العدد 1317 - الجمعة 14 أبريل 2006م الموافق 15 ربيع الاول 1427هـ

انتقادات لتصريحات مبارك وحرق الإطارات

رد خطيب الجمعة في جامع الإمام الصادق بالدراز الشيخ عيسى قاسم على تصريحات الرئيس المصري حسني مبارك التي اتهم فيها الشيعة بالولاء لغير أوطانهم، مؤكداً أن «الشيعة كما أثبت واقعهم غير مستعدين أن يسلموا شبراً واحداً من الأوطان التي تضمهم إلى أي طامع، فأمام الدنيا ثورة العشرين في ظل الحكومة العثمانية (...)».

من جهته، انتقد خطيب الجمعة بجامع سار الكبير الشيخ جمعة توفيق رافضي مقترح قطع يد السارق، مشيراً إلى أن «بعض النواب وبعض الصحافيين وأهل الأقلام المسمومة والمعادية للشرف والدين أخذوا يتندرون على المقترح؛ فهذا يقول: يريدون أن يزيدوا المشوهين في البلاد (...)، أما علم هؤلاء أن السخرية بدين الله تعالى كفر؟». إلى ذلك، جدد خطيب الجمعة في جامع الإمام الصادق بالقفول الشيخ علي سلمان رفضه التام لعملية حرق الإطارات، مطالباً الحكومة بإطلاق سراح معتقلي حوادث مطار البحرين.


توفيق ينتقد رافضي قطع اليد وسلمان يطالب بإطلاق معتقلي المطار

قاسم: نحن مواطنون غيارى على أوطاننا

الوسط - مالك عبدالله

تناول خطباء الجمعة يوم أمس في خطبهم موضوعات مختلفة، فبينما انتقد خطيب الجمعة بجامع الإمام الصادق بالدراز الشيخ عيسى قاسم تصريحات الرئيس المصري محمد حسني مبارك التي اتهم فيها الشيعة بالولاء لإيران، مخاطبا إياه «أنت توالي إسرائيل وأميركا، وتتبرّأ من قضايا إسلامية كبرى وتُفسح الطريق إلى الاستعمار الأميركي للبلاد الإسلامية وأنت مواطن، وأنا الغيور على البحرين وعلى مصر وتركيا وأفغانستان وإيران وعلى كل شبر من بلاد الإسلام لا أكون مواطناً؟!».

انتقد خطيب الجمعة بجامع سار الكبير الشيخ جمعة توفيق رافضي مقترح قطع يد السارق، مشيرا إلى أن «آخر الصيحات ما جاء عن مجلس النواب وملخصه أن أحد النواب جاء بمقترح و(أقول مقترحاً لمواكبة لغة المجلس) يقترح تطبيق حد القطع على السارق، والحديث ليس عن المقترح فالمقترح شرعي ومن رفضه فليضرب رأسه بأقرب جدار(...) ولاسيما أن فيه نصاً في كتاب الله». وطالب خطيب الجمعة بجامع الإمام الصادق بالقفول الشيخ علي سلمان الحكومة بإطلاق سراح معتقلي حوادث المطار، مجدداً رفضه أعمال الحرق والعنف. وأوضح خطيب الجمعة بجامع طارق بن زياد الشيخ صلاح الجودر «ما نشرته صحف اليوم (أمس) عن حادث اقتحام أحد المساجد آلمنا جميعاً، هذا الحادث الذي تشاجر فيه أهل الدين الواحد والمسجد الواحد والحي الواحد، لسنا بصدد تحميل المسئولية لأحد الطرفين، ولسنا بصدد تبني وجهة نظر أحد المتخاصمين، لأنها مسئولية إدارة الأوقاف».

