تشهد تونس يوم الأحد المقبل (23 أكتوبر/ تشرين الأول 2011) انتخابات تاريخية يراد لها أن تكون أول انتخابات ديمقراطية منذ استقلال البلاد عن فرنسا سنة 1956 وذلك لاختيار أعضاء مجلس وطني تأسيسي تتمثل مهمته الأساسية في صياغة دستور «جمهورية ثانية» وإعادة الشرعية لمؤسسات الدولة بعد تسعة أشهر من الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي في 14يناير/ كانون الثاني.
وقلبت التحولات الكبيرة التي حلت بالمشهد السياسي التونسي بعد «ثورة الكرامة والحرية» الخريطة السياسية في تونس رأساً على عقب ويشير الكثير من المراقبين حالياً إلى الصعوبة البالغة في تبين ملامحه بشكل دقيق خصوصاً وأن هذه الخريطة لا تزال تتفاعل.
وفي انتظار عملية الفرز الكبير التي ستحصل مع انتخابات المجلس التأسيسي الأحد المقبل فإن الأمر الذي بات شبه أكيد اليوم هو أن الخريطة القديمة التي كانت تصنف فيها القوى السياسية وفق علاقتها بالنظام القائم أو حتى وفق انتمائها الآيديولوجي (إسلاميين وشيوعيين وقوميين أو ليبراليين واشتراكيين) لم تعد صالحة على ما يبدو.
وفي تونس حالياً أكثر من مئة حزب سياسي مرخص له مقابل تسعة أحزاب قبل أقل من تسعة أشهر، غير أن نحو نصف هذه الأحزاب هي غما أحزاب افتراضية أو أنها جنينية في طور التشكل، ويمكن تقسيم القوى السياسية الناشطة في الساحة السياسية حالياً إلى عشر كيانات أساسية:
حزب النهضة الإسلامي
أبرز الأحزاب في تونس ويرشح على نطاق واسع للحصول على أفضل نتيجة في الانتخابات. أسسه راشد الغنوشي في 1981 مع مجموعة من المثفقين استوحوا أفكارهم من جماعة الإخوان المسلمين. تعرض للقمع خلال حكم الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة ثم سمح له الرئيس المخلوع، زين العابدين بن علي بالتحرك بنوع من الحرية في بداية عهده (1987-2011) قبل أن يحاربه بلا هوادة انطلاقاً من بداية التسعينات.
حصل على ترخيص قانوني بعيد الثورة التونسية وبدأ منذ ذلك الحين ينشط مستخدماً إمكانات كبيرة لكسب المزيد من الأنصار. وقدم لوائح مرشحين في الدوائر الانتخابية كافة.
يتهمه خصومه باستخدام «خطاب مزدوج» مطمئن في المنابر العامة ومتشدد في المساجد. لا يحتوي برنامجه على أية إشارة لتطبيق الشريعة وموقفه غامض من قضايا مهمة مثل تعدد الزوجات الممنوع في تونس منذ 1956. ويقول الحزب إنه قريب من طروحات حزب العدالة والتنمية التركي.
حزب التكتل من أجل العمل والحريات
اعترف به في العام 2002 وينظر إليه باعتباره حزب نخبة وسط اليسار وهو عضو في الاشتراكية الدولية. ويتزعم الحزب، مصطفى بن جعفر وهو طبيب معارض منذ أمد بعيد لنظام بن علي وهو يدعو إلى «قطيعة فعلية» مع النظام السابق. وكسب هذا الحزب المزيد من الشعبية حين رفض بن جعفر المشاركة في أول حكومة شكلها محمد الغنوشي بعيد فرار بن علي، بداعي ضمها للكثير من رموز نظام الرئيس المخلوع.
الحزب الديمقراطي التقدمي
تأسس سنة 1983 على يد المحامي أحمد نجيب الشابي (وسط يسار) مع توجهات اقتصادية ليبرالية. وتم الترخيص للحزب في عهد بن علي لكنه بقي معارضاً. وهو الحزب الوحيد الذي تقوده امراة هي مية الجريبي التي ترأس قائمة للحزب في تونس العاصمة.
وشارك الشابي في أول حكومة للغنوشي بعد الإطاحة ببن علي ويتهمه خصومه بأنه مضى بعيداً في كسب الأنصار إلى حد ضم عناصر من صفوف الحزب الحاكم سابقاً. ويقدم هذا الحزب نفسه على أنه بديل عصري للنهضة.
