العدد 3478 - الخميس 15 مارس 2012م الموافق 22 ربيع الثاني 1433هـ

حسابات «حماس» السياسية ساهمت بإرساء التهدئة مع إسرائيل

شرطة من «حماس» على أنقاض الأرض
شرطة من «حماس» على أنقاض الأرض

يعكس اتفاق التهدئة الأخير الذي توصلت إليه الفصائل الفلسطينية مع إسرائيل حرص حركة «حماس» على تجنب تصعيد عسكري إسرائيلي قد يهدد سيطرتها على قطاع غزة، كما يرى محللون سياسيون.

كما يكشف امتناع «حماس» عن المشاركة في التصعيد الأخير على القطاع على ما يبدو في إطار استراتيجية جديدة تولي الأولوية للعمل السياسي، دون التخلي رسمياً عن نهج «المقاومة» وذلك بعد خمسة أعوام من سيطرتها على القطاع.

وعلى خلاف كافة الفصائل الفلسطينية التي ردت بإطلاق الصواريخ على جنوب إسرائيل، اكتفت كتائب عز الدين القسام وهي الجناح المسلح لـ «حماس» بالتأكيد على أن «دماء الشهداء لن تذهب هدراً وجرائم الاحتلال ستكون لعنة عليه» دون أن تدخل المعركة على أرض الواقع.

وكان موقف حكومة «حماس» منسجماً مع موقف الجناح العسكري للحركة أيضاً فقد أعلنت منذ بدء التصعيد «حرصها على وقف العدوان» محملة إسرائيل ما يترتب عليه.

وبعد أربعة أيام من التصعيد بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية أعلنت مصر التوصل لاتفاق تهدئة يضع حداً لهذه الموجة التي قتل خلالها 25 فلسطينياً وأطلق أكثر من مئتي صاروخ وقذيفة باتجاه إسرائيل التي اعترضت معظمها بفضل نظام «القبة الحديدية» التجريبي.

واعتبر معظم المحللين أن «حماس» اتخذت «قراراً حكيماً» في هذه المرحلة. ويفسر المحلل السياسي، مخيمر أبو سعدة أن «حماس» الآن في السلطة وهذا يحكم أن تكون أكثر عقلانية ومسئولية وأن تقف إلى جانب الحفاظ على التهدئة، لأنها لا تريد أن تستدرج لحرب هي الخاسر الأكبر فيها».

ويوضح وهو أستاذ في العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة «عندما وصلت «حماس» إلى السلطة أصبحت شيئاً فشيئاً غير قادرة على تطبيق مبدأ المقاومة الذي عرضته سابقاً».

ويتفق معه في ذلك المحلل السياسي، أكرم عطا الله الذي يعتقد أن «قرار «حماس» بالبقاء على الحياد له علاقة بسلطتها في غزة فاستحقاقات السلطة دائما ثقيلة لأنها تجرد القوى والأحزاب من القيم التي تتعارض معها وهذا ما حدث مع «فتح» في السابق ويتكرر الآن مع «حماس». لكن المتحدث باسم حكومة «حماس» طاهر النونو يرد على ذلك بأن «حماس» ترد في الوقت والشكل الذي تراه مناسب وبالأسلوب الأنجع في لجم الاحتلال، المقاومة هي خيار استراتيجي وعلى العكس فالحكومة والبرلمان شكلت بيئة حاضنة لها». كما يضيف لوكالة «فرانس برس»: «في السابق كانت الحكومات السابقة تلاحق المقاومة وتعتقلها اليوم المقاومة مطلقة اليد في الرد على جرائم الاحتلال بل الحكومة شكلت غطاء سياسياً للمقاومة».

ومع ذلك يقول مصدر قريب من «حماس» فضل عدم الكشف عن هويته إن «حماس» ليست معنية بالتصعيد في قطاع غزة لأنه لا يوجد فائدة سياسية ممكن أن تستفيدها من ذلك».

ويوضح إنها «أرادت إرسال رسالة إلى المجتمع الدولي وإلى إسرائيل بأنها ليست الطرف المعتدي ولا تسعى إلى حرب لكنها تريد وقفاً حقيقياً لإطلاق النار».

كما يوضح أن «حماس» استفادت من تجارب سابقة وأدركت الأهداف الإسرائيلية من التصعيد فحاولت أن تحرج حكومة (بنيامين نتنياهو) وتظهر أمام المجتمع الدولي بمظهر مختلف عن السابق فلا يستطيع نتنياهو أن يقول إن حركة إرهابية موجودة في غزة. بالعكس «حماس» وضعت الكرة في ملعب نتنياهو بذكاء وبدت خارج مربع العنف نتنياهو هو من يمارسه». ويعزو المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية، ناجي شراب موقف «حماس» إلى أنه «يرتبط بالبعد الإقليمي والتحولات السياسية في مصر وبالمؤثرات العربية فلا يمكن أيضاً تجاهل الأحداث في سورية والدور الإيراني فـ «حماس» تجنب نفسها مستقبلاً في حالة أي حرب إسرائيلية إيرانية عملية الاستقطاب والدخول في الحرب بينهما».

وفي هذا السياق يؤكد المصدر القريب من «حماس» إنها «تحاول الاستفادة استراتيجياً من الربيع العربي بتعزيز دورها في منظمة التحرير وبالتالي أن تكون لاعباً في المربع الإقليمي».

لكن أبو سعدة يعتقد أن موقف «حماس» هذا وضعها «في حرج شديد» موضحاً «فهي لا تستطيع أن تلزم الفصائل بوقف إطلاق الصواريخ بدون التزام إسرائيلي بعدم خرق التهدئة وعدم قيام أية عملية اغتيال».

وفي هذا التصعيد الأخير أصرت حركة الجهاد الإسلامي خصوصاً على الرد على إسرائيل ملمحة إلى تخاذل «حماس» في الرد.

ويعتقد عطاالله إن «حركة الجهاد الإسلامي وضعت شروطاً للعودة للتهدئة هذه المرة فرفعت بذلك سقف الجميع بمن فيهم «حماس».

لكن المصدر القريب من «حماس» يقول إن «حماس» تدرك أن الناس لا تريد حرباً في غزة فهم مرتاحون من موقفها، ويستطيع أي فصيل أن يقول ما يريد لكن الفصيل الوحيد الذي يستطيع الدخول في حرب حقيقية مع إسرائيل هو «حماس».

ويتابع «الجهاد الإسلامي تعتقد أنه إذا قام بالتصعيد مع إسرائيل فإنها ستستقطب الكثيرين وتصبح على رأس المقاومة في غزة، لكن هذا مجرد تكتيك وليس استراتيجية، «حماس» تعلم جيداً أنها اختارت الطريق الصحيح». ويرى المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسة، ناجي شراب بأن «حماس» «سمحت للفصائل بالرد حتى لا تناقض منهجها بالمقاومة وتقول إنها لم تتخل عن خيار المقاومة».

لكن النونو يرد على ذلك قائلاً «لا يعني عدم مشاركة «حماس» في إطلاق الصواريخ إنها كانت غائبة عن الميدان فالمرابطون في كل مكان و»حماس» كحكومة وعمل سياسي تحركت لوقف العدوان لا سيما وأن القرار الجماعي للفصائل الفلسطينية لم يكن الذهاب للمواجهة الشاملة».

العدد 3478 - الخميس 15 مارس 2012م الموافق 22 ربيع الثاني 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً