على بعد بضعة أمتار من ميدان التحرير، لم يعد المجمع العلمي الذي أسسه نابليون بونابرت والذي تم إحراقه أثناء الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين، سوى مبنى مدمر التهمت النيران وثائق نادرة ومخطوطات تاريخية يحويها أرشيفه.
صباح الأحد (18 ديسمبر / كانون الأول 2011)، كان متطوعون يحاولون من خلال النوافذ الحديدية للدور الأرضي استخراج بعض الأوراق الممزقة أو الكتب المتفحمة من داخل المبنى ويضعونها في أكياس من البلاستيك.
وتقول ألفة وهي شابة كانت تملأ كيسا من البلاستيك بكتب مخلوطة بالرماد «نحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذه الوثائق التاريخية، فالمبنى يمكن أن ينهار في أي لحظة».
وأضاف ممتاز الذين جاء مع آخرين للمساعدة في هذه المهمة «سنسلم هذه الأوراق والكتب للسلطات» قبل أن يتم سرقتها أو تمزيقها.
ولكن حولهم، كان مراهقون يلهون بأوراق تناثرت أمامهم على الرصيف أو سقطت في برك المياه التي تكونت نتيجة محاولة رجال الإطفاء إخماد الحريق.
وفي محيط المجمع العلمي حيث استمرت الاشتباكات بين متظاهرين مناهضين للمجلس العسكري وقوات من الجيش والشرطة، لم تثر هذه الوثائق الثمينة التي تحولت إلى رماد اهتمام احد.
وكان الدخان لا يزال يتصاعد (الأحد) من داخل المبنى الذي اشتعلت فيه النيران صباح (السبت) في ظروف غير واضحة. وتبادل الجيش والمتظاهرون الاتهامات بالمسئولية عن إحراق المبنى.
ومازالت الجدران الخارجية للمبنى قائمة ولكن آثار الدخان الأسود كانت واضحة عليها غير أن سقفه انهار. ولم يتبق شيء داخل المبنى الذي تحول إلى حطام سوى بعض أجزاء من أرفف أو من قطع الأثاث.
أسس المجمع العلمي في العام 1798 أثناء الحملة الفرنسية على مصر من أجل تعزيز البحث العلمي.
وكان المبنى المحترق الذي شيد في بداية القرن العشرين يحوي 200 ألف كتاب بعضها نادر تتعلق بتاريخ وجغرافيا مصر.
ومن بين مقتنياته كانت هناك خصوصا نسخة أصلية من كتاب وصف مصر الذي وضعه علماء نابليون بونابرت. وقالت الصحف المصرية ان هذه النسخة دمرت.
وقال عبد الرؤوف الريدي عضو مجلس إدارة المجمع العلمي والسفير المصري الأسبق في واشنطن إن «هذا الحريق يملأني حزنا، انها نكبة بالنسبة لمصر».
وأكد عالم الآثار كريستيان لوبلان أن «هذا المجمع جزء من تاريخ مشترك لمصر وفرنسا».
واعتبر وزير الثقافة شاكر عبد الحميد احتراق المجمع العلمي ووثائقه «كارثة» واعلن تشكيل لجنة من الخبراء لترميم الكتب والمخطوطات التي أمكن إنقاذها.
وقال عبد الحميد إن «المبنى يحوي مخطوطات بالغة الأهمية وكتبا نادرة يصعب وجود مثيل لها في العالم»، مشيرا إلى أن «شباب الثورة وموظفين من المجلس الأعلى للثقافة بذلوا جهودا كبيرة» مساء (السبت) لإنقاذ الكتب والمخطوطات ونقلها من المبنى قبل أن تأتي عليها النيران.
وأكد وزير الآثار محمد إبراهيم في بيان أصدره انه سيطلب من السلطات المصرية المساهمة في ترميم المبنى
العدد 3393 - الأربعاء 21 ديسمبر 2011م الموافق 26 محرم 1433هـ