حزب المؤتمر من أجل الجمهورية
يتزعمه المنصف المرزوقي (الأستاذ السابق في كلية الطب بسوسة). تأسس الحزب في 2001 لكن تم حظره على الفور وعاش قادة هذا الحزب في المنفى بفرنسا حتى الغطاحة بنظام بن علي في 2011.
والمرزوقي طبيب يساري عرف بنضاله الحقوقي وبدفاعه عن الهوية العربية الإسلامية لتونس ويقول خصومه وعدد من المراقبين إنه قريب من حركة النهضة.
حزب التجديد (الشيوعي سابقاً)
بزعامة الجامعي أحمد إبراهيم
اتخذ منذ 1983 وجهة اشتراكية ديمقراطية وعمل بجهد على تشكيل «القطب الديمقراطي الحداثي» الذي تشكل في مايو/ أيار الماضي ليضم خمسة أحزاب صغيرة أخرى ومستقلين بهدف «التصدي» لصعود حركة النهضة.
حزب العمال الشيوعي التونسي
عاش زعيم هذا الحزب، حمة الهمامي لفترة طويلة حياة السرية في تونس ويحظى بسمعة كبيرة نالها من 25 عاماً من النضال من أجل الحريات.
ويؤيد هذا الحزب النظام البرلماني وحرية التعبير للجميع بمن فيهم خصومه الإسلاميون.
تشكيلات ولدت من رحم
الحزب الحاكم سابقا
يتنافس نحو 40 حزباً على القاعدة الانتخابية لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي الذي تم حله. وأكثر هذه الأحزاب شهرة حزب الوطن بقيادة وزير السياحة السابق، محمد جغام وحزب المبادرة بقيادة آخر وزير خارجية في عهد بن علي، كمال مرجان.
ويصعب التكهن بقدرة هذه التشكيلات على تعبئة قواعد الحزب الحاكم سابقاً لكن قسماً من التونسيين الذين ازعجتهم كثرة اللوائح والأحزاب لا يستبعد أن يمنح صوته لبعض الشخصيات التي ظلت بعيدة عن الدائرة الأولى لسلطة بن علي.
أحزاب أخرى يصفها
خصومها بأحزاب المقاولات
مثل «آفاق تونس» بزعامة رجل الأعمال والوزير السابق في الحكومة الموقتة، ياسين إبراهيم.
ومن هذه الأحزاب أيضاً «الاتحاد الوطني الحر» بزعامة رجل الأعمال الشاب الثري، سليم الرياحي الذي يقول خصومه إن شبهات تحوم حول ثروته، ويثير هذا الحزب مشاعر مختلطة جذابة ومحيرة في آن حيث يعد التونسيين بتحقيق الكثير من الأحلام «توا (الآن)» كما يقول شعاره الأساسي.
وبالإضافة إلى هذه القوى هناك الكثير من التشكيلات الأخرى وخصوصاً ذات المرجعية الماركسية العربية أو العروبية أو الإسلامية التي لم تبرز بالشكل الكافي في المشهد السياسي التونسي الجديد رغم الشرعية النضالية التاريخية التي يملكها بعضها.
الجغرافيا
تقع تونس في وسط المغرب العربي في شمال إفريقيا وتبلغ مساحتها 163610 كلم مربع (منها 25000 كلم مربع من الصحراء) وتطل سواحلها التي يبلغ طولها 1300 كلم على حوض البحر المتوسط شمالاً وشرقاً وتحدها الجزائر غرباً وليبيا جنوباً.
عدد السكان
10,300 ملايين نسمة (تعداد 2008) يقيم غالبيتهم في الساحل الشرقي والمدن.
العاصمة: تونس (مليونا نسمة).
اللغة الرسمية
العربية مع انتشار واسع للغة الفرنسية في حين تحرز اللغة الإنجليزية تقدماً كبيراً.
الديانة
الإسلام، ويجب أن يكون رئيس الدولة مسلماً.
والطائفة اليهودية في تونس هي الأكبر في العالمين العربي والإسلامي ويبلغ عدد أفرادها نحو 2000 شخص يقيم نصفهم في جزيرة جربة (جنوب شرق).