إلى ذلك، ذكر خطيب الجمعة في جامع طارق بن زياد بالمحرق الشيخ صلاح الجودر أن «علينا أن ننظر إلى واقع المسلمين اليوم، وننظر، بعين المتأكد غير الشاك، إلى أن ما أصاب الناس من خلل في أنفسهم، وأمنهم، و اقتصادهم، وأحوالهم إنما هو بسبب إعراضهم عن بعض ما أنزل الله جل جلاله، فالله بين لنا في كتابه أنه يعطي المؤمنين الذين آمنوا وعملوا الصالحات الاستخلاف في الأرض، ويبدلهم من بعد خوفهم أمناً»، مشيرا إلى أن «صلاح المجتمعات يكون بامتثالها لأوامر الله جل وعلا، وبناء المجتمعات يكون ببناء خلاياها، وإن خلايا المجتمع إنما هي الأسر والبيوتات، فلو أصلح الناس بيوتهم كل في رعيته، بالنصيحة الشرعية الموافقة للكتاب والسنة لعم الخير ولقلّ الشر». وأضاف الجودر «اعرفوا ما للمساجد من مكانة وحرمة، وقوموا بحقها من واجب الخدمة والمحافظة على الهدوء والسكينة فيها، فإنها بيوت الله (...) وملاذ الصالحين من عباده، فقد توعد الله من يمنع عباده من ذكره فيها أو خرابها أو تسبب في خرابها»، مشيرا إلى أن «ما نشرته صحف اليوم (أمس) عن حادث اقتحام أحد المساجد آلمنا جميعاً، هذا الحادث الذي تشاجر فيه أهل الدين الواحد والمسجد الواحد والحي الواحد، لسنا بصدد تحميل المسئولية لأحد الطرفين، ولسنا بصدد تبني وجهة نظر أحد المتخاصمين، لأنها مسئولية إدارة الأوقاف، لكن لنسأل أنفسنا عن سبب هذا التعدي على بيت من بيوت الله»، متسائلا «هل الاجتهادات الفقهية والمسائل الاجتهادية تكون سبباً لاقتتال الإخوة في أطهر بقاع الأرض وهي المساجد؟ ألم يجد المتخاصمون ساحات للمصارعة والعراك إلا بيوت الله؟ من الذي أعطى الأطراف المتصارعة الحق في أذية المصلين الآمنين؟». منوها إلى أن «حرية المعتقد والمذهب والفكر لا تسمح بأن يتعدى الفرد على الآخرين بسبب اختلافه معهم، وإلا لكانت هناك خصومات واقتتال بين أصحاب المذاهب الإسلامية المختلفة، وعزاؤنا الوحيد في إدارة الأوقاف وهي الجهة المسئولة عن بيوت الله أن تضع الضوابط الكفيلة براحة المصلين، وأن تسعى إلى تنظيم العلاقة بين المصلين، حتى لا تتحول مساجد الله إلى ساحات حرب بين الاخوة المصلين».


قاسم يشيد برد رئيس وزراء الكويت على مبارك

تساءل خطيب الجمعة في جامع الإمام الصادق بالدراز الشيخ عيسى قاسم عن «هل الشيعة من طبيعةٍ أخرى غير الناس؟ كل الناس مجبولون على حبّ أوطانهم، والارتباط بعاطفة خاصّة تربطهم بالتربة التي يعيشون فيها، وهي مسألة وجدانية لا تكاد تخلو منها نفس، فعجيب هذا الذي يُثار بقوة بالتشكيك في حبّ الشيعي لوطنه(...)»، مشيرا إلى أن «الولاء للوطن هو الميل النفسي له بحسب الطبيعة البشرية، ثم الحرص على سلامة مصالحه، وطلب تقدم أوضاعه الكريمة، لا الساقطة والخبيثة، السعي في منفعة ووحدة وصلاح أبنائه، عدم عون أعدائه عليه، الدفاع عنه، وماذا يُراد من المسلمين أكثر من ذلك؟(...)»، مؤكدا أن «الشيعة كما أثبت واقعهم غير مستعدين إلى أن يُسلِّموا شبراً واحداً من الأوطان التي تضمهم إلى أي طامع، أمام الدنيا ثورة العشرين في ظل الحكومة العثمانية(...)»، ليتساءل من جديد «ما هو الموقف في جنوب لبنان؟ ومن أصبر من الشيعة في مواجهة إسرائيل في تلك الساحة الساخنة، ساحة الدماء والأشلاء؟ كيف كان شيعة الكويت في الموقف من الغزو العربي من بلد عربي، من غزو حارس البوّابة الشرقية للكويت؟(...)».

