في 26 فبراير/ شباط 2005 نطقت المحكمة الكبرى الجنائية ببراءة المواطن محمد الكواري من تهمة اختلاس وثائق متعلقة بالتجنيس السياسي من مكان عمله السابق، في الإدارة العامة للجوازات والجنسية والإقامة، وتسريبها إلى النائب جاسم عبدالعال الذي كان ينشط داخل لجنة التحقيق النيابية التي حققت في قضية التجاوزات في التجنيس، لكنها عجزت عن تحريك الملف وانتصرت عليها الحكومة التي بررت التجنيس بأنه اما موافق للقانون أو انه استثنائي صدر عبر ارادة ملكية، او انه لا يعتبر تجنيساً، كما هو حال المنتمين إلى إحدى القبائل العربية. لجنة التحقيق اقتصر عملها على الفترة التي تلت أول انعقاد للمجلس الوطني في 14 ديسمبر/ كانون الأول 2002، وهذا يعني أن كل ما جرى قبل تلك الفترة خارج نطاق صلاحية البرلمان بحسب الترتيبات التي اعتمدت رسمياً في البحرين، على رغم احتجاج المعارضة.
الكواري - من الرفاع الشرقي - في مطلع يونيو/ حزيران 2004 بقي في الحبس ثلاثة أسابيع بعد ان شكت أجهزة الدولة في انه سرب معلومات إلى عبد العال، وهو ما حدا بالأخير ان يسأل عما اذا كان الحديث مع نائب يعتبر «جريمة يعاقب عليها القانون». أما الكواري فقد قال عن حاله اثناء الاعتقال «لقد كنت خلال فترة الاعتقال متدرعا بالصبر ومحتسباً أمري عند الله الذي لابد أن ينصف المظلوم، وما هذه الوقفة الجماعية من الكل إلا خير شاهد على براءتي من التهمة المنسوبة إلي».
وأضاف انه بعد الافراج عنه ذهب إلى «قسم الأمانات في التوقيف» لاسترجاع حاجاته التي أخذوها قبل إدخاله التوقيف في إدارة التحقيقات الجنائية في العدلية، الا أن الموظف المختص قال له انها «ضاعت». ولعل ضياع الامانات التي أخذت منه تمثل حاله الذي ضاع بين ملاحقة أجهزة الدولة له واعتقاله ليصبح «ضحية» النقاش البرلماني بشأن ملف التجنيس. الكواري نفى تسريبه اية معلومات عن المجنسين إلى النواب، وقال مستغرباً: «إنني أسأل مرارا هل زيارة أعضاء البرلمان لنا أو الارتباط بأحدهم جريمة يعاقب عليها القانون، إذ إن من أسباب اعتقالي والتهم الموجهة إلي زيارة أحد النواب لمنزلي، وهل معنى ذلك أن المواطنين عليهم أن يبتعدوا عن مصادقة النواب؟».
الكواري كان باحثاً قانونيّاً في الإدارة العامة للجوازات والجنسية والإقامة، وأسندت إليه مهمة الإشراف الإداري والمالي على لجنة الجنسية، ولذلك فقد كان يأخذ معه الأوراق الخاصة بالعمل إلى منزله كي يسرع في إنجاز ما هو مطلوب منه في العمل، ولذلك فان تفتيش منزله سينتج عنه من دون شك «ضبط أوراق خاصة بمكان العمل»، إلا أن ذلك لايعتبر «جريمة اختلاس».
النائب جاسم عبدالعال كان محور القضية، لأن الأجهزة الرسمية اتهمت الكواري بالاتصال به، ما حدا به أن يهدد برفع «دعوى ضد من ذكر هذه الادعاءات». وقال: «ان اسمي مذكور في هذه القضية وعلى رغم ذلك لم يتم استدعائي كشاهد ولا غير ذلك، والأنكى من ذلك أن هناك معلومات مغلوطة مذكورة بشأني، من قبيل إنني زرت الكواري في منزله وخرجت وفي يدي مظروف به أوراق». النائب يوسف زينل قال في تعليق له بشأن اعتقال الكواري ان النائب البرلماني له حصانة «وعضو البرلمان عندما يمارس دوره الرقابي أو التشريعي لا ينطق بمفرده في التعامل مع القضايا ومع التشريعات فهو يمثل شريحة من الناخبين - أي من المجتمع - ويمثل بالتالي هذه الفئة أو تلك ويمثل مصالحها وعمليّاً فإن دور عضو البرلمان في تفعيل الجانب الرقابي يأتي من خلال التعامل والتفاعل مع الجمهور».
وأضاف إنه من «المؤسف أن بعض الجهات استغلت ما حدث لمحمد الكواري لبث ثقافة اليأس لدى الجماهير ونشر المخاوف من احتمال تعرض المتعاونين للسجن والمساءلة والطرد من العمل لو أنها تعاونت مع البرلمان ومع أعضائه وأعضاء لجان التحقيق. لذلك، فإن على المثقفين ومنظمات المجتمع المدني أن تشجع وتحث على تعاون أكبر للأفراد للكشف عن حالات الفساد في البلد سواء في المؤسسات العامة أو الخاصة. كما أن المطلوب من البرلمان إقرار قانون لحماية الشهود والمتعاونين مع أعضاء البرلمان. وسنكون نحن مجموعة النواب الوطنيين الديمقراطيين من أوائل من سيتقدمون باقتراح عن مثل هذا القانون ونأمل أن يساهم ذلك في تقوية الدور الرقابي للبرلمان»
العدد 1320 - الإثنين 17 أبريل 2006م الموافق 18 ربيع الاول 1427هـ