التاريخ
تحولت تونس التي كان يحكمها البايات العثمانيون إلى محمية فرنسية العام 1881 (معاهدة باردو) وحصلت على استقلالها في العشرين من مارس/آذار 1956.
أعلنت الجمهورية في 25 يوليو/ تموز 1957 وألغي حكم البايات وأعلن مجلس وطني تأسيسي الحبيب بورقيبة أول رئيس للجمهورية.
تمت تنحية بورقيبة في نوفمبر/ تشرين الثاني 1987 بداعي المرض من طرف رئيس الوزراء حينها زين العابدين بن علي الذي انتخب في أبريل/ نيسان 1989 لولاية من خمس سنوات في انتخابات ترشح لها بمفرده. ثم أعيد انتخابه العام 1994 و1999 في أول انتخابات رئاسية تعددية.
وأتاح تعديل دستوري تم التصديق عليه في استفتاء العام 2002 لزين العابدين بن علي الترشح لولاية رابعة في 2004 وخامسة في 2009 قبل أن تطيح به انتفاضة شعبية غير مسبوقة في 14 يناير/ كانون الثاني 2011.
ويدير البلاد حالياً رئيس مؤقت، هو فؤاد المبزع وحكومة انتقالية في انتظار انتخاب مجلس وطني تأسيسي في 23 أكتوبر الجاري 2011 لتستقيم معه مجدداً الشرعية الدستورية ويتولى تحديد كيفية إدارة البلاد حتى صياغة دستور جديد يحل محل دستور 1959.
المؤسسات السياسية
جمهورية رئاسية. ألغي في 1988 منصب رئيس جمهورية «مدى الحياة» الذي منح العام 1975 للرئيس الراحل الحبيب بورقيبة. وحدد السن الأقصى لرئيس الجمهورية بـ 75 عاماً.
في 1995 أصبح هناك برلمان بغرفتين مكون من مجلس نواب منتخب يتولى التشريع ومجلس شيوخ استشاري.
لكن بعد ثورة «الكرامة والحرية» في 14 يناير 2011 أصبح دستور 1959 في حكم المعلق وتم حل مجلس النواب ومجلس الشيوخ وفرضت تظاهرات عارمة في الشارع التونسي في فبراير/ شباط 2011 مطلب انتخاب مجلس تأسيسي لصياغة دستور جديد للبلاد.
رئيس الوزراء المؤقت
الباجي قائد السبسي.
الاقتصاد والموارد:
الزراعة
22 في المئة من القوى العاملة وأكثر من 16 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي للعام 2004.
تعتبر تونس، التي تملك 1,6 مليون هكتار من الأراضي المزروعة بأشجار الزيتون (30 في المئة من الأراضي الزراعية) رابع منتج لزيت الزيتون في العالم.
وتنتج تونس أيضاً الحبوب والحوامض والتمور والخمر.
النفط
تستورد تونس النفط لأنها لا تنتج سوى 46 في المئة من حاجاتها منه وبلغ إنتاجها العام 2007 أربعة ملايين طن.
الفوسفات
خامس دولة منتجة في العالم مع ثمانية ملايين طن سنوياً.
النسيج
50 في المئة من الصادرات و250 ألف وظيفة وألفا شركة.
السياحة
سبعة ملايين زائر ما در على البلاد 1,8 مليار يورو سنة 2008. تراجع عدد الزائرين الأوروبيين بنسبة 8 في المئة في 2009 بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية وشهد في الأشهر الأخيرة تراجعاً حاداً بسبب الاضطرابات التي عرفتها البلاد والوضع في المنطقة.
العملة
الدينار التونسي (0,53 يورو)
- معدل الدخل السنوي للفرد:
2600 يورو في 2009.
- الديون الخارجية:
8 مليارات يورو (2009)
- نسبة النمو:
4,5 في المئة إجمالاً.
- نسبة البطالة:
14 في المئة في 2008 (رسمي).
عديد القوات المسلحة
35 ألف عنصر منهم 27 ألفاً في سلاح المشاة.
ـ وتونس عضو في جامعة الدول العربية واتحاد المغرب العربي وتربطها بالاتحاد الأوروبي اتفاقية شراكة وتبادل حر منذ 1995
العدد 3328 - الإثنين 17 أكتوبر 2011م الموافق 19 ذي القعدة 1432هـ