وأضاف قاسم هل «ولائي للدين ينقض ولائي للوطن؟! إن الدين ليدفع في اتجاه ولاء الوطن، ويقوم على تعاليمه ولاء الوطن، ولكن ولاء الوطن الذي لا يعني بيعه للأجانب، الذي يعني وجود القواعد الاستعمارية في الأرض الإسلامية، هذا هو ما يسمّى الولاء للوطن، والذي يدافع عن أصالته، وطنه، وعن إسلامه، وعن الأخلاق الموروثة لهذا البلد هو الذي يُرفع عنه الولاء؟!»، مشيرا إلى أن «البحرين جزء من الوطن العام الإسلامي، وحبّي للبحرين حبّ للناس، حبّ للسعودية، حبّ لكل بلد آخر، أنا عندي حبّان لهذا الوطن حبٌّ جبليّ، حبٌّ عادي هو الحب الذي يورثه حب الارتباط بالتربة منذ نعومة الأظفار، ولأنه وطن الآباء والأجداد(...)»، مردفا «وهناك حبٌّ آخر أشرق وأركز وأوعى وهو أن حبي للبحرين لأنها بلد الإسلام والإيمان، وهذا الحب منتشر على كل شبر من الأرض الإسلامية الكبرى (...)»، موضحا «وإذا طالبت بحقوق مُضيّعة، وإذا طالبت بموقع وطني لائق بي (...) وإذا طالبت بدستور عادل اكون قد فقدت ولائي للوطن؟! وهل الولاء للوطن مربوطٌ بالظلم؟ وبالسكوت عن الحقوق؟ فهمٌ لا يُمكن أن يُقبل». وانتقل بعدها قاسم إلى الحديث عن التاريخ الوطني لشيعة البحرين، مشيرا إلى أن «الشيعة في هذا البلد قديماً دافعوا عن هذا الوطن بكل بسالة، وأعطوا لهذه التربة العرق والدماء وحديثاً تظاهروا ضد الغزو الأميركي للعراق ليقولوا إن العراق والبحرين وطن واحد(...)، واختاروا للبحرين على المستوى القومي الانتماء العربي وقالوا باستقلالها عن إيران، صوَّتت غالبيتهم الساحقة مع الميثاق طلباً للإصلاح الوطني، وما تخلَّف متخلف إلا لملاحظات موضوعية داخلية لا ربط لها بالخارج على الإطلاق، ومنها ما حدث من ذهاب وعود رسمية أدراج الرياح وهو ما كان مُتوقّعاً، وخروج عن مؤدّى مواد رئيسة في الميثاق. وهذا مما كان منظورا إليه».

ووجه قاسم خطابه إلى الرئيس مبارك «أنت توالي إسرائيل وأميركا، وتتبرّأ من قضايا إسلامية كبرى وتُفسح الطريق إلى الاستعمار الأميركي للبلاد الإسلامية وأنت مواطن، وأنا الغيور على البحرين وعلى مصر وتركيا وأفغانستان وإيران وعلى كل شبر من بلاد الإسلام لا أكون مواطناً؟!»، متسائلا «براءة من الإسلام، من المسلمين، ولاء لإسرائيل لأميركا إرضاءً للرغبة الأميركية؟ أهذه هي العروبة؟ أهذه هي الوطنية؟ أهذا هو الإسلام؟ لا يمكن أن نبرأ من الإسلام والمصالح الإسلامية في أي شبر من أرض الإسلام، ومعبودنا الله وحده لا أميركا ولا غير أميركا». مؤكدا أن «خطاب الرئيس المصري خطير بمقاييس كثيرة فهو خطير في صراحته التي صدمت ملايين من العرب المسلمين، ومثّلت خطراً جدّياً عليهم، وتحريضاً خطيراً جدّاً، والتصريح خطير في توقيته، لأن العراق تلتهب طائفياً، ولأن العراق تحترق طائفياً، خطير بحسب الموقع الرسمي الكبير الذي يشغله صاحبه بما هو رئيس أكبر دولة عربية (...)». منوها إلى أن تلك التصريحات تساعد في توسعة المحرقة الطائفية في العراق وخارج العراق. مشيرا إلى أننا «متأكِّدون أن تصريح الرئيس ليس على خطِّ شعبه رأياً، وضميراً وتوجّهاً، وهدفاً، وموقفاً عملياً، وكلمة ناطقة. الشعب المصري المسلم شعبٌ غيور على عروبته، غيور على إسلامه، صادق الوعي، يقظ الشعور». مؤكدا أن «الشيعة سيبقون هم الشيعة المخلصون لأوطانهم التي هي أوطان المسلمين جميعاً، لا يُضحِّي أحدهم بتراب وطن من هذه الأوطان، ولا يبيعه على أحد من خارج الأمة أو من داخلها، ويدافع عن حريمه، ويحرص على وحدته ووحدة الأمة، ويخدم مصالح أرضه كما علَّمه الإسلام(...)». مشيدا بتصريحات رئيس الوزراء الكويتي التي رد فيها على تصريحات مبارك.


