولا تنتظري معجزة من السماء يطالب الرجال بأن تنحوا وافسحوا الطريق؛ فإن هناك امرأة قادمة! لا تنتظري هذا اليوم، بل اقتحمي الميدان إن كنت مؤمنة بنفسك وإن كنت مقتنعة بجدوى المشاركة؛ فالزمن يمر سريعاً، والمسألة ليست تحدياً لأحد، بل هو إحقاق لحقٍ حُرِمتِ منه منذ أمد بعيد. إن الحياة النيابية لن تُعدم في يوم من الأيام طابوراً رجالياً طويلاً، فهل يعني ذلك حرمان المرأة من اقتحام هذا الميدان؟ آراء ما أنزل الله بها من سلطان! ولأن هناك دائماً صفوفاً رجالية كافية؛ قاموا بتوزيع الأدوار بأن تجد المرأة شرف المكانة العالية في مجالات أخرى - بعيدة عن السياسة - كالتخصصات الفقهية والتعليم الديني والكتابة والبحث (وإن كنا لا نقلل أبداً من شأن هذه التخصصات). عزيزي الرجل: ليكن تبريرك أننا نمر بمرحلة حرجة بعد مقاطعة البرلمان لأربع سنوات خلت، وأننا بحاجة إلى شخصيات من الطراز الأول... شخصيات قوية وشرسة، وأننا لا نمتلك في الوقت الراهن نساءً مؤهلات لذلك؛ لذلك لابد لنا من التريث حتى تتأهل نساءنا للدورة المقبلة... قد نقتنع بذلك، أما أن تُوزَّع الأدوار بهذه الكيفية فهذا ما لا نقبله؛ لأن اجتهادك ببساطة لم يستند إلى أصل، ولم ينفتح على عصر! وعابوا على المرأة أنها إذا احتلت موقعاً سياسياً فستشعر بالسعادة والرضا! ولا أدري أين تكمن السعادة؟ فالسياسة أولها وجع، وأوسطها وجع، وآخرها وجع... طبعاً للذين وللاتي يحملون أوجاع هذا الوطن ومشكلاته.
ليس من الإنصاف يا معشر الرجال أن تتفرغوا لمعركة واحدة، وتشغلونا بمعركتين... معركة الصراع من أجل إثبات الذات وأننا لسنا ناقصات عقل أو دين، ومعركة الوصول إلى مواقع صنع القرار؛ فرفقاً بالقوارير، ثم رفقاً. كما أن الحكمة تتطلب أن تتوحد كل الجهود وتستثمر كل الطاقات لإحراز المزيد من الحقوق... رجالاً ونساءً... إسلاميين وليبراليين... شباباً وكباراً، ودون ذلك لا يمكننا تحقيق الكثير.
زهراء مرادي
العدد 1311 - السبت 08 أبريل 2006م الموافق 09 ربيع الاول 1427هـ