إن انشغال بوش بالعراق وضع بعض الأزمات الأخرى كالنزاع العربي - الإسرائيلي في المقام الثاني.
ويبحث المبعوث الأميركي رتشارد آرميتاج تهدئة التوتر المتصاعد في المنطقة، حيث تبادلت الهند وباكستان الاتهامات في كشمير.
واتهمت باكستان الهند بشن غارة جوية على مواقع جبلية في المنطقة المتنازع عليه، بينما دحضت نيودلهي هذا الادعاء ووصفته بأنه «كذبة كبرى». وفي المقابل قالت الهند ان جماعات اسلامية مسلحة متهمة بقتل ثمانية من القرويين المسلمين من بينهم ثلاث نساء في هجوم. وتجزم الهند بأن الجماعات دربتها وسلحتها باكستان.
واثناء زيارة آرميتاج للمنطقة في يونيو /حزيران الماضي بدت الدولتان النوويتان وكأنهما على شفا حرب نووية.
نائب وزير الخارجية الباكستاني قال انه يشعر بأن التوتر هدأ في الاسابيع الاخيرة، ولكنه لم يستطع ان يبدد الانطباع الآخر. ان اهتمام واشنطن قد انحرف عن قضايا أخرى اثناء انشغالها بـ «تغيير النظام» في العراق. وهذه القضايا لا تقتصر على كشمير وانما تمتد إلى النزاع الفلسطيني - الاسرائيلي وحال عدم الاستقرار الدائم في افغانستان.
الانشغال بالعراق خدم غرضاً مهما: حيث حول الاهتمام من الحرب الاصلية ضد القاعدة، والمستمرة في شرق افغانستان، وكذلك فشل واشنطن في العثور على اسامة بن لادن، او حتى اقرار ما إذا كان حيا أو ميتاً إليه.
وشهد الاسبوع الماضي أول اشارات التردد في دعم الشعب الاميركي للحرب على صدام حسين، وفي هذا الاسبوع سيسافر السفير السعودي في الولايات المتحدة إلى مزرعة بوش في تكساس لينقل وجهة نظر الرياض من الموقف الاميركي تجاه العراق.
و زيارة الأمير بندر - التي ستقطع العطلة الصيفية للرئيس بوش - امتياز يمنح فقط للزعماء الخارجيين مثل بلير وبوتن.
وعلى رغم أن السعوديين يعملون سوياً مع واشنطن لوقف نزيف الدم بين الاسرائيليين والفلسطينيين، فإنهم من بين الدول العربية الأكثر معارضة لحملة عسكرية للإطاحة بصدام. ومن المحتمل أن ينقل الامير بندر مرة أخرى رفض الرياض السماح للولايات المتحدة باستخدام قواعدها نقطة انطلاق للهجوم على العراق.
وترى الحكومة السعودية أن الأولوية القصوى في الشرق الاوسط هي حل الأزمة الاسرائيلية - الفلسطينية. والفشل في تجنب الهجوم الاميركي على العراق إنما يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار في المنطقة ويخلق أعداء كثيرين لاميركا في العالم العربي. وهناك اشارات إلى ان ادارة بوش ربما بدأت تنصت.
وقد بدأ النقاش حول العراق بجلسات استماع لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الشهر الماضي اتخذت شكلاً جدياً . وأظهر استفتاء برنامج تلفزيوني في قناة (سي إن إن) الاسبوع الماضي تدنياً حادا في دعم إرسال قوات المشاة الاميركية إلى العراق. وقد أبدى جمهوريون بارزون - بعضهم جنود شاركوا في حرب الخليج في العام 1991 التي شنها بوش الأب - قلقهم أيضا.
ونتيجة ذلك طرأ تغيّر مهم على لغة بوش المنمقة اخيراً، عندما أوضح اثناء مؤتمر صحافي مرتجل مع وزير دفاعه دونالد رامسفيلد، ان أي عملية عسكرية مازالت موضع بحث.
وسيجد بوش الآن من شبه المستحيل تفادي الحصول على موافقة مسبقة من الكونغرس للقيام بالهجوم، والذي يعني في النهاية انه يجب أن يعلن اسبابه بوضوح أكثر مما قام به حتى الآن. فقد خاطب حشداً في كاليفورنيا قائلاً: «ستفهمون جليا، مع مرور الزمن، لماذا أشعر بشدة أننا لا نستطيع السماح لأسوأ زعماء العالم بتطوير أسوأ الاسلحة في العالم».
خدمة الإندبندنت ـ خاص ب«الوسط
العدد -5 - الإثنين 26 أغسطس 2002م الموافق 17 جمادى الآخرة 1423هـ