توفيق ينتقد رافضي مقترح قطع اليد

أوضح خطيب الجمعة في جامع سار الكبير الشيخ جمعة توفيق أن «الدعوات الباطلة والفتاوى المنحرفة عن الصراط السوي في هذا الزمان قد كثرت، فهذا يفتي في الحجاب بما يخالف كتاب الله، و الآخر يبيح الربا، والثالث يقول للذكر مثل حظ الأنثيين كان في عهد الرسول (ص)، وأما في عهدنا فالرجال والنساء سواء، وكل هؤلاء مخالفون لأمر الله تعالى عاصون في أقوالهم»، مشيرا إلى أن «آخر الصيحات ما جاء عن مجلس النواب وملخصه أن أحد النواب جاء بمقترح و(أقول مقترحاً لمواكبة لغة المجلس) يقترح تطبيق حد القطع على السارق، والحديث ليس عن المقترح فالمقترح شرعي ومن رفضه فليضرب رأسه بأقرب جدار(...) ولاسيما أن فيه نصاً في كتاب الله». وأضاف توفيق «ولكن بعض النواب وبعض الصحافيين وأهل الأقلام المسمومة والمعادية للشرف والدين أخذوا يتندرون على المقترح، فهذا يقول: يريدون أن يزيدوا المشوهين في البلاد، والآخر يرسم رسومات يسخر فيها من قطع اليد، أهكذا نقابل شرع الله تعالى بالسخرية والضحك؟ أما علم هؤلاء أن السخرية بدين الله تعالى كفر؟»، مضيفا «فهؤلاء لم يكفهم أنا لا نطبق من الشرع إلا أحوالا شخصية، ثم يتجرأون على حد من حدود الله تعالى، ثم هنا قضية أين الدين الإسلامي الذي ندعيه بأنه دين الدولة؟ أين هو في حكمنا؟ وأين هو في مجالسنا؟ ننص عليه في الدستور وليس له وجود في الواقع؟ والمنكر كل المنكر أن يعرض شرع الله تعالى على بشر عقولهم قاصرة، يوافقون على حد من الحدود أم لا؟»، متسائلا: «ألهذه الدرجة وصل الحال بنا نقر أو لا نقر شرع الله؟ أتظنون أن حد السرقة مقترح نائب من النواب؟ إنه دين، أين حماس هؤلاء الصحافيين من قضايا الأمة عندما سب النبي (ص)؟ أين أقلامهم عندما يطعن في علماء الأمة و أئمتها؟ أين أقلامهم عندما يتجرأ بعضهم على رموز الحكم في البلاد؟ أين وأين وأين؟ هذا ما كنت أخشاه من بداية تأسيس المجالس أن يعرض شرع الله بين يدي البشر فينتقد ويرفض».


سلمان يرفض العنف

جدد خطيب الجمعة في جامع الإمام الصادق بالقفول الشيخ علي سلمان مطالبته بإطلاق سراح معتقلي حوادث مطار البحرين الدولي، داعياً «الحكومة إلى الالتزام بضوابط الاختلاف السياسية وعدم استخدام الورقة الإنسانية من الاعتقالات وقطع الأرزاق في اتجاه الضغط على السياسيين في القضايا السياسية»، مجدداً دعوته إلى «وقف أعمال حرق الإطارات التي انتشرت أخيرا». وعن تصريحات الرئيس المصري محمد حسني مبارك التي اتهم فيها الشيعة بعدم الولاء لأوطانهم، أوضح سلمان «إن الحديث لا يخلو من أمرين إما أن يكون زلة لسان وهذه زلة كبيرة تحتاج إلى اعتذار واضح إلى الشيعة وإلى المسلمين وهذا هو احتمال ونأمل أن يكون هذا هو الاحتمال الصحيح وألا تأخذ الرئيس المصري العزة بالإثم».

