قتلة الأطفال جنود «طيبون»
وفي مقال استفزازي أدرجت إحدى كبريات الصحف الأميركية الجرائم بحق المدنيين في كل من فلسطين والعراق في سياق الضرورة التي لا يمكن تفاديها فـ «من الصعب جداً تقليص الخسائر البشرية في صفوف المدنيين خلال محاربة أعداء يستخدمون المدنيين دروعاً بشرية»! وطالبت الإعلام والسياسيين بعدم التسرع في اتهام من وصفتهم بالجنود «الطيبين» بارتكاب الفظائع قبل ظهور الحقيقة.
وتحت عنوان: «الإسرائيليون يقتلون الفلسطينيين وبالعكس» كتب عضو «مجلس العلاقات الخارجية الأميركي» هنري سيغمن في صحيفة «لوس انجليس تايمز»، إذ لاحظ أن «مقتل» عائلة فلسطينية بكاملها على شاطئ غزة، أعاد فتح السجال عما إذا كان هناك فرق كبير بين ما وصفه «الإرهاب» الفلسطيني والعمليات الإسرائيلية الانتقامية. وأكد أنه كان بالإمكان الحديث عن فارق ما بين الظاهرتين لو أن «إسرائيل» تنفذ هذه العمليات وهي على يقين بأنها ستساهم في وضع حد لـ «الإرهاب» الفلسطيني. غير أن الواقع أن هذه الإجراءات تعطي ثماراً معاكسة، مرجحاً أن تتسبب الدولة العبرية عبر سياستها الانتقامية وعدم اكتراثها بإصابة مدنيين إلى اندلاع انتفاضة جديدة.
ونددت افتتاحية «بوسطن غلوب» تحت عنوان: «عاصفة شرق أوسطية تلوح في الأفق»، بـ «مجزرة الشاطئ» وسياسة «إسرائيل» التي تنطوي على ضرب أكثر المناطق السكانية كثافة في العالم وإن كان هذا التصرف من باب الرد على قتل ضحاياها من المدنيين. وأكدت أن الحفاظ على الهدنة والحؤول دون انهيار السلطة الفلسطينية من مصلحة «إسرائيل» بالدرجة الأولى، موضحة أن الرأي العام الفلسطيني الذي يتعرض لسياسة عدوانية من قبل الدولة الإسرائيلية يشكل القوة الوحيدة التي يمكنها حث «حماس» على تبني حل الدولتين الذي ترفضه الآن.
وكتب شارلز كروثامر في «واشنطن بوست» تحت عنوان: «من المسئول عن الأسى على الشاطئ؟» ليسأل «لماذا تتعمد «إسرائيل» قصف عائلة مسالمة على الشاطئ؟» مجيباً بوضع اللوم على من وصفهم «الإرهابيين» الفلسطينيين الذين يستخدمون المدنيين الفلسطينيين الأبرياء باعتبارهم دروعاً بشرية. واعتبر أن هذه السياسة التي وصفها بالجبانة، تحقق مكاسب للفلسطينيين، فإذا تسببت الصواريخ الفلسطينية بمقتل مدني إسرائيلي فلن يلاحظ العالم ذلك أما إذا أدت العمليات الإسرائيلية ضد مواقع إطلاق الصواريخ إلى سقوط مدنيين فإن صورة «المجزرة الإسرائيلية» (القوسين لكروثامر لينأى بنفسه عن هذا التوصيف) تتصدر الصفحة الأولى لـ «نيويورك تايمز» وينتصر الفلسطينيون في الحرب الدعائية.
واعتبرت «واشنطن تايمز» في افتتاحيتها أن حادثي مقتل مدنياً عراقياً في مدينة الحديثة في العراق وسقوط سبعة فلسطينيين على شاطئ غزة، يؤكدان صعوبة تفادي وتقليص حجم الخسائر البشرية في صفوف المدنيين خلال محاربة «أعداء» يستخدمون المدنيين دروعا بشرية بحسب زعم الصحيفة. لذلك رأت أن الحادثين يجب أن يشكلا رادعاً للسياسيين والصحافيين من التسرع في اتهام جنود «طيبين» بالتقصير قبل ظهور الحقيقة. وانبرت تبرر مجزرة الحديثة إذ قتل جنود المارينز مدنياً عراقياً. فأشارت إلى أن أحد محامي الجنود المتهمين في المجزرة أكد للصحيفة أنه في نوفمبر/ تشرين الثاني داهمت عناصر المارينز ثلاثة منازل اختبأ فيها «متمردون» مسئولون عن تفجير إحدى آليات الجيش الأميركي وأدى إلى مقتل أحد الجنود وإصابة اثنين بجروح. وزعمت أن المتمردين استخدموا المدنيين دروعاً بشرية خلال عمليات المداهمة وهو ما يبرر سقوط هذا العدد منهم في ذلك اليوم.
أما بالنسبة إلى مجزرة شاطئ غزة فقد تبنت «واشنطن تايمز» موقف الجيش الإسرائيلي الذي أعلن أنه أجرى تحقيقاً في الحادث وتبين أن الانفجار على أحد شواطئ غزة الذي أودى بحياة أفراد من عائلة واحدة، لم يتسبب به صاروخ أطلقه زورق حربي إسرائيلي ولا قذيفة أسقطتها طائرة حربية إسرائيلية وأنه قد يكون ناتجاً عن انفجار عبوة ناسفة زرعتها «حماس» كميناً لقوات الكوماندوس الإسرائيلية. وزعمت أنها ليست المرة الأولى التي تتهم فيها «إسرائيل» بالمسئولية عن مثل هذه الفظائع، ففي العام أوردت تقارير صحافية أن القوات الإسرائيلية قتلت مئات وربما الآلاف من الفلسطينيين خلال عملية واسعة النطاق في مخيم جنين للاجئين في الضفة الغربية، في حين أن «الحقيقة» بحسب الصحيفة هي أن فلسطينياً بينهم مدنياً سقطوا خلال معارك بين الجنود الإسرائيليين والفلسطينيين كما قتل جندياً إسرائيلياً أيضاً
العدد 1389 - الأحد 25 يونيو 2006م الموافق 28 جمادى الأولى 1427هـ