وأشار إلى أن «الاحتمال الآخر أن تكون المسألة مقصودة لم تنطلق وفقاً لدهاء السياسيين وهي الرسالة من كل المقابلة، وهذا هو أسوأ احتمال أن تكون هذه العبارة بقصد ونية وفي فهمي أعتبرها جريمة قد لا نستطيع أن نحاكم الرئيس المصري في مصر لكنه أمام محاكمة العقل والخلق والضمير والتاريخ لا يفر منها»، موضحا أنها «جريمة لأن هذه التصريحات إثارة للفتنة الطائفية وصب للزيت على النار، ولأن هذا الكلام هو كذب وافتراء فالتجارب العملية أثبتت الولاء الواضح من الشيعة لأرضهم وأوطانهم وخير مثال على ذلك الشيعة في جنوب لبنان، ولأن هذا الأمر هو خدمة كبيرة لأميركا وإسرائيل في مواجهة إيران في الوقت الذي تسعى كل منهما للضغط عليها في الملف النووي».

كما تحدث سلمان عن ذكرى المولد النبوي الشريف، مشيرا إلى أن «النبي محمد (ص) حمل الشخصية الكاملة في التعامل مع الآخرين وكانت فيه صفة المواجهة للآخرين بقصد الهداية لا بقصد الإسقاط والهزيمة وهذا ما لم تحمله الإنسانية في تعاطيها مع أعدائها.


النخب العربية تستنكر تصريحات الرئيس المصري بشأن ولاء الشيعة

حديث مبارك يؤجج التفرقة الطائفية في المنطقة

الدوحة - نادر الغانم

أثارت تصريحات الرئيس المصري بشأن ولاء الشيعة لإيران أكثر من ولائهم لبلدانهم حالاً من الاستهجان والرفض لما تعنيه هذه التصريحات وخصوصاً أنها صدرت من زعيم أكبر دولة عربية.

والتقت «الوسط» مع مجموعة من النخب والمثقفين العرب الموجودين في الدوحة للمشاركة في فعاليات منتدى الدوحة السادس للديمقراطية والتنمية والتجارة الحرة.

وقال أستاذ علم الاجتماع السياسي ومدير مركز دراسات الشرق المعاصر في جامعة السوربون بفرنسا برهان غليون: «إن هذه التصريحات لا يمكن قبولها باي شكل من الاشكال، والواضح أن هناك خطأ في التعبير من قبل الرئيس، ولذلك يجب على السلطات المصرية تقديم توضيح وتفسير وإعادة تأويل لكلام مبارك حتى لا يساء فهمه».

وأضاف غليون لا يحق لأي مسئول حاكم أن يصرح تصريحات من هذا النوع لأنها أولا خاطئة وغير صحيحة وثانياً تشكك في ولاء شعب كامل، بالإضافة إلى كونها تسيء إلى اتزان ووحدة الأمة العربية والمجتمعات العربية. وأكد نحن كمثقفين ونخب يجب أن نعمل على نزع الفتيل الطائفي، وان نطور وننمي الوعي الوطني لشعوبنا العربية بصرف النظر عن انتماءاتهم الدينية والمذهبية ولا يمكن أن نسمح ونقبل أن يأتي زعماء سياسيون ليحطموا هذا الوعي الوطني الذي تم بناؤه خلال قرن وهو الآن مهدد بسبب الضغوط الخارجية والتوترات الداخلية.

وطالب غليون جميع الزعماء العرب بتوحيد جهودهم من أجل قطع الطريق على المنازعات والحروب الطائفية.

حديث غير موفق

اما الأستاذ بكلية العلوم السياسية بجامعة قطر محمد صالح المسفر فقد قال إن المرحلة التي يمر بها عالمنا العربي تعد من مراحل زرع بذور الفتنة والنعرة الطائفية بطرق مختلفة، مشيراً إلى أن تصريحات مبارك لم تكن موفقة تماماً.

ويضيف أن مصر تضم مسيحيين وغيرهم وان بذور الفتنه قائمه في مصر، إذ إن ما يسمى بالقبطية والإسلامية وغيرها من حركات تعد عوامل للتفتيت التي بدأت تدب وتغزو اقطارنا العربية وللأسف أن بعض القيادات العربية أصبحت تروج لهذه الفكرة وتجعلها تترسخ في أذهان الناشئة، ليقال انظروا ماذا تقول مصر وماذا يقول أكبر زعيم دولة عربية، وخصوصاً أن مصر تعتبر قائدة ورائدة في عملية التثقيف السياسي والاجتماعي عبر التاريخ إلا أنها كما يبدو وصلت لمرحلة مع الأسف الشديد ضاعت بوصلتها الوطنية فهي تبحث أيضاً عن هويتها.

وقال المسفر الآن لا يمكن للرئيس مبارك أن ينفي ما تم قوله ولا يستطيع أن يتراجع عما قال لكن عليه أن يظهر أمام وسائل الإعلام ويعتذر لهذه الأمة ويساهم في الحرب ضد الطائفية في العالم العربي.

وأضاف أناشد جميع شعوبنا العربية وفي منطقة الخليج بعد الاستماع لهذه التصريحات البغيظة أن يشنوا حربا ضد الطائفية والتفتيت والتقسيم كل في موقع عمله.

أفكار بعيدة عن الواقع

ويتحدث الأستاذ الجامعي محمد الرميحي قائلاً هذه التصريحات المصرية في غاية الخطورة ويجب أن نأخذها بحذر شديد ولا يمكن أن نتهم طائفة كبيرة وواسعة بهذا الحجم وبهذا النضال الوطني الطويل بهذه الاتهامات غير المثبتة والبعيدة عن أرض الواقع، مؤكداً في حديثه على المواطنة، التي تتطلب عدة شروط والشيعة في هذه المنطقة ومازالو هنا وسيبقون هنا وهم مواطنون حقيقيون عليهم واجبات ولهم حقوق تماماً كغيرهم.

وأضاف إذا نظرنا إلى هذه التصريحات بحسن نية فهي مبنية على معلومات خاطئة على الأقل، ولذلك يجب مناقشة هذا الأمر في منطقتنا مناقشة هادئة وبعيدة عن التشدد ويجب أن نفرق بين العلاقات المذهبية وهي علاقات معروفة وقديمة لأن الطائفة الشيعية طائفة واسعة ونحن نعلم أن هناك فئات في هذه الطائفة تقلد مقلدين بعضهم محلي وبعضهم خارج الوطن سواء في العراق أو إيران أو في مناطق أخرى، ولذلك يجب أن نحترم هذا التقليد لأنه تقليد ديني ولا يجب أن نخلطه بالهوى السياسي، وقال إن الهوى السياسي هو المشكلة، إذ عادة ما يكون بين مجموعة من الناس قد تخطئ وقد تصيب، ولكن يجب تطبيق القوانين المحلية على الذي يسيئ منهم للمجتمع ووحدته سواء كانوا سنة أو شيعة أو غيرها.

وأضاف نحن في منطقة تتميز بالتعايش وان الحديث الذي يحاول تهميش طائفة أو مجموعة أو أفكار لا يتمكن السكوت عنه فنحن نتحدث عن التعددية وقبول وجهات النظر سواء سياسية أو اجتهادات يجب أن تكون محترمة في إطار المواطنة التي لها شروط إذ نحن جميعا مواطنون في أي دولة من دول الخليج وهذه المواطنة تعطينا حقوقاً وترتب علينا واجبات.

وأوضح الرميحي «أنا أحد المراقبين الذين احتاروا وتعجبوا وربما تضايقوا من هذا النوع من التصريحات، فقوله يشبه ان تقول مثلاً إن كل الطائفة القبيطية هي عميلة لجهة معينة أو كل الطائفة المارونية عميلة لفرنسا أو عملاء لجهة معينة، فهذا الحديث لا يجوز أبدا، ولذلك علينا تصحيح هذا الكلام ونؤكد الاخوة في المواطنة فنحن جميعا مواطنون إذا اردنا ان نبني دولنا بطريقة صحيحة».

وقال إن نتائج هذه التصريحات ستكون محدودة لأن العقلاء سيفرقون بين هذا الحديث وبين الواقع العملي، ولكن قد تحاول أطراف مختلفة أن تستفيد من هذا الموضوع سياسياً أو حتى بدفع بعض المطالب إلى الأمام.

دعوة لمزيد من العنف

الأستاذ بجامعة البحرين فؤاد شهاب قال عندما سمعت هذه التصريحات من بعض الأصدقاء لم أصدق، ولذلك لجأت بنفسي لمعرفة التصريح وتحليله وقد صعقت أن يخرج هذا الكلام من رئيس أكبر دولة عربية. وأضاف قال الزعيم اللبناني كمال جنبلاط ذات مرة إذا اردت أن تعرف حال الأمة العربية فانظر إلى مصر فإذا كانت بعافية فالعرب معافون وان كانت مريضة فالعرب مرضى، مشيراً بذلك إلى تاريخ مصر وقيادتها للأمة العربية، فتاريخ مصر وحضارتها وثقافتها وموقعها هو ما يعطيها كل هذا الثقل.

وذكر شهاب أن الواقع المصري معكوس على الأوضاع العربية السيئة تماماً لأن القلب مريض. وقال عندما نريد أن نحلل هذه التصريحات الصادرة من زعيم أكبر دولة عربية فهي تصب الزيت على النار في موضوع الطائفية للاسف، إذ إن الطائفية والمذهبية تزداد يوماً بعد يوم في الوطن العربي وان الحروب الأهلية مستمرة أيضاً، إذ لا نكاد ننتهي من حرب لندخل في حرب أخرى، وكل الدول العربية لديها ما يكفي من المشكلات ابتداء من لبنان مرورا بسورية والعراق وصولاً إلى السودان والمغرب العربي وحتى مصر.

وبتحليل هذا الخطاب فهو للاسف دعوة لمزيد من الحروب الطائفية في المنطقة، خصوصاً إذا علمنا أن العراق لم يعرف عبر تاريخه هذه الطائفية.

وأضاف شهاب كان الأولى بالرئيس المصري معرفة حقيقة التراث الشيعي، إذ إن القرآن الكريم نزل بلغة عربية والرسول الكريم عربي وأهل بيته عرب، فهل يعقل أن يكون ولاء هذه الطائفة لغير العرب، اما الجانب الآخر فهو ما هي الفائدة التي جنتها المنطقة من العداء العربي الفارسي عبر التاريخ.

وقال لو عدنا إلى الوراء وتحديدا قبل 500 سنة أي مع أول غزو أوروبي للمنطقة حدث من قبل البرتغاليين نجدهم ادركوا أهمية اللعب على الصراع العربي الفارسي، ليتمكنوا من السيطرة على المنطقة واستغلال هذا الصراع هم ومن تبعهم من بريطانيين وفرنسيين.

تصريحات تغذي الفتنة

ويؤكد أستاذ الإعلام السياسي المساعد بجامعة السلطان قابوس أنور محمد الرواس أن تصريحات مبارك يجب ألا تعطى أكبر من حجمها فنحن في المنطقة في غنى عنها لأن أبناء الخليج يعيشون في ظل المواطنة الخليجية التي هي ركيزة تعايشنا وتعاملنا مع بعضنا.

وقال الرواس إن الاحتكام للعقل ومفهوم الحوار هو الأساس للتفاهم حتى لا نغذي عامل الفتنة الذي نحن في غنى عنه، ولسنا في حاجة إلى تأجيجه اكثر مما هو عليه الآن، بل يجب بذل جميع الجهود لدرء أية أسباب للطائفية والمذهبية.

وأشار إلى أن الفتنة الطائفية ظهرت الآن بعد الاحتلال الأميركي للعراق وما نتج عنه من انشقاق وتبادل للاتهامات، وان هذا الوضع يحتم على الجميع الاحتكام للعقل بدلاً من اثارة هذه الفتن.

سوء فهم في التكوين الشيعي

الباحث والمفكر العراقي عبدالحسين شعبان قال من جانبه: «أعتقد أن ما قصده الرئيس مبارك هو بعض القيادات العراقية الشيعية وليس الطائفة نفسها فلماذا يفترض أن يكون ولاء الشيعي العربي لإيران بدلاً من وطنه، فالقرآن الكريم نزل بلسان عربي والرسول (ص) عربي وعليه فإن الائمة جميعا هم عرب فلماذا يكون ولاء الشيعة لإيران؟

وقال قد يكون العكس هو الصحيح إن الإيرانيين يتقربون من أهل البيت وبهذا المعنى هم يدينون الولاء للمثل والقيم التي دافع عنها الإسلام وتبناها الشيعة.

وأضاف أن هناك تقصيراً من جميع الجهات كالقيادات العربية وبعض النخب لفهم طبيعة تكوين الشيعة والمدرسة الشيعية ودورها في الكفاح ضد الظلم وتبنيها لقيم الامام الحسين التي ساهمت في التصدي للمحتل الأجنبي.

وبين شعبان أن هناك تقصيراً آخر يقع على عاتق النخب الدينية والفكرية والثقافية الشيعية التي ظلت تعزل نفسها في إطار واحد فقط ولا تعمل على توصيل تأثيراتها للوسط العربي بل بعضها قد يعمل على ازدراء الوسط العربي واتخاذ مواقف مسبقة ضده باعتباره وسطا أقرب إلى التسنن، مؤكداً أن هذا النقص لابد من ردمه من جانب القيادات العربية التي يجب أن تبذل جهدا لفهم طبيعة هذا التكوين الذي يشكل نسبة غير قليلة من المجتمع العربي وفي اقطار مختلفه ومؤثرة كما أن على النخب الدينية والفكرية والسياسية في الطائفة الشيعية أن تبذل مجهودا للتعريف بوجهات نظرها وبمواقفها وإزالة الشوائب والترهات التي علقت باسمها وتاريخها وهذا الأمر يدفعها إلى أن تقدم رؤية حضارية جديدة لما يعنيه الفكر الشيعي.

وأضاف هنا أتذكر قولاً للعلامة محمد مهدي شمس الدين الذي قال إن على الشيعة الإمامية إذا ما ارادوا خدمة أهل البيت أن ينخرطوا في مجتمعاتهم واممهم وشعبوهم وأوطانهم وان يندمجوا مع المجموع خدمة لأهل البيت وألا يدعو إلى تمييز انفسهم عن الآخرين بمعنى أن يتمسكوا بمبدأين رئيسيين وأساسيين في الدولة العصرية هما مبدأ المواطنة الكاملة والتامة ومبدأ المساواة وأضيف إليهما احترام حقوق الإنسان وهي قضية مبدئية ستخدم قضية الحوار المفتوح داخل هذه المجتمعات.

حوار لبناني

الرئيس اللبناني السابق أمين الجميل قال من جانبه سمعت أن هناك إساءة لفهم حديث مبارك وأعتقد أن السلطات المصرية بإمكانها توضيح وجهة النظر هذه وتفسر حديث الرئيس مبارك أما الذي يهمنا هو وجود مشكلات في العالم العربي عموماً وتوجد صرعات واقعة على الأرض وما يحصل الآن في العراق ليس سهلاً ولا خافياً على احد لوجود أيد خفية تعبث في أمن العراق وهي مستعدة لتكون أداة لبث التخريب فيه.

ويضيف أن ما يحصل في العراق أيضاً يحصل خارجه، ولكن بشكل غير معلن.

وعما إن كان هذا التصريح يقصد به لبنان أيضاً قال الجميل لقد دخلنا في حوار لبناني مع كل القيادات اللبنانية بما فيها حزب الله وأمل ونأمل أن نبلور رؤية مشتركة مع كل هذه التحديات التي تواجهها لبنان خصوصاً والعالم العربي عموماً.

وأشار إلى أن العلاقة بين حزب الله وإيران هي ليست سرا على أحد لأن حزب الله يعلنها صراحة، فهناك علاقة خاصة بينه وبين إيران، لكن ما نتمناه أن تكون الأولوية للبنان وللمصالح اللبنانية التي يجب أن تعلو على أية مصلحة خارج الإطار اللبناني.

وأضاف أن كلمة ولاء قد تكون كلمة كبيرة والحوار القائم حالياً في مجلس النواب سيحدد طريقة تعاطي القوى اللبنانية بعضها ببعض ومدى تمسكها بالثوابت والمصلحة اللبنانية، بالإضافة إلى التعاطي مع الخارج. وقال إن على الدول العربية أن تخلق حوارا من ضمن الحضارة الواحدة وهذا جانب مهم لوجود صراعات ضمن المذاهب والأديان والحضارات والدول لذلك من المهم أن يحدث حوار داخلي قبل الانطلاق للحوار الخارجي.

وأعتقد أن العالم العربي في أمس الحاجة لهذا الحوار للوصول إلى مواقف وقواسم مشتركة لمواجهة مشكله حوار الحضارات

العدد 1317 - الجمعة 14 أبريل 2006م الموافق 15 ربيع الاول 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً